بيروت- في انتظار رد حزب الله على عملية اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، التي وقعت في الضاحية الجنوبية لبيروت نهاية يوليو/تموز الماضي، شهدت الحدود الجنوبية اللبنانية تصعيدا عسكريا ملحوظا مع الجانب الإسرائيلي، على نحو يعكس سخونة الوضع الميداني واحتمال توسع رقعة الحرب.

وفي إطار هذا التصعيد، شنّت طائرة إسرائيلية غارة على منزل مكون من طابقين في حي حارة النادي ببلدة ميفدون ظهر أمس الثلاثاء، وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الغارة أسفرت عن استشهاد 5 أشخاص، تبيّن لاحقا أنهم من عناصر حزب الله، إذ يعتبر هذا هو الاستهداف الأول في البلدة التي تبعد نحو 30 كيلومترا عن الحدود.

من جهته، أعلن حزب الله أنه، في إطار رده على الاعتداءات الإسرائيلية التي شملت القرى الجنوبية ومنازلها، استهدف مبنى يستخدمه جنود الاحتلال في مستعمرة "أفيفيم"، وتجمعا للجنود قرب موقع "بركة ريشا" بصواريخ "بركان".

كما شن هجوما جويا بسرب من المسيّرات الانقضاضية على مقري قيادة لواء "غولاني" ووحدة "إيغوز" في ثكنة "شراغا" شمال عكا وحقق إصابات مؤكدة فيهما.

وفي خطابه الذي ألقاه الثلاثاء في حفل تأبين القائد فؤاد شكر، أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن "الرد الحاسم قادم"، موضحا أن التأخر جزء من إستراتيجية الضغط النفسي على إسرائيل، لكنه أشار إلى أن طبيعة الرد ربما لا تؤدي بالضرورة إلى إشعال حرب واسعة في لبنان والمنطقة.

رد أشد إيلاما

من ناحيته، يقول المحلل السياسي الدكتور علي مطر، للجزيرة نت، إن الردود الأخيرة تأتي في سياقات متعددة وتصاعدية، لكنها لا تعتبر الرد النهائي على اغتيال شكر، وأوضح أن هذه التصورات توحي بأن الرد المتوقع سيكون أوسع وأشد إيلاما، مع تأكيد أهمية الحفاظ على التعقل، وتجنب منح الإسرائيليين الفرصة للانزلاق إلى حرب شاملة.

واعتبر مطر أن ضربات حزب الله تهدف إلى إعادة تشكيل صورة الردع والتأكيد على معادلات القوة، مما يمنع وقوع الحرب التي يسعى إليها نتنياهو، وفي حال أصر الإسرائيليون على اتخاذ خطوات متهورة، فإن المقاومة ستكون مستعدة للقتال من دون ضوابط.

وفي ما يتعلق بخطاب نصر الله، قال مطر "يمكن اعتباره محددا لمعالم المستقبل"، فقد تناول ظروف الحرب الحالية، ومسارها، والتحولات المحتملة على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما أكد ضرورة فهم هذه الظروف والتغيرات.

وبرأيه، فقد ابتعد الخطاب عن الحديث عن الحرب الشاملة وانتقل إلى طرح خيارات ضمن ردود مقبولة، ووضع الإسرائيلي أمام خيارين: إما قبول الوضع الراهن مع احتمال حدوث ردود متبادلة دون تصعيد إلى حرب شاملة، أو التصرف بتهور مما قد يؤدي إلى رد فعل يردعهم.

ورأى مطر أن تشديد نصر الله على ضرورة الرد يجعل من الواضح أنه مسألة محسومة، لكنه من حيث طبيعته سيكون مبنيًا على التعقل والحكمة، مع الحرص على سلامة الناس وحمايتهم، مما يطمئن البيئة والشعب بأن الرد لن يؤدي إلى حرب شاملة، لكنه يخلق، في الوقت نفسه، حالة من التخوف والضغط النفسي لدى الإسرائيليين.

آثار أحد الاستهدافات في شمال إسرائيل (الجزيرة) رسائل واضحة

من جهته، وصف العميد الركن الدكتور هشام جابر مشهد التصعيد بين حزب الله وإسرائيل أمس الثلاثاء بأنه لم يخرج عن المألوف. ومع ذلك، أكد أن الأهداف التي ضربها حزب الله في "نهاريا" كانت ذات قوة كبيرة، وتحمل رسائل واضحة بأن الحزب قد يبدأ باستهداف الشاطئ الإسرائيلي.

وأوضح جابر، في تحليله للمشهد العسكري، أن نوعية هذه الهجمات تختلف عن الأهداف في السابق، ورغم ذلك، فلم تستخدم الصواريخ الدقيقة حتى الآن، مشيرا إلى أن استهداف حيفا وتل أبيب بصواريخ دقيقة قد يتسبب في كارثة لإسرائيل.

وأكد العميد الركن -للجزيرة نت- أن الهجمات الأخيرة والمتصاعدة بين حزب الله وإسرائيل، وخاصة بعد قيام إسرائيل بضرب أهداف في ميفدون بالنبطية، وتدمير منزل وقتل عناصر من حزب الله، تثير تساؤلا محوريا "هل هذه بداية مرحلة جديدة أم أنها ستظل تحت سقف الحرب الحالية؟".

وأشار جابر إلى أن إسرائيل ترغب في حرب واسعة، سواء كان ذلك من خلال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وغيرهم من المسؤولين، لكن تبقى قدرة الولايات المتحدة على ممارسة الضغط على نتنياهو لمنعه من اتخاذ خطوات متهورة مسألة مهمة.

واعتبر جابر أن حزب الله لا يسعى للوصول إلى حرب شاملة، وأن الضربات المتوقعة في اليومين المقبلين ستظل دقيقة وموجعة، ردا على اغتيال القيادي فؤاد شكر، لكنها لن تكون مبررا لفتح حرب واسعة.

كما رأى العميد الركن أن الوضع الحالي تسوده حالة من عدم اليقين والتوتر بين الناس والأمم المتحدة و"اليونيفيل" والسفارات الأجنبية، معتبرا أن خطط السفارات لإجلاء رعاياها أمر إيجابي، ولكن لم يُلاحظ بعد بدء تنفيذ هذه الخطط، إذ يعد نصح السفارات لرعاياها بمغادرة لبنان وإسرائيل في ظل حالة التوتر الحالية أمرا طبيعيا.

وأكد جابر أن ضربة حزب الله ستحدث حتما، لكن السؤال الرئيسي هو كيفية الرد عليها، فليس رد الحزب هو ما سيشعل حربا واسعة، بل الرد الإسرائيلي عليه، الذي إن تجاوز الحدود المعقولة قد يكون السبب في فتح باب الحرب.

تبادل ضربات

من جهته، أكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية علي حيدر، للجزيرة نت، أن التقديرات العامة لا تشير إلى احتمال نشوب حرب شاملة مع حزب الله أو في المنطقة بشكل عام، لأن هذا السيناريو يتجاوز قدرات إسرائيل على التحمل، والقرار بشأنه يتخذ في واشنطن وليس في تل أبيب، التي ستكون معنية بالانخراط المباشر في الدفاع عن إسرائيل.

وأوضح حيدر أنه من الصعب ألا ترد إسرائيل على أي رد فعل من قبل حزب الله، بناء على ذلك، فإن طبيعة وحجم وساحة وأهداف الرد الإسرائيلي ستحدد بدورها طبيعة الرد المضاد من حزب الله، وفي هذا السياق، يتوقع أن نشهد تبادلا "لضربات قاسية" ولكن مركزة، مع محاولة الجانبين تجنب استهداف المدنيين.

ولفت حيدر إلى أن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله حدد بعض الملامح العامة للرد، لكنه أبقى عديدا من التفاصيل غامضة لتكون جزءا من تكتيك المواجهة والمفاجأة للعدو، ومن الممكن تقدير أن حزب الله يسعى لرد "قوي وفاعل ومؤثر".

وأشار حيدر إلى أن كلمة نصر الله الأخيرة، أمس الثلاثاء، حملت رسالة إلى العدو بشأن قدرة حزب الله على تدمير عديد من المنشآت المهمة في المناطق الشمالية خلال ساعة أو نصف ساعة، وهو ما يشير إلى طبيعة الضربات القاسية التي قد يتعرض لها الجانب الإسرائيلي إذا تجاوزت اعتداءاته حدودا معينة.

وأكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية "أننا نشهد حاليا مسارا تصاعديا على جبهة جنوب لبنان، ليس كرد فعل على اغتيال السيد شكر، بل كجزء من تصاعد المواجهة بشكل عام"، والتي تتأثر بعدد من العوامل، أهمها طبيعة وحجم الاعتداءات في الساحة اللبنانية والتطورات المتعلقة بقطاع غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات إلى حرب شاملة نصر الله حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎

وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “صهيوني” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى صهاينة في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على الكيان استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية في كيان الاحتلال” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – صهيونية وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء الكيان الصهيوني.

 

مقالات مشابهة

  • ‏الجيش الإسرائيلي: اعترضنا مؤخرًا طائرة استطلاع أطلقها حزب الله نحو إسرائيل
  • كلمة القائد العسكري فضل الله الحجي في مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • القائد العسكري عصمت العبسي: لقد سقط صاحب صيدنايا صاحب المكابس التي قتل فيها أحبائنا ولم يكن هذا النصر لولا اعتصامنا ووقوفنا خلف القائد أحمد الشرع في لحظة إعلان المعركة.
  • مغردون: أين الرد اللبناني على قصف إسرائيل للنبطية؟
  • الرد على دعوى الخطأ في توقيت صلاة الفجر في الديار المصرية
  • ‏قائد المنطقة الشمالية في إسرائيل: حزب الله هُزم وإذا حاول الرد فسنقضي عليه وعلى قيادته
  • بعد صورته بالزي العسكري.. والد الطفل المرتجف يكشف حقيقة انضمامه لكتائب القسام
  • حزب الله: إسرائيل أسرت 7 مقاتلين خلال الحرب
  • مقرب من حزب الله: 7 مقاتلين أسرى لدى إسرائيل