ماهي “شواغل” الحكومة السودانية قبل البدء في مفاوضات جنيف؟
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
مجهودات حثيثة تبذلها الإدارة الأمريكية مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان لاقناعه بإرسال وفد رفيع أو بالحضور السخصي، في محادثات جنيف المزمعة في الرابع عشر من شهر أغسطس الجاري.
لكن تلك المجهودات تواجه تحديات معالجة شواغل الحكومة السودانية قبل البدء في المفاوضات، فما هي تلك الشواغل؟
الأجندة الأمريكية من مفاوضات جنيف ظهرت للسطح من خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان لوقف إطلاق نار، وتشمل: “إجراء محادثات وطنية لوقف إطلاق النار، و هو السبيل الوحيد لوضع حد للنزاع ومنع تفشي المجاعة واستعادة العملية السياسية المدنية”، وفق تصريح أدلى به للصحفيين المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر.
وفي 23 يوليو الماضي، دعت الولايات المتحدة الأمريكية، “الجيش السوداني، ومليشيا الدعم السريع”، إلى إجراء محادثات في 14 أغسطس (المقبل)، تستضيفها سويسرا، والسعودية، وتهدف للوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وبحسب الدعوة الأمريكية، يشارك الاتحاد الأفريقي، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، والأمم المتحدة بصفة مراقب في المحادثات”.
شواغل الحكومة
وأمس (الإثنين) قال البرهان عبر تغريدة على حسابه في منصة إكس، بأنه تحدث مع بلينكن “عن ضرورة معالجة شواغل الحكومة السودانية قبل بدء اي مفاوضات”.
والأسبوع الماضي قالت وزارة الخارجية السودانية، إن حكومة السودان ردت على دعوة أميركية لعقد مفاوضات في جنيف للتوصل إلى وقف إطلاق نار في البلاد، مشيرة إلى أن أي مفاوضات قبل تنفيذ “إعلان جدة” الذي ينص على انسحاب شامل لقوات الدعم السريع من منازل المواطنين والأعيان المدنية ووقف التوسع “لن تكون مقبولة”.
وشمل الرد السوداني ” ضرورة التشاور المسبق مع الحكومة السودانية بشأن شكل وأجندة أي مفاوضات، والأطراف التي تشارك فيها أو تحضرها، مع التأكيد على أن يكون منبر جدة وما تم فيه من اتفاق هو الأساس”.
وطلبت الحكومة السودانية في ردها عقد اجتماع مع حكومة الولايات المتحدة لـ”التمهيد الجيد لمفاوضات السلام بما يحقق الفائدة التي يتوقعها الشعب السوداني منها”،
وتتسق تلك الشواغل مع ما جاء في خطاب البرهان – الذي نجا من محاولة اغتيال في قاعدة جبيت العسكرية نهاية شهر يوليو الماضي – حينما قال :”لا نمانع في الوصول إلى سلام، مؤكدا ترحيبه بكل الجهود المخلصة نحو السلام ولكن يجب أن يكون سلاماً يحفظ عزة وكرامة الشعب السوداني.
وأضاف قائلا: “نريد أن تتوقف الحرب وراسنا فوق ومنتصرين، لايمكن أن تتوقف الحرب والعدو متواجد في منازل المواطنين ومحاصر بابنوسة وقرى الجزيرة والفاشر “.
وأكد الفريق أول البرهان أن المتمردين طالما متواجدين في هذه المناطق فإن الحرب مستمرة ولن تتوقف.
وأبان أن أي جهة تدعو للتفاوض يجب أن تعترف بحكومة السودان وسيادتها على أراضيه..
وليس بعيدا عن ذلك الموقف الرسمي لرئيس مجلس السيادة، قال مساعد القائد العام للجيش السوداني ياسر العطا لتلفزيون السودان بأن بلاده تتجه للانخراط في محور إستراتيجي جديد يتشكل من دول كبرى ومن أخرى داخل الإقليم وخارجه، بعدما عملت قوى إقليمية على حصار السودان وعزله، حسب تعبيره.
وأعلن العطا، أن الفترة المقبلة ستشهد انتصارات حاسمة للجيش في كل محاور القتال بعدما حصل مؤخرا على إمدادات عسكرية كبيرة، مع توقعات باستلام أسلحة نوعية أخرى “ستكون بداية لنهاية مليشيا الدعم السريع”.
القضارف – المحقق – طلال إسماعيل
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الحکومة السودانیة
إقرأ أيضاً:
دلالات معركة عبد الحي يوسف مع البرهان
إن تسريب ندوة عبد الحي يوسف، ثم رد فعل البرهان الغاضب على ما ورد فيها من انتقاد للجيش وقائده أكد أمرين هما أن هذه الحرب هي حرب الحركة الاسلامية ليس فقط في السودان، بل في كل الإقليم، وأن هدفها هو صراع السلطة، وهو صراع بين عدة أطراف منقسمة على نفسها وهنا تكمن الخطورة!
الانقسام ليس بسيطا! بمعنى أن البرهان في ضفة و”الحركة الاسلامية” في الضفة الأخرى!
أبدا فالحركة الاسلامية نفسها تيارات متصارعة كل يريد أن يقطف ثمرة الحرب أي احتكار السلطة!!
الإسلاميون موحدون فقط ضد القوى المدنية الديمقراطية وضد فكرة التغيير السياسي في اتجاه أهداف الثورة، وموحدون خلف مواصلة الحرب حتى تحقق لهم غاية الوصول للسلطة إما على كل السودان، وإما على دولة النهر والبحر إذا تعذر عليهم سحق الد. عم السريع تماما أو إعادته إلى وضعية الشريك الأصغر!
مشكلتهم مع البرهان هي أن له رغبة جارفة في الحكم كدكتاتور تقليدي مسنود بالجيش! وفي سبيل تحجيم نفوذ الإسلاميين في الجيش، خصوصا إذا ضيقوا عليه الخناق، وشرعوا في إزاحته وارد جدا أن يبحث عن صفقة مع ألد. عم السريع ليعيد لعبة البشير القديمة: تخويف الجيش بالد. عم السريع وتخويف الدعم السريع بالجيش، ويظل هو رمانة الميزان!
ولهذا السبب ركز عبد الحي يوسف على أن البرهان لا يختلف عن حميدتي ووضعهما في خندق واحد!
يبدو أن البرهان “يحفر بالإبرة” للإفلات من سيطرة الكيزان والانفراد بالسلطة باسم القوات المسلحة!
والكيزان يحفرون بالإبرة للتخلص من البرهان، وفي ذات الوقت يحفرون لبعضهم البعض (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)! وهذا يفسر اختلاف ردود أفعالهم على كلام عبد الحي يوسف الذي نفت الحركة الاسلامية ببيان أنه جزء من هياكلها فيما احتفى كثير من الكيزان بحديثه وبعض مشائخهم.
مثل شيخ مهران وبخ البرهان على وصفه عبد الحي بالتكفيري والضلالي، وقال إن الحديث معه يجب أن يكون بأدب.
تيار من الإسلاميين يرغب في تصعيد ياسر العطا قائدا عاما للجيش، وهذا يتصادم مع حلم البرهان وكذلك مع طموحات الكباشي!
الكباشي لو تمرد سيسبب مشكلة عويصة للجيش (أبناء النوبة رقم كبير في الجيش وخسارتهم تعني خسارة أكبر قوة مقاتلة تبقت للجيش)!
“وصلات الروحي” الحالية على خلفية ما قاله عبد الحي يوسف في الندوة التي تم تسريب تسجيلها إلى مواقع التواصل الاجتماعي كلها في إطار صراع حقيقي متعدد الأطراف، كل يرغب في استغلال الجيش كسلم صعود للسلطة!
المحزن بحق في كل ذلك هو أن الأطراف المتصارعة جميعها حتى هذه اللحظة أثبتت أنها لم تتعلم الدرس الصحيح من كارثة الحرب!!
هذه الحرب أثبتت أن السودان لن ينجو من طاحونة الحرب إلا عبر مشروع سياسي أهم أركانه خروج العسكر من السياسة وإعادة بناء المنظومة الأمنية والعسكرية على أساس قومي ومهني وتأسيس شرعية الحكم المدني على أسس ديمقراطية تكفل التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة!
اعتماد البندقية كرافعة سياسية أشعل هذه الحرب!
الإصرار على الصعود إلى السلطة بالبندقية سواء بندقية الجيش أو بندقية الدعم السريع أو بندقية المليشيات الاسلامية أو بندقية الحركات المسلحة نتيجته هي استمرار الحرب لزمن طويل وتقسيم السودان لمناطق نفوذ متحاربة في داخلها وفيما بينها! وانقسام كل الجيوش والمليشيات الموجودة في الساحة واندلاع المواجهات المسلحة في داخلها! ليس مستبعدا أبدا انقسام الجيش وانقسام الد. عم السريع وانقسام مليشيات الإسلاميين وانقسام الحركات المسلحة أكثر من انقساماتها الحالية.
وهذا معناه ضياع السودان كدولة واحدة لصالح الفوضى والتشظي! الواقع الحالي لا يبشر حتى بانقسام سلس وناجح إلى دولتين أو ثلاثة!!
متى نستخلص الوعي الصحيح من هذه الحرب؟
كم من الأرواح والخسائر يجب أن ندفع حتى نتعلم الدرس الصحيح؟
ما هو حجم الألم والعذاب ومرارات التشرد ومذلة الحاجة الذي ما زال في انتظارنا كي نستيقظ؟
الوسومرشا عوض