"مصرفي الفقراء" يتولى رئاسة الحكومة في بنغلاديش.. فمن هو؟
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
يتولى محمد يونس الحائز على جائزة نوبل للسلام و"مصرفي الفقراء" رئاسة الحكومة المؤقتة في بنغلادش، بعد يومين من فرار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة التي ناصبته العداء في خطاباتها وعلى المستوى القضائي.
وحصد محمد يونس شهرته العالمية بعد نيله جائزة نوبل للسلام في 2006 تقديراً لمساهمته في التنمية الاقتصادية لبلاده.
وساهم هذا الخبير الاقتصادي في انتشال ملايين النساء الريفيات من براثن الفقر من خلال مصرفه غرامين الرائد للقروض الصغيرة.
وقال يونس عند تسلمه جائزة نوبل "إن الإنسان لم يلد ليعاني من البؤس والجوع والفقر".
وبعد حصوله على جائزته، فكر في إنشاء حزب قبل أن يتخلى بسرعة عن مشروعه الذي أثار عداء النخبة الحاكمة.
وكانت حكومة الشيخة حسينة التي حكمت 15 عاماً وانتهت باستقالتها الإثنين، أظهرت حزماً متزايداً في قمعها للمعارضة السياسية، وجعلت شعبية الخبير الاقتصادي منافساً محتملاً لها.
وأعرب قادة الاحتجاجات الطلابية التي أطاحت حسينة الاثنين، عن رغبتهم بتولى محمد يونس رئاسة حكومة مؤقتة.
واتخذ قرار "تشكيل حكومة انتقالية (...) برئاسة يونس" خلال لقاء بين رئيس الجمهورية محمد شهاب الدين وكبار ضباط الجيش وقادة مجموعة "طلبة ضد التمييز"، الحركة التي نظمت التظاهرات في مطلع يوليو، على ما اعلنت الرئاسة في بيان الأربعاء.
واعلن الحائز جائزة نوبل للسلام الثلاثاء، في بيان مكتوب لوكالة فرانس برس، استعداده لتولي هذه المهمة.
وقال في بيان "لقد ظللت طيلة الوقت بعيدا عن السياسة ... لكن اليوم، إذا كان من الضروري العمل في بنغلادش، من أجل بلدي، ومن أجل شجاعة شعبي، فسأفعل"، داعيا الى تنظيم "انتخابات حرة".
سلسلة قضايا
واجه محمد يونس مئات القضايا أمام المحاكم وتعرض لحملة عدوانية قامت بها منظمة إسلامية تديرها الدولة، والتي اتهمته بالترويج للمثلية الجنسية.
وأجبرته الحكومة على التخلي عن مصرف غرامين في 2011، في قرار اعترض عليه يونس ولكن أيدته أعلى محكمة في البلاد.
وحمل أنصاره الشيخة حسينة المسؤولية، والتي اتهمته "بامتصاص دم الفقراء" من خلال رفع أسعار الفائدة.
وفي يناير، حُكم على يونس وثلاثة من زملائه في غرامين تيليكوم، إحدى الشركات التي أسسها، بالسجن ستة أشهر إثر إدانتهم بانتهاك قوانين العمل.
وينفي الأربعة التهم التي يقول مؤيدون ومجموعات حقوقية، مثل منظمة العفو الدولية، إنها ذات دوافع سياسية، وأطلق سراحهم بكفالة في انتظار الاستئناف.
فقر "مدقع"
ولد يونس في 28 يونيو 1940 من اسرة ثرية في شيتاغونغ. كان والده صائغاً شهيراً. وقال إنه تأثر بشكل خاص بوالدته صوفيا خاتون التي كانت على الدوام تطلب الصدقات لمساعدة الفقراء.
وبعد عودته إلى البلاد في 1971 عند الانتهاء من دراسة الاقتصاد في الولايات المتحدة، تولى رئاسة قسم الاقتصاد في جامعة شيتاغونغ.
وعمل فور عودته على مكافحة الفقر الذي تفاقم بسبب المجاعة الكبرى عام 1974.
وقال في 2006 "كان الفقر المدقع سائداً، في كل مكان، ولم اتمكن من تجاهله".
واضاف "كان من الصعب عليّ تدريس نظريات اقتصادية جميلة في قاعات التدريس الجامعية (...) كان علي أن أفعل شيئاً على الفور لمساعدة الناس من حولي".
وتمثلت مبادرته الأولى في إقراض ماله الخاص لصانعي السلال الفقراء. وكان الغرض من ذلك تسهيل وصول الفقراء إلى القروض الصغيرة والذين لا يمكنهم الحصول على القروض المصرفية التقليدية، بحسب مؤسسة نوبل.
ومع مرور السنين، تحولت مبادرته الى مصرف غرامين الذي أسسه عام 1983 والذي نما بنجاح.
وقال "لقد أنشأنا عالما خاليا من العبودية، عالما خاليا من الجدري، عالما خاليا من الفصل العنصري. إن تأسيس عالم خال من الفقر سيكون أعظم هذه الإنجازات وسيكرسها" مضيفاً إنه "عالم يمكننا جميعًا أن نفتخر بالعيش فيه".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات جائزة نوبل بنغلاديش محمد يونس جائزة نوبل اقتصاد جائزة نوبل محمد یونس
إقرأ أيضاً:
بين الصحافة والسياسة
aloomar@gmail.com
بين الصحافة والسياسة جدارٌ من ورق. هناك صحافيون يمارسون المهنة بقناعات سياسية محددة بل انطلاقاً من انتماءات حزبية . لكن حتى الصحافي المنشغل مهنيا بمتابعة الشؤون السياسية يجد نفسه متورطا في السياسة. حتى ولو لم يلج المعترك السياسي إذ يجد نفسه قسرا مصنفاً سياسياً من قبل قراء غالباً أو ربما ساسة أحياناً. هذا التصنيف لا يعتمد بالضرورة على رؤاه الفكرية أو مواقفه المهنية. فغالبية التصنيفات تحملها أهواء تتراوح مصادرها بين التمجيد والتبخيس. لذلك قد تجد صحافيين انزلقوا إلى المعترك السياسي رد فعل لتصنيف ٍ ، بغض النظر عن كونه عادلاً أو ظالماً. في بعض هذه الحالات نخسر صحافياً ولا نربح سياسياً. في المقابل ثمة نشطاء سياسيون اقتحموا بلاط الصحافة في سياق شهواتهم للسلطة .ألا يصفون الصحافة بالسلطة الرابعة ؟حتى ولو كان في بلد لا توجد فيه غير سلطة واحدة؟! في مثل هذه الحالات لا نكسب صحافياً ولا نخسر سياسياً.
*****
تلك الحالات لاتتفي وجود صحافيين يغريهم بريق السلطة فيكسرون أقلامهم من أجل المناصب. رغم وجود صحافيين يكرسون أنفسهم من أجل خدمة الساسة إلا ان التكسب ليس غاية كل أولئك . فالتكسب المهني حرفة من ليس له أخلاقيات المهنة أو دافعه غايات سياسية وطنية . فبالاضافة إلى الصحافين المنشغلين بما يعرّف مهنيا بالصحافة السياسية ،يجرف التكسب بعضاً من صالات الصحافة الفنية -مثلا،- أو ميادين الرياضية . هذه الهجرة تعرّي كم هو ذلك الجدار الفاصل بين السياسة والصحافة سهل الاختراق. بل هو عند البعض جدار ٌوهمي. مثل هؤلاء المتكسبين أجهضوا حقوق رجال بذلوا بالتزامهم المهني عرقاً لا يقل غزارةً عن حبرهم وتحملوا كلفة تزيد من نبالة مواقفهم. من هؤلاء من أثبت للصحافة هيبة (السلطة الرابعة). منهم من رفع قلمه في وجه إغراءات المناصب .منهم من مارس السلطة بعقلية الصحافي فما احتملوا السلطة إو ضاق بهم محترفو المناصب.
*****
لعل محمد حسنين هيكل لا يجسد فقط أبرز الصحافيين العرب .بل هو كذلك أفضل من يمثل من استمسك بتعظيم القلم على المنصب . كماهو خير شاهد على عدم احتمال الصحافي البقاء في السلطة وضيق أهل السلطة بالصحافي .أبعد من ذلك ربما هيكل نفسه أحسن من كتب عن (العلاقة بين الصحافة والسياسة) في كتاب ممتع بهذا العنوان استعرض فيه سيرته المهنية. هيكل مزج بين الصحافة و السياسة في واحدة من أكثر تجليات تلك العلاقة وضوحاً و تأثيراً .لكأن صحيفة الاهرام كانت على أيامه إحدى مؤسسات رئاسة الدولة النافذة. لكنه في الوقت نفسه حافظ مهنياً على الجدار الفاصل بين الصحافة والسياسة على قدر ما حافظ على النأي بالاهرام من مأسسسةالدولة. رغم اعترافه في كتابه بأنها العلاقة الأكثر تعقيدا.هيكل عقّد تلك العلاقة على نحوٍ شكّل عقدة لكل من السادات ومبارك مثلما هو أيقونة في الصحافة المصرية استحال إعادة نسجها ممن حاولوا من مجايليه أو ممن مظاهيريه.
*****
لعل طارق عزيز يتميز بتألقه في السياسة أكثر من رصيده في الصحافة . رغم أنها هي منصة انطلاقته الأولى .فمن رئاسة تحرير (الثورة)الناطقة باسم حزب البعث صعد طارق عزيز وزيرا للاعلام ثم وزيرا للخارجية فغدا الناطق باسم العراق كله في جميع المنحنيات التاريخية إبان رئاسة صدام حسين خاصة سني حرب إيران وحرب الكويت .هو مجسد مواقف سيده المنافح وصوت سيده الفصيح لكنه وضع على لقاءاته الدبلوماسية والصحافية لمسات من ذاتيته الأنيقة المتعجرفة حتى لكأنه نسخة من شخصية رئيسه.
*****
مثل هيكل نال ونستون تشرشل شهرة على أعتاب الحياة مراسلا حربيا إذ تم تكليفه من قبل ( ديلي غرافيك )لتغطية صراع كوبا من أجل الاستقلال قبيل سفره إلى الجزيرة الكاريبية.كذلك حصل على تكليف من(مورننيغ بوست )بينما كان في مهمة في السودان ضمن جيش كيتشنر هازم الثورة المهدية.عقب عودته،كتب مؤلفه (حرب النهر) ليكتسب اهمية كأحد المراجع لتلك الحرب الاستعمارية. ثم اتجه تشرشل إلى جبهات التنافس السياسي فقاد بريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية رئيسا للوزراء . هو لم يتألق فقط رجل دولة بل ظل يمارس الكتابة الصحافية مما جعله الكاتب الأعلى أجرا.
*****
في سياق الاستعادة لا يمكن تخطي يفغيني بريماكوف فهو رجل لا شبيه له في شرق اوربا.هو نسخة (سوفياتية) انسانية إذ ولد في اوكرانيا ثم تفتحت طفولته في جورجيا قبل الانتقال إلى روسيا يلتحق بجامعات ومعاهد موسكو. هوصحافي محترف في منصات واجهزة اعلامية متعددة.من ادارة القسم العربي في هيئة الاذاعة انطلق بريماكوف مراسلا ثم محررا قبل رئاسة القسم .من الصحافة المسموعة انتقل إلى المكتوبة في جريدة(برافدا) فتدرج كذلك فيها حتى اصبح مراسلا لها في الشرق الاوسط متخذاً من القاهرة مقرا دائما. في هذه المهمة امسى بريماكوف صحافيا معروفا على نطاق عالمي كما محاور اً. مألوفا لدى عدد غير قليل من الرؤوساء والسياسيين والقراء العرب.على صعيد الدولة شغل العديد من المناصب بينها رئاسة المخابرات الخارجية،رئاسة وفود بعثات روسية خارجيةقبل شغله منصب وزير الخارجية في ١٩٩٦ ثم رئاسة الحكومةبعد عامين.
*****
تيارات الهجرة من الصحافة إلى السياسة حملت العديد من الوجوه كماهي
في الاتجاه المعاكس .لكن كثيراً من الطحالب و العناكب غرقت بين الضفتين فذهبت كزبد البحر. لأن من طبع هؤلاء غزل خيوط في لزاجة بيوت العنكبوت بالكذب و التزلف والرياء على أي الضفتين وجدوا. غالبيتهم حاولوا العبور بوهم سهولة اختراق جدار الورق الفاصل بين الصحافة والسياسة.فامسوا فصيلا من المنبتين. الأنظمة الشمولية تهيء مواسم لتكاثر مثل هذه المخلوقات.
نقلا عن العربي الجديد