الجزائر تدعو في مجلس الأمن لوقف إطلاق نار إنساني في السودان
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
شدّدت الجزائر، على ضرورة أن تستجيب الأطراف المتنازعة في السودان إلى “وقف إنساني لإطلاق النار، بما يمكن من الإجلاء الآمن للأشخاص إلى المناطق الخالية من النزاع”، وقال عمار بن جامع ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، في كلمته نيابة عن مجموعة “أ+3” (الجزائر، غيانا، موزمبيق وسيراليون)، خلال جلسة الإحاطة المفتوحة لمناقشة الوضع الإنساني في السودان بمجلس الأمن، إن “الوضع الإنساني الكارثي في السودان يزداد سوءا بمرور الوقت”.
واستند السفير في معاينته على ما ورد في التقرير الأخير الصادر عن لجنة استعراض المجاعة التابعة للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، والذي أعطى حسبه، فكرة واضحة عن الوضع السائد في منطقة زمزم وأبو شوك والسلام، حيث تتواجد مخيمات النازحين داخليا. ويُبين هذا التقرير، وفق المتحدث، أن “مخيم زمزم سيشهد المرحلة الخامسة من مراحل التصنيف المتكامل الغذائي، مشيرا إلى احتمال وجود ظروف مماثلة في مواقع أخرى بمنطقة الفاشر، حيث يتواجد النازحون داخليا”.
ووفق الدبلوماسي الجزائري، فإن “التوقعات بخصوص الشهر المقبل ذات الصلة بمكاسب العيش والتدفقات التجارية والوصول الإنساني وانتشار الأمراض تثير “القلق البالغ”، حيث أن “أكثر من 25 مليون شخصا في السودان يعانون انعداما حادا للأمن الغذائي ومئات الآلاف من الأشخاص لا يعيشون إلا واقعا مأسويا له شقان: الحرب والمجاعة”.
وأشار في هذا السياق إلى أن “مناطق أخرى كثيرة في السودان عرضة لخطر المجاعة، إذا ما استمر النزاع واستمر تقييد الوصول الإنساني”، مشددا على “الحاجة الماسة للوصول الإنساني دون عائق وضرورة أن تقوم كل الأطراف بما عليها من مسؤوليات، لتيسير وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود وعبر خطوط النزاع”.
كما شدّد بن جامع على ضرورة أن يرافق الوصول الإنساني موارد هائلة وتمويل بقدر كاف لتقليل معاناة السودانيين، مجددا دعوته للمجتمع الدولي لمضاعفة جهوده بغية التمويل الإنساني وتعزيز الاستجابة الإقليمية، وملتمسا بشكل خاص من دول الجوار لدعم النازحين إليها بسبب النزاع.
ولم تخل كلمة السفير من نداء للأطراف المتنازعة لتغليب مصلحة الشعب السوداني، مشددا على ضرورة وقف إنساني لإطلاق النار، بما يمكن من الإجلاء الآمن للأشخاص إلى المناطق الخالية من النزاع. وأثنى في السياق، على كل جهود الوساطة واعتبرها خطوة أخرى إضافية على الطريق السليم، مشددا على أن “التدخلات الخارجية تأجج الأزمة وتحول دون التقدم نحو السلام ولابد أن تدان علنا وبشدة”.
وفي اعتقاد بن جامع فإنه “المجتمع الدولي ملزم بأن يعمل بصوت واحد وذلك لإنهاء معاناة السودانيين، التي نعجز عن وصفها وتمكين هذا الشعب من العيش في سلام وأمان”. وأضاف مخاطبا أعضاء مجلس الأمن: “لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي، بينما نرى أمة كاملة على شفير الانهيار، حان وقت العمل، التأخير ولو للحظة تكلفته أرواح ثمينة، فلنوحد صفوفنا بعزم لا يتوانى لنأتي لشعب السودان بالأمل والسلام والاستقرار الدائم”.
والمعروف أن وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة، هو من يشرف على المناقشات مع طرفي الصراع، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بشأن إيصال المساعدات الإنسانية في السودان. وكان لعمامرة قد أجرى مباحثات بشكل منفصل في جنيف مع وفدين من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لإيصال المساعدات الإنسانية، بين 11 ـ 19 يوليو/ تموز الماضي، والتي أعرب في ختامها عن “التفاؤل إزاء استعداد الجانبين للانخراط معه بشأن عدد من المسائل المهمة، والتعهدات التي قطعاها حول مطالب محددة قدمها إليهما في المناقشات”.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، كانت الجزائر قد استقبلت الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي في السودان. وذكر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في تلك المناسبة وقوف بلاده إلى جانب السودان لتجاوز الظروف الصعبة ومواجهة قوى الشر التي تستهدفه. وأكد أن الجزائر كانت ولا تزال تفضل حل النزاعات برؤية داخلية بحتة، بعيدا عن كل أشكال التدخل الأجنبي، مؤكدا أن “الكلمة الاولى والأخيرة تعود دوما الى الشعب السوداني بكل مكوناته”. وتزامنت تلك الزيارة مع إبداء سياسيين في البلدين توجسا علنيا من الدور الإماراتي في المنطقة، فمجلس السيادة السوداني كان قد اتهم الإمارات بتمويل قوات الدعم السريع الطرف الآخر في الحرب الدائرة حاليا، بينما تحدث سياسيون في الجزائر عن تصرفات عدائية تقوم بها الإمارات في المنطقة.
الجزائر ـ “القدس العربي”:
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية السوداني في إيران .. العودة إلى مربع التقارب القديم
بدأ وزير الخارجية السوداني علي يوسف، الأحد، زيارة رسمية لإيران، بعد أيام قليلة من زيارته روسيا، والاتفاق على منحها قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر، فيما تذهب قراءات عدد من المحللين السياسيين والعسكريين إلى أن هذه التحركات تثير مخاوف أميركا ودول غربية وعربية، من سعي إيران المتزايد إلى إيجاد موطئ قدم في البحر الأحمر، وتعزيز نفوذها العسكري في المنطقة بعد أن فقدت أذرعها القوية في سوريا ولبنان إثر تداعيات الحرب في غزة.
التغيير ــ وكالات
وقال سفير السودان لدى إيران، عبد العزيز حسن صالح، لوكالة أنباء السودان الرسمية (سونا)، إن وزير الخارجية سيلتقي، خلال الزيارة، نظيره عباس عراقجي وعدداً من المسؤولين في الحكومة الإيرانية، «لإطلاعهم على التطورات في السودان، وتعزيز العلاقات بين البلدين وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية».
واتفق السودان وإيران في أكتوبر الماضي على استئناف العلاقات الدبلوماسية بعد 8 سنوات من القطيعة، وقد سعى إلى ذلك الجيش السوداني لكسب حلفاء في حربه مع «قوات الدعم السريع».
وفي وقت سابق، اتهمت دول غربية إيران بدعم الجيش السوداني عسكرياً بأسلحة نوعية أسهمت في تحقيق أول انتصار عسكري في الحرب، باستعادة مدينة أم درمان، ثانية كبرى مدن العاصمة السودانية الخرطوم.
تقارب مع إيرانوأثار هذا التقارب كثيراً من التساؤلات بشأن توجهات الجيش السوداني إلى استئناف العلاقات مع إيران بهذه العجالة، مما قد يُحول الصراع في السودان إلى مسرح لصراع إقليمي ودولي يقف ضد أي نفوذ روسي وإيراني، يزيد من تعقيدات الأزمة في السودان ومنطقة الشرق الأوسط.
كان السودان قد رفض في مارس 2024 طلباً بإنشاء قاعدة بحرية لطهران على ساحل البحر الأحمر، على الرغم من تزويدها الجيش السوداني بطائرات مسيّرة متفجرة لاستخدامها في قتاله ضد «الدعم السريع».
وفي حين لم يصدر أي تعليق رسمي من الإدارة الأميركية الجديدة بخصوص إعلان السودان التوصل إلى «اتفاق كامل» مع روسيا بشأن القاعدة البحرية في البحر الأحمر، لكن الدبلوماسي الأميركي السابق، كاميرون هدسون، توقع في مقابلة مع «الشرق الأوسط» نُشرت السبت، أن تكون ردة الرئيس دونالد ترمب قوية إن تأكدت صحة هذا الاتفاق.
وذكر أن أميركا «بقدر اهتمامها بالسودان فهي أيضاً تهتم بدرجة أكبر بأمن البحر الأحمر، وأن تظل روسيا وإيران بعيدتين عن المنطقة، وحماية حركة الملاحة فيها».
تحركات سلطات بورتسودانوأوضح مصدر عليم أن تحركات السلطة في بورتسودان «رسالة إلى الغرب ودول في المنطقة، بأنها قادرة على التحرك في كل المحاور بما يحقق مصالحها».
وفسّر المصدر، الذي طلب حجب اسمه، زيارة وزير الخارجية السوداني علي يوسف، طهران بعد أيام قليلة من زيارته موسكو، والاتفاق على منحها قاعدة عسكرية في بورتسودان، «بأن هذا نهج موروث من الإسلاميين منذ عهد الرئيس السابق عمر البشير، الذي كان عندما تسوء علاقاته مع الغرب، يلجأ إلى محور روسيا وإيران لدعمه».
وقال لــ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة قد تحمل أيضاً مطالب سودانية بمواصلة الدعم العسكري، باعتبار أن الحرب في البلاد لم تنتهِ بعد لصالح الجيش السوداني، وربما تطول لمدى زمني غير محدد».
ورأى بشأن إمكانية منح إيران منفذاً بحرياً على ساحل البحر الأحمر، أن «قائد الجيش السوداني، الجنرال عبد الفتاح البرهان، يعلم أنه يقود مرحلة أشبه بالفترة الانتقالية في البلاد، لا يملك فيها حق التقرير في غياب حكومة تنفيذية فاعلة وبرلمان يمثل الشعب السوداني، لكن هذا قد لا يحد من اتخاذه أي قرار بحجة أن البلاد في حالة حرب».
وعدَّ هذه التحركات «من قبيل المناورة والضغط على الغرب في آن واحد، وذلك لإصراره طيلة عامين من الحرب، على وضع الجيش السوداني و(قوات الدعم السريع) في كفة واحدة، وعدم الاعتراف بشرعيته في تمثيل السودان».
لكنَّ المصدر نبَّه إلى «أن توجه السلطة القائمة في بورتسودان بقيادة الجيش إلى المحور الإيراني، قد يُخرجها تماماً من الاتفاقيات الإبراهيمية التي تسعى إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى المواصلة في توسيعها في المنطقة العربية خلال فترة ولايته الحالية».
موسكو وطهرانبدوره رأى المستشار في «الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية»، اللواء معتصم عبد القادر، في الزيارتين إلى موسكو وطهران، تحولاً استراتيجياً للجيش السوداني من المعسكر الغربي، الذي لطالما بذل كل جهده لعدم قطع الصلة به.
وقال لــ«الشرق الأوسط» إن هذا الموقف «جاء نتيجة لما تراه الحكومة السودانية من تبني أميركا وبريطانيا ودول غربية أخرى مواقف عدائية ضدها، لذلك كان عليها الاتجاه إلى محور روسيا وإيران، وإلى حدٍّ ما قطر».
ومن المعروف أن إيران باعت للجيش السوداني طائرات مُسيرة من طراز «مهاجر»، وهو ما خلق التوازن العسكري على الأرض مع « قوات الدعم السريع».
وقال عبد القادر: «ربما يوجد تفاهم مسبق بين السودان ومصر وإلى حد ما إريتريا، على وجود القاعدة الروسية اللوجيستية، لكنَّ دولاً مؤثرة في المنطقة تعارض بشدة أي وجود روسي في المياه الدافئة».
وعدَّ هذا التوجه أنه ثمن ابتعاد الغرب وعدائه للسودان، وهو ما دفع القيادة السودانية إلى اللجوء إلى هذه المحاور المناوئة للسياسات الغربية في المنطقة. وأكد أن أي وجود إيراني في البحر الأحمر، مع ارتباطاته بحلفائه الحوثيين في اليمن، وبقية جيوبه في سوريا، «يشكل مصدر خطورة كبيرة على المصالح الغربية في المنطقة».
وقال المحلل السياسي، الجميل الفاضل، «إن قادة الجيش السوداني يئسوا من كسب مواقف الغرب لصالحهم، ويرغبون جدياً في التوجه إلى روسيا وإيران لممارسة أكبر ضغط على أميركا ودول أوروبا لفتح قنوات رسمية معها، أو المضي في هذه التحالفات إلى النهاية».
وتوقع «المضي في التقارب أكثر مع هذه المحاور، خصوصاً أنهم يحتاجون إلى السلاح والتكنولوجيا العسكرية لحسم الحرب مع (الدعم السريع)، ولن يتوفر لهم هذا الدعم إلا من روسيا وإيران».
العقوبات الأمريكيةوأشار إلى «أن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بعد العقوبات الأميركية الأخيرة عليه، وجد نفسه مجبراً على التقارب أكثر مع روسيا وإيران، مدفوعاً من حلفائه الإسلاميين الذين تربطهم علاقات وثيقة وقديمة مع إيران».
لكنَّ المحلل السياسي، الجميل الفاضل، رأى في تقارب سلطة الجيش في بورتسودان مع روسيا وإيران، «ما يمكن أن يعده بعض الدول الغربية تحدياً لها، مما قد يدفعها لتوفير أشكال الدعم المباشر أو غير المباشر لـ(قوات الدعم السريع) وحلفائها الذين ينوون تشكيل حكومة موازية خلال الأيام المقبلة، في مواجهة ما كان يطلق عليه سابقاً (محور الشر) الذي تمثله إيران».
وحسب السفير السوداني، من المقرر أن يبحث الجانبان الموضوعات ذات الاهتمام المشترك ثنائياً وعالمياً، وسيوقِّع الوزيران على مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة للتشاور السياسي بين البلدين والتنسيق والتفاهم في مختلف الموضوعات عبر آليات العمل الدبلوماسي والسياسي.
نقلاً عن الجزيرة نت
الوسومأمريكا إيران تقارب روسيا