منذ معركة طوفان الأقصى إلى اليوم، ولا سيما بعد استشهاد رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والقائد في حزب الله، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية لبيروت، وفلسطين والمنطقة كلها تعيش في أجواء الحرب الكبرى، والعالم كله يعيش على إيقاع فلسطين وقوى المقاومة وما تقوم به من صمود وحرب متعددة الجبهات.



وقد فرض العدو الصهيوني خيارا وحيدا للقتال والمواجهة المشتركة، لأن هذا العدو ومن ورائه أمريكا ودول غربية كبرى لا يميز في هذه المواجهة الكبرى بين قوى المقاومة، بل هو يعتبر أنه يخوض حربا مفتوحة ضد هذه القوى المدعومة من إيران، وأن القضاء على حركة حماس والجهاد الإسلامي وقوى المقاومة في فلسطين، ستليه معركة القضاء على حزب الله والجماعة الإسلامية وقوى المقاومة في لبنان، وأن مواجهة حركة أنصار الله في اليمن هي جزء أساسي من هذه المعركة نظرا لدورها في نصرة الشعب الفلسطيني. والأمر نفسه ينطبق على إيران وقوى المقاومة في العراق، وعلى كل دولة قد تسعى للتدخل لمساندة الشعب الفلسطيني كتركيا مثلا، بعد تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتدخل العسكري لدعم الشعب الفلسطيني.

إذن نحن أمام حرب كبرى لا تقتصر على ما يجري في فلسطين، بل هي تمتد إلى كل أنحاء العالم، وذلك لمواجهة هذه الإبادة التي يقوم بها العدو الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.

في ظلال هذه الحرب الكبرى لا يزال الكثيرون في عالمنا العربي والإسلامي مشغولين بالخلافات المذهبية التاريخية، أو بالخلافات السياسية التي عشناها طيلة السنوات العشر الماضية
وفي ظلال هذه الحرب الكبرى لا يزال الكثيرون في عالمنا العربي والإسلامي مشغولين بالخلافات المذهبية التاريخية، أو بالخلافات السياسية التي عشناها طيلة السنوات العشر الماضية، وبعض هؤلاء يستعيد هذه الخلافات من أجل التاكيد على التباين بين قوى المقاومة وأنها ليست موحدة فكريا وسياسيا، وأن التعاون فيما بينها مرتبط اليوم بطبيعة المعركة في فلسطين، والبعض الآخر يريد نشر الفتنة بين قوى المقاومة لأنه يشعر بالخوف من هذا التقارب الإسلامي- الإسلامي لأن هذا التقارب ستكون له تأثيرات سياسية وفكرية واستراتيجية على كل المنطقة والعالم، ولذا يجب العمل لتفكيك هذا التقارب واستغلال أي حدث لإثارة الفتنة والعودة إلى مرحلة الصراعات التاريخية أو المذهبية.

إثارة هذه الخلافات اليوم تذكرّنا بالجدل البيزنطي والذي يرجع إلى زمن الإمبراطورية البيزنطية المسيحية التي امتدت من العصور القديمة المتأخرة وإلى غاية نهايات العصور المتوسطة، وكانت القسطنطينية هي عاصمة الإمبراطورية قبل أن تتحول إلى إسلام بول أو الأستانة أو مدينة إسطنبول بعد فتحها من قبل القائد العثماني محمد الثاني عام 1453.

واستنادا إلى العديد من المصادر التاريخية، فإن تجليات هذا الجدل غير الواقعي وغير المفيد قد بدأ في القرن السابع الميلادي وانتهى بزوال الإمبراطورية البيزنطية نفسها من قبل الفاتحين العثمانيين في القرن الخامس عشر.

ومن المواضيع التي كان يدور حولها ذلك الجدل "فيما إذا كان المسيح ذا طبيعة واحدة أو طبيعتين" أو حول جنس الملائكة، هل هم من الذكور أو الإناث؟ أو حول حجم إبليس، هل هو كبير أم صغير؟ وقضايا أخرى مماثلة.

وعلى الرغم من وقوف معظم أباطرة الإمبراطورية بحزم ضد هذه السجالات غير المفيدة ابتداء من قسطنطين الثاني وإلى غاية قسطنطين الحادي عشر، إلا أن ذلك لم يكبح جماحها إلى أن ساهمت بالنهاية في تضعضع الإمبراطورية البيزنطية وتقويضها من قبل الفاتحين العثمانيين.

واليوم ونحن نعيش في ظلال حرب فلسطين الكبرى يريد الكثيرون إعادتنا إلى الجدل البيزنطي الإسلامي واستعادة الخلافات المذهبية وإثارة الشكوك بين قوى محور المقاومة، طبعا ليس المطلوب أبدا التغاضي عن وجود خلافات فكرية أو سياسية أو حتى عقائدية أو فقهية بين قوى محور المقاومة، وليس المطلوب عدم العمل من أجل تخفيف التوترات المذهبية والسعي لمعالجة هذه الأزمة بشكل حقيقي وصولا لرؤية أو مشروع إسلامي موحد وحقيقي، ومن خلال الاستفادة من كل التجارب الوحدوية السابقة.

ما نحتاجه اليوم استعادة الوعي الإسلامي المشترك والعودة إلى المحطات المشتركة في مسيرة العمل العربي والإسلامي، وهي كثيرة، والتأكد أنه كلما توحدنا وتعاونا كلما نجحنا في مواجهة العدو وساهمنا في دعم الشعب الفلسطيني وحررنا الأراضي المحتلة
لكن ما فائدة إثارة هذا الحجم الكبير من الخلافات المذهبية والعقائدية اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وما الفائدة ومن المستفيد من إثارة الشكوك والخلافات بين قوى المقاومة بعدما وحدت فلسطين هذه القوى وفي ظل بذل الدماء المشتركة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن وإيران في مواجهة العدوان الصهيوني- الأمريكي- الغربي.

من المؤكد أننا عشنا مراحل صعبة خلال السنوات الماضية، وبرزت خلافات اساسية حول مقاربة العديد من القضايا والملفات، وكل ذلك يحتاج لحوار ونقاش حقيقي وعميق، لكن هل اليوم هي اللحظة المناسبة لإثارة هذه الخلافات؟ وهل ينفع النقاش حول فيما المنطقة كلها على شفير حرب كبرى.

ما نحتاجه اليوم استعادة الوعي الإسلامي المشترك والعودة إلى المحطات المشتركة في مسيرة العمل العربي والإسلامي، وهي كثيرة، والتأكد أنه كلما توحدنا وتعاونا كلما نجحنا في مواجهة العدو وساهمنا في دعم الشعب الفلسطيني وحررنا الأراضي المحتلة، وواجهنا هذا العدو المشترك لنا جميعا، وبعد ذلك نجلس ونناقش في الخلافات المذهبية التفصيلية.

علينا اليوم استعادة قول الشاعر:

تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا    وإذا افترقن تكسّرت آحادا

هذه هي القاعدة الصحيحة اليوم كي يتحقق الانتصار الكامل، وإلا نكون نقدّم لعدونا هدايا مجانية، ففيما هو يخوض حربا شاملة نغرق نحن في الجدل البيزنطي ونخسر المنطقة كلها وليس فلسطين فحسب.

x.com/kassirkassem

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين المقاومة المذهبية فلسطين المقاومة الطائفية المسلمين المذهبية مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العربی والإسلامی الشعب الفلسطینی وقوى المقاومة الحرب الکبرى فی فلسطین فی ظلال

إقرأ أيضاً:

عزّ الدين: أيّ تقدير خاطئ للعدوّ يُورط المنطقة ويتحمل هو مسؤوليته

أشار عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن عز الدين الى أن "يوم ٧ تشرين الاول، يوم مجيد أضعف معظم عوامل القوة والمناعة لدى العدو وافشل مشاريع اميركا وحلفائها في المنطقة وجعل الكيان المؤقت في ازمة وجودية ادى الى استنفار اميركا والغرب وادواته في المنطقة لدعم الكيان".

كلام عزّ الدين جاء خلال الحفل التكريمي الذي أقامه "حزب الله" في حسينية بلدة زفتا الجنوبية للشهيد على "طريق القدس" فؤاد فريد سليمان، بمشاركة شخصيات وفاعليات، علماء دين، عوائل الشهداء والأهالي، ووفد من بلدة حولا الجنوبية.

وقال: "نجد اليوم ان جبهة المقاومة التي تقف في مواجهة مشروع الاستكبار والهيمنة والتسلط ونهب الثروات هو في خط بياني تصاعدي في القدرات وإرادة المواجهة مقابل تراجع لهيمنة اميركا واسرائيل وحلفائهما في المنطقة، وفي هذا السياق، فإن ما فعلته المقاومة وما وصلت إليه إستطاعت أن تشكّل تهديدا إستراتيجياً ووجوديًّا على العدو من خلال الإسناد والنصرة لأهل فلسطين".

وأضاف: "ما زالت المقاومة تُدير هذه المعركة، وهي تمتلك كامل القدرة في الإدارة والسيطرة والتحكم، على الرغم من كل الضربات القاسية والمجرمة التي يقوم بها جيش العدوّ عندما يقصف القرى والمدن ويُهدّم البيوت ويغتال المجاهدين، رغم ذلك لم يتمكن من أن يُضعف هذه المقاومة.وفشل العدو بذلك وبقيت المقاومة على وتيرتها، بل وأصبحت أكثر فعالية وتقدمت الى  عمق الكيان وضاعفت من حجم إستخدام النيران الذي يؤذي هذا العدوّ" .

ولفت عزّ الدين إلى أنّ "العدوّ فشل ايضا في محاولاته على تفكّيك اللحمة والإرتباط المحكم ما بين المقاومة وأهلها وبيئتها الحاضنة، ولكن غاب عن باله أن كلّ الشهداء وكلّ المجاهدين الذين ما زالوا يُرابطون على الثغور وعلى خطوط التماس هم من هذه البيئة العزيزة والشريفة التي ما زالت تقدم التضحيات الغالية وتؤكد ثباتها في الصمود والعطاء وترفض الإنصياع لتهديدات العدو وتهويله".

وقال: "ان المشاريع والمبادرات التي يقدّمونها لإخراج قوّات الرضوان عن خطّ التماس وإبعادهم عن الحدود هي محاولات يائسة وبائسة لا تُعير لها البيئة الحاضنة إهتماماً ولا أُذُناً صاغية، وتعتبرها ذرا للرماد في العيون، وهي ما زالت تَحمي المقاومة وتدعمها وتُدافع عنها".

وأشار إلى أنّ "ما أوردته قناة الميادين عن إصابة الهدف يؤكد خسائر العدوّ من خلال هذه الإصابة عبر الطائرات الإنقضاضية الستة التي وصلت إلى مكان الهدف في ضاحية عاصمة الكيان وأصابت المركز الأهم والأكبر على المستوى الأمني والاستخباراتي"، مؤكدا  أن "الردّ كان قويًّا وحاسمًا ورادعًا للعدوّ، وفي الوقت نفسه باتت ضاحية عاصمة الكيان الصهيوني ضمن الإستهداف وجزءا من المعادلة فيما لو فكّر هذا العدوّ وأخطأ التقدير في حساباته ليورط المنطقة فسيندم على حماقته ويتحمّل المسؤولية الكاملة ما يُقدِم عليه".

وختم عزّ الدين: "المقاومة تمتلك كلّ مقوّمات القدرة والإمكانيات التي تجعل من هذا العدوّ صاغراً وإبقائه مقيدا بالمعادلات التي ترسمها المقاومة، وإنّ أيّ وقف لإطلاق النار يعني إعلان الهزيمة لهذا العدوّ وللمشروع الأميركي والغربي في هذه المنطقة".

مقالات مشابهة

  • السنوار سيوجه رسالة مباشرة إلى فلسطين والعالم قريبا
  • تحذير أميركي عبر هوكشتاين يسابق الحرب الكبرى
  • عزّ الدين: أيّ تقدير خاطئ للعدوّ يُورط المنطقة ويتحمل هو مسؤوليته
  • فنيش: المقاومة بالمرصاد لأي تصعيد
  • حسين الحاج حسن: نعرف كيف أوجعنا العدو وأين
  • «القسام» تستهدف اللواء الغربي لـ الاحتلال شمال فلسطين
  • قائد الثورة يتوجه بالدعوة للشعب اليمني بالخروج المليوني غير المسبوق يوم غد في الفعاليات الكبرى للمولد النبوي
  • في ظلال طوفان الأقصى “117”
  • جبهات المقاومة تعقد اجتماعا ثلاثيا حول مصير فلسطين في ظل طوفان الاقصى
  • لجان المقاومة تنعى شهداء كتيبة طوباس