الصراع مع الصهيونية.. نعمة أم نقمة؟!
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
د. إبراهيم بن سالم السيابي
إسرائيل هذه الدولة التي في هذه الأيام هي على كل لسان عربي ومسلم؛ بل شعوب العالم بأكمله، نظرا للجرائم المُستمرة التي تتركبها منذ عدوانها الغاشم على غزة والذي دخل شهره الحادي عشر، هذا العدوان يفوق الوصف والتصور من قتل؛ حيث تجاوز عدد الذين قضوا في هذا العدوان (39500 شهيد) جُلهم من النساء والأطفال، ومن تجويع وحصار وهدم وتدمير المباني والمرافق والبنية التحتية مع سبق الإصرار والترصد، أمام أنظار العالم في تحدٍ صارخ على المدنيين العزل؛ حيث يقصفون في المباني في المدارس في المستشفيات في الشوراع والطرقات وفي كل مكان يلتجئون إليه، وهم لا حول لهم ولا قوة مع صمت مطبق وانحياز واضح وفاضح من قوى البغي والشر الراعية لهذا الكيان المجرم المحتل الغاصب.
دولة أعلنت قيامها قيادات في الحركة الصهيونية يوم 14 مايو عام 1948 وما يطلق عليه العرب بـ"يوم النكبة"؛ حيث أقيمت دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعيد انسحاب الانتداب البريطاني منها، وبعد مجازر وجرائم إبادة وتهجير للسكان الفلسطينيين من مدنهم وقراهم. ودعت هذه القيادات اليهود في العالم إلى دعم "الدولة الغاصبة"، والهجرة إليها باعتبارها "الوطن القومي"، الذي وعدت به بريطانيا اليهود على لسان وزيرها في الخارجية بداية القرن العشرين آرثر جيمس بلفور بعد إصداره ما عرف بوعد بلفور عام 1917.
لن نخوض كثيرًا في الجانب التاريخي والتفاصيل لنشأة دولة الاحتلال البغيض لأنه معروف ويحتاج سرده إلى مجلدات ولايمكن أن يحتويه أي مقال، وهذا الاحتلال مع الأسف أصبح واقعا وبمسمى دولة موجودة ومزروعة في قلب العالم العربي والإسلامي في موقع جغرافي يُعتبر حلقة وصل برية بين قارتي آسيا وأفريقيا، وبين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، وفي أرض مقدسة هي مهد للرسالات السماوية، والأهم أن هذه الأرض لا يختلف اثنان على مكانتها في قلب كل مسلم؛ حيث يقع أولى القبلتين ومسرى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والذي بارك الله فيمن حوله وهو المسجد الأقصى المبارك.
والعودة لذي بدء إلى سؤالنا: هل هذا الصراع الطويل الممتد لأكثر من 75 عامًا وما يحصل حالياً من أحداث منذ طوفان الأقصى وما تبعه من عدوان غاشم على قطاع غزة من هذا الكيان الغاصب المحتل، هل هذا الصراع الطويل نعمة أم نقمة للعرب والمسلمين؟
كشف لنا هذا الصراع حقائق وأبعادًا كثيرة، فهذا الصراع هو في الأصل صراع وجود وصراع عقيدة وليس كما يعتقد البعض فقط صراع احتلال، كما هو عليه الحال في صراعات الاحتلال التي مرت علينا في التاريخ أو تلك التي لا تزال قائمة في بعض المناطق الجغرافية من هذه البسيطة، وهنا سوف نستعرض بعض نتائج هذا الصراع والعدوان الغاشم الجاري حاليا في غزة:
هذا الصراع والعدوان الغاشم الجاري حاليا في غزة كشف لنا نفاق وزيف العالم الذي يدعي تطبيق قيم العدالة والتمدن والمساواة، فمنذ أن قامت هذه الدولة على أنقاض شعب ودولة وهي تمارس كافة طرق ووسائل الإرهاب والقتل والتهجير للسكان الأصليين، وها هي اليوم تمعن في غيها وجبروتها وتواصل عدوانها الغاشم على أهل غزة وهو أحد قطاعات السكان الأصليين، فتمعن في قتل المدنيين من شيوخ ونساء وأطفال دون أن يرتد لها طرف لها أو يرمش لها عين ودون حسيب أو رقيب بل إنها تدمر المساكن بشكل ممنهج حتى يصبح هذا القطاع غير قابل للسكن أو الحياة وتهدف بهذا العمل كما هو واضح إلى تهجير أكثر من مليوني إنسان الى خارج أرضهم ووطنهم كما هو حال اللاجئين الفلسطينيين في الشتات والذين يعيشون بعيدين عن وطنهم وأرضهم، كل هذا أمام أنظار العالم المنافق الذي يكيل بمكيالين مع أحداث مشابهة. كشف لنا الصراع والعدوان الغاشم الجاري حاليا في غزة، كيف ينظر لنا العالم وكيف يقيمنا من وجهة نظره وكيف ينظر الى القضايا التي تخصنا وتخص مصيرنا، فلايزال هذا الكيان يستبيح حدودنا وأجوائنا وطائراته تخترق أجوائنا في أي وقت تشاء وتقصف ما تشاء بل إن هذا الكيان وفي نفس الوقت يغتال في بعض من أراضينا من يشاء دون أي رادع ودون أي خوف من ردة أفعالنا أو ردة أفعال بقية دول العالم من حولنا. كشف لنا هذا الصراع والعدوان الغاشم الجاري حاليا في غزة، إنه لا وجود لما يُسمى بالقانون الدولي، فالقانون الدولي يطبق فقط على فئة دون أخرى والمشمولين بالرعاية من قوى الشر لا يطبق عليهم القانون في جميع مؤسساته دون استثناء. كشف لنا هذا الصراع والعدوان الغاشم الجاري الجاري في غزة، ما هو الفرق بين القيادات السياسية وبين الشعوب وكذلك الفرق بين السياسة ولغة المصالح فليس بالضرورة الإرادات والقيادات السياسية تعبر عن آراء شعوبها فبينما تخرج غالبية شعوب العالم للتظاهر للتنديد بالعدوان والمذابح على أهل غزة وتتطالب فورا بوقف هذا العدوان فإن نفس قيادات هذه الدول السياسية تساند بالعتاد والمال والسلاح وتقف في ما يعرف بعصبة الأمم ضد إصدار مجرد قرار إدانة أو مطالبة بوقف هذا العدوان ومن المعروف أن هذه القررات لن تنفذ كما هو حال القرارات الكثيرة السابقة التي لم ينفذها هذا الكيان. كشف لنا هذا الصراع والعدوان الغاشم الجاري حاليا في غزة، أننا شعوب تغط في سبات عميق فيما كان يعرف بمصلطح الرعاية وحماية المصالح من قبل الغير، حتى كشفت بهذا الصراع وهذه الأحداث الحقيقة، بأننا نعيش في الوهم وأن هذا الاعتقاد قد أكل وشرب عليه الزمن؛ فالحماية الحقيقة للأوطان يأتي من تصالحها مع شعوبها وتحقيق رغباته والإيمان العميق بمصالحه وبالتالي الدفاع عن تراب الوطن لا يأتي إلّا من أبناء الوطن. كشف لنا هذا الصراع والأحداث الجارية حالياً في غزة أهمية أن تجتمع الشعوب العربية والإسلامية وتتحد في أمر يخصها، فمنذ قرون لم تجتمع على أمر ما كما هو الحال الآن، وحتى وإن اختلفت القيادات على هذا الإجماع، وهذا الإجماع جاء نتيجة الأحداث التي تعرضت له غزة ومسلسل القتل والتنكيل الذي يتعرض له هذا الشعب الذي يطالب بحقه في إقامة دولته وظهر ذلك في كثير من المواقف كالمقاطعة ومحاولة إيصال المساعدات وغيرها. هذا الصراع والأحداث الجارية حاليا في غزة كشفت المستور، وعرفت الشعوب العربية والإسلامية على الأقل من هو عدوهم الحقيقي، وأن ما يحاك عليهم من دسائس كان هدفه هو حماية وجود هذه الكيان الغاصب، فوجوده مرهون بضعفهم وتشتتهم وتفرقهم وضعفهم. كشف لنا هذا الصراع والأحداث الجارية حاليا في غزة، أن هناك من يحارب الإسلام وأن الخوف من أن يسود هذا الدين ومبادئ هذا الدين وقيمه الحنيفة هذا العالم هو أكبر هاجس يقض مضجع البعض، وحتى وإن أعلنوا وبينوا غير ذلك، فبدا واضحا للعيان لماذا يتهم المسلمون بالإرهاب وغيره من تهم، وظهر من يرعى التنظيمات المسلحة ويطلق عليها المسميات التي تصلق بالإسلام، وظهر من يتبنى بعض الحوادث هنا وهناك لكي يلصق بالإسلام والمسلمين التهم بالعنف والتمرد وخلق الفوضى بين الشعوب. كشف هذا الصراع والأحداث الجارية في غزة، أنه لا معنى للخوف عند حضور الحق الدامغ، ولا معنى للعيش عند غياب الكرامة، ولا تعرف قيمة التضحيات إلا من أجل الشرف، وأنه مهما طال الزمن أو قصر ستنتصر العدالة وكما يقولون لايضيع حق وراؤه مطالب. كشف لنا هذا الصراع والأحداث الجارية حاليًا في غزة قيمة الأوطان وتراب الأوطان، وأن قوة الأوطان تأتي من الداخل، فقد تهدم أي شيء وتعيد بناءه إلّا الأوطان إذا هُدِمَت من الصعب بناؤها من جديد.هذا غيض من فيض، وهناك الكثير لا حصر له، وفي فضاء مفتوح يقبل مختلف الآراء، ويبقى السؤال: هل هذا الصراع مع هذا الكيان الصهيوني نعمة أم نقمة على العرب والمسلمين؟
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
“حماس” تنشر قائمة بأبرز الانتهاكات الصهيونية لوقف إطلاق النار في غزة
الثورة نت/..
نشرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بيانا تضمن قائمة بأرز خروقات العدو الصهيوني لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي وانتهت المرحلة الأولى منه السبت الماضي.
واستعرض بيان الحركة اليوم الاثنين، خروقات الاحتلال الميدانية والسياسية للاتفاق، وقالت إن “نتنياهو يسعى بعد انتهاء المرحلة الأولى إلى استئناف العدوان على غزة في ظل الدعم الأميركي المعلن لتل أبيب”.
وأشارت إلى أن “سلوك قوات الاحتلال خلال المرحلة الأولى يثبت أن حكومة نتنياهو كانت معنية بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار وسعت إلى ذلك”.
وأضافت أن “قرارات نتنياهو الأخيرة باعتماد مقترح المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف لتمديد المرحلة الأولى تأتي في هذا السياق، وهي محاولة مفضوحة للتنصل من الاتفاق”.
وشدد البيان على أن “حركة حماس ملتزمة في المقابل بتنفيذ كافة بنود الاتفاق المتعلقة بها بدقة وبالمواعيد المحددة”.
وطالبت المجتمع الدولي بـ”الضغط على الاحتلال للعودة للاتفاق والانتقال للمرحلة الثانية منه، وحث الوسطاء على منع نتنياهو من تخريب الاتفاق، والضغط عليه لفتح المعابر والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية”.
وفي ما يلي أبرز خروقات الاحتلال التي استعرضها بيان حركة “حماس”:
ميدانيا:
انتهكت قوات الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار ميدانيا 962 مرة.
الاعتداءات خلال المرحلة الأولى أسفرت عن استشهاد 116 شخصا وإصابة 490.
الإغاثة والبروتوكول الإنساني:
قوات الاحتلال لم تلتزم ببند إدخال 50 شاحنة وقود يوميا إلى قطاع غزة، حيث دخل خلال 42 يومًا فقط 978 شاحنة بمعدل 23 شاحنة يوميا.
الاحتلال لم يسمح بدخول سوى 15 بيتا متنقلا من أصل 60 ألفا، إضافة إلى عدد محدود من الخيام.
الاحتلال لم يسمح بإدخال سوى تسعة آليات ثقيلة في حين أن غزة بحاجة إلى ما لا يقل عن 500 آلية ثقيلة لرفع الركام واستخراج الجثث.
قوات الاحتلال منعت إدخال مواد البناء والمعدات الطبية اللازمة لإعادة تأهيل المستشفيات.
الأسرى:
قوات الاحتلال تعمدت تأخير الإفراج عنهم في جميع المراحل، رغم أن الاتفاق ينص على الإفراج عنهم بعد ساعة واحدة من تسليم الأسرى لدى المقاومة.
أجبرت قوات الاحتلال الأسرى على ارتداء ملابس تحمل دلالات نازية وعنصرية، فضلا عن تعرضهم للضرب والإهانة والتعذيب والتجويع حتى لحظة إطلاق سراحهم.
معبر رفح:
استمرار إغلاق معبر رفح أمام المدنيين في الاتجاهين، ومنع استئناف حركة البضائع والتجارة منه، وإعادة عشرات المسافرين من المرضى والجرحى بعد الاتفاق على سفرهم.
ممر فيلادلفيا:
عدم انسحاب الاحتلال أو تقليص قواته في ممر فيلادلفيا على الحدود المصرية الفلسطينية.
الخروقات السياسية:
أخّرت قوات الاحتلال عمدا بدء مفاوضات المرحلة الثانية، مطالبة بالدخول في اتفاق جديد مخالف لكل ما تم الاتفاق عليه.
يذكر أن رئيس الوزراء في حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أمر أمس الأحد، بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، عقب ساعات من انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وعرقلة الاحتلال الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية.
وفي 19 يناير الماضي، بدأ سريان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ويتضمن ثلاث مراحل تستمر كل منها 42 يوما، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة وانتهت الأولى منها يوم السبت الماضي.
وارتكبت قوات الاحتلال بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، وبدعم أمريكي وأوروبي، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.