يمانيون/ تقارير ألقت الحرب العدوانية الوحشية الصهيونية على غزة بظلالها على تراجع مكانة الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، والمخاطر الجمة على مصالحها في المنطقة، بينما في المقابل يتعاظم تنامي مكانة الصين التي تتبع سياسة خارجية “متوازنة” إزاء الأزمات في المنطقة.
وتتبع الصين سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الحادة في المنطقة، وتستبدل ذلك بمواقف تدعو لخفض التوترات وتجسير الهوة بين الفرقاء.


ومع استمرار العدوان على غزة، في ظل الصمت الدولي المخزي وعواصم دول عدّة بالمنطقة، يتساءل الكثير من الباحثين حول كيفية تأثر المكانة الأمريكية في الشرق الأوسط؟ وهل تحاول واشنطن إحياء دورها الدبلوماسي في الشرق الأوسط؟.
وقبل “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الماضي، وعلى مدار سنوات، تردّدت أسئلة عديدة حول دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ومستقبل تعاونها مع الدول العربية، وخاصة بعد تركيز دبلوماسيتها على ما تصفه بـ”التهديد الصيني” في المحيط الهادئ، وانخراطها في دعم جهود الحرب الأوكرانية.
وبعد وصوله إلى السلطة، شارك بايدن في قمة إقليمية بمدينة جدّة في يوليو 2022، جمعت قيادات دول الخليج ومصر والأردن والعراق، حاول خلالها بعث رسالة مفادها أن الولايات المتحدة ما زالت على دعمها وتحالفها مع الدول العربية.
وأكد بايدن، خلال القمة التي واكبت زيارته الأولى للمنطقة، التزام بلاده بالدور الذي تلعبه.. قائلاً: “لقد شهدنا على تغييرات هائلة هنا في منطقة الشرق الأوسط (…)، نعلن بوضوح أن الولايات المتحدة ستظل شريكاً نشطاً وملتزماً في الشرق الأوسط”.
لكن في الثامن من أكتوبر الماضي، الرئيس الأمريكي في زيارة الى أراضي فلسطين المحتلة عام 48، بين فعليا الدور الحقيقي للشراكة الأمريكية الصهيونية عندما أكد دعم واشنطن المطلق ل”تل أبيب” قائلا حينها: “وُلدتْ “إسرائيل” لتكون مكاناً آمناً للشعب اليهودي في العالم… وإذا لم تكن موجودة، فسيتعين علينا اختراعها… يجب أن تكون مرّة أخرى مكاناً آمناً للشعب اليهودي”، بهذه الكلمات اتضحت الحقيقة للعالم أجمع بالانحياز الكامل للكيان الصهيوني لكنها غابت عند الدول العربية.
ومع ذلك وبالرغم من التصريحات الأمريكية للاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط، لم تكن هناكَ تحركات حقيقية على الأرض تساعد في تقليص حدّة التوتر في أزمات دول المنطقة تحديداً.
وفي مقابل ذلك نجحت، في مارس 2023، الوساطة الصينية في أحد أعقد الخلافات السياسية بين كل من السعودية وإيران، فقد أعلن البلدان عن استئناف علاقاتهما الدبلوماسية.
واعتبَر وزير الخارجية الصيني وانغ يي الاتّفاق بمثابة “نصر للحوار ونصر للسلام”.. مؤكداً في رسالة ضمنية للولايات المتحدة الأمريكية، أنّ بكين “سوف تواصل لعب دور بنّاء في التعامل مع القضايا الشائكة في العالم، وستظهر تحلّيها بالمسؤولية بصفتها دولةً كبرى”.
كما سعت الدبلوماسية الصينة الى جمع الفصائل الفلسطينية في العاصمة بكين، وتمخض عن الاجتماع الذي جرى في يوليو الماضي اتفاق جديد للمصالحة الفلسطينية وقع عليه 14 فصيلاً في بكين برعاية الدولة المضيفة وهو الاتفاق رقم 13 الذي يتم الإعلان عنه بين حركتا فتح وحماس بمشاركة فصائل منظمة التحرير.
وجاء الاتفاق في ظل العدوان الصهيوني الذي بلغ مداه بحرب إبادة جماعية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، علاوة على تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية أيضا في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
ويرى الكثير من الخبراء والمحللين أن الدّور الأمريكي يتراجع بالفعل في منطقة الشرق الأوسط، ويمهّد الطريق لصعود دبلوماسية دولٍ أخرى أكثر فاعليّة، مثل الصين.
لكن أحداث غزة أعادت ملف الشرق الأوسط إلى الواجهة في واشنطن، بوصف الملفّ، ومعه القضية الفلسطينيّة، من أهم القضايا العالقة على مستوى العالم، وتحظى باهتمام أمريكي خاص.
لكن الجولات الدبلوماسية لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بداية العدوان ومن بعده زيارة الرئيس الأمريكي، اثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الولايات المتحدة بإداراته المتعاقبة تنحاز دائما وبشكل كامل وفاضح الى جانب الكيان الصهيوني الغاصب.
وقد بدأت الدبلوماسية الأمريكية اجتماعات مع القوى الإقليمية، مثل تركيا وقطر ومصر؛ لتحقيق هدنة بين الأطراف المتنازعة، وتبادل الآراء حول الملف.. لكن اتضح مع ذلك أن السياسية الأمريكية المهادنة والمراوغة لم تحدث أي اختراق حتى الآن في إتمام الصفقة ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حماس والكيان الصهيوني.
بل زادت الطين بلة بدعم الكيان الصهيوني بالسلاح الفتاك والقنابل التي تزن ألف رطل، وتعطيل أي مشروع لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن كما غضت نظرها عن جرائم حكومة الكيان الصهيوني وتماديه في عمليات الاغتيال لقادة المقاومة في لبنان واغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران وعدوانا على ميناء الحديدة باليمن ليبلغ التصعيد ذروته في المنطقة وتتعهد إيران واليمن ولبنان بالرد.
وبدلا من إجبار الكيان الصهيوني والضغط عليه لوقف العدوان، أرسلت واشنطن السفن الحربية وحاملات الطائرات إلى بحار المنطقة للدفاع عن الكيان الصهيوني الغاصب ولتزيد بخطواته تلك عملية التصعيد في المنطقة بشكل أكبر.
وهكذا بدت واشنطن على حقيقتها الواضحة بأنها لا تريد وقف العدوان على غزة ولاتريد خفض التصعيد في المنطقة وذلك من خلال دعمها للكيان الصهيوني في عدوانه على دول المنطقة ودعمها للكيان الغاصب بالأسلحة والمعدات والمال ودبلوماسيا واقتصاديا وإعلاميا وحشد قواتها البحرية وتحريك قواعدها ليواصل العدو الصهيوني مجازره والإبادة الجماعية والتدمير في غزة ويستمر في عدوانه على دول المنطقة.
وبذلك فقد اتضح للقاصي والداني أن ما يحدث اليوم من تفاعل دبلوماسي أمريكي ملحوظ، يعود إلى أن عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي جعلت الأمريكي يسارع الى التدخل بقوة لدعم حليفه الكيان الصهيوني، وإرسال رسالة بالغة الوضوح، وهي أن كل من يمسُّ الكيان الصهيوني يمسّ الولايات المتحدة. وبحسب المحللون.. فإن الوجود الأمريكي يعزِّز كل ما يخدم العدو الصهيوني، نتيجة ضغوط وتوجّهات داخل واشنطن، تُجسَّد من خلال التواطؤ الأمريكي وشراكة البيت الأبيض في المجازر التي ترتكبها الكيان الصهيوني في غزة”.
لكن وبالرغم مما أعد العدو الصهيوني من عدة وقوات وطيران فلا تزال المقاومة الفلسطينية، بعد وصول العدوان شهره العاشر، قادرةً على مواجهة جيش العدو وتلقينه الدروس التي لم يعتاد عليها من قبل في التكتيك العسكري وفي بسالة المقاومين الذين يدكون جنود العدو بالصواريخ وقذائف الهاون وينصبون الكمائن المحكمة ويفخخون الأنفاق والمنازل بالجنود الصهاينة فيها.
بالإضافة الى ذلك دعم جبهات الإسناد الى جانب المقاومة في اليمن ولبنان وسوريا والعراق وإيران التي تدعم المقاومة الفلسطينية.
ومع كل ما تمارسه الإدارة الأمريكية الحالية من تلاعب ومراوغة بشأن الضغط على الكيان الصهيوني لوقف الحرب الوحشية على قطاع غزة تبذل هذه الإدارة محاولات حثيثة لتلميع صورتها في المنطقة، فتارة تتحدث عن حلّ الدولتين في الفترة التي ستتلو الحرب المدمرة، لكنها مجرد أحاديث إعلامية لا تواكبها خطوات دبلوماسية واضحة المعالم من قبل واشنطن. # الشرق الأوسطُ#أمريكاً#العدو الصهيوني#العدوان الصهيوني على غزةُ#قطاع غزةفلسطين

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الکیان الصهیونی فی الشرق الأوسط العدو الصهیونی فی المنطقة من أکتوبر على غزة

إقرأ أيضاً:

تحرير العراق من إيران.. تصعيد امريكي لتأجيج الأوضاع في الشرق الأوسط - عاجل

بغداد اليوم - بغداد

تتواصل دعوات تحرير العراق مما يسمى النفوذ الإيراني حسب ما اطلقه مسؤولون أمريكيون في واشنطن تحت راية الإدارة الامريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب مما يجعل هذه الدعوات تنذر بالتصعيد المستمر بين الولايات المتحدة وإيران بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام.

القيادي في الإطار التنسيقي عصام شاكر قال في حديث لـ "بغداد اليوم"، إن "ما نشره أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي تحت عنوان خطة تحرير العراق من إيران يمثل رأي شخصية معروفة بإثارتها للملفات الجدلية، وبالتالي لا يمثل بشكل عام وجهة نظر المنظومة الحكومية الأمريكية".

وبين، أن "العراق بلد مستقل لا يخضع لإرادة أي دولة، ويمتلك مساراً ديمقراطياً يتمثل بالانتخابات التي تُفضي إلى تشكيل مجلس النواب ثم الحكومة"، مؤكداً أنه "اطّلع على بعض ما جاء في الخطة المنشورة، والتي تمثل تدخلاً سافراً في استقلالية القرار العراقي، عبر التلويح بحل تشكيلات رسمية وفرض قيود وعقوبات".

ولفت شاكر إلى أن "هذه الخطة ليست معتمدة من قبل البيت الأبيض، وبالتالي فإن الأمر لا يثير اهتمامنا"، مبيناً أن "أي تدخل أمريكي مباشر في العراق ستكون له ارتدادات خطيرة، وهو ما تدركه الإدارة الأمريكية جيداً".

وأشار إلى أن "العلاقات بين بغداد وواشنطن محكومة باتفاقية استراتيجية، وأي تجاوز على هذه الاتفاقية ستكون له أبعاد خطيرة".

من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية خليفة التميمي، أن "ما نشره أحد أعضاء الكونغرس مؤخراً قد يمثل رؤية مبطّنة لاستراتيجيات قد تُعتمد لاحقاً من البيت الأبيض، لكنها حتى الآن تبقى ضمن الأوراق الضاغطة".

وأوضح التميمي في حديث لـ "بغداد اليوم"، أن "واشنطن تسعى بجدية لإبرام اتفاق مع طهران ينهي حالة اللا حرب المستمرة منذ أكثر من 40 عاماً في المنطقة"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة تحاول استخدام الساحة العراقية لتضييق الخناق الاقتصادي على إيران".

وتابع، أن "ما نُشر لم يأتِ من فراغ، بل قد يدخل ضمن إطار الحرب النفسية ضد النظام الإيراني"، مضيفاً أن "الخطة التي تحدثت عن (تحرير العراق من إيران) تتضمن بنوداً يصعب تنفيذها، خصوصاً تلك المتعلقة بالحشد الشعبي وتقييد بعض المصارف الحكومية".

وأكد أن "واشنطن حتى الآن لم تتبنَّ مثل هذه الخطط، لكن يبدو أن هناك أقطاباً في الكونغرس تعبر عن آراء لوبيات ذات نفوذ واسع تمثل مصالح دول متعددة في المنطقة"، مشدداً على أن "ما يحصل الآن هو ضغط إعلامي آخر ضمن سياق تحفيز الجهود الأمريكية ـ الإيرانية للوصول إلى اتفاق يجنّب المنطقة شبح الاصطدام العسكري".

ويمثل مشروع "تحرير العراق" الذي يتم الترويج له في واشنطن انعكاس القلق الأمريكي من تأثيرات إيران في المنطقة حيث يدعو بعض المسؤولين الأمريكيين إلى اتخاذ خطوات أكثر حزما لمواجهة هذا النفوذ، وهو ما يعكس تصعيدا في المواقف قد يؤدي إلى تغييرات في السياسات الأمريكية تجاه العراق والمنطقة ككل. 

مقالات مشابهة

  • TIRTIR تطلق أول فعالية تجميلية كبرى في الشرق الأوسط بالتعاون مع K-SECRET في دبي فستيفال سيتي مول
  • تحرير العراق من إيران.. تصعيد امريكي لتأجيج الأوضاع في الشرق الأوسط - عاجل
  • باتيلو: السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط تغيّرت جذريًا مع إدارة ترامب
  • غزة هي البداية فقط.. الاحتلال يوسع دائرة الصراع لتغيير خريطة الشرق الأوسط
  • مسؤولون أمريكيون لـ CNN: تعزيزات عسكرية جوية كبيرة قادمة إلى الشرق الأوسط
  • خبير: أمريكا تضغط على إيران بتعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط
  • خبير: أمريكا تضغط على إيران لتعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط
  • هل تضرب أمريكا إيران؟ «مصطفى بكري» يكشف مستقبل الصراع في الشرق الأوسط «فيديو»
  • استمرار قصف اليمن.. أمريكا تنقل «صواريخ باتريوت» إلى الشرق الأوسط
  • القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط... أيها ستختار واشنطن إذا هاجمت طهران؟