رحيلٌ على درب الآسرين وميلادٌ جديد
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
محمد النهاري
تلقت الأمة الإسلامية صباح الأربعاء المنصرم صدمة باستشهاد رئيس حركة المقاومة الإسلامية إسماعيل هنية بعد عمر عريض قضاه في النضال والتضحية شهد له العالم أجمع، انشغلت وغيري قبل حين في تدبر حال هذا الرجل الجليل عند تلقيه نبأ وفاة عدد من أفراد أسرته و ردة فعله الصابرة المحتسبة المتيقنة بأن هذا الدنيا دار عبور وافتتان وتدافع والإقبال على الحق والتمسك به أولى والشهادة خير والآخرة أبقى وأعز وقد قال تعالى "مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ" وقال صلى الله عليه وسلم: "من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه".
كان أبو العبد شعلة وضاءة في سماء الأمة الإسلامية صادعا بالحق في كل محفل ونازلة تلم بها دافع بالتي هي أحسن في سبيل وحدتها والصف الفلسطيني رغم ما نعلمه من أمور أصبحت جلية للعيان، ويشهد له التاريخ شعاره" لن نعترف، لن نعترف، لن نعترف بالكيان الصهيوني"، بعد فوزه في الانتخابات التشريعية الفلسلطينية النزيهة في عام 2006، ما أدى إلى وأد إرادة الناس لم يبع ليبقى يقاد كالنعاج إلى المذابح وتحمل ضغوطات كثيرة في سبيل الله وأمته، سيبقى طويلا بأثره وسيرحل الآخرون الذين أخلدوا إلى الأرض لن يذكرهم أحد ألا بسوءتهم، إن قتل القدوات الآسرة في الأمم المضطهدة ميلادٌ لها وقد خاب الكيان المأزوم باغتيال مؤسس الحركة الشهيد أحمد ياسين وعدد من قيادييها فلينظر ما جنى على نفسه من حيث لا يدرك! كانت المقاومة لا تملك الصواريخ ولا الطائرات المسيرة ولا تصنيع فأين صارت اليوم؟!
والباصر في التاريخ يشهد بأن قتل الأبطال هو دفعٌ للحواضن الشعبية في التأسي بهم والإيمان بسلامة طريقهم ومنهاجهم فقد مارس الجيش الفرنسي إبان احتلاله الجزائر ممارسة شبيهة في قتل رموز النضال قتلا لمعنويات الثوار فكان ما كان وازداد الجزائريون بدمائهم صمودا وإقبالا على جلاء المحتل وكذلك الاحتلال الإيطالي لليبيا سار على درب القتل والتنكيل بالرموز والفتك بهم وما وهنوا له ولا ستكانوا وقد سئل أسد الصحراء عمر المختار عن مآل حركته الذي بدأ عليها الأفول فقال بعزة الواثق بالله "يا ابني، إننا نقترب بالفعل من نهاية أجلنا.. إننا نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا حتى نطرد الغزاة أو نموت نحن وليس لنا أن نختار غير ذلك"³ ثم نعلم ما صارت إليه الأمور ، وفي العقود الأخيرة رأينا ما حصل في أفغانستان من اغتيالات لكبار قادة المقاومة فإلى ماذا آلت الأمور ذهبوا ولم يذهب ريحهم وخرجوا هم منها أذلة!
وقد لطف فؤادي قول الإمام الشافعي- رحمه الله- عندما سئل "أيما أفضل للرجل أن يُمكَّن أو يبتلى؟ فقال: لا يُمكَّن حتى يُبتلى والله تعالى ابتلى أولي العزم من الرسل فلما صبروا مكَّنهم"، فلا تهنوا ولا تحزنوا يأهل غزة أنتم الأعلون.
وخير قصاص قصاص القرآن وما حدث مع بني إسرائيل عندما ابتلوا بجالوت وجنوده "قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ"؛ فالابتلاءات والخسارات العظمى في القادة والأنفس والعمران كل ذلك رصيدٌ وذخيرة وثروة في روح الأمم الحرة المؤمنة بحقها في الحياة.
طوبى لغزة وأهلها وقادتها ودام لواءهم وهجا لأمة الإسلام تقتبس الحرية والصمود والانعتاق من أباطيل الطغيان والاستبداد إلى رحاب الحق الظاهر الأبلج، وسلامٌ على أكناف بيت المقدس وأهله وختام الجهاد الحق منهم، فدمتم على الحق ظاهرين لعدوكم قاهرين.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سلاح حزب الله: الحاجة والضرورة لردع العدو الصهيوني
الثورة نت/..
في ظل التصعيد العسكري الصهيوني المستمر على جنوب لبنان، تتجلى الأهمية القصوى والضرورة الفعلية لسلاح حزب الله؛ باعتباره خيار تقتضيه مقاومة المحتل وردع محاولاته العدوانية المستمرة؛ وهو ما تؤكده قيادات الحزب مجددة موقفها المتمسك بالسلاح كرديف لفعل المقاومة وكضمانة وحيدة لردع العدو الصهيوني.
في رسالة أرادها حزب الله أن تكون شديدة الوضوح بوجه الطروحات الداخلية والخارجية بشأن نزع سلاح المقاومة، وضع الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم حدًا لأي نقاش، وأعلن بشكل واضح أن الحزب لن يسلم سلاحه تحت أي ظرف.
وقال قاسم في خطابه الأخير إن الحديث المتجدد عن سلاح المقاومة ما هو إلا جزء من الضغوط الأمريكية على الحكومة اللبنانية الجديدة، والتي تربط استمرار الدعم الدولي بملف السلاح، لافتا إلى أن المقاومة لا تخشى هذه الضغوط، وأن تهديدات الولايات المتحدة و”إسرائيل” لا تُرهب الحزب ولا بيئته الحاضنة، وأن سلاح المقاومة سيبقى ما دامت الأرض محتلة والاعتداءات مستمرة.
وأكد أن كل ما يقال عن نزع سلاح الحزب يصب في خدمة المشروع الصهيوني، ويستهدف إضعاف لبنان وفتح الطريق أمام الاحتلال لإعادة التمدد داخل أراضيه.
وأشار قاسم إلى أن المقاومة نجحت خلال السنوات الماضية في فرض معادلة ردع مع “إسرائيل”، ومنعت الأخيرة من تحقيق أهدافها العدوانية ضد لبنان.
كلام الشيخ قاسم تلقفه نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب محمود قماطي بموقف مؤيد، معلنا في تصريح صحفي تمسّك الحزب بسلاحه، مشدّدًا إلى أن “اليد التي ستمتد إليه ستُقطع”، في استعادة لما كان قد قاله الشهيد السيد حسن نصر الله في أحد الأيام.
وفي رد مباشر على هذه الطروحات اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن “المقاومة ضمانة بلد وسيادة وأي خطأ بموضوع المقاومة وسلاحها ووضعيتها يفجّر لبنان، ولبنان بلا مقاومة بلد بلا سيادة ودولة عاجزة لا تستطيع فعل شيء بوجه “إسرائيل”، والخيار الديبلوماسي مقبرة وطن، وما يجري جنوب النهر يكشف العجز الفاضح للدولة”.
وبلهجه أكثر حزما، أكد مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، أن سلاح الحزب “لن يُنزع” ولن يستطيع أحد على فعل ذلك.
وحول ما أثير مؤخّرا من حملات إعلامية وسياسية حول سلاح المقاومة أشار صفا إلى أن ذلك ليس معزولًا عن سياق “الحرب النفسية” التي تستهدف بيئة المقاومة ومصداقيتها، معتبرًا أنّ هذه العبارة يتمّ الترويج لها من قبل المحرّضين على منصّات التواصل الاجتماعي.. إذْ لو كان مَن يطالب بنزع سلاحنا بالقوّة قادرًا لفعل”.
وبينما شدد أن الاستراتيجية الدفاعية هي لحماية لبنان وليست لتسليم السلاح ، لفت إلى أن أيّ حوار على هذه الاستراتيجية لا يمكن أن يتمّ قبل انسحاب العدو الصهيوني من كامل الأراضي اللبنانية، وتحرير الأسرى ووقف الاعتداءات الصهيونية على السيادة اللبنانية.
وبشأن موقف الحزب تجاه مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل، أن “الحوار الوطني في لبنان لا يمكن أن يتم إلا مع القوى التي تؤمن بأن الاحتلال الإسرائيلي عدو، وتضع سيادة لبنان فوق أي اعتبار خارجي، سواء كان أمريكيًا أو إسرائيليًا”.
وقال فضل الله، في تصريح صحفي، إن “الحوار لا يكون إلا مع الذين يؤمنون بأن سيادة لبنان مقدّمة على أي شروط خارجية، وأن الاحتلال عدوّ لا يمكن التهاون معه”.
وشدد على أن “قيادة المقاومة لا تفرّط بنقطة دم من دماء الشهداء ولا بأي عنصر من عناصر القوة التي تمتلكها المقاومة”.
وأضاف: “نحن لا ندعو إلى حوار مع الذين يضلّلون الرأي العام، ويثيرون الانقسامات، ويهاجمون المقاومة، بل نتحاور مع الذين يشاركوننا هذه المبادئ للوصول إلى استراتيجية دفاعية تحمي لبنان وتحفظ سيادته”.