كما بات واضحاً اليوم، أصبحت الحرب احتمالاً وشكياً في منطقة الشرق الأوسط على خلفية عملية طوفان الأقصى، أولاً، ثم على خلفية التداعيات التي نجمت عن هذه العملية، وما جلبه الرد العسكري الإسرائيلي عليها من موت وخراب هائلين في غزة بلغ حدود 40 ألف قتيل، وصولاً إلى عمليتي اغتيال القائد العسكري الأكبر لحزب الله فؤاد شكر، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران اسماعيل هنية الاسبوع الماضي.
الأرجح أن إيران اليوم بعد مقتل اسماعيل هنية في قلب طهران، أصبحت أمام وضع حرج جداً واختبار عسير ربما لم تتعرض له مصداقيتها من قبل مطلقاً.
الأخطر من ذلك، أن هذا الحرج لن يسمح لإيران بأي امكانية لرد كالذي قامت به من قبل حين أطلقت مسيرات وصواريخ بالستية نحو إسرائيل وفق منهج محسوب بعناية، رداً على مقتل قادة من الحرس الثوري في دمشق، حيث كان واضحاً من طبيعة ذلك الرد ومن التفاهمات الدبلوماسية التي تمت حوله وراء الكواليس إنه هدف إلى حفظ ما الوجه بما لا يحرج الطرفين.
كنا قد ذكرنا أكثر من مرة، أن الوقائع والتداعيات التي أحدثتها عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، هي وقائع من طبيعة زلزالية، أي في كونها عملية ستربك إسرائيل وتحدث فيها ردود فعل هيسترية قد تكشف عن حقائق غير مسبوقة لردود فعلها تلك أمام العالم، وهذا ما حدث بالضبط؛ إذ رأينا كيف كانت تداعيات ردود الفعل الدولية – وحتى الأمريكية - على القتل والدمار والخراب الذي أحدثه نتنياهو في غزة، ناهيك عن الاتهامات غير المسبوقة التي وجهتها محكمة الجنايات الدولية بحق كل من نتنياهو ووزير دفاعه غالانت على خلفية ردود الفعل الدموية في غزة. وما لحق بعد ذلك بالسمعة الأخلاقية لإسرائيل في العالم.
كان واضحاً أن التأثيرات الزلزالية لعملية طوفان الأقصى ستفضي في كل مرة ومع مضي الوقت وتكرار الفشل العسكري الإسرائيلي في غزة إلى تعقيدات خطيرة ستكون نتائجها منعكسة بالضرورة على مجمل الأوضاع الأمنية والعسكرية في الشرق الأوسط، بحيث يمكننا القول أنه ربما حان الوقت اليوم لانعكاس تأثيرات عملية طوفان الأقصى في منطقة الشرق الأوسط، أو بات وشيكاً.
بالعودة إلى حدود الخيارات الحرجة التي وضعها نتنياهو أمام إيران باغتيال إسماعيل هنية في طهران، يمكن القول؛ أن تلك الحدود فيما أصبحت موضع حرج لإيران فهي كذلك موضع حرج للولايات المتحدة الأمريكية والعالم، فيما نتنياهو، وحده، ولأسباب تتعلق بمصيره الشخصي والسياسي آثر أن يلعب هذه اللعبة الخطرة بوضع المنطقة على شفير حرب إقليمية واسعة.
وكما ذكرنا في مطلع المقال من احتمال إرساء لمعادلات جديدة وتصورات جديدة حول " محور الممانعة" على خلفية ونتائج هذا الرد الإيراني(الواقع لامحالة) فإن أكثر ما ستواجهه إيران في ضرورة هذا الرد يكمن في أنه وضعها أمام مواجهة مباشرة مع استحقاق هويتها التي صنعتها على مدى 44 عاماً، وبما لا محيص عنه من ضرورة حفاظها على تلك الهوية التي أصبحت اليوم على المحك، ليس فقط حيال الخلفية التي ظلت تنسجها إيران عن هويتها الجيوسياسية في المنطقة، بل كذلك في الاحتمالات الخطيرة التي ستتكشف عنها طبيعة هذا الرد (إذا ما أصبح رداً مماثلاً للرد الإيراني على إسرائيل في 13 أبريل) بالنسبة لإسرائيل من ناحية، وبالنسبة لحلفاء إيران في الشرق الأوسط من ناحية ثانية!
الأخطر من ذلك أنه في حالة بلوغ الرد الإيراني العملي مستوى التهديدات التي أطلقها المسؤولون الإيرانيون بعد عملية اغتيال هنية، فسنكون بإزاء حرب اقليمية كبرى طالما رددت إيران كثيراً أنها لا ترغب في خوضها.
من ناحية أخرى، بات واضحاً أن نتنياهو رمى بقفاز الحرب الإقليمية على الطاولة أمام إيران، وحركَّت الولايات المتحدة قطعها البحرية وسفنها الحربية باتجاه الشرق الأوسط للقيام بالتزامات الدفاع عن حليفتها (رغم إدراكها بأن نتنياهو ورطها في هذا الاحتمال الخطير)؛ عليه، سيصعب علينا تصور الوضع الذي أصبحت عليه إيران حيال خيارات حافة الهاوية التي ربما تنذر بصيف ساخن في الشرق الأوسط!
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: عملیة طوفان الأقصى فی الشرق الأوسط على خلفیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
أزمة ثقة.. نتنياهو يقيل وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أفادت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن مساء الثلاثاء أن رئيس الوزراء أقال وزير الدفاع يوآف جالانت.
وذكر البيان أنه تم العرض على إسرائيل كاتس ليحل محله.
وقال نتنياهو في بيانه: "إن واجبي الأسمى كرئيس وزراء لإسرائيل هو حماية أمن إسرائيل وقيادتنا إلى نصر حاسم".
وأضاف البيان "خلال فترة الحرب، أصبحت الثقة الكاملة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع أمرا ضروريا أكثر من أي وقت مضى. ومن المؤسف أنه في حين كانت لدينا هذه الثقة في البداية وأنجزنا الكثير في الأشهر الأولى من الحملة، فقد تآكلت هذه الثقة بيني وبين وزير الدفاع خلال الأشهر الأخيرة".
وأضاف نتنياهو أن "خلافات خطيرة نشأت بيني وبين جالانت فيما يتعلق بإدارة الحملة، وكانت هذه الخلافات مصحوبة بتصريحات وأفعال تناقض قرارات الحكومة والكابينت. لقد بذلت جهودا متكررة لسد هذه الفجوات، لكنها اتسعت فقط. حتى أن هذه القضايا وصلت إلى الجمهور بشكل غير مقبول، والأسوأ من ذلك أنها أصبحت معروفة لأعدائنا، الذين استمتعوا بها ووجدوا فيها فائدة".