إسبانيا.. غليان شعبي من السياحة المفرطة ومطالبات بقوانين تقلل أعداد الزوار
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
تسطع الشمس بأشعتها الدافئة متلألئة فوق خليج وميناء سان سباستيان الإسباني، غير بعيد عن البلدة القديمة المتميزة بشوارعها المتعرجة، وكنائسها التاريخية وساحتها الواسعة.
ومن المعروف أن المناظر الطبيعية الخلابة، والأطعمة التقليدية الإسبانية من بين الأسباب التي تجذب السياح لزيارة معالم البلاد المتنوعة، وتدفع منظمي الجولات السياحية إلى زيادة أفواج الزوار.
غير أن السكان في سان سبستيان وفي عدد متزايد من المدن الإسبانية، باتوا يشتكون من الزحام الذي تسببه الأفواج السياحية المتدفقة وما تحدثه من ضوضاء، إلى جانب استيائهم من نقص الوحدات السكنية نتيجة "السياحة المفرطة".
كما أثار تحويل الشقق السكنية إلى غرف فندقية لإقامة السياح قدرا من الجدل، حيث أدى ذلك إلى الحد من الوحدات السكنية المتاحة للسكان المحليين، وإلى زيادة الإيجارات.
وكرد فعل يعبر عن استياء السكان من هذه الأوضاع، يجري حاليا لصق منشورات على المنازل بالبلدة القديمة في بامبلونا، تدعو إلى عقد اجتماعات للاحتجاج، ومن بين العبارات المدونة على هذه الملصقات، "يعيش جيران في هذا المكان، وكيف تمنع إقامة السياح في شقق بالمبنى الذي تقيم فيه".
وفي مظاهرة نظمت في غرناطة الشهر الماضي، كان التركيز منصبا على ضاحية البيازين المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وتحت شعار "ضاحيتنا ليست متنزها" نظم مواطنون احتجاجا ضد شراء شركات العقارات للشقق، ودعوا نواب البرلمان إلى العمل على الحد من أعداد الوحدات السكنية المخصصة للسياح.
ومن بين عبارات الاحتجاج التي دونت على الملصقات، "السكان مهددون بالفناء"، و"لا تلتقط صورة لي، فأنا لست موضوعا لبطاقتك البريدية".
وخلال فصل الصيف اندفع عشرات الآلاف من السكان، إلى الشوارع في المدن الإسبانية، من بالما عاصمة جزيرة مايوركا إلى برشلونة ومالقة وحتى جزر الكناري.
وحمل المتظاهرون في جزيرة مايوركا لافتات تقول "رفاهيتكم تعني بؤسنا"، و"لا نريد أن نكون رواد ارتفاع أسعار الوحدات السكنية".
وتضمن الملصق الإعلاني عن احتجاجات سكان الجزيرة، البالغ عددهم نحو مليون نسمة، صورا لشركات الطيران وطائرات خاصة وسفن الرحلات واليخوت الفاخرة، تدور كلها حول الجزيرة مثل سرب من الذباب.
ويبلغ عدد سكان جزر البليار الإسبانية قرابة 1.2 مليون نسمة، وزار هذه الجزر العام الماضي 18 مليونا من راغبي تمضية العطلات، من بينهم 4.6 ملايين زائر من ألمانيا و3.4 ملايين زائر من بريطانيا.
وبرغم أن السياحة تمثل ركنا أساسيا في اقتصاد مايوركا، حيث تسهم بنحو 45% من الناتج الاقتصادي، فإن كثيرا من سكان الجزيرة يشكون من أن الأقلية فقط هي التي تستفيد من عائدات السياحة، بينما يحصل غالبية السكان على وظائف متدنية الأجور، ويعانون من نقص الوحدات السكنية والازدحام المروري والضجيج والتلوث.
ونشرت وسائل الإعلام الإسبانية موضوعات، حول الأوضاع التي تواجه السكان المحليين، وقال أحد السكان لصحيفة إل بايس "أقوم بأعمال الصيانة في فيلا فاخرة لأسرة بريطانية، وأحصل على أجر شهري يتراوح بين 1500 يورو (1630 دولارا) و1800 يورو".
واضطر هذا العامل إلى ترك منزله في فبراير/شباط الماضي، لعدم قدرته على سداد نحو ألف دولار قيمة الإيجار الشهري لغرفة، ومنذ ذلك الحين صار ينام في كارفان خلف متجر لبيع الأثاث السويدي، ويستحم في مكان يقيم فيه صديق له، كما أن جيرانه الذين يعيشون أيضا في كرافانات يحصلون على أجور مماثلة.
من ناحية أخرى، وصلت الاحتجاجات في برشلونة على تدفق السياح، إلى حد قيام المحتجين برش الزبائن في المطاعم التي يرتادها السائحون بمسدسات المياه، والتلويح بلافتات مدون عليها بالإنجليزية عبارة "أيها السياح عودوا إلى بلادكم، لستم مرحبا بكم هنا".
وكرد فعل على هذه الاحتجاجات بدأ المسؤولون، في اتخاذ إجراءات في مجالات مختلفة، على الرغم من أن بعض السكان انتقدوها باعتبارها تنفذ دون حماس، وربما كان السبب في ذلك أن المسؤولين يدركون تماما حجم الأرباح التي تجنى من السياحة.
ومن بين هذه الإجراءات -على سبيل المثال- أن سان سبستيان، وضعت حدا أقصى لحجم الجولات السياحية بالمدينة التي يرافقها مرشد، على أن تقسم الأفواج الكبيرة على عدة مرشدين سياحيين تجنبا للزحام، وهو إجراء من المرجح أن يزيد من أسعار هذه الجولات.
وللحد من الضوضاء يجب على المشاركين في الجولات السياحية برفقة مرشد، استخدام سماعات أذن مع عدم السماح للمرشدين السياحيين باستخدام مكبرات الصوت.
كما اتخذت برشلونة مجموعة من الإجراءات للحد من أعداد السفن السياحية، بعد أن بلغ عدد السياح الذين مروا بالمدينة 3.6 ملايين زائر، دون أن يقيموا في فنادقها حيث أمضى البعض منهم بضع ساعات فقط فيها العام الماضي، ويتبنى عمدة برشلونة خوامي كولبوني فكرة الحد من أعداد سفن الرحلات السياحية، وأيضا إغلاق مرسى أو اثنين لهذه السفن "لو استدعى الأمر ذلك".
ويزعج قصر فترة إقامة بعض السياح كثيرا من المدن والبلدات، بما فيها طليطلة التي يحبها السياح، لجمال البلدة القديمة فيها وأزقتها والآثار التاريخية، ووجود متحف مخصص للرسام إل جريكو.
وتستقبل طليطلة كل يوم 50 حافلة سياحية في المتوسط، ومعظمها يحمل الزوار الذين يتنزهون خلال النهار ولا يبيتون فيها، وفي هذا الصدد يقول عمدة المدينة كارلوس فالزكويز روميو "للأسف نجد أن في كثير من الحالات لا يفيد أولئك الزوار المدينة بشيء"، ويدرس المسؤولون المحليون فرض ضريبة سياحية "للتعويض عن العبء الذي تتحمله المدينة".
وستبين الأيام ما إذا كانت الإجراءات التي اتخذها المسؤولون الإسبان، ستنجح في جلب الهدوء إلى وضع يزداد سخونة وتوترا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الوحدات السکنیة ملایین زائر من أعداد من بین
إقرأ أيضاً:
تشييع نصرالله غدا: أمن رسمي واستفتاء شعبي على قوة حزب الله
فرضت الاستعدادات الأمنية واللوجستية لتشييع الأمينين العامين الراحلين لـ"حزب الله" حسن نصرالله وهاشم صفي الدين غداً الأحد في المدينة الرياضية في بيروت ومحيطها ايقاعا الزامياً على السلطات السياسية والأمنية قبل 48 ساعة من موعد التشييع. واذا كانت التوقعات تشير بطبيعة الحال إلى أن حجم الحشود التي ستشارك في التشييع سيكون ضخماً بحيث يكفي ان يشارك انصار الحزب والثنائي الشيعي وحدهم لضمان ضخامته الشعبية، فان استعدادات القوى الأمنية الرسمية بكل الإجراءات التي تقررت وبوشر تنفيذها تباعاً، شكلت وفق المعطيات المتوافرة خطة أمنية محددة لهذا اليوم بكل تشعباته ان في موقع التشييع ومكان دفن السيد حسن نصرالله وان في كل المنطقة المحيطة بشوارعها وتفرعاتها وخطط تنقل الحشود قبل التشييع والدفن وبعدهما.
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن عدد الوافدين من الخارج من دول عربية وإسلامية وأجنبية كبير جداً يقدر بمئات الآلاف، حيث بلغ الوافدون من العراق والجمهورية الإسلامية في إيران من لبنانيين وإيرانيين وعراقيين، وكذلك الأمر من اليمن أكثر من مئتي ألف ومن المتوقع أن تصل وفود أخرى اليوم السبت وفجر غد الأحد، وتوقعت المصادر أن يكون التشييع عالميّاً ومسيرة مليونية.
وأفيد بأن «وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي سيشارك في التشييع».
وأشارت المصادر إلى أنه رغم الظروف المناخية والأمنية والتهديدات الإسرائيلية لمطار بيروت إلا أن الوفود لا زالت تتقاطر إلى لبنان للمشاركة في التشييع.
وكتبت" اللواء": ينتظر لبنان يوم التشييع الكبير للشهيدين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين يوم غد الاحد، والمرتقب ان يمر على خير نتيجة طبيعة التنظيم والتحضيرات التي قام بها حزب الله والاجهزة الرسمية المختصة في الدولة من جيش وقوى امن، كما ينتظر ترجمة الوعود الاميركية بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي لمناطق جنوبية.
وتواصلت دعوات القوى السياسية والاحزاب والنقابات والهيئات الاهلية للمشاركة الواسعة في تشييع الشهيدين، واعلن عضو كتلة لبنان القوي النائب سيزار أبي خليل أن التيار الوطني الحر، سيشارك في مراسم التشييع عبر وفد نيابي. وسيتم تشكيل الوفد النيابي للمشاركة بالتشييع، وهذا واجب إنساني ووطني ونحن لبنانيون ونتضامن مع بعضنا في الحزن.
اما حزب الكتائب فقالت مصادره لـ «اللواء»: انه لم يتلقَ دعوة للمشاركة كحزب وربما تكون وصلت دعوات فردية لنوابه لكنه بكل الاحوال لن يشارك. فيما أعلن مسؤول العلاقات الخارجية في القوات اللبنانية ريشار قيومجيان انه لم يتلقَ دعوة للمشاركة ولو تلقى لن يشارك
وكتبت" الديار": نهار الأحد لن يكون مهرجانا كسائر المهرجانات، بل يوم وفاء للشهيد السيد حسن نصرالله والشهيد هاشم صفي الدين، واستفتاء لحزب الله والمقاومة، ورد على ما ساد مؤخرا عن مرحلة جديدة في لبنان سيكون فيها حزب الله الحلقة الأضعف بعد البيان الوزاري وتغييب معادلة الجيش والشعب والمقاومة، فهل تكذب الوقائع الميدانية والحشود المليونية ما رسم وعمم من سيناريوهات محلية واسرائيلية وعربية واوروبية واميركية عن كسر ظهر الحزب باغتيال قياداته وتفجيرات البيجر وانهاء بنيته العسكرية، و23 شباط لناظره قريب.
اما امن المهرجان، فعلم انه سيكون بالمطلق للجيش ، وهو «الامر الناهي»، مع جميع الاجهزة الامنية،ورأس رئيس الجمهورية العماد جوزف عون اجتماعاً امنياً بحضور وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى ووزير الداخلية والبلديات العميد احمد الحجار وعرضت خلال الاجتماع الأوضاع الأمنية في البلاد والتطورات في الجنوب كما تطرق البحث الى الترتيبات الأمنية المتخذة لمواكبة تشييع نصر الله وصفي الدين الاحد المقبل، وتقرر ان تكون الاجتماعات الأمنية دورية وعندما تقتضي الحاجة.
وكان وزير الداخلية أحمد الحجار اعلن أنّه اطلع من القوى الأمنية على الإجراءات والتدابير التي ستتخذها لمناسبة التشييع. ولفت عقب اجتماع أمني عقده في وزارة الداخلية إلى أنّ هدف هذه التدابير الأمنية هو "المحافظة على الأمن والنظام وتأمين أمن المناسبة والمشاركين فيها وأمن كل المواطنين وتسهيل حركة السير".
واما من جانب "حزب الله" فأعلنت "اللجنة العليا" لمراسم التشييع في مؤتمر صحافي عقده رئيس اللجنة حسين فضل الله، أنّ البرنامج الرسمي للتشييع سيبدأ عند الساعة الواحدة ظهراً، وهو مؤلف من 7 فقرات، على أن ينطلق من المدينة الرياضية إلى شارع قاسم سليماني وصولاً إلى شارع "المرقد الشريف". وأفادت اللجنة بأنه سيتم نشر شاشات لعرض المراسم في كل الطرق. وعن المشاركين في التشييع، أشارت إلى أنه "يمكن القول إن رئاستي الجمهورية والمجلس النيابي أكدتا المشاركة".