هو الإمام الكبير، والمجتهد الحافظ، صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أبو عبد الله، وأبو عبد الرحمن، الأنصاري الخزرجي السلمي المدني الفقيه، من فضلاء الصحابة المتحَفين بحبِّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.

اسمه ونسبه ونشأته:

هو الإمام الكبير، المجتهد الحافظ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، الأنصاري السلمي، وأمه أنيسة، أو نسيبة بنت عقبة بن عدي، وتجتمع هي وأبوه في حرام، وأبوه عبد الله بن عمرو بن حرام، الصحابي الجليل الذي استشهد في غزوة أُحد، وهو من السابقين في الإسلام،، شهد بيعة الرضوان، وشهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صبي، وكان من المكثرين الحفاظ للسنن، وأحد المكثرين عن النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، وروى عن النبي وأبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وروى عنه جماعة من الصّحابة، وأولاده محمد وعقيل، وله ألف وخمسمائة وأربعون حديثًا اتفقا على ثمانية وخمسين، وانفرد البخاري بستة وعشرين، ومسلم بمائة وستة وعشرين، وكانت له حلقة في المسجد النبوي يعلم فيها الناس ويفقههم في دينهم.

علمه وروايته:

كان جابر رضي الله عنه أحد السابقين إلى الإسلام من أهل المدينة المنورة، ومن الملازمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم والآخذين  عنه وعن المكرمين من صحابته، وقد اجتهد جَابِرٌ في جمعِ الحديثِ بشكلٍ متفرِّدٍ، ويكفي للدلالةِ على جهدِه في جمعِ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ أَنْ نذكر أنَّه ارتحل مِنَ المدينةِ إلى الشَّامِ مِنْ أجلِ تحصيلِ حديثٍ واحدٍ لرسولِ اللهِ ﷺ! يقول جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه: بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَاشْتَرَيْتُ بَعِيرًا، ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي، فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا، حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الشَّامَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ رضي الله عنه، فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ. فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ فَاعْتَنَقَنِي، وَاعْتَنَقْتُهُ، فَقُلْتُ: حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الْقِصَاصِ، فَخَشِيتُ أَنْ تَمُوتَ، أَوْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ…» وذكر حديثًا في القصاص يوم القيامة، وقد عاش جَابِرٌ رضي الله عنه جُلَّ حياتِه بالمدينةِ، وكان -إلى جوار عَائِشَةَ، وابْنِ عُمَرَ، وكان رضي الله عنه مِنْ كبارِ المُفْتِين بها؛ لذا قدَّم الذَّهَبِيُّ ترجمتَه بقولِه: «الإمامُ الكبيرُ، المجتهدُ، الحافظُ»، ونَقَلَ جَابِرٌ رضي الله عنه السُّنَّةَ إلى كثيرٍ مِنَ التَّابعين، ورحل جَابِرٌ رضي الله عنه في آخرِ عمرِه إلى مكَّةَ لبعضِ الأحاديثِ، وهناك نقل علمَه لعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، فسَاعَدَ ذلك على اتِّساعِ دائرةِ فائدتِه.

ولقد كان طبيعياً أن يكون قد أخذ الكثير من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ روى رضي الله عنه 1540 حديثاً عن رسول الله، وهي أحاديث في شتى موضوعات الإسلام، كما روى عن أصحابه، وروي عنه أيضاً، وكان يحرص رضي الله عنه على نشر العلم الذي تعلمه وإذاعته في الناس، وكان إذا سئل عن شيء أجاب وأسند جوابه، كما أنه كان مجتهداً ومن المتوسطين في الإفتاء.

جهاده:

أقبل جابر بن عبد الله رضي الله عنه على الجهاد من أول فرصة واتته، فقد شهد كلَّ غزواتِ الرَّسولِ ﷺ خلا غزوةَ أُحُدٍ، ولم يُقاتل في بدرٍ إنَّما كان يعمل في سقايةِ الجيشِ، ولقد منعه أبوه من الخروج، ولما استشهد أبوه في غزوة أُحد بادر إلى الخروج إلى الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن جابر قال: “فَلَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَ أُحُدٍ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةٍ قَطُّ، وقد كان لجابر رضي الله عنه باع طويل في الجهاد مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقيل: أنه غزا اثنتا عشرة غزوة، وقيل: ست عشرة غزوة، وقيل: غزا ثماني عشرة غزوة، ولكن الصحيح ما ذكره مسلم عن جابر أنه قال: “غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً”، هذا. وذُكر أن جابر شهد صفين مع علي رضي الله عنه.

وفاته:

كُفّ بصره رضي الله عنه في آخر عمره ومات بالمدينة، وقيل بمكة وقيل بقباء سنة ثمان وسبعين، وقيل سنة تسع، وقيل سبع، وقيل أربع، وقيل ثلاث، وقيل اثنتين، وقيل: مات سنة ثمان وستين، وهو يومئذ ابن أربع وتسعين سنة، وقيل: صلى عليه أبان بن عثمان.

المراجع:

ابن عساكر: تاريخ دمشق، 11/ 233، وابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، 1/ 546. ابن الأثير أبو الحسن: أسد الغابة، 1/492. جابر بن عبد الله، وهبي غاوجي، دار القلم، دمشق، ط2، 1988م، ص90 ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 1/ 220. الدينوري: المعارف، ص307، والطبري: تاريخ الطبري، 11/526، وابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 1/ 220، وابن عساكر: تاريخ دمشق، 11/ 238، وابن الأثير: أسد الغابة،1/ 492.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: رسول الله صلى الله علیه وسلم ه صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه ه علیه وسلم د الله

إقرأ أيضاً:

المراد بالسواد الأعظم في حديث: «فَاتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ»

كشفت دار الإفتاء المصرية المقصود بالسواد الأعظم الوارد ذكرهم في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فَاتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ»، إذ روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَاتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ، فَإِنَّهُ مَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ».

المقصود بحديث النبي صلى الله عليه وسلم «فَاتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ»


وقالت دار الإفتاء إن مصطلح السواد الأعظم عَلَمًا على علماء أصول الدين الذين قرروا عقائد السلف وبسطوا الكلام فيها ونصروها ودعموها بالحجج والبراهين، وأتباعهم من الأمة على هذا النهج القويم، وهم جماهير أهل السنة والجماعة.

وأضافت: وشأن السواد الأعظم من المسلمين أنهم قائمون على الحق محفوظون بحفظ الله ولا يكفرون بعضهم، وأنهم قد اتفقوا على معتقد واحد؛ قال الإمام عبد القاهر البغدادي في "الفَرْق بين الفِرَق" (ص: 361، ط. المدني)-: [لا يُكَفِّر بعضهم بعضًا، وليس بينهم خلاف يوجب التبري والتكفير، فهم إذن أهل الجماعة القائمون بالحق، والله تعالى يحفظ الحق وأهله، فلا يقعون في تنابذ وتناقض، وليس فريق من فرق المخالفين إلا وفيهم تكفير بعضهم لبعض وتبري بعضهم من بعض؛ كالخوارج والروافض والقدرية؛ حتى اجتمع سبعة منهم في مجلس واحد فافترقوا عن تكفير بعضهم بعضًا] اهـ.

وقال العلامة ابن السبكي في "شرح عقيدة ابن الحاجب": [اعلم أن أهل السنة والجماعة كلهم قد اتفقوا على معتقد واحد فيما يجب ويجوز ويستحيل، وإن اختلفوا في الطرق والمبادئ الموصلة لذلك، أو في لِمِّية ما هنالك. وبالجملة فهم بالاستقراء ثلاث طوائف: الأول: أهل الحديث، ومعتمد مبادئهم: الأدلة السمعية؛ أعني: الكتاب، والسنة، والإجماع. الثانية: أهل النظر العقلي والصناعة الفكرية؛ وهم: الأشعرية، والحنفية. وشيخ الأشعرية: أبو الحسن الأشعري، وشيخ الحنفية: أبو منصور الماتريدي، وهم متفقون في المبادئ العقلية في كل مطلب يتوقف السمع عليه، وفي المبادئ السمعية فيما يدرك العقل جوازه فقط، والعقلية والسمعية في غيرها، واتفقوا في جميع المطالب الاعتقادية إلا في مسألة التكوين ومسألة التقليد. الثالثة: أهل الوجدان والكشف؛ وهم الصوفية، ومبادئهم مبادئ أهل النظر والحديث في البداية، والكشف والإلهام في النهاية] اهـ. نقلًا عن "إتحاف السادة المتقين" للزبيدي (2/ 6-7، ط. مؤسسة التاريخ العربي بلبنان).
 

مقالات مشابهة

  • حكم أكل البصل يوم الجمعة.. هل نهى النبي عن تناوله؟
  • ماذا كان يفعل الرسول يوم الجمعة ؟
  • سنن ومستحبات اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024
  • صيغة الصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • ما يجب فعله على الخياط بالملابس إذا تركها أصحابها عنده مدة طويلة
  • كيفية إحسان الصلاة على سيدنا النبي عليه السلام
  • مفتاح الجنة: عبادة بسيطة تقربك من رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • حكم تلحين القرآن وتصويره تصويرًا فنيًا
  • المراد بالسواد الأعظم في حديث: «فَاتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ»
  • فضل صلاة الجمعة وأهميتها في حياة المسلم