مكتبتنا العربية تضم كتابًا بعنوان «لماذا أنا ملحد؟» من تأليف الكاتب إسماعيل أدهم، صدر سنة 1937.. ولا شك أثار الكتاب الانتباه وقت صدوره فاسمه مستفز.. ومع ذلك لم يخرج أحد يكفّر الكاتب أو يطالب بإعلان توبته أو قتله.. فقط قام كاتب آخر وهو أبو شادى أحمد زكى بإصدار كتاب بعنوان «لماذا أنا مؤمن؟» فى نفس السنة، ليرد الحجة بالحجة والرأى بالرأى والفكر بالفكر.
ومؤخرًا وافقت الرقابة على عرض فيلم الكاتب إبراهيم عيسى «الملحد» فى 14 أغسطس القادم.. يعنى لم يشاهد أحد الفيلم كاملًا ومع ذلك بدأ الهجوم عليه وبدأ البعض برفع القضايا لوقف عرضه.. وأتوقع مع الأيام ستتحول السوشيال ميديا إلى ساحة حرب ضد الفيلم، وستزداد حدة الهجوم ويزداد عدد القضايا لمنعه.. فالمتشددون فى الداخل والخارج، يتربصون ويرفضون كل شىء يدعو للفكر والتفكير باسم الدين وليس باسمهم.. وللأسف البعض يتبنى أفكارهم باعتبارها هى الدين!
وأعتقد أنه كان من الملائم لطبيعة الحال أن يصدر كتاب «لماذا أنا ملحد؟» و«لماذا أنا مؤمن؟» فى سنة 2024 وليس فى سنة 1937.. فمن المفروض إننا حاليًا أكثر تقدمًا فى ظل التقدم العلمى والطبى والتقنيات المستجدة والذكاء الاصطناعى وبالتالى أكثر قبولًا لمناقشة وتفنيد التراث الذى كتبه رجال الدين عن الإسلام وليس تفنيدًا للإسلام نفسه.. ولكن يبدو أن المجتمع المصرى يدور فكريًا عكس عقارب الساعة ويرجع للوراء وليس للأمام!
ربما.. فيلم إبراهيم عيسى ليس جيدًا لا فكريًا ولا فنيًا، وربما ضد تراثنا الدينى المكتوب، ولكن من حقه ومن حقوقنا كذلك أن يكون هناك فيلم يناقش ويحلل ويطرح رؤية حتى ولو كانت مخالفة لبعض الآراء، ومن حق آخرين صناعة فيلم مقابل له وليكن اسمه «المؤمن»..
فهذا هو المناخ الفكرى والعلمى الذى تتقدم به الأمم.. أما المنع والرفض والمصادرة لن يصنع دولة ولن يحرر إنسان!
وعندما كان المجتمع المصرى يطرح قضاياه ويناقشها على الملأ لم يكن هناك إرهاب أو إرهابيون، بل كان هناك مفكرون وكتاب وأدباء وفنانون.. من أول رفاعة الطهطاوى ولطفى السيد وحتى نجيب محفوظ ويوسف إدريس.. وقائمة عظيمة من رواد العلم والفكر والأدب ما زلنا نعيش على تراثهم وإنتاجهم الفكرى.. وعندما فرضنا قيودًا على الفكر وتوقف التفكير توقف الإبداع وتوقفنا عن إضافة أسماء جديدة لهذه القائمة لأن الانغلاق لا يؤدى إلا إلى الانغلاق!
والمجتمعات الحرة لا بد أن تكون حرة فكريًا دون شروط.. انتظروا وشاهدوا فيلم «الملحد» ثم ارفضوه أو اقبلوه.. فلا يهمّنا الفيلم، ولكن يهمّنا إعطاء الفرصة للمتفرج ليحكم بنفسه بدون أن نفرض عليه قبوله أو رفضه قبل أن يشاهده.. وعلى كل متفرج أن يعرف أنه عندما تشترى تذكرة الفيلم هو فى الحقيقة تشترى حريتك!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الناصية لماذا أنا
إقرأ أيضاً:
دبلوماسي تركي: الحكومة السورية يجب أن تكون شاملة لكل الأطياف ويجب دعم الإدارة الانتقالية وليس عزلها
سوريا – أكد السفير التركي بالقاهرة صالح موطلو شن، إن الفرصة تاريخية حاليا في سوريا لتشكيل حكومة شاملة تناسب تطلعات وبنية غالبية الشعب بعد تغيير نظام الحاكم.
وأضاف شن، في تصريحات بمؤتمر صحفي امس الأربعاء، أن سوريا كانت تُحكم منذ 60 عاما بطريقة تخالف الواقع الاجتماعي ومشاعر الناس وتفضيلاتهم، ومن قبل نظام عائلة يفكر في مصالح النظام وليس رفاهية الشعب، مشيرا إلى أنه “مع تغير هذا النظام في سوريا، سنحت الفرصة للمنطقة لتحقيق الاستقرار الدائم بتأسيس حكومة بهذا الشكل”.
وأكد السفير التركي، أن الحكومة السورية المقبلة يجب أن تكون شاملة وموحدة وتشمل جميع الأطياف، كما يجب على الدول العربية وتركيا العمل سويا في هذا الإطار والتنسيق والتشاور في هذا الملف.
وأكد أن ما حدث في سوريا ليس إحلالا للمحور السني بدلا من العلوي، معتبرا أن هذه الرؤية “تمثل آراء بعض الأشخاص ولا نرى الأمر بهذا الشكل”، مشددا على أن موقف أنقرة “واضح ويتمثل في أن الحكومة في سوريا يجب أن تكون موحدة وشاملة لكل أطياف المجتمع”.
وعن التوغل الإسرائيلي في جنوب سوريا، قال شن، إنه لا يوجد أي سبب أو داع للتوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، و”يجب أن يغادروا وسوف يغادروا”.
وذكر أنه يمكن للدول العربية وتركيا، دعم عملية التحول والتغيير في سوريا، وإكمال هذه العملية وتأمينها من خلال توفير الدعم اللازم وليس من خلال عزل إدارة المرحلة الانتقالية.
وشدد على إلى أنه ينبغي على تركيا وجميع الدول العربية، بما فيها مصر والأردن والعراق والسعودية والإمارات وقطر، مساعدة الإدارة الانتقالية المقامة في سوريا، وتحسين الظروف المعيشية للسوريين الذين سيعودون إلى بلادهم من تركيا والأردن ولبنان ومصر والعراق.
وتابع أن “على كل دول المنطقة اتخاذ نهج بناء في الفترة الانتقالية ودعم تشكيل حكومة شاملة تضم جميع شرائح البلاد، بما في ذلك العرب والعلويين والأكراد والتركمان واليزيديين والدروز والمسيحيين، دون النظر إلى اللغة والدين والعرق والانتماء العرقي والهوية وضرورة التعامل مع إدارة المرحلة الانتقالية”.
ونوه السفير شن، بأن الشعب السوري عانى بما فيه الكفاية لدرجة أنه أصبح فقيرا وتشرد من دياره واضطر للهجرة إلى الخارج، مضيفا أن سوريا من الآن فصاعدا لن تتحمل أي صراع وعدم استقرار جديد، وبالتالي ينبغي للجميع انتهاز فرصة هذا العصر الجديد.
وتحدث شن، عن المسلحين الأكراد، قائلا إنه “لا ينبغي لأي منظمة إرهابية، بما في ذلك داعش ومنظمة YPGوPKK أن تجد لنفسها ملجأ في الأراضي السورية، ولا ينبغي لها أن تخلق الإرهاب ضد أي بلد في المنطقة وجيران سوريا، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تسبب عدم الاستقرار في أي دولة أخرى”.
وفي هذا السياق، أكد أن وحدة سوريا وسلامة أراضيها وطابعها كدولة عربية تشكل خطوطا حمراء بالنسبة لتركيا، مشيرا إلى أن ثلث الأراضي السورية “تحتلها عناصر منظمة YPGوPKK الانفصالية التي بيد الإرهابيين الأجانب”.
وأكد أن “هؤلاء الإرهابيين الأجانب يجب أن يغادروا سوريا على الفور، ويجب على عناصر YPG الأخرى إلقاء أسلحتهم على الفور والاستسلام للحكومة.
المصدر: RT