في الولايات المتحدة، مثلما هو الحال في العديد من الأنظمة حول العالم، تجرى المحاكمات بموجب قوانين مدنية وعسكرية.

وفي حين أنه من المعروف أن القوانين المدنية تهدف إلى منع السلوك الضار وضمان السلامة العامة، ينصب التركيز في القوانين العسكرية على الانضباط، لمنع عصيان الأوامر والتمرد وغيرها من الجرائم المتعلقة بعمل القوات المسلحة.

والقانون المدني الأميركي مزيج من اللوائح المحلية والولائية والفدرالية ويتم إنفاذه من قبل وكالات إنفاذ القانون المختلفة والمحاكم والقضاة، بينما يعمل القانون العسكري في ظل نظام قانوني متخصص يحافظ على النظام والانضباط داخل القوات المسلحة، ويخضع هذا النظام القانوني الموحد للعدالة العسكرية (UCMJ)، وفق موقع "بي جي أم" للمحاماة.

والمحكمة العسكرية تحاكم أعضاء الخدمة عن جرائم بموجب قانون القضاء العسكري الموحد. والإجراءات عادة ما تكون أكثر انسيابية من المحاكمات المدنية، ويديرها قضاة عسكريون، وأعضاء هيئة محلفين هم أيضا من أفراد الخدمة.

وقد تختلف الإجراءات والحقوق والحماية القانونية بشكل كبير عن تلك الموجودة في المحاكم المدنية. على سبيل المثال، غالبا ما يكون حجم هيئة المحلفين أصغر، ولا يلزم دائما صدور حكم بالإجماع للإدانة.

وقد يؤدي تداخل الاختصاصات القضائية المدنية والعسكرية إلى إثارة تساؤلات قانونية معقدة.

على سبيل المثال، قد يخضع عضو الخدمة الذي يرتكب جريمة خارج القاعدة للملاحقة المدنية والعسكرية. ويلعب بند السيادة في دستور الولايات المتحدة دورا محوريا في حل هذه النزاعات، إذ يؤكد أولوية القانون الفيدرالي على قوانين الولاية عندما يكون هناك تعارض مباشر بينهما.

ومع ذلك، لا يضمن هذا دائما حلا واضحا. وفي بعض الحالات، قد تسعى كلتا السلطتين القضائيتين إلى توجيه الاتهامات بشكل مستقل، بينما في حالات أخرى، قد تحيل كل منهما الأخرى على أساس تفاصيل القضية ومصالح العدالة. يضمن هذا التوازن الدقيق أن كلا النظامين يمكن أن يعملا بشكل فعال مع احترام سلطة كل منهما.

وفي النظام المدني، يتمتع المتهم بالحق في الاستعانة بمحام، والمحاكمة السريعة، والحماية من تجريم الذات، والمحاكمة بواسطة هيئة محلفين، من بين أمور أخرى.

ويوفر النظام العسكري هذه الحقوق، لكنه يكيفها مع السياق العسكري. وعلى سبيل المثال، يجب موازنة الحق في المحاكمة السريعة مع متطلبات الخدمة العسكرية.

ويمكن أن تختلف أنواع العقوبات المتاحة في نظام العدالة العسكرية بشكل كبير عن تلك الموجودة في القانون المدني. وفي حين يتضمن كلا النظامين عقوبات مشتركة مثل الغرامات والسجن والمراقبة، فإن الجيش لديه أشكال إضافية من العقوبة.

وفي النظام المدني، يمكن للمتهمين الاستئناف أمام محاكم أعلى، تصل في النهاية إلى المحكمة العليا للولاية أو المحكمة العليا للولايات المتحدة.

ويتمتع نظام العدالة العسكرية بهيكل استئنافي خاص به، بما في ذلك محاكم الاستئناف الجنائية الخاصة بالخدمة، وأعلى محكمة عسكرية، وهي محكمة الاستئناف للقوات المسلحة. وتراجع محاكم الاستئناف العسكرية هذه القضايا للتأكد من التزامها بالقانون.

ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، دارت تساؤلات عدة بشأن محاكمة مرتكبي ومخططي هذه الهجمات، وغيرها من جرائم الإرهاب أمام القضاء العسكري، وصدرت منذ ذلك الحين قوانين وأنظمة سمحت بمحاكمة هؤلاء، لكنها شهدت تحديات.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الثلاثاء، أن عائلات الضحايا ومواطني الولايات المتحدة يستحقون رؤية، خالد شيخ محمد، "العقل المدبر" لاعتداءات 11 سبتمبر 2001، يحاكم مع متهمين آخرين أمام القضاء العسكري، وذلك بعدما ألغى البنتاغون اتفاقا يجنبهم المحاكمة.

وإثر انتقادات حادة لهذا الاتفاق الذي كان سيجنبهم عقوبة الإعدام، أعلن أوستن إلغاء هذا الاتفاق. وهذه الخطوة التي اتخذها وزير الدفاع تعني أن المتهمين الثلاثة يواجهون محاكمة في نهاية المطاف تفضي إلى عقوبة الإعدام.

وكانت إدارة الرئيس الأسبق، جورج دبليو بوش، قد أقرت قانونا بعد هجمات سبتمبر الدامية يجيز استخدام اللجان العسكرية لمحاكمة المتورطين بارتكاب جرائم حرب.

وفي الواقع، يعود استخدام اللجان العسكرية لمقاضاة مجرمي الحرب إلى الحرب الأهلية، واستخدمت أيضا أثناء الحرب العالمية الثانية.

وبعد قانون بوش، شهدت الساحة القضائية الأميركية جدلا بشأن إمكانية مقاضاة مرتكبي هجمات سبتمبر أمام المحاكم العسكرية.

وأبطلت المحكمة العليا اللجان العسكرية التي شكلت لمحاكمة معتقلي غوانتانامو، في القضية المعروفة باسم "حمدان ضد رامسفيلد"، إذ رات المحكمة أن اللجان العسكرية التي شكلتها إدارة بوش لمحاكمة المعتقلين في غوانتانامو انتهكت القانون الموحد للقضاء العسكري واتفاقيات جنيف التي صدقت عليها الولايات المتحدة

وصحح الكونغرس المسار بقانون اللجان العسكرية لعام 2006، الذي تم تعديله في عام 2009، في عهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما، وشمل إصلاحات.

واللجان العسكرية، بموجب القانون، يعينها وزير الدفاع الأميركي، وهي تجيز مقاضاة الأشخاص بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وبموجبه، يخضع أي عدو أجنبي غير متمتع بامتيازات للمحاكمة أمام لجنة عسكرية، ويشمل ذلك الأجانب الذين لا ينتمون إلى إحدى الفئات الثماني المدرجة في المادة 4 من اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب، والذين شاركوا في أعمال عدائية ضد الولايات المتحدة أو شركائها في التحالف، أو دعموا عمدا وبشكل مادي الأعمال العدائية ضد الولايات المتحدة أو شركائها في التحالف، وكانوا جزءا من تنظيم القاعدة في وقت ارتكاب الجريمة المزعومة

وتستند القواعد والإجراءات الخاصة باللجان العسكرية إلى القواعد والإجراءات الخاصة بقانون القضاء العسكري الموحد.

وبحلول عام 2011، كانت اللجان قد نظرت في 6 قضايا تنطوي على عقوبة الإعدام، حيث وجهت اتهامات لأشخاص من بينهم المجموعة التي تضم خالد شيخ محمد، وعبد الرحيم النشيري، مخطط هجوم أكتوبر 2000 على المدمرة "كول" الذي أسفر عن مقتل 17 بحارا.

ومنذ توجيه الاتهام لمجموعة خالد شيخ محمد، ظلت محاكمتهم تراواح مكانها.

وهناك حالات سابقة نظرت فيها محاكم عسكرية في التاريخ الأميركي. 

من أقدمها عام 1780 إبان الثورة الأميركية. في ذلك الوقت، أسر جنود أميركيون ضابطا بريطانيا يدعى جون أندريه بتهمة نقل معلومات استخباراتية للعدو.

وعقد الجنرال جورج واشنطن اجتماعا لمجلس الضباط العامين للتحقيق. ووجدت لجنة عسكرية أن أندريه مذنب، استنادا جزئيا إلى اعترافه، وأوصت بعقوبة الإعدام. وتم إعدامه بالفعل بأمر من الجنرال واشنطن في نيويورك، في 2 أكتوبر 1780.

واستخدمت الولايات المتحدة المحاكم العسكرية في أوروبا أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك محاكمات نورمبرغ بألمانيا، حيث حاكم الحلفاء كبار المسؤولين النازيين بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وبعد الحرب العالمية الثانية، في عام 1946، عقد القائد العام لقوات الجيش الأميركي في غرب المحيط الهادئ لجنة عسكرية لمحاكمة الجنرال الياباني، تومويوكي ياماشيتا، بتهمة انتهاك قوانين الحرب.

وأيدت المحكمة العليا استخدام اللجنة حيث قضت بأن الرئيس والقادة العسكريين الآخرين يمتلكون السلطة بموجب قوانين الحرب لمحاكمة المقاتلين الأعداء.

وفي 2013، أصدرت محكمة عسكرية عليا قرارا بالإجماع بإعدام نضال حسن، المتهم بقتل 13 فردا في إطلاق نار عشوائي بقاعدة فورت هود في تكساس عام 2009

وفي فبراير 2014، اعترف أحمد هزاع الدربي بالذنب في تهم مهاجمة مدنيين، وتعريض سفينة للخطر، والإرهاب، في التفجير الانتحاري، عام 2002، لناقلة النفط المدنية M/V LIMBURG.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة اللجان العسکریة القضاء العسکری المحکمة العلیا

إقرأ أيضاً:

الإمارات تحذر مواطنيها في الولايات المتحدة من عاصفة استوائية

أهابت بعثة الإمارات في مدينة هيوستن، بمواطني الدولة الموجودين في الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة توخي الحيطة والحذر بسبب العاصفة الاستوائية «فرانسين» المتوقع تأثيرها على مدينة هيوستن والمدن المجاورة.
وأكدت البعثة ضرورة اتباع تعليمات السلامة الصادرة عن السلطات والتواصل في حالات الطوارئ على الرقم 0097180024 أو 0097180044444
والتسجيل في خدمة تواجدي.

مقالات مشابهة

  • وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة تلتقي أعضاء اللجنة العسكرية
  • ما طبيعة التحالفات المدنية في السودان وما وجهتها؟
  • الإمارات تحذر مواطنيها في الولايات المتحدة من عاصفة استوائية
  • «بوريل» من أمام معبر رفح: ندعم جهود مصر وقطر وأمريكا لوقف الحرب في غزة
  • الدبيبة يبحث مع المدعي العسكري سير عمل الادعاء والمحاكم العسكرية
  • بعد إقراره بالانعقاد الرابع.. تعرف على أهداف تعديلات قانون القضاء العسكري
  • تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” ترحب بما ورد في تقرير بعثة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة
  • مدفيديف: الحرب الأهلية في الولايات المتحدة وشيكة
  • الولايات المتحدة تقود تحركا دوليا للانقلاب علي البرهان والاخوان في السودان
  • مدفيديف: ستبقى العقوبات المفروضة على روسيا حتى اندلاع الحرب الأهلية في الولايات المتحدة