بوابة الفجر:
2024-11-06@00:04:23 GMT

عادل حمودة يكتب: في صحة أحمد زكي (5)

تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT

كثيرا ما كان يشعر أننا فى حالة حصار مستمر لا فرار منه.

تحررنا من اعتقال قديم لندخل فى اعتقال جديد.

تخلصنا من ضربات الكرباج الأجنبى لنتلقى ضربات الكرباج الوطني.

حدث ذلك عندما راح «أنور السادات» يجمع الرموز السياسية والثقافية والدينية فى حملة اعتقالات واحدة ٥ سبتمبر ١٩٨١.

فى ذلك اليوم جاء «احمد زكى» إلى مكتبى فى «روز اليوسف» متصورا أننى أملك تفسيرا لما حدث وتوقعا لما سيحدث.

لكننى قلت:

«لقد نسينا غريزة الكلام وتحولنا إلى حيوانات غير ناطقة».

سألني:

ــ لو لم يعرف الصحفى ما يجرى فمن الذى يعرف؟

قلت:

ــ حتى لو عرف الصحفى ما يجرى فإنه لا يجرؤ على نشره بسبب من هم فوق رأسه.

ــ كنا زمان نعرف الحقيقة من الإذاعة البريطانية فهل سنظل نعتمد عليها؟

ــ غالبا سنعتمد عليها أو على ما يشبهها.

ــ إننى أشم رائحة خطر تجاوز حدود الشياط.

ــ هل صدمت فى السادات الذى تهوى تقليده؟

ــ سأذهب لأستمع إلى الإذاعة البريطانية خليك أنت فى شغلك.

واختفى من أمامى فى ثوان.

لم أعرف إلى أين مضى لكنى راهنت على أنه ذهب إلى الدكتور «حسن البنا قاسم» أكثر أصدقائه قربا.

هو أكثر شخص يثق فيه ويطمئن إليه ويعتمد عليه.

هو أكثر شخص يصدق كلامه ويستمع إلى آرائه وينتظر توقعاته.

المثير للدهشة أنهما أصبحا صديقان دون أن يسعى كل منهما إلى الآخر.

تعرف «أحمد زكى» عليه بحكم قدر رتب حياته واختار له أصحابه.

فى شتاء عام ١٩٩٢ كان الدكتور «حسن البنا» عائدا من عمله فى سفارة الكويت التى كان مستشارها الطبى فى ذلك الوقت حين وجد جرس الباب يدق.

هو يسكن فى فيللا دور أرضى فى عمارة من أربعة أدوار تملكها عائلته والفيللا مستقلة عن العمارة ولها مدخل خاص.

فتح الباب وجد أمامه «أحمد زكى» الذى لم يره من قبل وجها لوجه وكان معه «ممدوح وافى» و«أحمد» و«محمود السبكى» وهما يمتلكان محلا للجزارة وفاجأ الوسط الفنى بإنتاج الأفلام وسط دهشة النقاد الذين توقعوا أن يقتصر هدفها على الربح بعد تحديد أسعار اللحم.

كان «أحمد» و«محمود السبكى» صديقان لكل الأطراف.

فى ذلك الوقت كان «أحمد زكى» يبحث عن بيت يسكنه ليترك شقته فى شارع «جامعة الدول العربية» إلى جانب فندق «أطلس» بعد أن كاد قلبه أن يتوقف بعد الزلزال الذى ضرب القاهرة فى ١٢ أكتوبر ١٩٩٢ وهو الدور الثانى عشر وراحت العمارة تهتز وترتعش وكأنها ستنهار.

والحقيقة أنه كان يعانى من فوبيا الأدوار العليا ولا يجرؤ على الوقوف فى شرفة فيها وإلا أصيب بدوار وما أن يركب طائرة حتى يغلق النوافذ القريبة منه مهما اعترضت المضيفة.

كان أيضا يخاف من البحر بعد أن مات أحد أصدقائه غرقا.

ولم يكن ليقرب دراجة نارية عندما اصطدم بواحدة منها فى صباه.

ودون إفصاح كان يؤمن بالحسد وكثيرا ما كتب الآيات المحصنة منه على هوامش السيناريوهات التى يقرأها بل وافق على وضع «حجاب» فى جيبه بعد أن كاد فيلمه «أرض الخوف» أن يفوز بجائزة «أوسكار» أفضل فيلم أجنبي.

توافرت الشروط التى تفرضها أكاديمية «الفنون والعلوم السينمائية» الأمريكية منذ عام ١٩٤٥ على الفيلم فهو غير ناطق بالإنجليزية وطوله يزيد على ٤٠ دقيقة وتخطى مراحل التصفية بسهولة ولكن المنتج لم يستوف شرطا شكليا يحدد توقيت العرض تجاريا فضاعت الفرصة.

هنا نبهنى الناقد السينمائى «طارق الشناوى» إلى أن الجائزة تذهب إلى مخرج الفيلم وليس بطله.

لكن العقدة التى ظلت تخيف «أحمد زكى» أكثر من غيرها كانت عقدة الأدوار العليا وتصور أن علاجها عند الدكتور «حسن البنا» بالحصول على بيته.

لم يتكلم «أحمد زكى» معه كلمة واحدة وهو يدخل بيته وراح يتجول فيه دون أن يلتفت إلى صاحبه وما أن انتهى حتى سأله:

ــ كما تريد؟ أنا مستعد لدفع كل ما تطلب.

أعجبه المكان القريب من الأرض والذى يسمح له بوضع سيارته على بعد خطوات محدودة منه.

أضاف:

ــ خلاص أنا أخذت الشقة.

صدمه الدكتور «حسن البنا» قائلا:

ــ لكنها ليست للبيع كما أنها جزء من عمارة تمتلكها العائلة ملكية جماعية ويصعب على التصرف فيها بمفردي.

استمر «أحمد زكى» يضغط لشراء الشقة ستة أشهر لكنه لم يحصل عليها وانتقل إلى شقة أخرى دور ثان تقع فى حى «المهندسين» ولكنه فى ذلك اليوم حصل على صديق من طراز نادر فى زمن باع فيه الناس الأنبياء مقابل جهاز تكييف أو مقابل تليفون محمول أو «كيتشن ماشين».

والحقيقة أن «حسن البنا» لم يكن صديقه فقط وإنما كان طبيبه ومستشاره وكاتم أسراره ومنفذ مهامه الصعبة أيضا.

مثلا عندما قرر أن يمثل دور «عبد الناصر» طلب منه أن يبحث عن طريقة ما لتصنيع أنف مثل أنف «عبد الناصر» حتى لو «قطعوا حتة من لحمى» على حد قوله.

اتصل «حسن البنا» بأطباء تجميل داخل وخارج مصر ومنهم طبيب فى البرتغال متخصص فى جراحة أنف إنسان البحر المتوسط وأرسل إليه صورة «أحمد زكى» وصورة «عبد الناصر» ووافق الطبيب قائلا:

ــ ممكن أعمل أنف عبد الناصر على وجه أحمد زكى بجراحة لكنه لن يتخلص منها بعد تصوير الفيلم وستظل جزءا من وجهه طول العمر وهو قطعا أمر غير مستحب لنجم كبير مثله كما عرفت فأنا جراح تجميل ولست صانع ماكياج أو أقنعة فى أفلام.

ورفضت الفكرة بالطبع.

وجاءت خبيرة ماكياج من لبنان لتصنع أنفا متحركة على وجه «أحمد زكى» أثناء التصوير وتنزع منه بعد الانتهاء منه وعرضت أكثر من نموذج مناسب.

فى الوقت نفسه تكونت لجنة عليا فى ماسبيرو لتقرر ما تراه مناسبا بالنسبة إلى أنف عبد الناصر انتهت إلى أنه لا داعى لتغيير وجه «أحمد زكى».

انتهت أزمة أنف جمال عبد الناصر لكن لم تنته مشاكل «أحمد زكى» معه.

فيما بعد اتهم «أحمد زكى» بخيانة «عبد الناصر» وخيانة أفكاره ومبادئه التى آمن بها واستفاد منها حينما جسد شخصية «السادات» الذى كان على طرف نقيض مع «عبد الناصر».

بل هناك من اتهم «أحمد زكى» بأنه كرر أسلوب «السادات» نفسه حين انتقل من الإيمان بـ «عبد الناصر» إلى الانقلاب عليه.

لقد اعترف «أحمد زكى» أكثر من مرة بأنه لولا انحياز «عبد الناصر» إلى الفقراء ما وصل هو إلى ما وصل إليه.

اعترف أيضا أنه شعر باليتم الحقيقى عندما مات عبد الناصر ومشى فى الشارع يبكى بصوت مرتفع حتى الصباح وعندما حاول السير فى الجنازة كادت جماهير المشيعين الغفيرة أن تدهسه وظل أربعة أيام بلا نوم حتى سقط غائبا عن الوعى.

ما الذى حدث له؟

هل تغير إيمانه به؟

هل كان «أبوه» فى وقت الفقر ثم تبرأ منه فى وقت النعمة؟

هل تخلى عن ارتباطه بالناصرية التى كان يفخر بالانتماء إليها؟

حاول «أحمد زكى» الخروج من هذا المأزق بالجملة الشهيرة التى نقيم بها حكام مصر: «لهم ما لهم وعليهم ما عليهم».

لعب بذكاء لعبة «فرز الألوان».

هو مع «عبد الناصر» «الأخضر» الذى طرد الاستعمار وأمم القناة وبنى السد العالى وأنشأ المصانع الوطنية ولكنه ليس مع «عبد الناصر» «الأسود» الذى كمم الأفواه وفتح المعتقلات وجاء بالهزيمة فى يونيو ١٩٦٧.

وهو مع «السادات» «الأخضر» الذى عبر القناة وحرر سيناء ولكنه ليس مع «السادات» «الأسود» الذى راح يفاوض العدو فى كامب ديفيد ووقع معاهدات صلح وتطبيع معه وراهن على التنظيمات الإرهابية واعتقال الرموز الوطنية قبل اغتياله بنحو الشهر.

وفى اللحظة التى وصف فيها كل منهما بأنه إنسان قبل أن يكون رئيسا وصف نفسه بأنه ليس رجل سياسة وإنما فنان يريد تقديم تاريخ بلاده بأسلوب جذب يعيد الانتماء المفقود إلى الأجيال الجديدة التى لا ذنب لها لأنها لم تعش عصورًا سابقة خالدة.

بل وعرض على هيئة التليفزيون الحكومى فى ماسبيرو أن يستحضر بنفسه الشخصيات المؤثرة فى المسيرة الوطنية مثل «عمر مكرم» و«مصطفى كامل» و«سعد زغلول» و«مصطفى النحاس» حتى وصل إلى «حسنى مبارك» أو هو فى الحقيقة قرر أن يبدأ بقرار الضربة الجوية التى نفذها «حسنى مبارك».

لكن «إيناس الدغيدى» لم تجد فى «حسنى مبارك» ما يميزه حتى يجسد «أحمد زكى» شخصيته ولكنه اختلف معها وخرج من الباب ثم دخل لتجده «حسنى مبارك» أمامها فلم تصدق نفسها وعندما سألته:

ــ كيف تضع يدك على تفاصيل الشخصية التى تغيب عنا؟

أجاب:

ــ الشخصية تدخل إلى عقلى لتتجمع فيه تفصيلاتها الصغيرة المميزة ثم أندمج فيها حتى أدفن نفسها فيها فأصبح أنا هى وهى أنا.

وتحمس «حسنى مبارك» للفيلم ورصدت له ميزانية ضخمة وبدأ البحث عن مخرج أمريكى ينفذ المعارك الجوية.

وتسلم «أحمد زكى» منه وسام «العلوم والفنون» من الدرجة الأولى عن فيلم «السادات» هو ومخرج الفيلم «محمد خان» وكاتبه «أحمد بهجت» ونالت «ميرفت أمين» و«منى زكى» وسام «العلوم والفنون» من الفئة الثانية.

وبمبالغة ليست فى طبيعته اعتبر «أحمد زكى» الوسام تعويضا عن كل ما مر فى حياته من شقاء ويتم وألم.

وأذكر أن «مبارك» سألنى ذات مرة عن «أحمد زكي».

كنا عائدين من رحلة نصف نهار فى العقبة على متن الطائرة الرئاسية وعندما صافحنى همس قائلا:

ــ خليه يحافظ على نفسه أنا سمعت أنه مهمل فى صحته.

ــ أعرف أن صحته جيدة يا سيادة الرئيس.

ــ يا ريت يتزوج حتى يستقر.

ــ هو يخاف من الزواج حتى لا يأتى بشريك للتمثيل الذى يجن به.

وأمام الهجوم الضارى الذى تعرض إليه لم يتردد «أحمد زكى» فى شن هجوم مضاد على السياسيين والمفكرين لأنهم ليسوا محايدين فى رؤيتهم لحكام مصر وغالبا ما ينحازون إلى أحدهم على حساب الآخرين مما يشتت السواد الأعظم من الشعب الذى يمشى وراءهم منومنا.

بالقطع لم يعجبنى تحليلاته التى تتسم ببساطة تضلل من يسمعها خاصة عندما سمعته يقول:

«إن حبى لعبد الناصر لم يكن موقفا أيدلوجيا بل إن عبد الناصر نفسه لم تكن له أيديولوجية كما أن السادات هو الذى اختارنى لتأدية دوره».

تبدأ القصة بنشر كتاب «البحث عن السادات» الذى يروى سيرته كما رواها بنفسه وصاغها الدكتور «رشاد رشدى» ثم جاء من يعرض عليه تحويل الكتاب إلى مسلسل تليفزيونى يخرجه «يحيى العلمى» الذى قابل «أحمد زكى» مهللا:

ــ مبروك السادات اختارك. اختارك تلعب دوره. لكن أرجو تكتم الخبر حتى لا تفضح سرا من أسرار الدولة العليا.

وفرح «أحمد زكى» بالشخصية وتفتحت شهيته الفنية لتأديتها بكل ما فيها من هبوط وصعود وراح يحفظ الكتاب.

لكن للإنصاف لم يكن «أحمد زكى» الفنان الوحيد الذى غير قناعاته بتغير الظروف السياسية.

لقد انحنت «أم كلثوم» أمام جمهورها وهى تغنى للملك «فاروق» ولكنها لم تتردد فى وضع اسم «جمال عبد الناصر» فى إحدى أغنياتها الوطنية وفى فورة الحزن على رحيله اشترت قصيدة من «نزار قبانى» وسهرت عدة ليال كاملة حتى انتهت من بروفاتها ولكنها خشيت أن يغضب «السادات» فمنعت إذاعتها ورغم ذلك كان الخبر فى حد ذاته كفيلًا بالتضييق عليها.

وحمل «محمد عبد الوهاب» لقب مغنى «الأمراء والملوك» لكنه سرعان ما انضم إلى «جوقة» مطربى الأغانى الوطنية الثورية والقومية وأسعده كثيرا أن ينال رتبة «لواء» شرفية وأن يختم إرسال التليفزيون الحكومى وهو بالزى العسكرى والنياشين مؤديا دور المايسترو فى عزف السلام الوطنى.

وتكررت المواقف المتناقضة مع غالبية النجوم على مختلف العصور.

وليس لنا أن نحاسب «أحمد زكى» على تعدد أدواره ولكن لنا أن نحاسبه على تناقض عقائده السياسية التى تحدث عنها بنفسه دون أن نطالبه بإعلانها ولو كان قد سكت لما فتح على نفسه النار.

سألت الدكتور «حسن البنا»:

ــ هل تأثر أحمد زكى بالهجوم عليه بعد فيلم السادات؟

ــ قطعا تأثر إلى حد المرض فلم يتصور أنه سيحاسب سياسيا وتصور أنه سيحاسب فنيا على تأدية الدور.

ــ هل خسر من مقاطعة الفيلم وكان منتجه فى الدول العربية التى قاطعت مصر بعد توقيع معاهدة الصلح مع إسرائيل؟

ــ قطعا وضاعف ذلك من أزماته النفسية والصحية.

ــ يبدو أنه كان يتأثر كثيرا مما كان يمر به؟

ــ هذا صحيح.

ــ كيف؟

ــ من شدة العصبية وسرعة الانفعال وعدم التحكم فى نفسه وقت الغضب إلا أمام من لا يريد أن يخسرهم أو لا يريد أن يبتعدوا عنه مثلك.

ــ لكنه قال فى حواره مع محمود سعد:

«أنا عصبى لأن لسه عندى شوية دم».

ــ الحقيقة أن العصبية زادت مع النجومية.

ــ ربما كان يريد الكمال فى أفلامه؟

ــ لكنه يظل ينتقد أفلامه حتى بعد أن ينتهى منها بل بعد أن تعرض على الجمهور وهذا نوع من تعذيب الذات لا مبرر له.

ــ ألم تخفف الجوائز التى حصل عليها من حالته المرضية؟

ــ أبدا كانت تزيد منها.

ــ هل توافق على أنه لم يكن له أصدقاء فى الوسط الفنى باستثناء ممدوح وافى؟

ــ بل ربما لم يكن له أصدقاء بالمرة.

لم يصاحب «أحمد زكى» أحدًا حتى نفسه لكن صاحب التمثيل حتى الموت.

هنا تذكرت الجملة «العبقرية» التى شخص بها المخرج «عاطف الطيب» حالته:

قال:

ــ أخشى أن يمثل دور شخص يحتضر حتى لا يموت فعلا.

لكن الأخطر من استمرار الشخصية التى يمثلها معه بعد انتهاء التصوير أن تهرب منه الشخصية قبل أن يكمل التصوير.

كان فى مدينة الإسماعيلية يصور فيلم «ناصر ٥٦» عندما اتصل تليفونيا بمدير أعماله «محمد وطنى» الساعة الثالثة بعد منتصف الليل فى حجرته فى الاستراحة التى خصصتها هيئة قناة السويس لهما وصرخ فيه:

ــ أنت فين يا وطنى تعالى بسرعة.

وما أن دخل عليه حتى وجده منهارا وبعد أن هدأ قليلا قال له:

ــ علينا العودة إلى القاهرة.

ــ خير يا أستاذ؟

ــ عبد الناصر هرب منى؟

كان يقصد أن شخصية عبد الناصر التى يجسدها لم يعد يسيطر عليها.

ــ حاول تنام يا أستاذ وبكرة ستجد عبد الناصر معك على الإفطار.

فى الصباح بدا وكأن شيئا لم يكن وراح يستعد لتصوير المشاهد المقررة حسب جدول الإنتاج.

روى القصة «محمد وطنى» فى حواره مع «عمرو الليثى» خلال برنامج «واحد من الناس».

تعرف «أحمد زكى» على مدير أعماله من خلال «السبكية» أيضا.

كان «السبكية» ينتجون فيلم «مستر كاراتيه» الذى لعب بطولته «أحمد زكى» وفى ذلك الوقت كان «محمد وطنى» مسئول السينما لديهم.

فى اتصال تليفونى عابر رد على «أحمد زكى» وبعد ثوان من الدردشة التقيا على غداء فى «هيلتون رمسيس» وعرض عليه «أحمد زكى» أن يعمل معه فوافق «محمد وطنى» على الفور وبلا تردد وبعدها أصبح يرافقه كظله وأمينا على حساباته وممتلكاته المحدودة وكانت أصعب مهمة كلفه بها تجهيز مقبرته ليدفن فيها.

أشهد أننى عرفت منه معلومات لم أسمعها من قبل عن «أحمد زكى» منها:

أنه كان يكتب النكات التى يسمعها لعله يضحك عليها مرة أخرى ولو بينه وبين نفسه ليبدد شعور الكآبة الذى يهاجمه بلا إنذار.

وليست صدفة أن وجدت فى مخلفات مكتبه بعد وفاته نسخة من كتابى «النكتة السياسية كيف يسخر المصريون من حكامهم» حسب ما رصدت الصحفية «هانم الشربينى» فى كتابها «أوراق أحمد زكي».

ومنها أنه لم يترك سوى سيارة مرسيدس موديل قديم وسيارة بيجو موديل أقدم.

ومنها أنه كان يحب من النجوم الأجانب «جين هكمان» ومن النجوم العرب «يحيى الفخرانى».

ومنها أنه لم يكن يقرأ خطابات المعجبين وكانت خطابات المعجبات أكثر من خطابات المعجبين ولكن فى الوقت نفسه كان يلبى أحيانا طلبات أصحاب الحاجات وينتظر ردا منهم ليتأكد أنهم حصلوا على ما طلبوا.

ومنها أن هناك فتاة وصفت بأنها «مجنونة أحمد زكى» لم تترك مكانا تعرف أنه سيتواجد فيه إلا وذهبت إليه.

أنا رأيتها بنفسى تأتى كل يوم إلى مستشفى «دار الفؤاد» أثناء مرضه الأخير وتجلس بعيدا فى صمت تراقب كل من يأتى إليه.

ولو لم تخنى الذاكرة كانت فى بداية الثلاثينات من عمرها وترتدى ملابس حديثة أنيقة مستوردة من بيوت أزياء راقية وتضع نظارة شمسية على عينيها من «كارتييه» وتضع إلى جانبها حقيبة يد من «لوى فيتون» وتهتم بتسريحة شعرها وتلف حول عنقها عقدا من اللؤلؤ الأبيض الحر.

الحقيقة أنها كانت عاشقة صامتة وليست مجنونة كما وصفت بل إنها لم تقترب من حجرته أو تسأل أحدًا منا عنه.

يبدو أن عشق المرأة يجعلها تعجن كل الرجال فى رجل واحد وعشق الرجل يجعله يعجن كل النساء فى امرأة واحدة وهذه هى معجزة الحب التى لا معجزة أكبر منها.

لكن هذه المرأة حيرتنى.

هل كانت تعرفه؟ هل أحبته عن بعد؟ هل أحبته فى خيالها فقط؟ هل مقتنعة بما تفعل؟

إن لا رسم بلا فرشاة ولا موسيقى دون نوتة ولا طبخ دون وقود ولا حب دون قبلة أو نظرة أو كلمة فما الذى حدث بينه وبينها؟

المؤكد أن طبيعة الفلاح المحافظ جعلته لا يتحدث عن علاقاته ولا يخرج بها إلى المجتمعات المختلفة باختصار كان صوت علاقاته العاطفية خافتا وليس صارخا.

لقد فتح «محمد وطنى» سيرة العاشقة الصامتة لكنه لم يكن ليعرف الكثير عنها.

هكذا عرفه «أحمد زكى» كما عرف «حسن البنا» من خلال «السبكية».

لكنه لم ينس الذين ساندوه وهو فى بداية حياته.

فى شهور كانت مسرحية «مدرسة المشاغبين» تعرض فى الإسكندرية وكان أبطالها يقضون السهرة فى «جراج» شخص يدعى «خيرى» بالقرب من منطقة «الأزاريطة» وكان معهم «فؤاد معوض» الذى يكمل رواية ما حدث قائلا:

ــ كنا يوميا هناك ولكن ما أن يذهب «عادل إمام» و«سعيد صالح» و«يونس شلبى» إلى الشقق المستأجرة لهم حتى يبقى «أحمد زكى» وحده ولكن صاحب الجراج كان يأتى إليه من بيته القريب بـ«عمود» الطعام.

يضيف:

ــ بعد أن أصبح نجما كنا نسافر خصيصا إلى صاحب الجراج حاملا الهدايا له ولشخص آخر اسمه «عبد العزيز» كان يغسل ويكوى ملابسه بل أتى له ذات مرة بقميص زبون آخر حتى يذهب به إلى المسرح وكان هناك شخص ثالث اسمه «حمودة» صاحب قهوة قريبة من الجراج لم يحاسبه على ما يطلب من مشروبات.

لم ينس «فؤاد معوض» أن «أحمد زكى» كان يرسل لهم مبلغا شهريا لذلك لم أنشر الأسماء كاملة.

لكن «أحمد زكى» تسبب فى إصابة أحد الذين ساهموا فى نجوميته بضرر وصل إلى ما يقرب من فقد غالبية ثروته.

كان هذا الشخص هو «حسين القلا».

حسنى مبارك


لجنة خاصة لمناقشة أنف عبد الناصر فى فيلم «ناصر ٥٦»

بعد وفاة عبد الناصر ظل يبكى أربعة أيام حتى فقد الوعى ولكن الناصريين هاجموه بعد فيلم «السادات»

عاشقة مجهولة صـــــامتة بكامل أناقتها

كان يخاف من السباحة فى البحر وركوب الموتوسيكل والسكن فى الأدوار العليا  وضع حجابًا فى جيبه حتى ينال «أرض الخوف» أوسكار أفضل فيلم أجنبى  سألنى مبارك عن صحته ونصحه أن يتزوج ليحافظ على صحته.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: عادل حمودة عبد الناصر الحقیقة أن حسن البنا أحمد زکى منها أنه قائلا ــ أنه کان أکثر من ما کان فى ذلک بعد أن لم یکن

إقرأ أيضاً:

د.حماد عبدالله يكتب: حديث إلى النفس !!



أتحدث اليوم فى مقالى عن خاطر هام جدًا، قد يخطر على بال أى قارىء أو مواطن مهتم، أو مهموم "بالشأن العام" وكأحد هؤلاء المواطنون، وكأحد الذين وهبهم الله موهبة التعبير، سواء بكلمة مكتوبة، سمح لى زملاء أعزاء فى الصحف المصرية بكتابتها فى عمود، أو سمح لى الإعلام المصرى ( حكومى، أو خاص ) بالتعبير عن رأى على الهواء مباشرة أو مسجلًا فى برامج بعينها تهتم بالشأن العام!!.
كما أننى وقد وهبنى الله، وأنا أحمده كثيرًا على كل الهبات التى وهبنى أياها، وهبنى القدرة على أبداء رأى " ربما يصيب وربما يخيب " وأعتمد على أنه إذا أصاب فلى أجران، وإن لم يصب فلى أجر واحد!!.
أعتقد أننى أقوم بذلك لوجة الله وإحساسًا عميقًا بداخلى بأننى أقدم حقًا لوطنى وبلادى التى أعشقها فهى صاحبة الفضل على، فيما أنا فيه سواء كان علمًا تحصلت عليه أو وظيفة فى جامعة محترمة أستاذ متفرغًا بعد أن قضيت سنوات عملى فى إدارات جامعية مختلفة من رئاسة للقسم إلى وكالة للدراسات العليا إلى عمادة الكلية التى أشرف بالإنتماء إليها، طالبًا وأستاذًا!! 
وأيضًا بصفتى مهندسًا إستشاريًا، ولى إسهامات مع زملائى فى المجالات التى نختص بها فى هذا المجال الإستشارى أشكر الله وأحمده كثيرًا على نعمه !!
وفى هذا المقال أجد أن مالى وما أعتنى به، هو أن أبحث جيدًا فيما أكتب، وأتناوله، وأدقق فيما أبحث عنه، وأراجع وأناقش وأقرأ فيما أنا  مقدم عليه، أو أتناوله فى كتاباتى أو الحديث عنه أمام مشاهدين أو مستمعين !!
ولعل المقال يأخذ منى بحثًا وقراءة أكثر من عدة أيام، حتى أصل إلى قناعة بأن أضع على الورق ما أرى فيه نفعًا لمن يأخذ به، أولا يأخذ فهذا حق للجميع !! ما دام نشر أصبح ملك للجميع !! 
وبالتالى فإننى حينما أتعرض لمشكلة، وأعرض لأحداثها ووقائعها وأسرد فى تفاصيلها لا أترك فقط المجال " للنقد واللذع " بل قد يكون لى رأى فى الحل المقترح للخروج من مأزق أراه أو يراه غيرى، وتحدثنا فيه ! ولعل وجهات النظر المتعددة حول موقف أو مشكلة أو خطة من أهم ما يحصل علية صاحب القرار النهائى، فى الأمر بإختيار  الأمثل لتنفيذه، وخاصة لو كان الأمر يتعلق بشأن عام  ، مصلحة عليا !! لذا كان من المهم أن يكون لأصحاب الرأى دور، معلوم فى رسم الحياه  المستقبليه لأى جماعة مهما كان حجم هذه الجماعة، قبيله، قريه، مدينه، وطن !!
حال أن الجميع يشارك  فى المحصول من الأداء العام !!
وبعد أن ينشر ما يكتب لصاحب رأى، نتابع رد الفعل سواء كان على "بريد إليكترونى" أو على الجريدة الناشره للمقال أو الرأى وكذلك ما يصل الكاتب مباشره من المتابعين المعنيين بالهم العام !!
وربما يحتاج التعليق إلى تعليق معاكس أو تصحيح، أو توافق على رأى من عدمه، وحتى هذه النقطة ينتهى دور صاحب الرأى أو الكاتب للمقال !!.
فلا تتعدى مسئوليته شيئًا أخر أو إضافه أخرى فما علينا قد قضيناه كما أعتقد أو كما يعتقد أى كاتب لرأى، وفى بعض الأحيان أستقبل سؤال ! 
ثم ماذا ؟ وإلى أى مدى أثر رأيكم فى سير الأحداث ؟ ولماذا لم ينفذ رأيكم رغم وجاهته ؟
ويكون التعليق اللاحق للسؤال، هل نسيتم الموضوع ؟ 
بالقطع لم أنسى وبالقطع صاحب الرأى المنشور لم ينسى أو يتناسى لما قدمه، حيث ما قدمناه سُجَلَ فى جريدة، وجُمِعَ فى كتاب، وأصبح جزء من الحقيقة الثابتة فى السجل التاريخى للحياة اليومية فى "الجمع المعرفى" للمجتمع أو للامة، وليس ذنب الكاتب أنه لم يؤخذ برأيه  حتى لوكان قد أتفق عليه بالإجماع ممن سمعوه أو  قرأوه فالكاتب واجبه ينتهى إلى ما إنتهيت إليه أنا فى هذا المقال !!

مقالات مشابهة

  • الرئيسة هاريس!!
  • ضريبة النجاح القاسية
  • محمد مصطفى أبوشامة يكتب في تحليل سياسي: هل سيفوز «أقل الضررين» في يوم «تحرير أمريكا»؟!
  • د.حماد عبدالله يكتب: حديث إلى النفس !!
  • كثير من الإبداع.. قليل من المنع.. السينما المصرية تاريخ حافل من الفن والبهجة.. نقاد ومخرجون: التيار الإخواني وراء محاولة إضعاف القوة الناعمة لخطورة تأثيرها
  • حيرة العرب بين «الفيل» و«الحمار»
  • سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (1)
  • عادل حمودة: المجمع الانتخابي يحسم الفائز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية
  • أشرف غريب يكتب: أطفالنا والعملية التعليمية
  •  خالد ميري يكتب: من يصدق الشائعات؟!