تأهب في بريطانيا لمواجهة شغب مناهض للمسلمين
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
تتأهب الشرطة البريطانية لمزيد من أعمال الشغب المناهضة للمسلمين اليوم الأربعاء، وفي الوقت نفسه حذر عمدة لندن صادق خان المتطرفين اليمينيين من اللجوء إلى أعمال عنف في العاصمة.
ورصدت السلطات نحو 30 دعوة للتجمع أمام مراكز ومكاتب محاماة تقدم مساعدة قانونية للمهاجرين وطالبي اللجوء.
وتشهد بريطانيا موجة متصاعدة من العنف اندلعت الأسبوع الماضي إثر مقتل 3 فتيات طعنا وانتشار معلومات مضللة عن المهاجم.
ونددت جمعية القانون في إنجلترا وويلز "بالهجوم المباشر" على المهنة التي تمثلها، بينما استنكرت وزيرة العدل شبانة محمود التهديدات "غير المقبولة" للمحامين، محذرة المشاركين في هذه الأعمال من أنهم "سينضمون إلى مئات آخرين أوقفتهم الشرطة".
وردا على ذلك، نظمت جماعات مناهضة للعنصرية والفاشية احتجاجات مضادة في مختلف أنحاء البلاد.
وتعليقا على احتجاج مزمع لمجموعة من المتطرفين اليمينيين في برايتون، وهي مدينة ساحلية في جنوب المملكة المتحدة، ذكر في منشور أن "حثالة عنصريين يحاولون استهداف مكتب محاماة متخصص في الهجرة لكننا لن نسمح بحدوث ذلك. ضعوا أغطية الوجه والكمامات".
بدوره، قال رئيس الوزراء كير ستارمر إن مثيري الشغب سيواجهون فترات سجن طويلة؛ في إطار سعيه إلى القضاء على أسوأ موجة عنف في بريطانيا منذ 13 عاما.
عمدة لندن يحذر
في الأثناء، حذر عمدة لندن المتطرفين اليمينيين من اللجوء إلى أعمال عنف في العاصمة البريطانية.
وقال صادق خان -في بيان على منصة "إكس"- إن أعمال العنف العنصرية التي بدأت الأسبوع الماضي وانتشرت في جميع أنحاء البلاد "كانت صادمة".
وأضاف أنه على علم بالأخبار التي تفيد بأن جماعات يمينية متطرفة تخطط الآن لاستهداف أماكن في لندن.
وأشار عمدة العاصمة البريطانية إلى أنه واضح جدا في معاملة من يفكر في "نشر الكراهية والخوف في لندن"، وأنهم سيتخذون الإجراءات بحق المخالفين للقانون.
وذكر خان أنه على اتصال دائم مع شرطة العاصمة، وأن البلدية والشرطة تعملان بتعاون وثيق مع قادة المجتمع والمنظمات المحلية لحماية المباني وأماكن العبادة المستهدفة وتوفير الطمأنينة لسكان لندن.
وشدد على أنه يدرك أن "المشاهد المروّعة أصابت قسما كبيرا من الأقليات المسلمة والأقليات العرقية بالخوف والقلق"، طالبا من سكان لندن الاطمئنان على أصدقائهم وجيرانهم.
موجة عنف متصاعدةورغم إعلان الشرطة أن المشتبه فيه بقتل الفتيات الثلاث شاب رواندي عمره 17 عاما ولد في عاصمة ويلز كارديف، فإن جماعات يمينية متطرفة نظمت مظاهرات في ساوثبورت (شمال غربي البلاد) ضد المسلمين والمهاجرين.
وبعد المظاهرة، هاجم متطرفون يمينيون مسجدا في المدينة ذاتها ونظموا لاحقا احتجاجات في جميع أنحاء البلاد.
وأوقفت الشرطة قرابة 400 شخص في الأيام الأخيرة، ووجهت تهما إلى نحو 100 شخص، ومن المتوقع بدء إصدار أحكام بحقهم قريبا، وفقا للنيابة.
وأشارت الحكومة البريطانية إلى أنه سيُشكّل هذا الأسبوع "جيش" احتياطي يضم حوالي 6 آلاف عنصر شرطة متخصّصين في الحفاظ على النظام، كما سيتم توفير 561 مكانا للسجن لاحتجاز مثيري الشغب.
وقالت شرطة لندن إنها تملك "كل الصلاحيات والتكتيكات والأدوات المتاحة لمنع مزيد من مشاهد الفوضى".
وشهدت مدن وبلدات بريطانية اشتباكات بين مئات من مثيري الشغب والشرطة حطموا خلالها نوافذ فنادق تؤوي طالبي لجوء من أفريقيا والشرق الأوسط، مرددين هتافات منها "أخرجوهم" و"أوقفوا القوارب"؛ في إشارة إلى الذين يصلون إلى بريطانيا في قوارب صغيرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
تصدِّي الجنود المصريين لجيش بريطانيا في معركة الإسماعيلية ملحمة خالدة
فى الخامس والعشرين من شهر يناير، يحتفل الشعب المصرى بعيد الشرطة كل عام فى ذكرى معركة الإسماعيلية المجيدة التى تجسدت فيها بطولات رجال الشرطة وقيم التضحية والفداء والاستبسال دفاعاً عن تراب الوطن، وكانت ملحمة كفاح ونضال ستظل على مر العصور شاهدة على نبل البطولة وشرف الصمود.
«الوطن» تُعيد سرد أحداث ملحمة الشرطة فى 25 يناير عام 1952، حيث سطرت الشرطة المصرية واحدة من ملاحمها الخالدة فى التاريخ المصرى، وهى معركة الإسماعيلية المجيدة، عندما تصدت قوات الشرطة المصرية بعددها وعتادها المتواضع لجيش بريطانيا العظمى، أكبر دولة فى العالم.
معركة الإسماعيلية مهدت الطريق أمام ثورة يوليو 1952 وأنهت الحكم الملكى فى مصر، ومن ثم فإن توثيق معركة الشرطة ضد الاحتلال فى الإسماعيلية حق أصيل للأجيال لترسيخ التضحيات والانتماء والولاء للوطن، وإلقاء الضوء على تضحيات القوات المسلحة والشرطة، وذلك من خلال تضمينها فى المناهج التعليمية للنشء ضمن خطة دعم الأمن الفكرى للأجيال الجديدة لمعرفة ما حدث فى ذلك اليوم التاريخى، ونستعرضه فى المشاهد التالية:
إلغاء معاهدة 1936قررت حكومة الوفد الاستجابة لمطلب الشعب بإلغاء معاهدة 1936، وأعلن رئيس الوزراء مصطفى النحاس، فى مجلس النواب، يوم 8 أكتوبر 1951، إلغاء المعاهدة التى فرضت على مصر الدفاع عن مصالح بريطانيا، وتصاعدت الأمور بعد أن قرر 91 ألف عامل مصرى مغادرة معسكرات البريطانيين للمساهمة فى حركة الكفاح الوطنى، والتجار يمتنعون عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية.
تتوتر الأجواء بين الشعب المصرى وقوات الاحتلال الإنجليزى، وتصل الأعمال الفدائية ضد قوات بريطانيا العظمى ذروتها، وتكبدت قوات الاحتلال خسائر فادحة، وسط اشتداد أعمال التخريب والأنشطة الفدائية وتصاعد وتيرتها ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم فى منطقة القناة من خلال الفدائيين، وتكبدت قوات الاحتلال البريطانى خسائر لا تقدر بثمن، فى نفس الوقت ينسحب العمال المصريون من العمل فى معسكرات الإنجليز، ما أدى إلى وضع القوات البريطانية بمنطقة القناة فى حرج شديد، وأزعجت تلك الأفعال حكومة لندن، فهددت باحتلال القاهرة إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، غير أن الشباب لم يهتموا بهذه التهديدات ومضوا فى خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربى البريطانى، واستطاعوا، بما لديهم من أسلحة متواضعة، أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة.
إنذار للشرطة المصريةيستدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة، «البريجادير إكسهام»، ضابط الاتصال المصرى، وسلّمه إنذاراً لتُسلِّم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن مبنى المحافظة ومنطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة، وجاء هذا الإنذار بعد أن أدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة، لذا خطط الاحتلال لتفريغ مدن القناة من قوات الشرطة حتى يتمكنوا من الانفراد بالمدنيين وتجريدهم من أى غطاء أمنى.
استمروا فى المقاومةيجلس وزير الداخلية فؤاد سراج الدين فى مكتبه، يتلقى اتصالاً من قائد قوات الشرطة فى الإسماعيلية، اللواء أحمد رائف، كان نصها:
- ألو.. حوّلنى على فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية.
- مين يا أفندم؟ أنا اللواء أحمد رائف، قائد بلوكات النظام فى الإسماعيلية.
- حاضر يا أفندم..
- معالى الوزير صباح الخير يا أفندم..
- صباح النور.. يا أفندم قوات الاحتلال البريطانى وجّهت لنا إنذاراً برحيل قوات البوليس عن مدينة الإسماعيلية، وإحنا يا أفندم رافضين وقررنا المقاومة ومنتظرين تعليمات سعادتك..
- حتقدروا يا أحمد؟..
- يا أفندم مش هانسيب الإسماعيلية حتى لو ضحينا بآخر نفس فينا..
- ربنا معاكم.. استمروا فى المقاومة.
حصار مبنى المحافظةاشتد غضب القائد البريطانى فى القناة، بعد رفض رحيل قوات البوليس، ويأمر قواته بمحاصرة قوات شرطة الإسماعيلية، تتحرك القوات، ويحاصر أكثر من 7 آلاف جندى بريطانى مبنى محافظة الإسماعيلية، والثكنات التى كان يدافع عنها 850 جندياً فقط، ما جعلها معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصَرة.
ويقابل قائد قوات الاحتلال (إكسهام) اليوزباشى مصطفى رفعت، قائد بلوكات النظام الموجودة بمبنى محافظة الإسماعيلية، لإخلاء المبنى، وكان هذا نص المكالمة:
- إذا أنت لم تأخذ قواتك من حول المبنى.. سأبدأ أنا بالضرب، لأن تلك أرضى، وأنت الذى يجب أن ترحل منها ليس أنا.. وإذا أردتم المبنى.. فلن تدخلوه إلا ونحن جثث.. ثم تركه ودخل مبنى المحافظة.
داخل مبنى المحافظة يتحدث اليوزباشى مصطفى رفعت إلى جنوده وزميله اليوزباشى عبدالمسيح، وقال لهم ما دار بينه وبين (إكسهام)، فما كان منهم إلا أن أيّدوا قراره بعدم إخلاء المبنى، وقرروا مواجهة قوات الاحتلال، على الرغم من عدم التكافؤ الواضح فى التسليح، حيث كانت قوات الاحتلال تحاصر المبنى بالدبابات وأسلحة متطورة شملت بنادق ورشاشات وقنابل، فيما لا يملك رجال الشرطة سوى بنادق قديمة نوعاً ما.
قامت القوات البريطانية بإطلاق قذيفة دبابة كنوع من التخويف لقوات الشرطة، أدت إلى تدمير غرفة الاتصال «السويتش»، بالمبنى، وأسفرت عن استشهاد عامل الهاتف، بدأت بعدها المعركة بقوة، التى شهدت فى بدايتها إصابة العشرات من رجال الشرطة واستشهاد آخرين.
الإصراريخرج اليوزباشى مصطفى رفعت، قائد قوة بلوكات النظام الموجودة داخل مبنى المحافظة، إلى ضابط الاحتلال البريطانى فى مشهد يعكس مدى جسارة وشجاعة رجل الشرطة المصرى، فتوقفت الاشتباكات ظناً من قوات الاحتلال أن رجال الشرطة سيستسلمون، ولكنهم فوجئوا بأن اليوزباشى مصطفى رفعت يطلب الإتيان بسيارات الإسعاف لعلاج المصابين وإخلائهم قبل استكمال المعركة، وفقاً لتقاليد الحرب الشريفة التى اعتاد عليها المصريون.
رفضت قوة الاحتلال واشترطت خروج الجميع أولاً والاستسلام، وهو ما رفضه اليوزباشى مصطفى رفعت، وعاد إلى جنوده لاستكمال معركة الشرف والكرامة، التى لم يغب عنها أيضاً أهالى الإسماعيلية الشرفاء، حيث كانوا يتسللون إلى مبنى المحافظة، لتوفير الغذاء والذخيرة والسلاح لقوات الشرطة، رغم حصار دبابات الاحتلال للمبنى.
اشتباكات عنيفةتستمر الاشتباكات بشراسة، بدأت الذخيرة فى النفاد من رجال الشرطة المصرية، ولكنهم رفضوا أيضاً مجرد فكرة الاستسلام، فقرأوا جميعاً فاتحة كتاب الله والشهادتين، بمن فيهم الضابط المسيحى اليوزباشى عبدالمسيح، وقرروا القتال حتى آخر طلقة، وقرر اليوزباشى مصطفى رفعت الخروج من المبنى لقتل قائد قوات الاحتلال (إكسهام)، أملاً منه فى أن يؤدى ذلك إلى فك الحصار وإنقاذ زملائه، وبالفعل عندما خرج، توقف الضرب كالعادة، ولكنه فوجئ بضابط آخر أعلى رتبة من (إكسهام)، وبمجرد أن رأى هذا الضابط اليوزباشى مصطفى رفعت، أدى له التحية العسكرية، فما كان من اليوزباشى رفعت إلا أن يبادله التحية وفقاً للتقاليد العسكرية، وتبين بعد ذلك أن ذلك الضابط هو الجنرال (ماتيوس)، قائد قوات الاحتلال البريطانى فى منطقة القناة بالكامل.
خروج مذليتحدث الجنرال (ماتيوس) إلى اليوزباشى مصطفى رفعت، وقال له إنهم فعلوا ما عليهم بل أكثر، وإنهم وقفوا ودافعوا عن مبنى المحافظة ببطولة لم تحدث من قبل، وأنهم أظهروا مهارة غير عادية باستخدام البنادق التى معهم ووقوفهم أمام دبابات وأسلحة الجيش البريطانى المتعددة، ولا مفر من وقف المعركة بشرف، فوافق اليوزباشى مصطفى رفعت على ذلك، مع الموافقة على شروطه، وهى أن يتم نقل المصابين وإسعافهم بشكل فورى، وأن الجنود الذين سيخرجون من المبنى لن يرفعوا أيديهم على رؤوسهم، بل سيخرجون بشكل عسكرى يليق بهم، مع ترك أسلحتهم داخل المبنى، فوافق الجنرال (ماتيوس) على تلك الشروط، وتم خروج قوات الشرطة بشكل يليق بها وهم فى طابور منظم.