فاطمة اليمانية
"أسوأ من كونك تهوي أنْ يكون لديك ما يكفي من الوقت لتَخيَّل الارتطام!" مجهول.
***
هُنَالِك فنجان قهوةٍ باردة... وهُنَالِك أنتَ حين كُنتَ شغلي الشاغل؟!
وشبحٌ ساخرٌ من مجرد تذكّر أنّك يومًا ما كنتَ تستحوذ جزءًا من القلب؟!
ولا مانع من مشاركة الشبح السخرية؟! لا مانع!
لأنّه غير مرئيٍ للآخرين.
كشأنِ جُحَا مع حماره! وشأنهما مع الأدب الساخر المُستهلك للدرجة التي لم يعد يثير حاسّة الفكاهة لديها!
بل أصبحا طرفةً باردة تمر كأيّ خبرٍ سَمجٍ في مقالٍ رديء؟!
لمن نقرأ؟ الصادق العاجز عن إيصالِ رسالته؟ أم الكاذب الذي يستعرض أكاذيبه بتقنية عالية الدقّة؛ تتمكن من الإيقاع بعواطف الآخرين؟!وعندما زيّنوا الهزيمة، وقالوا:
هذا النصرُ لنا؟!استطاعَت كلمة "النصر" خرق طبلة أذني! ووصلت لعمق دماغي! لكنّني لم أستوعب ماهية النصر! لم أتكمن من معرفة أبعاده؟! وكيف يتحقق على الحُطام! أو على أشلاء الأطفال!
رغم ذلك وجدّ قائلها من يصفق له؟ ومن يُمجد خطواته! ومن يتأثر ويذرف الدموع، ويمسح وجنتيه بأطراف أصابعه!وانتهى التصفيق الحاد، وبقيت حقيقة وحيدة سافرة:
قاتل وأشلاء طفل!فهل يهم دين القاتل ودين الطفل؟! هل نفرق بينهما؟ ماذا إذا كانا من نفس الدين والملّة؟ ماذا إذا اختلفا؟ وهل تحتاج إنسانية المرء لاختبار وَرَقِيَ وقلم أحمر ليؤكّد لنا السياسيّ المحَنّك بأنّ الإرهاب لا دين له؟! وبأنّ انتهاك حرمة الإنسان الآمن محرّمة؟! هل يحتاج الأمر إلى تخصيص دين أو مذهب؟ أو ملّة؟!
أو إلى نزع حاسّة الإدراك والتمييز حتّى لا يتمّ تجريد المرء من إنسانيته؟!
***
- ليلة البارحة!
ليلة البارحة المقيتة! اكتشفتُ بأنّ ثلاثة مصابيح انطفأت في منزلي! وبأنّ عامًا كاملًا مرّ عليّ دون أنْ أكترث بإضاءة المنزل! ونسيتُ في زحمة المشاكل العبثية أنّني أقيم في حيّ سكنّي مأهولٍ بالأحياء!
حتّى اعتقد الجيران بأنّني غادرتُ المكان!
بينما كنتُ مشغولة بهموم الآخرين التافهة؟ ولا أعرف كيف تسلّلت المكالمات "العبيطة" إلى نظامي اليومي؟ أو مدى صدمتي من نفسي عند إدراكي بأنّني كنتُ أحرّضُ من يبدي استياءه من أمرٍ ما على التدمير، والفراق، والرحيل، وقطع العلاقات! وبترها!
ولم تكن الدعوة إلى الصبر والتسامح في قاموسي اللغوي، بل كنتُ لا أرد على رسائل الشوق، والعتاب، والرغبة في التواصل، أو السؤال عن الحال؟!
وتطور الأمر لديّ؛ بعد أنْ وصلتني رسالة من إحداهن، تسألني فيها إذا كنتُ حيّة أو ميّته؟! وطبعًا لم أكنْ أردّ على رسائلها وأنا حيّة! فكيف أرّد عليها وأنا ميّته؟!
لكنّها أرسلَت رسالة أخرى، قالت فيها:
المنزلُ المهجور، للبيع؟!ورغم نجاحها في استثارة غضبي! وفي تجهيز ردٍ مزلزل كالصاعقة! ومناسب لحجم الخطيئة التي اقترفتها، وهي تسخر من منزلي المُظلم! كتبتُ لها سطرًا لاذِعًا؛ لألقنها درسًا في طرحٍ الأسئلة، ثمّ مسحتُ السطر!
متجنبةً عواقب ما بعد إرسالِ الرسالة التي ستجرّ لا شكّ بعدها رسالة، ثمّ رسالةٍ أخرى! إلى أنْ نصلَ إلى الصلحِ والسلامِ وإعادة العلاقات المُكْلِفة -معنويًا- معها!
***
ضوء غريب!
لا تحتاج الإقامة في المقبرة إلى إضاءةٍ عدا العمل الصالح! ورغم جهلي بكفاءة أعمالي الصالحة؛ إلّا أنّني لمحتُ -خجلًا- وميضًا خفيفًا يفضَحُ حجمَ أعمالي الصالحة التي قدّمتها في الحياة الدنيا!
ولم أدقق كثيرًا إنْ كانت هذه الأعمال قادرة على مساعدتي في عبور الصراط المستقيم! لكنّني لا شكّ بأنّني حتى هذه اللحظة لم أستطع السير على خطٍ مستقيم، ولا خطٍ متعرجٍ، وكل الطرق المتاحة لم تكن سوى حفرٍ مأهولة بالثعابين!
***
قالت لي جثّة باردة:
حاولتُ تناسي موتي، عند سماع أصوات أطفالِ الحارة! لكنّني اكتشفتُ بأنّها أصوات أطفالٍ تسرّبَت من مقبرة جماعية مجاورة، حُفِرَت منذ مدّة زمنية عجزت عن التكّهن بها!
لأنّهم يقولون بأنّ الأموّات لا يهتمون بالزمن! لهم زمنهم الخاص؟! ولي زمني!
ولي هذه المساحة التي أتفاخر بها الآن، وأقول لجميع الأموات بأنّها ملكيتي الخاصّة! ولا يزاحمني بها شيء غير أفكاري!!
أولئك الذين يقولون بأنّ الجسدَ يبلى- وهو ما يحدث فعلًا- هل يستطيعون الإجابة على سؤال شائك يحاصرني هذه اللحظة؟
- متى يتوقف العقل عن التفكير في القبر؟! فأنَأ ما زلتُ أفكر!
وما زلتُ أخترع قصصًا كثيرة أقدمها طعامًا لقطط المقبرة؟!
مميزة إحداهن لشدّة سوادها عن بقية القطط! وعندما سألتها:
لماذا أنتِ شديدة السواد؟!لم تُجِبْ، واكتفت ببلع مواءَها، وتسديد نظرة باهتةٍ لي!
ثم قفزت بعيدًا؛ وتمدّدت على جدار المقبرة!
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
البخيتي يوجه رسالة إلى الإصلاح
وقال محافظ ذمار وعضو المكتب السياسي لحركة انصار الله محمد البخيتي في تدوينة على ( اكس ):نقول لاخواننا في حزب الاصلاح نحن بحاجة للسلام وتوحيد الصف والتعاون لمساندة غزة وليس لإستئناف الحرب الداخلية لأن ذلك سيمثل اكبر خدمة للكيان الصهيوني وسيشجعه على إرتكاب المزيد من الجرائم.
واختتم بقوله : أما قرأتم قوله تعالى (واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)