سواليف:
2024-09-16@17:34:33 GMT

الحياة مدرسة

تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT

#الحياة_مدرسة

د. #هاشم_غرايبه

كثيرة جدا هي المشاكل التي تنغص الحياة الزوجية، لكن أجهل الناس هم من يعتقدون أن توفر المال كفيل بحلها.
أهمها التباين الشاسع بين الزوجين في فهم الأمور، والذي ينجم عن التفاوت الإجتماعي والثقافي، مما يشكل هوة واسعة يصعب ردمها، ومنها ما لا يمكن تحملها فتؤدي الى الانفصال.
أذكر نصيحة أسداها أبي الى أحدهم جاءه خاطب لابنته لا يعرفه، قال له: الأخلاق هي علامة الدين، فلا تسأل عن صومه وصلاته، بل عن صدقه في تعاملاته، يمكنك تجاوز كثير من الخصال لكن هنالك أمران إن وجد أحدهما فيه فلا تعطه ابنتك وهما أن يكون بخيلا أو شكاكا.


فهمت معنى البخل، وعرفت أنه خصلة ذميمة تفسد متع الحياة، فهي تمنع الإنفاق وتجلب ضيق العيش، رغم أمكانية أن يكون في سعة.
لكني لم أفهم ما هي خطورة الشك على الحياة الزوجية، إلا بعد أن اطلعت على قصص الكثيرين، وتوسعت ثقافتي بالمطالعة.
المحبة بين الزوجين علاقة مقدسة، أوجدها الله بصورة التواد والتراحم، وهي حالة ثابتة متواصلة، وأبقى من الجاذبية الجنسية المتذبذبة.
كون التواد والتراحم تبادليا، أي أخذ وعطاء، فهو عرضة للتقييم الشخصي، فمن يشعر بالرضا عما يناله، يخشى من فقدانه، لذلك يكون حريصا على ديمومة هذه العلاقة، فيظهر خوفه بشكل غيرة..وهذا أمر محمود باعثه المحبة، أما أن يكون حالة نفسية مستحكمة أساسها الشك بإخلاص الطرف الآخر وصدق محبته، أوعدم الوثوق بأخلاقه وسلامة نواياه، فذاك هو الشكاك.
هنالك اعتقاد خاطئ أن الغيرة المبالغ بها بين الزوجين هي دلالة على الحب الشديد، فتظن الزوجة أن حرص زوجها على أن لا تقع أعين الرجال عليها، هو من كثرة شغفه وتعلقه بها، وتعتقد أن عدم تقبله وجود رجل ضمن دائرة رؤية زوجته هو من فرط اعجابه بمفاتنها، وخوفه من سحر جمالها وجاذبيتها للرجال، لكنه قد يكون بسبب ضعف ثقته في نفسه، فيعتقد أن زوجته إن أتيح لها معرفة رجل آخر ستنطلق معه فيفقدها.
أو يظن الرجل أن مراقبة زوجته الحثيثة له، وإصرارها على معرفة كل تحركاته، هو بسبب أنها تعتبره فاتنا ورجلا مميزا تهواه النساء، فتقع في غرامه من النظرة الأولى، لذا فإن غيرتها من باب الخوف من زواجه بأخرى تستأثر به دونها.
الغيرة الطبيعية أمر فطري أوجدها الله عند الزوجين، وهي من منتجات المودة والرحمة لكي تبقى الأسرة قائمة، ويمنع كل طرف اية مغريات خارجية بجذب الآخر خارجها.
أما الغيرة المرضية مختلفة تماما، فهي مرض نفسي طبيعته الشك في نوايا الآخر وصدقه، وأساسه الأنانية وحب التملك، ويتعمق كلما كان هنالك ضعف في الثقة بالنفس، وانعدام لحالة التكافؤ بين الطرفين، وهو ليس تعبيرا عن محبة شديدة للآخر، بدليل أن منتجها دائما هو الإضرار بالأخر إذا تركه، وقد يترتب عليها القسوة أو الحقد عليه لدرجة أنه ترتاح نفسه بإيذائه، ويفرح كثيرا إن أصابه ما يؤلمه.
المودة والرحمة التي يجعلها الله بين الزوجين، منذ أن يفضي بعضهما الى بعض، فيصبح ذلك ميثاقا غليظا على المحبة والاخلاص، لا يمكن أن تسمح لأحدهما بإيذاء الآخر، ولا يمكن أن يتمنى له السوء مهما كان مسيئا إليه، صحيح أن من يتعرض الى خيانة من قبل من كان يحبه، يعتقد أنه بات يكرهه، لكنه في حقيقة الأمر يكون غاضبا جدا لكرامته أكثر بكثير من شعوره بالخسارة، فهو يعتقد أنه تعرض للغش، من حيث أنه كان يضمر عواطف محبة صادقة، فيما كان الطرف الآخر يخدعه، لكن من كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يتحول حبه الى حقد، ولا تتولد لديه رغبة في الإنتقام، بل يتوقف عند الاحتساب عند الله عما لحق به من ظلم.
في الخلاصة نجد أن الغيرة بين الزوجين أمر طبيعي، بل ومستحب، لأنه تعبير عن المحبة والحرص من كل طرف على الآخر، لكنه يبقى غير مؤذ لأنه ليس شكّا في مصداقية المشاعر ولاهو تقييد مربك للحركة.
لكن الغيرة الضارة، هي التي منشؤها حالة مرضية نفسية، اساسها عدم ثقة الشخص بنفسه، وبأنه غير مقنع بذاته للطرف الآخر، فهي تحول الحياة الأسرية الى تعاسة وشقاء، بدل أن تكون واحة محبة وهناء.

مقالات ذات صلة خطران أمنيان بين الأردن وسورية 2024/08/07

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الحياة مدرسة بین الزوجین

إقرأ أيضاً:

لوبوان: هل يكون فرانسيس البابا الأخير؟

لن يتمكن أي بابا صاحب سيادة بعد الآن من ممارسة سلطته كما فعل فرانسيس، هذه هي أطروحة مؤرخ الكنيسة والبابوية جيوفاني ماريا فيان في كتاب جديد يصدر له بعد أيام عن الكرسي الرسولي، كما جاء في مجلة لوبوان التي قابلت الكاتب والمدير السابق للجريدة اليومية الرسمية للفاتيكان.

وأشارت المجلة -في المقابلة التي أعدها جيروم كوردلييه- إلى أن هذا الكاتب الإيطالي الذي يعد أحد أفضل خبراء الفاتيكان والذي كان يفحصه دائما بنظرة موضوعية ولمسة من السخرية، وقد غاص بكتابه هذا في قلب بابويتي بنديكتوس السادس عشر والبابا فرانسيس، من منظور تاريخ المسيحية الطويل.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4آخر الباباوات المحافظين.. رحلة البابا بنديكتوس من الإصلاح إلى اليمينlist 2 of 4بابا الفاتيكان لا يؤيد ترامب ولا هاريس فلماذا؟list 3 of 4زارها بابا الفاتيكان.. تعرف على خريطة انتشار المسيحية بإندونيسياlist 4 of 4اجتماع المسلمين والمسيحيين واليهود في الدعاء لرفع الوباءend of list

وانطلقت لوبوان من سؤال الكاتب عما إذا كان وصفه فرانسيس بأنه "البابا الأخير" استفزازا؟، فرد جيوفاني ماريا فيان بالنفي، وقال إنها ملاحظة نهاية حقبة، حيث قال بنديكتوس السادس عشر عام 2016 "لم أعد أنتمي إلى العالم القديم، لكن العالم الجديد لم يبدأ بعد".

البابا فرانسيس أكد على سيادة البابا(غيتي إيميجز) خليفة بطرس

وشدد فيان على أن فرانسيس هو "بلا شك آخر الباباوات السياديين كما عرفناهم على مدى القرنين الماضيين"، ومعه بلغت البابوية -كما يقول الكاتب- ذروة ممارسة سلطتها منذ تأكيد العصمة البابوية عام 1870، ومثلما لم يفعل أي من أسلافه، أعلن فرانسيس أولويته من خلال إعادة التأكيد على سيادة البابا من أجل التغلب على المعارضة الداخلية في الكنيسة.

وأكثر من ذلك، يؤكد فرانسيس، في القانون الأساسي الأخير للفاتيكان الذي يعود تاريخه إلى عام 2023، أن سلطته الزمنية تأتي من حقيقة أنه خليفة الرسول بطرس، ولم يسبق لأي بابا أن استمد سلطته كرئيس للدولة من منصبه كأسقف لروما، وبذلك تؤكد الفاتيكان أنها دولة دينية.

فيان: فرانسيس يتحدث كثيرا عن الشيطان، لكنه عندما يتحدث عنه لا تنشر وسائل الإعلام كلامه لأنه لا يتناسب مع الصورة النمطية السائدة عن البابا المعاصر

وأشار فيان إلى أن البابا فرانسيس يقدم نفسه في صورة البابا المتواضع، ولكنه في الواقع يمارس سلطته بالكثير من السلطة، وحتى الاستبدادية، وهو يبحث عن أساليب التشاور، لكنه في النهاية هو الذي يقرر، وقد كان بنديكتوس السادس عشر أكثر حساسية منه تجاه الجماعية، وحاول استشارة هيئات الكوريا الرومانية.

ورغم أن البابا فرانسيس منفتح للغاية ويعرف أن الدول لن تجعل قوانينها تتماشى مع الأخلاق الكاثوليكية، فإنه ضد الإجهاض وضد القتل الرحيم وضد الأيديولوجية الجنسانية، وهو بالتالي بابا تقليدي إلى حد ما.

وهناك مثال على وجهة نظره التقليدية تجاه الكاثوليكية، فهو يتحدث كثيرا عن الشيطان، وقال إنه عندما قام بتدريس التعليم المسيحي في بوينس آيرس، أحرق دميته للتأثير في الأطفال، لكنه عندما يتحدث عن الشيطان لا تنشر وسائل الإعلام كلامه لأنه لا يتناسب مع الصورة النمطية السائدة عن البابا المعاصر.

لا يحقق شيئا

وترافق صورة "البابا اليساري" فرانسيس، لدرجة أنه أطلق عليه لقب الشعبوي عندما كان في الأرجنتين، وهو في الواقع ينظر إلى العالم وكأنه ينظر إلى أميركا اللاتينية، وبالتالي لا يتعاطف مع الولايات المتحدة، التي يُنظر إليها هناك على أنها قوة استعمارية.

وفيما يتعلق بالحروب في أوكرانيا وأرمينيا، كان فرانسيس هدفا لانتقادات واردة -حسب الكاتب- فهو يزعم أن أوكرانيا تتعرض لمحنة عظيمة، لكنه لا يذكر اسم المعتدي الروسي قط، حتى إنه يبدو في نظر البعض مؤيدا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفيما يتعلق بأرمينيا، فعل فرانسيس الكثير وتحدث عن الإبادة الجماعية التي تستفز الأتراك، لكنه اختار الصمت في الحرب مع أذربيجان.

ويرى الكاتب أن فرانسيس يحاول الابتكار، لكن في الوقت الحالي لا يحقق شيئا، وبالتالي لا يمكننا سوى إجراء تقييم مؤقت للبابوية، فنيات البابا في كثير من المواضيع جيدة، لكنها تبقى مجرد نيات، وما يدعو إليه يجب أن ينتشر في الكنيسة وفي الجماعات ويطبقه خلفاؤه.

في الوقت الحالي، تستمر الأزمة في الكنيسة بتناقضات عميقة، وهناك صرامة في فضائح الاعتداء الجنسي، لكن اليسوعي السابق ماركو إيفان روبنيك المتهم بالاعتداء على العديد من النساء، لم تتم إقالته بعد، وإن كان تم حرمانه كنسيا، ثم تم رفع هذه العقوبة بعد شهر، وفقا للكاتب.

وفي نهاية المطاف، يرى فيان أن البابا فرانسيس سيتمكن من دفع الكنيسة الكاثوليكية إلى الأمام ولكن يجب التأكيد على أن الكنيسة تسير إلى الأمام من تلقاء نفسها، ومن الواضح أن الكلمات المنطوقة في روما أصبحت تصل إلى آذان الكاثوليك بشكل أقل.

مقالات مشابهة

  • عاجل. الرئيس الإيراني: لا عداء مع الولايات المتحدة لكننا لسنا الطرف الذي يقوم بتهديد الآخر وفرض العقوبات
  • سجل إجرامي حافل.. من يكون المشتبه به في محاولة اغتيال ترامب الجديدة؟
  • الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية يحاضر في الدورة التدريبية للصحفيين الأفارقة
  • لوبوان: هل يكون فرانسيس البابا الأخير؟
  • حظك اليوم برج الحمل الاثنين 16 سبتمبر 2024: ابتعد عن الغيرة
  • شجار بين سائقي حافلة وسيارة في هاتاي: سائق يهاجم الآخر بسكين
  • قصة قصيرة: إثنان والعربة
  • الغيرة القاتلة.. زوجة تلتمس الخروج من عش الزوجية: بيتجسس على تليفوني
  • ‏الجيش الإسرائيلي: رصد صاروخين أطلقا من شمال قطاع غزة تم اعتراض واحد منهما وسقط الآخر في المنطقة البحرية
  • الديمقراطية..الرأي الآخر!