استعراض واقع التشريعات الوطنية في اتفاقيتي "الاختفاء القسري" و"مناهضة التعذيب"
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
مسقط- العُمانية
عقد فريق العمل المكلف بإعداد التقارير الأولية في شأن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أمس اجتماعًا له برئاسة الدكتور أحمد بن سعيد الشكيلي مساعد المدعي العام رئيس الفريق.
وناقش الاجتماع واقع التشريعات الوطنية ومدى انسجامها وأحكام الاتفاقيتين، وآليات العمل بهما، وأدوار مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني في تنفيذها، والآليات الوطنية المتعلقة بمتابعة تنفيذ الاتفاقيات.
واستعرضت الجهات ذات العلاقة اختصاصاتها ومهامها وجهودها وخططها المستقبلية في إطار تنفيذ أحكام الاتفاقيتين، والتحديات التي تواجهها والآليات المقترحة لحلها وتقديم مقترحات تشريعية وتنظيمية وإدارية، تكفل تطبيق أحكام الاتفاقيتين وفق أعلى المعايير الدولية.
وتطرّق الاجتماع إلى آليات وأدوات تلقي البلاغات والشكاوى؛ سواء عن طريق مأموري الضبط القضائي أو عن طريق اللجان المختصة بحماية حقوق الإنسان. واستعرضت الجهات ذات العلاقة التجارب والمبادرات وبرامج التثقيف والتوعية والتدريب في مجال حقوق الإنسان. واستعرضت الجهات ذات العلاقة خلال الاجتماع التجارب والممارسات الدولية، وبحث إمكانية الاستفادة منها على النحو الذي يتوافق مع التشريعات الوطنية، وتبادل الخبرات ووجهات النظر المتعلقة بمشروع التقرير الأولي لكل من الاتفاقيتين، وتقديم الملاحظات والمرئيات.
وأكّد الاجتماع على أهمية استمرار التعاون والالتزام التام بأحكام الاتفاقيتين؛ وفقًا لما قضى به النظام الأساسي للدولة، والحرص على تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية وتثقيفها حول أحكام هاتين الاتفاقيتين وغيرها من الاتفاقيات ذات الصلة بحقوق الإنسان التي انضمت إليها سلطنة عُمان، ورفع مستوى الوعي المجتمعي بحقوق الإنسان وآليات حمايتها، ودعم جهود ومبادرات الجهات المختصة ومساندتها في هذا الشأن.
ويأتي هذا الاجتماع في إطار انضمام سلطنة عُمان إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بموجب المرسوم السُّلطاني رقم (44/ 2020) واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بموجب المرسوم السلطاني رقم (45/ 2020)، وانطلاقًا من الدور التكاملي بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، وتعزيزًا للتعاون القائم بينها في سبيل حماية حقوق الإنسان ورعايتها وتعزيز منظومتها، واستكمالًا للاجتماعات التشاورية السابقة في هذا الشأن. كما يأتي الاجتماع استكمالًا للاجتماعات التشاورية التي عقدها الفريق المعني بإعداد التقارير بشأن الاتفاقيتين المشار إليهما في سبيل متابعة تنفيذ أحكام الاتفاقيتين وإعداد التقارير الأولية بالتدابير التي اتخذتها سلطنة عُمان؛ وفاءً بتعهداتها بمقتضى هاتين الاتفاقيتين، وفقًا للمادة (29) من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والمادة (19) من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة اللتَين نصتا على أن تقدم كل دولة طرف تقريرًا عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ التزاماتها بموجب هاتين الاتفاقيتين.
وقد ناقش الفريق المعني في اجتماعاته التشاورية آلية متابعة التنفيذ وإعداد وتقديم التقارير، والمبادئ التوجيهية والاسترشادية العامة المعتمدة من قِبل الأمم المتحدة، والاطلاع على التقارير الوطنية السابقة المتصلة بحقوق الإنسان، حيث ستتمُّ الاستعانة ببعض الجهات لاستيفاء بعض البيانات المطلوبة لإعداد التقريرين، كوزارة الصحة، والادعاء العسكري، والمعهد العالي للقضاء.
ويضم فريق العمل المكلف بإعداد التقارير الأولية في شأن الاتفاقيتين ممثلين من وزارة الخارجية، ووزارة العدل والشؤون القانونية، ووزارة التربية والتعليم، وشرطة عُمان السُّلطانية، والادعاء العام، واللجنة العُمانية لحقوق الإنسان، وجمعية المحامين العُمانيين وجمعية "الأطفال أولًا".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الاختفاء القسری مناهضة التعذیب
إقرأ أيضاً:
نوات التعذيب الحوثية
كيف ساهم مخرحون وممثلون في تبرير قمع وتعذيب المختطفين والصحفيين؟
في زنازين الميليشيات الحوثية الإرهابية لم يكن التعذيب يقتصر على الضرب أو الحرمان من الطعام وغيرها من أساليب التعذيب الوحشية، بل امتد ليشمل غسيل الأدمغة عبر الإعلام الموجه.
في سجن المجرم عبدالقادر المرتضى وسجن المجرم عبدالحكيم الخيواني كان التلفاز يُشغل من المغرب حتى منتصف الليل مجبراً المختطفين على متابعة قنوات الإرهابيين الحوثيين في عملية تعذيبٍ نفسي ممنهجة.
لم يكن الأمر مجرد فرضٍ لمشاهدة “المسيرة” وأخواتها بل كان وسيلةً لإغراق المختطفين في خطابٍ عدائي يسوّق لاختطافهم ويبرر تعذيبهم ويصور الجلادين كأبطال والمختطفين كخونة وعملاء. كانت هذه القنوات تمارس دورًا مزدوجاً فمن جهة تبث محتوىً طائفياً يسعى إلى تغيير قناعات المختطفين قسراً ومن جهة أخرى تشوه سمعة الوطنيين وعلى راسهم الصحفيين وتحرض ضدهم.
قنوات التعذيب الحوثية مثل “المسيرة” “المسيرة مباشر” “اللحظة” “الهوية” إضافةً إلى النسخ الحوثية من القنوات الرسمية كـ “اليمن” “عدن” “سبأ” “الإيمان” لم تكن سوى أبواق مسمومة، تضخ خطاب الكراهية وتشرعن الانتهاكات والجرائم وتعمل على غسل أدمغة المختطفين بجرعات مكثفة من التضليل والخرافة السياسية والدينية التي قامت عليها الجماعة الإرهابية.
ولم يقتصر دور الإنتاج الإعلامي الحوثي الرمضاني على التبرير والتضليل بل تحول إلى سلاح مباشر ضد الصحفيين، حيث ركزت الإنتاجات الدرامية والبرامجية بشكل ممنهج على التحريض ضد الإعلاميين الأحرار، متهمةً إياهم بالعمالة والخيانة، في مقابل الإشادة بجواسيس الميليشيات ومخبريها.
لقد كان الهدف واضحا وهو خلق بيئة عدائية تبرر استهداف الصحفيين واختطافهم وتعذيبهم وتصفيتهم لتخلو الساحة لصوتٍ واحد هو صوت الميليشا.
في السجون الحوثية، كانت هذه القنوات تستخدم في عمليات “إعادة التأهيل الفكري القسري” حيث يجبر المختطف على مشاهدة مقابلات ملفقة يجبر فيها بعض الضحايا على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها أو على متابعة فتاوى تبرر قتله أو مشاهد لعمليات قنص وقتل أبطال الجيش والمقاومة يقدم فيها الحوثيون كمقاتلين أسطوريين يخوضون “معارك دينية مقدسة”.
لكن الصدمة الكبرى كانت بعد تحررنا من سجون الإرهابيين الحوثيين، حين اكتشفنا أن بعض المخرجين والممثلين والإعلاميين من أصحاب السجلات الملوثة في خدمة آلة الحوثي الدعائيةولم يتوقفوا عن ذلك بل وجدوا طريقهم إلى قنوات الشرعية دون أن يعلنوا أي قطيعة مع القنوات أو “مؤسسة الإمام الهادي” التي بررت التعذيب والجرائم ضد الصحفيين والمختطفين.
لم يكن الأمر مجرد انتقال مهني بل اختراقا إعلامياً خطيراً حيث تسلل هؤلاء بحضورهم وسلوكهم المتماهي مع الرواية الحوثية. والأسوأ أن بعض القنوات الوطنية لا تكتفي باستيعابهم بل تقدمهم كنجوم وقدوات متجاهلة تاريخهم في خدمة الجماعة الإرهابية رغم أن هذه القنوات الوطنية كانت ولا تزال هدفًا لهم في مشاركاتهم البرامجية والدرامية مع ميليشيا الحوثي الإرهابية.
إن الادعاء بأن هؤلاء عملوا بدافع الحاجة إلى لقمة العيش لم يعد مقبولًا فالشعب اليمني كله يعاني لكن مئات الآلاف من اليمنيين رغم الجوع والحرمان لم يبيعوا ضمائرهم.
التضحية ليست خياراً انتقائياً بل مسؤولية وطنية والفنان والإعلامي جزء من هذا الشعب وعليه أن يختار بوضوح بين الوطن وبين خدمة آلة القمع الحوثية.
كما أن القول بأنهم “مجرد فنانين ومخرجين” لا يعفيهم من المسؤولية فحين يتحول الفن إلى أداة قمع وتبرير للجرائم يصبح شريكاً في الإجرام.
هؤلاء لم يكونوا مجرد مبدعين بل أدوات تضليل ومشاركين في التشويه والتحريض والتبرير ما يجعلهم مسؤولين عن القمع والتعذيب والإرهاب الإعلامي.
إن السكوت عن تسلل أدوات الحوثي إلى القنوات الوطنية يمثل خطرًا على الإعلام اليمني ويجب على المؤسسات الإعلامية أن تعلن بوضوح رفضها لهذا الاختراق. كما يجب محاسبة كل من تورط في تلميع الميليشيات، سواء عبر الإعلام أو الإنتاج الفني.
كما على الصحفيين الأحرار وهم أكبر الفئات المستهدفة من ميليشيا الحوثي الإرهابية حيث تصورهم عدوها الأول أن يفضحوا هؤلاء وألا يسمحوا لهم بإعادة تقديم أنفسهم كنجوم وصناع محتوى محترمين.
يجب أيضاً على القنوات الوطنية أن تتحمل مسؤوليتها وألا تمنحهم منصات جديدة لترويج أفكارهم خصوصًا أنهم ليسوا استثناءً أو موهوبين إلى الحد الذي لا يمكن الاستغناء عنهم، فهناك نجوم آخرون أكثر التزاماً بالقضية الوطنية، وقبل هذا فهم أدوات ضمن الآلة الدعائية والقمعية الإرهابية الحوثية يجب أن يخضعوا للمحاسبة.
لن يُمحى سجل الإجرام الإعلامي الحوثي وسيظل كل من شارك في هذه الآلة الدعائية جزءاً من منظومة القمع والتعذيب ومهما طال الزمن ستطالهم يد العدالة وسيدفعون ثمن تواطئهم في تدمير اليمن وتشويه وعي أبنائه.