خبراء دوليون: البنك المركزي في عدن يسيء استخدام المساعدات .. ومزادات بيع العملة ضبابية
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
الجديد برس:
أوضح خبراء دوليون أن البنك المركزي اليمني في عدن يواجه تحديات ناجمة عن التنافس الجاري بين أطراف الصراع على الموارد، مؤكدين عجز البنك عن تنظيم المؤسسات المالية للاستفادة من المساعدات.
وأكد الخبير الاقتصادي أليكس هاربر- في ورقة عمل نشرها موقع مركز صنعاء للدراسات- أن هذه التحديات تتزامن مع انحسار ثقة الجهات الأممية والمانحة بجدوى العمل بمقترحات البنك المركزي في عدن المتصلة بتحويل المعونات والمساعدات الخارجية عبره، خشية تسييس التدخلات الإغاثية والمساعدات الإنسانية.
الورقة التي أعدها الخبير الدولي في إطار مشروع “آفاق تحسين تقديم المساعدات الإنسانية في اليمن من منظور اقتصادي ومحلي” المُموّل من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون؛ أشارت إلى أن الانقسام المالي (الناجم عن نقل وظائف وعمليات البنك المركزي من صنعاء إلى عدن) أدى إلى تبني سياسات اقتصادية ونقدية متباينة.
ونبَّهت الورقة إلى أن ذلك أدى لتفاقم تدهور الوضع المعيشي في البلاد، خصوصاً مع بروز التفاوت في سعر صرف الدولار بين منطقتين اقتصاديتين، حيث انهارت قيمة “الريال” في نطاق الحكومة اليمنية 1,725 ريالاً للدولار الواحد، بينما بلغ سعره في نطاق حكومة صنعاء 600 ريال للدولار، في ديسمبر 2021م، مشيرة إلى أن الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة باتت تحصل على أسعار صرف غير ملائمة لمشاريعها المنفذة في مناطق سيطرة الحكومة، مع اعتماد البنوك التي تتخذ من صنعاء مقراً لها أسعار صرف مقاربة للسعر المعتمد من سلطات من وصفتهم بالحوثيين (حكومة صنعاء).
وأشارت الورقة إلى المحاولات التي بذلت لمساعدة البنك في السنوات الماضية، كتقييد الوديعة السعودية بقيمة ملياري دولار أمريكي لحساب البنك في عدن عام 2018، والوديعة الثانية في فبراير 2023م، بالإضافة إلى عقد البنك منذ نوفمبر 2021 مزادات أسبوعية لبيع العملات الأجنبية للبنوك اليمنية بسعر مُخفّض بهدف تخصيصها لمستوردي السلع الأساسية.
وتؤكد الورقة أنه رغم هذه المحاولات، ما تزال احتياطيات الحكومة من النقد الأجنبي في حدها الأدنى، ويتزامن هذا مع ضبابية تحوم حول قدرة الحكومة مستقبلاً على الاستمرار في تنظيم مزادات بيع العملات.. لافتة إلى أن توقف صادرات النفط اليمنية، بعد قرار صنعاء حظر التصدير-مشترطة صرف مرتبات جميع موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين من عائدات النفط والغاز- ضيَّق الحبل حول عنق الحكومة.
وأوضحت ورقة العمل الاقتصادية أنه رغم اعتماد اليمن على الواردات لتلبية معظم احتياجاته من الوقود والغذاء، إلا أن القدرة المحدودة على تغطية تكاليف استيراد هذه السلع تظل أكبر عوامل انعدام الأمن الغذائي.
وبيَّنت أن الأمم المتحدة بادرت في 2021م بالتعاون مع البنك المركزي في عدن لتقييم أسعار صرف الودائع المرتبطة بأموال المساعدات، لكنها خلصت إلى أن مخاطر السوق عالية جداً مقابل المنفعة المحتملة المتدنية للغاية لأي تعامل مباشر مع البنك.
وقالت الورقة: رغم أن المساعدات الإنمائية الخارجية لليمن بلغت مليارات الدولارات سنوياً منذ عام 2015، إلا أن المبالغ الفعلية المُحوّلة إلى المؤسسات المالية اليمنية أقل بكثير من ذلك، وكذلك الأمر بالنسبة للمبالغ التي يتم مصارفتها إلى الريال اليمني.
وفي اتهام ضمني للأمم المتحدة بالتلاعب بالمساعدات الخارجية عبر صرفها على النفقات التشغيلية للمنظمات التابعة لها وشراء المساعدات من الخارج الذي حرم اليمن من تدفق جزء كبير من العملة الصعبة، أشارت الورقة إلى أن نسبة كبيرة من المساعدات الخارجية، وخاصة المساعدات الإنسانية، تصرف على شراء المساعدات العينية من خارج اليمن، والنفقات بالعملة الصعبة داخل اليمن (لتغطية الرواتب، المشتريات، إلخ).
ولفت الخبير الاقتصادي في مركز صنعاء للدراسات أليكس هاربر، إلى أن أي تعامل مباشر مع الجهات المالية في اليمن ينطوي على خطر استخدام المساعدات لدعم الأجندات السياسية، خصوصاً في ظل “الحرب الاقتصادية”، تزامن هذا مع تدني مستوى ثقة الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة بشكل عام في المؤسسات الحكومية اليمنية.
وأضافت ورقة العمل التي نشرها مركز صنعاء للدراسات: “إن المقترحات المطروحة من المؤسسات المالية اليمنية (كالطلب المقدم من البنك المركزي اليمني في عدن عام 2021) تنطوي على دوافع ذاتية، ولا تأخذ بعين الاعتبار المخاطر الكامنة في مثل هذه التعاملات، كخطر تسييس المعونات/ المساعدات واستغلالها”، حسب تعبيرها.
وأشارت الورقة إلى الضبابية التي تتسم بها عمليات البنك المركزي في عدن، حيث يعقد مزادات لبيع العملة الأجنبية من أجل دعم البنوك، ومن خلالها دعم المستوردين الذين تشتد حاجتهم للعملة الصعبة (..)فرغم الإفصاح علناً عن المبالغ المعروضة في المزادات والسلع، تُحجب أسماء البنوك والتجار المشترين للعملة الأجنبية وكذلك المعلومات المتعلقة بمصدر العملة الصعبة المعروضة للبيع.
ودعت الورقة البنك المركزي في عدن إلى انتهاج أكبر قدر من الشفافية فيما يتعلق بالإفصاح عن مصدر العملة الصعبة المعروضة للبيع في مزاداته المنعقدة بشكل منتظم، وأن يضغط على البنوك/ المؤسسات المُشترية للعملات المعروضة في المزادات لتوضيح متى تُستخدم لدعم استيراد السلع الأساسية، كالغذاء والوقود.
وأوصت الورقة وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية المنخرطة في الاستجابة الإنسانية وتوفير المساعدات في اليمن، بضرورة تجميع البيانات المالية على المستوى المحلي لتحديد المبالغ التي تُحوّل إلى البنوك اليمنية وخلال أي فترات زمنية، لإنشاء الأسس اللازمة لنظام يربط التحويلات المالية الدولية بشكل أقوى بالاحتياجات التمويلية لمستوردي السلع الأساسية والضرورية في اليمن.
وشددت على ضرورة نشر الهيئات الاقتصادية اليمنية البيانات المتعلقة بتحويلات المعونات/ المساعدات المتدفقة إلى المؤسسات المالية اليمنية كلما كان ذلك ممكناً، مطالبة المجتمع المدني اليمني والجهات الفاعلة الدولية والجهات الفاعلة في القطاع الخاص (التجار المستوردين والمؤسسات المالية على حد سواء)، بضرورة التعاون من أجل استكشاف سُبُل وضع آلية محايدة تضم طرفاً ثالثاً لتجميع البيانات المالية المتعلقة بتحويلات المعونات/ العمل الإنساني.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: البنک المرکزی فی عدن المؤسسات المالیة العملة الصعبة الورقة إلى فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
عاجل - البنك المركزي يثبت سعر الفائدة في آخر اجتماعات 2024
قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري في اجتماعهـا يـوم الخميس الموافـق 26 ديسمبر 2024 الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75%، على الترتيب. كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%. كما تقرر خلال الاجتماع تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028 عند 7% (± 2 نقطة مئوية) و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط على الترتيب، وذلك اتساقا مع التقدم التدريجي للبنك المركزي نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم.
على الصعيد العالمي، واصلت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة خفض أسعار العائد تدريجيا في ضوء استمرار تراجع معدلات التضخم، مع الإبقاء على سياسات التشديد النقدي، إذ إن معدلات التضخم المحققة لا تزال تتجاوز المستويات المستهدفة. ويتسم معدل النمو الاقتصادي باستقراره إلى حد كبير وتشير التوقعات إلى أنه سوف يستمر عند مستوياته الحالية، وإن كان لا يزال أقل من مستويات ما قبل جائحة كورونا. ومع ذلك، تظل توقعات النمو عُرضة لبعض المخاطر ومنها التأثير السلبي للتشديد النقدي على النشاط الاقتصادي، والتوترات الجيوسياسية، واحتمالية عودة السياسات التجارية الحمائية. وبالنسبة للأسعار العالمية للسلع الأساسية، فقد شهدت تقلبات طفيفة في الآونة الأخيرة، وتشير التوقعات بانخفاض محتمل في أسعارها، وخاصة منتجات الطاقة. ومع ذلك، لا تزال المخاطر الصعودية تحيط بمسار التضخم، بما في ذلك اضطرابات التجارة العالمية والتأثير السلبي لأحوال الطقس على الإنتاج الزراعي.
وعلى الجانب المحلي، تفيد المؤشرات الأولية للربعين الثالث والرابع من عام 2024 باستمرارية تعافي النشاط الاقتصادي، مع تسارع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقارنة بالربع الثاني من عام 2024. ومع ذلك، يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل من طاقته القصوى، مما يدعم الانخفاض المتوقع في التضخم خلال عام 2025، ومن المتوقع أن يحقق طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026. وفيما يتعلق بالأجور، لا تزال الضغوط التضخمية الناجمة عنها محدودة في ظل ضعف معدل النمو الحقيقي للأجور.
وعلى الرغم من أن المعدل السنوي للتضخم العام شهد استقرارا خلال الثلاثة أشهر الماضية، فقد تراجع في نوفمبر 2024 إلى 25.5٪ نتيجة انخفاض أسعار المواد الغذائية، إذ سجلت أسعار المواد الغذائية الأساسية والخضروات الطازجة أدنى معدل تضخم سنوي لها فيما يقرب من عامين عند 24.6٪ خلال نوفمبر 2024. بينما ارتفعت الأسعار المحددة إداريا للسلع غير الغذائية، بما في ذلك منتجات الوقود والنقل البري ومنتجات التبغ، بما يتسق مع إستراتيجية زيادة الإيرادات الرامية إلى الحد من العجز المالي. وعليه، انخفض المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 23.7٪ في نوفمبر 2024 مقابل 24.4٪ في أكتوبر 2024. وتشير هذه النتائج، جنبا إلى جنب مع تحسن توقعات التضخم وعودة معدلات التضخم الشهرية إلى نمطها المعتاد، إلى أن التضخم سوف يواصل مساره النزولي.
وبعد عامين من الارتفاع الحاد في معدلات التضخم عالميا، بدأ التضخم في الاقتصادات المتقدمة والناشئة في التراجع، وإن كان لا يزال أعلى من معدلاته المستهدفة. وبالمثل، بدأ معدل التضخم العام في مصر في التراجع خلال الآونة الأخيرة، ومن المتوقع أن يسجل نحو 26% في الربع الرابع من عام 2024 في المتوسط، متخطيا بذلك المعدل المستهدف للبنك المركزي البالغ 7% (± 2 نقطة مئوية). ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية المحلية والعالمية خلال الفترة 2022-2024، من أهمها: (1) تراكم الاختلالات الخارجية نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية خلال عام 2021، والتضخم المستورد، وتخارج استثمارات حافظة الأوراق المالية عقب اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، (2) وصدمات العرض المحلية وعدم ترسيخ توقعات التضخم، وأخيرا (3) إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة بهدف التشديد المالي ووضع الدين على مسار نزولي. وقد أدت هذه التطورات مع تحركات سعر الصرف إلى تخطي التضخم معدله المستهدف، إذ بلغ المعدل السنوي للتضخم العام ذروته عند 38.0% في سبتمبر 2023 قبل انخفاضه إلى 25.5% في نوفمبر 2024.
وبدءا من مارس 2024، اتخذ البنك المركزي المصري عددا من الإجراءات التصحيحية بهدف استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، مما أدى إلى احتواء الضغوط التضخمية وخفض التضخم العام. ومن أبرز هذه الإجراءات السياسة النقدية التقييدية التي اتبعها البنك المركزي، وتوحيد سوق الصرف الأجنبي مما ساعد على ترسيخ توقعات التضخم، وجذب المزيد من تدفقات النقد الأجنبي. ورغم ذلك، تتضمن المخاطر المحيطة بالتضخم احتمالات تفاقم التوترات الجيوسياسية وعودة السياسات الحمائية وزيادة تأثير إجراءات ضبط المالية العامة. وتشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءا من الربع الأول من عام 2025 مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026.
وبالنظر إلى توقعات التضخم وتطوراته الشهرية، ارتأت لجنة السياسة النقدية أنه من المناسب تمديد الأفق الزمني لمستهدفات التضخم إلى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028 عند 7% (± 2 نقطة مئوية) و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط، على الترتيب، ومن ثم إتاحة مجال لاستيعاب صدمات الأسعار دون الحاجة للمزيد من التشديد النقدي، وبالتالي تجنب حدوث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي.
وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الإبقاء على أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي دون تغيير يعد ملائما حتى يتحقق انخفاض ملحوظ ومستدام في معدل التضخم، بما يؤدي إلى ترسيخ التوقعات وتحقيق معدلات التضخم المستهدفة. وسوف تتخذ اللجنة قراراتها بشأن مدة التشديد النقدي ومدى حدته على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات. وسوف تواصل اللجنة مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على المؤشرات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة للوصول بالتضخم إلى معدلاته المستهدفة من خلال الحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب واحتواء الآثار الثانوية لصدمات العرض.