التقينا طلحة الشفيع وأنا في طريق أبادماك. وهو اتحاد للكتاب والفنانين التقدميين نشأ في شتاء 1968 في ملابسات هجمة للتيار الإسلامي على عرض للفنون الشعبية على مسرح قاعة امتحانات جامعة الخرطوم كانت جمعية الثقافة الوطنية اليسارية، فد أعدت له. واشتهرت الواقعة باسم “ليلة العجكو”. والعجكو هي الرقصة الكردفانية التي اقتحم الإخوان المسلمين المسرح خلال أداء الطلاب الراقصين لها.
وحز في نفسي أن يؤرخ صديق محيسي، وهو معاصر عن كثب لقيام أبادماك، للتجمع بانقلاب مايو 1969 في معرض كلمته في وداع الدكتور عبد الله جلاب التي كانت قذفاً درج عليه مع المرحوم لا نعياً. فقال إن أبادماك جاء استجابة لحاجة نظام مايو لثقافة جديدة “تتناغم مع شعار المشروع الاشتراكي. وكان لجلاب قصب السبق بالتعاون مع عبد الله إبراهيم (؟) في تأسيس تنظيم ابادماك الأدبي المعبر عن ثورة مايو” (وهي عند عبد الله إبراهيم انقلاب على كل حال).
لم يمنع صديق من الكيل لنا بالميلاد في رحاب مايو لخدمة شعارها الاشتراكي في حين ذكر في المقال نفسه حادثات لأبادماك سبقت مايو 1969 في احتجاجه على تخريب الإخوان المسلمين لحفل العجكو (شتاء 1968) ومذكرته يستنكر الحكم الأول بالردة على الأستاذ محمود محمد طه (1968). وهذا انحلال في وثاق الكتابة مستغرب من مثل قلم صديق الذي اتفق عمراً في المهنة.
وكان لطلحة دور بارز في تجربة أبادماك بعد قافلته الثقافية (أغسطس 1969) التي طاف بعروضه المسرحية والتشكيلية والشعرية على مدني ونحو ثمان قرى بالجزيرة منها المسلمية وبرتبيل التي سنرجع إليها.
أقمنا في مدني باتحاد مزارعي الجزيرة وكان اتحادا الشباب والنساء هما همزة وصلنا بالقري والأحياء. وكان من نهض بإعاشتنا زميلنا كمال كمونية. وكمونية مما التصق باسمه من تلك الأيام. وقضينا أسبوعاً غطينا فيه مدني والقري بنشاطاتنا المختلفة. وكنا نطلب من أهل القري أن يشتركوا بفقرات من إبداعهم من منلوجات ونكات ومسرحيات وغناء ونضمها للبرنامج العام. وتوقفنا عند مساهمة شباب قرية برتبيل في البرنامج. واقترحنا عليهم على الفور ان نعقد زمالة إبداعية نتفق عليها فيما بعد.
وظللنا نتدارس طبيعة اللقاء الفني الذي ينبغي أن يتم بين ابادماك والقرية. وقررنا إرسال ثلاثة من أعضاء التجمع وهم الزملاء علي الوراق، وطلحة الشفيع، وعبدالله جلاب ليأخذوا بيد المواهب في مجال المسرح والرسم وغيرها، وليبنوا مسرحاً بالتضامن مع اهل القرية والسلطات منارة للتجديد والحيوية. ولقد ساهمت وزارة الشباب في تفريغ أعضاء بعثة أبادماك وطرحت لنا وزارة الإرشاد برنامجاً للعون.
سافرت بعثة مندوبي أبادماك في اوائل أكتوبر 1969 ونزلوا في ضيافة اهل القرية وشرعوا في العمل.
1) عقدوا العديد من الندوات التوضيحية لمهمتهم.
2) تبرعت المديرية بنحو 15000 طوبة. وقام معسكر عمل للشباب والطلاب والعمال والنساء واهل القرية لبناء المسرح. واعقبت ذلك ندوة عن جدوى العمل الثوري في الريف. وتحدث محافظ مديرية النيل الأزرق وممثلون للمنظمات الشعبية.
3) عمل فريقنا على إخراج المسرحيات التالية:
4) أ) “أهل المستنقع” للكاتب النيجيري وول شوينكا وإخراج عبدالله جلاب، ب) “الفيتريته” تأليف طلحة الشفيع وإخراج علي الوراق، ج) “العهد البائد” و”الكنين” من محفوظات اهل القرية واخرجهما عبدالله جلاب.
وقد تم تقديم المسرحيات الثلاث مسرحيات بمسرح مدني 20-11-1969. وكان العرض ناجحاً من حيث الحضور. وفي اليوم التالي للعرض عقدت مناقشة مفتوحة بالقرية مع أعضاء أبادماك حول الاشتراكية ومسائل اخري.
5) شرع فريقنا في جذب المواهب في الرسم ولم ينته الي شيء نسبة للخلل الذي وقع في إعداد المواد من ورق وألوان . . إلخ والتي كاتبت وزارة الإرشاد مصلحة المخازن لكي تعدها لنا.
6) بالاستعانة بشعبة ابحاث السودان بجامعة الخرطوم سعي الفريق الي تسجيل بعض المأثورات الشعبية في القرية وفي القري المجاورة. وتم تأسيس نواة لمكتبة متصلة بالعمل المسرحي والأدبي والسياسي. وقد ساهمت بالتبرع كل من وزارة الشباب، معهد الدراسات الإضافية، ولجنة التأليف والنشر بجامعة الخرطوم، والمواطن محمد سيد أحمد صاحب شركة مكتبة الفجر بمدني، وصاحب مكتبة الملايين، وأعضاء تجمع أبادماك.
بين أوراقي هنا أو في الخرطوم ورقة علمية كتبها عبد الله جلاب لإحدي فصوله الدراسية في أمريكا عن تجربته في العمل مع مبدعي برتبيل وفي مجتمعهم.
قال لي الصحافي راشد عبد الرحيم إن طلحة حاضرهم مع جلاب عن المسرح الطليعي وهم صبية في طلائع مايو ببري أبو حشيش.
وكان الذي بيي وبين طلحة زمالة وخوة وأهلية لعقود.
HE WILL BE MISSED
للمزيد عن ابادماك هذه الروابط لو ما زالت تعمل:
مانفستو أبادماك (1969): خمسون عاماً في الذكرى. – صحيفة الراكوبة (alrakoba.net) ، عبدالله علي إبراهيم – يوميات أبادماك (1968-1969): مريم ماكبا تظللنا | الأنطولوجيا (alantologia.com)، 50 عاماً على ميلاد أبادماك: ياي بلدينا وكلنا أخوان. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم – سودانايل (sudanile.com)5 (15آخر مشاهدة في مارس 2024).
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الله جلاب عبد الله
إقرأ أيضاً:
عاجل| جهاز مدينة 15 مايو يثير جدلًا بعد قطع مواسير المياه لإجبار السكان على تركيب عدادات كودية
في خطوة أثارت استياء سكان مدينة 15 مايو، أقدم جهاز المدينة على تنفيذ مشروع لتركيب عدادات مياه إلكترونية بطرق أثارت الجدل، شمل المشروع قطع مواسير المياه القديمة التي تعمل بنظام الممارسة، والذي ظل قيد التشغيل منذ 40 عامًا، مما أدى إلى تعطيل نظام ضخ المياه التقليدي الذي أثبت كفاءته في توفير المياه للأدوار العليا دون الحاجة إلى مضخات إضافية.
الضغوط الاقتصادية وظروف التنفيذ
تمت إسناد أعمال المشروع إلى شركة مقاولات تدعى "العبد"، والتي تولت مهمة استبدال المواسير القديمة دون الرجوع إلى السكان أو إشراكهم في اتخاذ القرار. تقدر تكلفة المشروع بـ10 آلاف جنيه لكل وحدة، تحملها السكان دون توقيع أي عقود رسميةK يضاف إلى ذلك أن المشروع أُنفذ دون دراسات هندسية كافية تضمن استمرارية كفاءة المياه، وفقًا لمصادر من داخل جهاز المدينة.
قطع مواسير المياه دون إنذار: فوجئ السكان بقطع مواسير المياه القديمة دون إشعار مسبق، مما تسبب في توقف المياه عن مطابخهم وهو ما سبب أزمة بالمنطقة.
أعباء مالية إضافية: بات السكان مجبرين على تحمل تكلفة تركيب مواسير داخلية بين الحمامات والمطابخ على نفقتهم الخاصة والتى قد تصل تكلفتها إلى 5000 جنيه.
الاستغلال في التركيب: اشتكى السكان من استغلال عمال الشركة في تركيب الوصلات الداخلية وبيع المحابس بأسعار مبالغ فيها.
أكد سكان الوحدات أن لديهم تعاقدات قائمة مع شركة مياه القاهرة بنظام الممارسة منذ تسليم الوحدات، حيث يدفعون مبالغ شهرية منتظمة تصل إلى 80 جنيهًا. ويعتبر هذا المشروع انتهاكًا للعقد القائم بين السكان والشركة، مما يضيف أعباءً غير مبررة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
في ظل هذه التطورات، وجه السكان مناشدة إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، للتدخل العاجل ووقف المشروع. وطالبوا بتشكيل لجنة هندسية متخصصة لمراجعة الدراسات المرتبطة بالمشروع والتأكد من جدواه وتفادي الأضرار التي لحقت بالسكان.
يأمل سكان مدينة 15 مايو أن تسهم هذه المناشدة في رفع المعاناة عنهم، وضمان تنفيذ مشروعات تهدف إلى تحسين الخدمات بدلًا من زيادة الأعباء المالية والاجتماعية عليهم.