لماذا فشلت تدابير الحكومة الروسية في زيادة معدلات المواليد؟
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
موسكو- عادت الجهات المختصة في روسيا مجددا لتدق ناقوس الخطر حول استمرار الأزمة الديمغرافية رغم الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمعالجة هذه القضية التي تُعد واحدة من أبرز التحديات الرئيسية التي تواجهها في الوقت الحاضر.
وجاءت هذه التحذيرات من أكثر من مؤسسة حكومية ومدنية أكدت -في خلاصة تقارير أصدرتها- عدم فعالية هذه الإجراءات وضرورة إعادة النظر فيها، ومن بينها تقرير مركز "التحليل والتنبؤ بعمليات الاقتصاد الكلي" الذي يرأسه ديمتري بيلوسوف (شقيق وزير الدفاع أندريه بيلوسوف).
ونشر المركز -مع خبراء آخرين- تقريرا بعنوان "السياسة الديمغرافية: خريطة الفجوة بين السياسة والعمليات" توصلوا فيه إلى استنتاج مفاده أن الدولة تنفق موارد هائلة لرفع معدل المواليد ومع ذلك ليس هناك نتيجة.
رقم سلبيوحسب المركز، الذي يُصنَّف بأنه أحد المؤسسات التحليلية الأكثر كفاءة في دراسة العمليات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، فقد وُلد مليون و264 ألف طفل عام 2023، وهو رقم قياسي سلبي منذ سنة 1999. وبحلول عام 2027 سينخفض الرقم إلى 1.14 مليون.
وأضاف أن معدل الخصوبة الإجمالي، وهو أهم مؤشر في الديمغرافيا، بلغ 1.41 نقطة فقط سنة 2023، ومن المرجح أن ينخفض خلال العام الحالي، على الرغم من أن الحد الأدنى لتكاثر السكان يجب ألا يقل عن 2.1 نقطة.
وتعليقا على هذه الأرقام، ذكرت رئيسة لجنة مجلس الدوما (البرلمان) لحماية الأسرة، نينا أوستانينا، أن الوضع الديمغرافي أصبح معقدا جراء "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا بسبب توجّه مئات الآلاف من الجنود إلى الجبهة.
وارتفع معدل المواليد في منطقة واحدة فقط في روسيا -وهي شمال القوقاز- بنسبة 4.5%، وهو أمر تقليدي في هذه المناطق ذات الأغلبية المسلمة.
ووفقا لسلسلة تقارير تحليلية أخرى حول الاختلافات بين الأقاليم في مستويات الخصوبة التي ظهرت خلال الأسابيع الأخيرة، فإن الوضع الديمغرافي غير المواتي يتطور في المدن الكبرى حيث تنمو نسبة الأُسر التي ليس لديها أطفال بشكل أسرع.
وتؤكد هذه التقارير أن انخفاض معدل المواليد وزيادة عدد حالات الطلاق لا يزال قائما، على الرغم من كل الجهود التي تبذلها السلطات. وأضافت أن الانخفاض السكاني بلغ خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024 نحو 282 ألف نسمة، وخسرت موسكو 45 ألف شخص وهذا أكثر مما فقدته في الفترة نفسها من العام الماضي.
عواملعلاوة على ذلك، انخفض -في مايو/أيار من العام الجاري وحده- عدد المواليد بنسبة 0.1%، وارتفع عدد الوفيات بنسبة 4.8%. وخلال الفترة ذاتها، تزوج قرابة 260 ألف ثنائي، وطلّق أكثر من 270 ألفا آخرين، أي أن عدد حالات الطلاق زادت عن حالات الزواج بنسبة 3.5%.
يُشار إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين أوعز للحكومة عام 2019 بضمان تحقيق أهداف التنمية الوطنية حتى 2024 والتي تشمل ضمان النمو الطبيعي المستدام للسكان وزيادة متوسط العمر إلى 80 سنة بحلول 2030.
وبناء على دراسات بالخصوص، يعتبر الباحث بالشؤون الاجتماعية، فلاديمير كوشول، أن:
القدرات المالية هي العامل الرئيس في قرار إنجاب الأطفال. توافر الرعاية الطبية وجودتها والرغبة في إنجاب الأطفال. الدعم الحكومي للأُسر أقل هذه الأسباب تأثيرا لأنه -برأيه- لا يلبي بشكل كافٍ الشروط التي تضمن زيادة الإنجاب.وفي حديث مع الجزيرة، يقترح أن يُعاد ترتيب تدابير دعم الديمغرافيا اعتمادا على منطقة الإقامة، وتقسيمها إلى زراعية وصناعية وما بعد الصناعية (التي تركز على التكنولوجيا والخدمات والتمويل).
ويُرجع ذلك إلى أن التوجه في المدن الكبرى نحو تكوين أُسر فردية، كما في موسكو وسانت بطرسبورغ، حيث إن نصف العائلات -تقريبا هناك- لديها طفل واحد فقط.
حلولمن جانبها، تقول الباحثة الاجتماعية لاورا زايتسيفا إن استمرار انخفاض عدد السكان للعام التاسع على التوالي يثير قلقا كبيرا. وترى أن فشل خطة رفع معدلات الولادة يعود إلى تركيز الإجراءات الحكومية على الجوانب المادية كشروط أساسية للحل، وإهمال الجوانب الروحية والقيمية لمعالجة الأزمة.
وباعتقاد زايتسيفا، فإن المشاكل الديمغرافية التي تواجهها موسكو ليس لها حلول سهلة. ولزيادة معدل المواليد، ترى أن هناك حاجة إلى مجموعة من التدابير لتحسين نوعية ومستوى الحياة، وتسهيل ظروف الجمع بين العمل وتربية الأطفال، وتغيير موقف الدولة وقطاع الأعمال والمجتمع عموما تجاه الأُسر الكبيرة.
وتقول الباحثة إن البلاد باتت تعاني -بشكل حاد- من ظاهرة الشيخوخة وانخفاض عدد السكان مما يتوجب التركيز أكثر على إصلاح أنظمة التقاعد والرعاية الصحية، والحفاظ على النسبة المطلوبة من السكان في سن العمل، وتحقيق المستويات المطلوبة من الهجرة البديلة ودمج المهاجرين بالمجتمع.
كما تلفت إلى الدراسات التي تنص على أن عدد سكان روسيا سينخفض بشكل مطرد. وبحلول عام 2050 سيتراوح بين 135 و145 مليون شخص. لذلك، برأيها، يجب ألا يقتصر الحل على وضع إجراءات لزيادة معدل المواليد، بل اتخاذ خطوات للحد من ارتفاع نسب الوفيات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات معدل الموالید
إقرأ أيضاً:
النازحون يعودون إلى جباليا.. أكثر المدن التي ذاقت ويلات عدوان الاحتلال الإسرائيلي
في رحلة العودة إلى الديار تعددت القصص والمشاهد في قطاع غزة، إذ أنه بعد سريان وقف إطلاق النار هرع كل نازح ومشرد داخل القطاع إلى منزله، منهم من ظل قائمًا ونجى من ضراوة العدوان وآخر سوي بالأرض وتاهت ملامح البيت عن ساكنيه، حسبما جاء في فضائية «إكسترا نيوز»، عبر تقرير تلفزيوني بعنوان «النازحون يعودون إلى جباليا.. أكثر المدن التي ذاقت ويلات عدوان الاحتلال».
فلسطينية تعود إلى منزلها في جباليا ووجدته ركاماأمل أبو عيطة واحدة من مئات الآلاف من الحالات المنكوبة التي شردت هي وأسرتها أكثر من مرة، مع توسع العدوان الإسرائيلي ومطاردته النازحين الفلسطينيين في كل مكان، عادت إلى منزلها في جباليا التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي وحول المدينة إلى أكوام من الركام والأطلال.
حالة ذهول تصيب النازحين ممزوجة بالأملقالت أمل أبو عيطة الفلسطينية: «والله احنا جينا من صباح أمس قبل إعلان وقف إطلاق النار وكنا متأملين نلاقي لو غرفة واحدة أو شيء بسيط نقدر نأتوي فيه، لكن لقينا الوضع مأساة وتخريب واسع».
حالة الذهول التي أصابت النازحين العائدين إلى جباليا بعد ما اكتشفوا حجم الدمار الذي لحق بالمنازل والأحياء كانت ممزوجة ببصيص من الأمل يدفعهم للبقاء والتمسك بأرضهم، حتى وإن أقاموا في خيام على أنقاض منازلهم، لذا فهي جدران محطمة ومباني مدمرة لكنها تظل البيت والوطن الذي يتمسك به الفلسطينيين مهما اشتدت قساوة الظروف وطغي المحتل في عدوانه وبطشه.