“أكاديمية دبي للمستقبل” تطلق برنامج استشعار المستقبل
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
أعلنت أكاديمية دبي للمستقبل، إحدى مبادرات مؤسسة دبي للمستقبل، أمس، عن إطلاق “برنامج استشعار المستقبل”، وهو برنامج دولي يعتبر الأول من نوعه في المنطقة.
ويهدف إطلاق البرنامج لإعداد نخبة من قيادات استشراف المستقبل من مختلف التخصصات، وتمكينهم بمهارات توظيف الفرص والتخطيط للمستقبل والاستعداد له، وتبني منهجية التفكير القيادي والمستقبلي، وتطوير استراتيجيات مستقبلية قابلة للتطبيق، انطلاقاً من دبي عاصمة العالم لاستشراف المستقبل وتصميمه وتنفيذه.
وسيتيح البرنامج الدولي للمشاركين فرصة التعرف على تطبيقات تجريبية لتقنيات مستقبلية وابتكارات حديثة يتم تطويرها حالياً، إضافة إلى فرصة المشاركة في تجارب عملية متنوعة وورش عمل وجولات في أهم مراكز ومختبرات الابتكار في دبي للاطلاع على أحدث التحولات التقنية التي يتم العمل على تطويرها وتطبيقها في دولة الإمارات.
وتشمل الابتكارات التي سيتعرف عليها المشاركون بالبرنامج زجاجا يمكنه تخزين المعلومات لعشرة آلاف سنة، والشجرة السائلة التي تمتص ثاني أكسيد الكربون وتنتج الأكسجين، وخوذة العمال “Wakecap” المبتكرة التي ترفع كفاءة العمل، ومحركات الصواريخ التي أنشئت بخوارزميات تحولية، بالإضافة لتذوق الأطعمة المستزرعة أو المصنعة في المختبرات، وتقنيات مستقبلية أخرى.
وأكد خلفان جمعة بلهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، أن “برنامج استشعار المستقبل” يفتح باب التقديم للمنتسبين من مختلف التخصصات لتمكينهم بأحدث أدوات استشراف المستقبل والقيادة والابتكار، مشيراً إلى أن إطلاق هذا البرنامج يتماشى مع استراتيجية دبي وجهودها لتعزيز جاهزية الأفراد والمجتمعات للمستقبل.
وأضاف: “يعكس إطلاق هذا البرنامج التدريبي العالمي حرص مؤسسة دبي للمستقبل على إعداد قيادات استشراف المستقبل وتعزيز القدرات، وترسيخ أفضل ممارسات تصميمه لخدمة الأجيال القادمة، واستدامة التطور في مجتمعات المستقبل الذكية انطلاقاً من دبي باعتبارها مركزاً عالمياً لصناعة المواهب الاستثنائية.”
ويشارك في تقديم البرنامج ، الذي يمتد لأربعة أسابيع ، نخبة من الخبراء العالميين البارزين في مجالات الاستشراف والتفكير المستقبلي منهم البروفيسور فاضل أديب الفائز مؤخراً بجائزة “نوابغ العرب” إضافة إلى البروفيسور بول سافو، والدكتور مايكل شيرمير، والدكتور ستيفن نوفيلا، والدكتورة دانييل بيلاردو، وغيرهم الكثير.
ويستهدف “برنامج استشعار المستقبل” المدراء التنفيذيين من المستوى المتوسط إلى القيادة العليا، ورواد الأعمال، وقادة الفكر، وصانعي السياسات، والمسؤولين الحكوميين، والمتخصصين في مختلف المجالات المعنية بتصميم المستقبل، ويمكن للراغبين بالمشاركة في البرنامج التقدم الآن وحتى 5 سبتمبر 2024 عبر الرابط الإلكتروني : www.dubaifuture.ae/feel
وستقدم “أكاديمية دبي للمستقبل” شهادات للخريجين سيتم توزيعها خلال الدورة الثالثة لـ “منتدى دبي للمستقبل” التجمع الأكبر من نوعه لخبراء ومصممي المستقبل من حول العالم.. كما ستحرص الأكاديمية على استدامة العلاقة مع المشاركين في البرنامج، وتعزيز تواصلهم مع نظرائهم لتبادل الخبرات والممارسات المفيدة مستقبلاً. وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
استشراف التكنولوجيا وضرورات صناعة المستقبل
كشفت استطلاعات الرأي لخبراء التكنولوجيا في نهاية العام الماضي (2024م) بأن هناك أربع تقنيات سوف تقود العالم، وترسم معالم التنمية الاقتصادية، والحياة الاجتماعية على مدى العقد القادم، وهي: الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، وسلاسل الكتل، والبيولوجيا الاصطناعية، والتقانة الأخيرة تمثل نقطة فارقة؛ فالتقنيات الأخرى تبدو بديهية مع صعود الذكاء الاصطناعي، وابتكارات البيانات والحواسيب، ولكن وجود البيولوجيا الاصطناعية في طليعة التقنيات الواعدة يعكس نشوء اتجاهات جديدة في حدود مستقبل التكنولوجيا والابتكار، وهذا ما برهنت عليه النجاحات المتواصلة التي حققتها الشركات العلمية القائمة على البيولوجيا الاصطناعية مؤخرًا، والتي جعلت منها واحدة من أسرع الابتكارات نموًا، وأوفرها حظًا من التمويل في مجال التكنولوجيا الحيوية التجارية، فهل حان الوقت لتوظيف الاستشراف التكنولوجي كأداة ضرورية في صناعة مستقبل الاستثمار في التطوير التكنولوجي؟
في البدء، تعالوا نتوقف عند أهم محطات نشوء الاستشراف التكنولوجي في دوائر التخطيط الاستراتيجي، وصناعة القرارات المتعلقة بمجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، سنجد أن اليابان قد بادرت في سبعينيات القرن العشرين إلى وضع نظام مؤسسي لتحليل الفرص التي تواجه العلوم والتكنولوجيا والابتكار على المستوى الوطني، والتي عرفت آنذاك باسم «برنامج توقعات التكنولوجيا»، وقد كان الهدف منها تعزيز مكانة اليابان اقتصاديًا وصناعيًا عبر التحول من مجرد مقلد للابتكارات الغربية إلى اقتصاد رائد، وخاصة في مجال توظيف ابتكارات تكنولوجية في الإلكترونيات، والصناعات ذات الصلة بالتقنيات المتقدمة، وقد كان لبرنامج توقعات المستقبل أثره الإيجابي في صناعة السياسات الصناعية طويلة الأمد، وكذلك في توليد الوعي الجماعي بشأن إمكانيات المعرفة والابتكار في تعزيز تموضع الصناعة اليابانية، وإكسابها القيادة المبتكرة على المستوى الدولي، وبالفعل تم استنساخ التجربة اليابانية في ثمانينيات القرن الماضي، وتم تطوير وإطلاق برامج وطنية طموحة مماثلة في كندا والعديد من الدول الأوروبية التي كانت اقتصاداتها تعد فعليًا متأخرة عن الولايات المتحدة الأمريكية المتربعة على عرش التطوير التكنولوجي، ومنذ نهاية التسعينيات، تم استخدام مصطلح استشراف التكنولوجيا للإشارة إلى مجموعة الأدوات والمنهجيات المتعلقة بالتخطيط والاستشراف المستقبلي، والتي يتم توظيفها لدعم عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بأولويات تطوير المعرفة العلمية، واغتنام الفرص التكنولوجية.
وإذا عدنا إلى التكنولوجيات الأربع التي سوف توجه ابتكارات المستقبل، وأخذنا البيولوجيا الاصطناعية كمثال، سنجد أن مواكبة هذه التكنولوجيا وتطبيقاتها الكثيرة في قطاعات الاقتصاد القائم على العلوم الحيوية بحاجة إلى وجود الأطر الفاعلة لدعم التحول في الاهتمام والتركيز الاستراتيجي نحو بناء الكفاءات العلمية في التخصصات الهندسية ومجالات التقنية الحيوية، وتمويل الجهود البحثية والتطويرية المتعلقة بالمعرفة والتقانة التطبيقية، وتعزيز جاهزية القطاعات الإنتاجية والصناعية ورفع قدرتها على استيعاب مخرجات الابتكار في البيولوجيا التركيبية والجزيئية، ثم توجيه الاستثمار فيها كأولوية في الاختيار بين عدد من الخيارات التكنولوجية الأخرى، وهنا تظهر أهمية تطوير وإطلاق برامج الاستشراف التكنولوجي لدعم منظومات الابتكار الوطنية، حيث إن التغييرات التكنولوجية المتسارعة قد نقلت الكثير من الأدوار التقليدية لبرامج الاستشراف التكنولوجي على المستوى الوطني، وأصبح استشراف مستقبل الاتجاهات التكنولوجية متاحًا عبر جهود المجتمع العلمي الدولي، وبقيت مجموعة أخرى من الأدوار المهمة التي يجب أن تضطلع بها البرامج الوطنية لاستشراف التكنولوجيا.
فمن الناحية العملية، يمثل الاستشراف الاستراتيجي للتكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من علوم المستقبل، وهو بذلك يعد أحد أهم مسرعات بناء الميزة النسبية لمنظومات الابتكار الوطنية، حيث يمكن أن تساهم مخرجات الاستشراف في تعريف نقاط الضعف الجوهرية في أداء منظومة الابتكار، وتمكين نقاط القوة فيها، وبناء مسارات متوازية لمواكبة المستجدات العلمية العالمية، ورفع الأداء مع الاحتفاظ بالمزايا التنافسية المحلية، وذلك من أجل ضمان التحول المتوازن في توظيف التكنولوجيات الرائدة دون وجود احتمالات التقليد البحت لأفضل الممارسات، وعلى نحو مماثل، فإن التطور الكبير في منهجيات الاستشراف الاستراتيجي قد ساهم في تعظيم فرص الاستفادة من المدخلات والمؤشرات والتحليلات التي يمكنها إتاحة رؤى أكثر عمقًا في اتجاهات المستقبل، وهذا ما عزز من أهمية إطلاق برامج الاستشراف التي تقوم على خلق نقاط القوة الوطنية في منظومات الابتكار، وذلك عبر مواءمة الاستثمار في منظومات الابتكار الوطنية مع الأجندة الوطنية الأوسع.
وفي سياقات النمو الاقتصادي الرامي إلى تحقيق التوازن بين قوى جذب السوق خارجياً، وقوى الدفع الداخلية التي تفرضها الابتكارات التكنولوجية الناتجة عن الجهود التطويرية المستمرة للمؤسسات المنتجة للمعرفة والتقانة، وهنا يأتي الدور الأساسي لبرامج الاستشراف الوطنية وهو تحديد أولويات البحث والتطوير والابتكار ذات المدى الطويل، وتعريف التقنيات المبتكرة التي يمكن أن تشكل مستقبل الاقتصاد، وعلى الرغم من أن منهجيات الاستشراف الاستراتيجي في الأساس هي تنبؤية وتحليلية، إلا أن مخرجاتها تمثل أهم أدوات توجيه عملية اتخاذ القرارات الحاسمة، ومع إدماج الأساليب الكمية التي تعتمد على البيانات الضخمة، وكذلك أدوات النمذجة والمحاكاة، فقد أصبح من الممكن الآن تحليل عدد براءات الاختراع العلمية، وكذلك المنشورات، والشركات الناشئة التي تركز على تقنيات محددة، بالإضافة إلى آراء الخبراء لتعزيز الفهم الشامل للفرص الاستراتيجية على المستوى الوطني والإقليمي.
إن استشراف التكنولوجيا هو الجزء الأكثر أهمية في إنتاج وتطوير التكنولوجيات الحاسمة لدعم الجهود التنموية، وتشكيل سياسات التعليم، والتدريب، والتصنيع، ودعم القطاعات الاقتصادية الوطنية عبر المسارات الأوسع نطاقًا من مجرد التنبؤ بالاتجاهات الكبرى، أو الابتكارات الرائدة، وإنما بتحديد التطورات التكنولوجية التدريجية التي يمكنها معالجة تحديات الأجندات الاستراتيجية، وتلبية الاحتياجات الآنية والمستقبلية، ويفرض ذلك وجود برامج وطنية لتوجيه عملية استشراف التكنولوجيا، بحيث لا تهدف بشكل أساسي إلى الاستفادة من التقنيات المبتكرة لتحقيق الميزة النسبية كغاية في حد ذاتها، إذ تمتد أهدافها المحورية لتشمل المحافظة على التركيز الاستراتيجي للاستثمار طويل الأمد في البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والابتكار، حيث يتعلق الأمر كذلك بتعريف المجالات التي يجب عدم هدر الموارد في الاستثمار فيها، ولذلك صارت عملية استشراف التكنولوجيا أكثر أهمية من أي وقت مضى، وأصبح التقدم التكنولوجي يُنظر إليه على أنه عملية استراتيجية يمكن صناعتها بالتخطيط السليم والمتوازن، وليست نتاجًا لجهود غير متوقعة من عباقرة العلوم والتكنولوجيا.