ألبوم تيجي نسيب| المصير المجهول مع الحبيب الغائب في أغنية "إيه الأخبار"
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
بعد أن عبّرت أنغام عن قوتها وصرامتها في قراراتها خلال معظم أغاني ألبوم “تيجي نسيب”، حوّلت مشاعرها إلى النقيض، تماما فانهزمت أمام مشاعر الحنين والبحث عن حبيبها الغائب ورفع لافتة الحنين والقلق ، والصراخ بكم كبير من الحنين والقلق والبحث عن إجابة واحدة لـ آلاف الاسئلة عندها، عن مكان حبيبها أين ذهب ولماذا لا أسمع عنه شيئًا، تلك هي الأجواء التي حملتها أغنية إيه الاخبار.
تتشابه أجواء تلك الأغنية مع قصة مر عليها عقدين من الزمن تقريبًا وهي “مجابش سيرتي”، البحث باستماتة عن حبيبها الغائب والتمحيص عن كل ما ومن حوله للحصول على إجابة واحدة تبرد نار شوقها وتطفىء لهيب الحنين. لم تتمالك أنغام نفسها من التعبير عن آلامها التي احتستها طوال مدة انتظار حبيبها قائلة “أَ َنـا اللِي مضـیـعـة َحــیاتـھا بـتـسـتـنى َواحــد َفــاتـھا بـِتـسأَل أَسـِئـَلـة ُمش لاقـَیـة إَِجـاَبـاتـَھا ُظَــُنـوني فـإِنـھ راح ِمــني وأفـكـاري اللِي َتـاعـبـیـني”.
ومع طول انتظارة المجهول، والبحث عن الغائب أقرت أنغام بأنها مستعدة استكمال ذلك المشوار حتى النهاية لكن على الأقل تشبع فضولها بسبب الغياب، وقتها فهي على أهبة الاستعداد لانتظاره مدى حياتها.
انسجام الكليب مع معاناة “إيه الاخبار”ولم ينأى تصوير الأغنية عن رسم هدف الأغنية، فظهرت أنغام وهي حبيسة غرفة ضوئها خافت، تنتقل بين أرجاءها على كرسيها تارة وسريرها تارةً أخرى، والنافذة التي تظهر لنا أوقات اليوم بأكمله من الصباح الباكر مرورًا بالظهيرة حتى المساء، وهي تسكن غرفتها دون حراك، وكأنما صوّر المخرجان يوسف حماد وحسين شعبان تلك الغرفة بمشاعرها التي اسجنتها وجعلت بينها وبين عالمها حاجز لاتستطيع التخلص منه.
وينتهي مشهد الأغنية بـ جلوس أنغام مع كعك عيد الميلاد وأمامها كرسي ينتظر قدومه ومعه كوب وطبق ملأهما الفراغ والانتظار، فتضيء انغام الشمعتان وتظل مستمرة في انتظار المجهول.
فريق عمل أغنية إيه الأخبار وكلماتهاأغنية “إيه الاخبار” من كلمات نادر عبد الله، ألحان أحمد الناصر، توزيع تميم، وتقول كلماتها"إَِیـھ الأخـبار َما ِفـیش أخـبار ِجدیدة َعـلِـیھ أِكــیدِ فیھَ بـّسِ بـیقُـولولِى لِـسـھَ ماِفـیش َسأََلت َمعارفُھ و صحابھ اللِي َكانوا َحوالِیھ نِسیني َطبِ نِسیني بـ إِیھ فاِكرِني َطب لِیھ َما یقُولِیش ماِفـیشَ واِحـدِ یـَبانِ مـرَتـاح وُھـو بـِعــید غیرإنھ یُكونِ نِسيَِ یا َجّد فـحیاُتھ جِدیـد حـَرقِني الشـكِ فیھ وَسابَ ناُرهِ فـیا تِقـید و ِبـین الشـك و ال َتـأكـید بموت والإسم اني بعیش أَ َنـا اللِي مضـیـعـة َحــیاتـھا بـتـسـتـنى َواحــد َفــاتـھا بـِتـسأَل أَسـِئـَلـة ُمش لاقـَیـة إَِجـاَبـاتـَھا ُظَــُنـوني فـإِنـھ راح ِمــني وأفـكـاري اللِي َتـاعـبـیـني لاَ حــّدَ نـَفـاَھـاَ وَلاِفـیھَ حــّد أثـــَبـتـَھا ماَحـدشَ قـابلُھَ وَلا َشـافُھَ مالُوش َعَناِوین إِیھ َیعنيِ َخـلاص َما ِبـیكـلمش َبـني آدمـین َما ِبـین ُخـوفي َعلیھ و ِمـنھ َقـتلني الخوف ِو َلو َسـبب الغـیاب َمـعروف أَنا أَستـنى َعـشانھ سـنـین "
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ألبوم تيجي نسيب أنغام ألبوم تيجي نسيب أنغام
إقرأ أيضاً:
مؤمن الجندي يكتب: بين الثواني والسراب.. موعد مع المجهول
في زوايا الحياة التي تنقلب فيها الأقدار، حيث تتماوج الأرواح بين طيف الأمل وظلال الشقاء، ينبثق الوفاء كنسيم يهب دون أن يُرى، كما لو أنه وعدٌ غامض مكتوب في سجلات الزمن.. أيامنا بين يديه كريشة في مهب الريح، يوم لك، يوم عليك، لا شيء ثابت إلا تقلبات القدر، ولا شيء يستمر سوى لحظات الوفاء التي قد تشرق في لحظة ثم تختفي في أخرى، تلك هي حكمة الحياة، أن نُعطي وفي صمت نتلقى، أن نكون أوفياء لذكريات لا نملكها، وأن نُحسن للآخرين رغم أن غدًا قد يخبئ لنا ما لا نعلمه.. في هذه المساحة الغامضة، حيث تتراقص الأقدار في دورتها الأبدية، يكون الوفاء هو النور الذي نستدل به في عتمة الأيام، رغم أن الأقدار قد تلعب بنا كما تشاء.
مؤمن الجندي يكتب: رهبة الضوء الأخير مؤمن الجندي يكتب: صلاح والحمارتوالت الأيام ونحن نسمع عن قصص نجاح اللاعبين الذين صعدوا من أحياء فقيرة أو من قرى نائية ليتألقوا في الكرة المصرية، لكن الحزن الذي حل علينا بفقدان لاعب كرة القدم محمد شوقي، لاعب كفر الشيخ، الذي سقط في الملعب وتوفي إثره، يعيدنا جميعًا إلى السؤال الأهم: هل نحن قادرون على الوفاء لأولئك الذين يحملون أحلامًا على أكتافهم؟
محمد شوقي، الشاب الذي لم يتجاوز عمره الثلاثين، كان مثالًا للاعب الملتزم والمحب للعبة.. وفقدانه المفاجئ ألهمنا جميعًا بالتفكير في دور المجتمع واللاعبين أنفسهم في تكرار هذا المشهد الأليم، الذي يفتح جرحًا عميقًا في قلوب محبي كرة القدم.. لكن ما يلفت الانتباه في هذا السياق هو أننا لا نحتاج فقط إلى مناقشة فقدانه، بل إلى تحديد الطريقة التي سنتعامل بها مع هذه المواقف في المستقبل، وخاصة تجاه عائلات اللاعبين وأسرهم.
الوفاء للأبطال المجهولينفي كل مرة نذكر فيها محمد شوقي، نذكر شابًا وقف في الميدان وواجه المخاطر بجرأة، لكنه كان يعول أسرة وأحلامًا تنتظر تحقُّقها.. إن خطواته كانت مسعى لتحقيق رغبات أسرة، ورسم أمل على وجوه محبي الرياضة من بلدته، وهذا يجعل الوفاء له ولأمثاله ليس مجرد واجب عاطفي، بل مسؤولية اجتماعية ملحة.
إن الوفاء الحقيقي لا يتمثل في كلمات العزاء التي نلقيها فقط، بل في الأفعال التي تُترجم تلك الكلمات إلى واقع.. يجب أن يكون للمجتمع الرياضي سواء كان من خلال الأندية الرياضية أو المؤسسات الشريكة أو حتى الأفراد، دور محوري في دعم أسرة الراحل محمد شوقي، وتوفير كل ما تحتاجه زوجته وطفله المنتظر من رعاية.. أما الدور الأكبر هو لوزارة الرياضة والجهات المنوط بها خلق مظلة أمان تضمن للرياضيين حياة كريمة بعيدًا عن تداعيات الفقدان.. فشوقي ليس الأول ولا الأخير!
أقول بكل أمانة، ينبغي أن تكون هناك آلية لضمان أن يكون لنا جميعُا من الوزير للغفير في الوسط الرياضي، دور فاعل في هذه الأوقات الصعبة.. قد يكون ذلك في شكل صندوق تضامني يتم إنشاءه لدعم أسر الرياضيين الذين يتعرضون لحوادث مميتة، أو اتخاذ خطوات لتأمين مستقبل أطفال هؤلاء اللاعبين الراحلين.
وحتى مع تكرار مثل هذه الحوادث في البطولات المصرية، يجب أن يُنظر إلى ذلك من منظور المصلحة العامة، بحيث يصبح دعم أسر اللاعبين جزءًا من العقد الاحترافي ذاته كمثال، على الأندية المصرية أن تبذل المزيد من الجهد لتوفير التأمينات الصحية والمالية التي تغطي كل لاعب ولا بد من الاستعانة جهاز صدمات القلب (AED) كأداة أساسية للحفاظ على حياة اللاعبين.. هذا الجهاز، الذي يُعتبر من الضروريات في مواجهة حالات السكتة القلبية المفاجئة، بات ضرورة لا غنى عنها داخل الأندية الرياضية.. فالوفاء يكون في ضمان أن لا تُترك أسرة اللاعب لمواجهة الحياة بمفردها، وأن تُمنح فرص أكبر لبقية اللاعبين في مصر خاصة "الغلابة" ليعرفوا أن المجتمع وراءهم في كل خطوة، وأنهم ليسوا مجرد أرقام على القوائم.
فكل لاعب هو أكثر من مجرد لاعب؛ هو إنسان له أحلامه وأسرته، وهو جزء من مجتمع يستحق الدعم والتكريم، وأمامنا اليوم فرصة لرد الجميل لشبابنا المبدعين في الملاعب، ولعل ما حدث مع محمد شوقي يكون بداية لثقافة جديدة من الوفاء المجتمعي، التي تضمن لكل لاعب مصري أن يعيش بكرامة، حتى في أصعب اللحظات.
وفي ختام هذه الرحلة بين ظلال الأقدار وأشعة الوفاء، يبقى لنا أن نتذكر أن الحياة ليست سوى لحظات تتنقل بين أيدينا كالغبار، لا نملك منها سوى ما نقدمه للآخرين.. يوم لك ويوم عليك، لكن الوفاء لا يعترف بالزمن، ولا بالمكان، بل هو فعل نبيل يبقى حتى عندما تختفي الأسماء وتذبل الوجوه، فلنكن أوفياء في العطاء، في الفعل الصادق، في الكلمة التي تُقال، وفي القلب الذي لا يعرف الخيانة.. فلا يغرنا ما نملك اليوم، لأن الغد يحمل معه ما لا نعلمه، ولكني أؤمن أن الوفاء هو وحده الذي سيظل باقيًا، فلتكن رسالة اليوم أن الوفاء ليس خيارًا، بل هو القوة الحقيقية التي تحفظ لنا إنسانيتنا، وتبقي على روحنا حية، حتى في مواجهة أقسى التقلبات.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا