البلطجي هو "الشخص الذي يقوم بقطع الطريق على الناس، والتعدي عليهم، وأخذ ما يملكون، ويستخدم في كل الحالات ذراعه، وقوته، وأسلحته، ولا يجرؤ أن يواجهه أحد، لذلك هو شخص خارج القانون، لا يعترف به، ولا يهمه، طالما أنه يمتلك القوة"، وتطور هذا المفهوم الفردي في هذا العصر إلى أن يشمل كيانات سياسية، وعصابات إجرامية تنتشر في كل العالم، وتشيع الفساد والذعر في قلوب الناس، والدول، فهم في كل الأحوال يستخدمون القانون حين يكون لصالحهم، ويرمون به في سلة المهملات إن خالف أمزجتهم، أو أجندتهم.
وظهر من ذلك "المافيا" بكل أشكالها، وأنواعها، ودوافعها، وأصبحت دولا داخل دول، بينما تضخمت كيانات سياسية أخرى، و"تعملقت" وأصبحت تعمل خارج القانون الدولي، وخارج إطار الأعراف السياسية، فهي تفعل ما تريد، وقت ما تريد، وكيف ما تريد، فتحولت إلى كيانات إرهابية، غوغائية، تتعدى على الغير، وتتمادى في ذلك، وتعتمد الإرهاب أسلوبا لها، وطريقا لإجرامها، لا يردعها رادع، ولا يقف في وجهها مانع، وأصبح لهذه الكيانات دولا "كبرى" ترعاها، وتتستر عليها، وتحافظ على صورتها السوداء، وتفسد أي قرار يعارضها، أو يتجاوزها، أو حتى يدين مجرميها، حتى تماهت الدول الراعية للإرهاب مع بعضها لدرجة لم تعد تعرف معها من هو المجرم الحقيقي، هل هو "البلطجي" الأصغر أو "البلطجي" الأكبر الذي يحميه؟!!.
ولنطبق مفهوم "البلطجة" على الكيان الإسرائيلي، ذلك الكيان الورقي الذي زرعته بريطانيا في قلب العالم العربي، ثم رعته، ودعمته، ووفرت له سبل الحماية، والرعاية، ثم نشرت فكرة "مظلومية اليهود" لدى دول أوروبا، وأمريكا، حتى كبرت الفكرة، وأصبحت واقعا في أذهان شعوب تلك الدول، وأعانته على احتلال أراضٍ من دول عربية أخرى، ووطدت أركانه، وحين شبّ "البلطجي" عن الطوق استلمته الولايات المتحدة الأمريكية، ووفرت له الغطاء العسكري، والقانوني، والإعلامي، حتى "بطر" وفجر، وأصبح يعربد دون خوف، ولا رادع، ويتصرف بهمجية لا يضاهيه فيها أحد، وكلما زاد فجور هذا البلطجي، زادت حماية ورعاية "أمه" أمريكا له، وخوفها عليه، وتدخلت لحمايته من السقوط، أو حتى من عبارات الإدانة التي لا تقدم ولا تؤخر في الأمم المتحدة، أو حتى القمم العربية الهزيلة، لدرجة أننا لم نعد نسمع من هذه القمم أي كلمة أو عبارة تدين، أو تشجب، لكي لا تؤذي سمع، أو تجرح مشاعر الكيان البلطجي!! وكشفت "غزة" عن الوجه القبيح للعرب وللعالم المتمدن، وشاهد عيان على الزمن العربي الرديء الذي نعيشه.
وصار "البلطجي" المدلل ـ ودون مبالاة ـ يحرج والدته الراعية، والحامية، والداعمة له من خلال تدخلاته الفجة في التعدي على دول بعيدة عنه جغرافيا كإيران، بل ويكاد يجره إلى حرب كونية ثالثة، فهو لا يبالي بكل العالم في سبيل أن يبقى آمنا، وبعيدا عن أي تهديد وجودي له، ورغم أن ورقة التوت بدأت تتكشف عن دول "عربية" للأسف، تقوم بمهمة حماية "البلطجي" على حساب عروبتها، ودينها، وأخوتها، إلا أنها مازالت ماضية في توقيع الاتفاقيات والمعاهدات، والصفقات مع هذا الكيان الورقي، الزائف، الذي يكبر كل يوم بفضل العرب أنفسهم، وضعفهم، وانقسامهم، وخوفهم، وبفضل الدعم المعنوي والمادي الذي يقدمونه له، فكلما آل "البلطجي" إلى السقوط سارع بعض العرب إلى إنقاذه، ولا أعرف ما الذي يجعلهم يتمسكون لهذه الدرجة ببقاء هذا الكائن المهووس، السادي؟..فهو أثبت إنه كيان لا مستقبل له، آيل للسقوط مهما طال الزمن، ولن تظل الولايات المتحدة تدعمه إلى ما لا نهاية، فهو كائن مجرم، حوّل أمريكا نفسها إلى راعية وداعمة للإجرام والإرهاب، ولذلك فـ"دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة"، ولعل ساعة الكيان "البلطجي" باتت قريبة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً: