تغامر الولايات المتحدة الأمريكية بما يتبقى لها من مصداقية فى المنطقة، عندما يخبر وزير دفاعها وزير الدفاع الاسرائيلى أن واشنطن تقف مع تل أبيب بكل قوتها ضد أى هجوم يستهدفها.
هذا الكلام قاله لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكى، وهو يهاتف نظيره الإسرائيلى يواف جالانت، الذى يتحسب فى مواجهة ضربة ايرانية قد توجهها حكومة المرشد فى طهران إلى اسرائيل، ردًا على اغتيال اسماعيل هنية فى العاصمة الإيرانية يوم ٣١ يوليو.
لقد عرفنا ادارات أمريكية لديها الحد الأدنى من الإنصاف، وكانت ادارة الرئيس جيمى كارتر مثالًا من بين أمثلة، وكان ذلك عندما حشدت كل ما تستطيع لعقد اتفاقية سلام بين القاهرة وتل أبيب عادت بمقتضاها سيناء كاملة إلى وطنها الأم.
وكانت المفاوضات كلما تعثرت بين الجانبين، تدخل الرئيس كارتر ليدفعها من جديد، وكان جادًا فيما يسعى ويفعل، وأكاد أقول أنه لولا رعاية ادارته للمفاوضات فى كامب ديفيد ما كان اتفاقية السلام التى جرى توقيعها فى مارس ١٩٧٩ سوف ترى النور.
ورغم تشدد حكومة مناحم بيجين وقتها فى اسرائيل وتعنتها، إلا أن الرئيس الأمريكى كان يمتلك من العزيمة الجادة ما يجعله يتغلب على التشدد والتعنت معًا.
وفى مرحلة تالية كان الرئيس بيل كلينتون يمارس عمله فى البيت الأبيض مدفوعًا بروح أقرب إلى الروح التى كان كارتر يتحلى بها.. وقد اقترب كلينتون من اللحظة التى كان فيها يوشك أن يوقّع اتفاق سلام بين الاسرائيليين والفلسطينىين، لولا أنهم قد اختلفوا فيما بينهم فى اللحظة الأخيرة فضاعت فرصة لن تتكرر فى الغالب.
وكان كلينتون آخر الرؤساء الأمريكيين الذى رغبوا فى تقديم حل عادل للقضية فى فلسطين، فمن بعده تعاقبت ادارات لا تقدم للقضية إلا الكلام، ولا تبذل فى سبيلها إلا الوعود التى نكتشف فى كل مرة أنها لا رصيد لها على الأرض.
تبحث القضية عن رئيس أمريكى من نوعية كارتر أو كلينتون، فتبدو فى كل المرات وكأنها تبحث عن الغول أو العنقاء أو الخل الوفى!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خط أحمر سليمان جودة الولايات المتحدة الأمريكية الدفاع الإسرائيلي ف جالانت
إقرأ أيضاً:
حديد عز
انشغل مجتمع سوق المال والأعمال على مدار الأيام القليلة الماضية بشركة حديد عز، وسعيها للشطب من البورصة المصرية، ربما عملية شطب الشركات بنظام الشطب الاختياري، أمر عادى يحدث مع الشركات العملاقة، بمنطق «مالى وأنا حر فيه».
مبررات الشركة فى الشطب، يعتبرها بعض المراقبين مقبولة، والآخرون يرون أن وراء الأمر حكاية غامضة، فمبررات الشركة طبقًا لما هو متداول فى سوق المال أن الشركة تسعى لتجنب تداعيات تقلبات سعر السهم، باعتبار أن الشركة من الوزن الثقيل، وسعر السهم لا يعبر عن أصولها، كذلك تود الشركة رفع الضغوط عن المستثمرين وسط نظرة مستقبلية تتسم بالمخاطر نتيجة زيادة الفوائض الإنتاجية من الصلب عالميا، بالإضافة إلى أنه من ضمن المبررات ارتفاع المخاطر فى ضوء ما تشهده الصناعة من تقلبات بسبب انتشار الإجراءات الحمائية فى أوروبا.
كل هذه المبرارات «كلام جميل وكلام معقول، ما قدرش أقول حاجة عنه»، بل أضيف للقصيدة بيتًا أن الشركة ستقوم بتمويل عملية شطب أسهمها من بورصة مصر بتمويل خارجي، حده الأقصى 300 مليون دولار، لشراء أسهم الأقلية وصغار المستثمرين.
كل هذه أمور عادية تحدث فى أحسن الشركات التى ترغب فى الشطب بكامل إرادتها، لكن كل ما يهمنا عدد من المشاهد التى تحافظ على حقوق الأقلية، وسعر الشراء الذى يجب أن يمثل القيمة العادلة للشركة، وأصولها.
الرقابة المالية لم تترك الأمر «سداح مداح»، أو للصدفة، وانما تدخلت لكونها «سند» الأقلية وصغار المستثمرين باستبعاد أسهم المساهم الرئيسي، وأطرافه المرتبطة من التصويت على الشطب، بحيث يقتصر التصويت على «الأقلية» او «الأسهم حرة التداول»، وأن تصدر قرارات الجمعية غير العادية المرتبطة بالشطب الاختيارى بموافقة أغلبية75% من أسهم الأقلية، والحاضرين للاجتماع، ممن لهم حق التصويت، وغير المرتبطين بالمساهم الرئيسى بالشركة.
أعلم أن الرقابة المالية لا تدخر جهدًا للحفاظ على حقوق صغار المستثمرين، لكن كل الخوف أن يتم استمالة «الأقلية» للموافقة، على الشطب، مثلما حدث فى واقعة مشابهة قبل ذلك، مع صغار المستثمرين فى إحدى الشركات الكبرى.
على أى حال خيرًا فعلت الرقابة المالية فيما اتخذت، ولكن لا بد أن تباشر كل إجراء يقوم به المستشار المالى المستقل فى عملية التقييم، من أجل راحة ضمير ليس الأقلية ولكن المتعاملين والمستثمرين فى البورصة.
عروض الاستحواذات التى شهدتها البورصة مؤخرًا منها أسهم شركة السويدى والتى تم تقديم عرض شراء بفارق حوالى 45 % علاوة على سعر السهم قبل الإعلان، وبعد الاستحواذ بدأت رحلة صعود جديدة لأسهم الشركة بنسب قياسية، ونفس الأمر فى عرض شركة دومتى على أسهمها.
• ياسادة.. ليس عيبًا أن يكون الثناء على كل من يعمل لمصلحة صغار المستثمرين، وهكذا الرقابة المالية والبورصة.