حياتهم جحيم.. جعجع: معاناة أهل الجنوب مرتبطة بالأمن القومي الإيراني
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
أعرب رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع، عن "أعمق مشاعر التعاطف مع اللبنانيين الجنوبيين، خصوصاً أهالي القرى الحدودية، الذين منذ عشرة أشهر وحتى اليوم، لم يعرفوا النوم أو لحظة سكينة، هذا إن لم يسقط لهم شهيد"، واصفا حياتهم بأنها "جحيم".
كلام جعجع جاء خلال العشاء السنوي لمنسقيّة المتن الأعلى في حزب "القوّات اللبنانيّة"، والذي أقيم في المقر العام للحزب في معراب، حيث تساءل عن "سبب هذه المعاناة وما هو مبررها"، مستفسرا عن "ضرورات الأمن القومي اللبناني التي دفعت البلاد إلى هذا الواقع".
وسأل جعجع: "ما هي ضرورات الأمن القومي اللبناني التي دفعت بنا إلى هذا الواقع؟ يطل علينا مسؤولو الممانعة ويُتحفوننا يومياً بخطب من هنا وهناك مبررين ما يحصل بضرورة مرتبطة بالأمن القومي، ولا أعرف تماماً إذا كان هناك أحد "عنده جلادة يسمعهم".
وقال: "أليس لمصر ضرورات أمن قومي أيضاً كهذه الضرورات المرتبطة بالأمن القومي اللبناني التي يتكلمون عنها، على الرغم من أن مصر جمهورية من 110 ملايين نسمة وتتشارك الحدود مع غزة تحديداً؟ أليس للأردن ضرورات مماثلة أيضاً؟ لنترك مصر والأردن ولنأتِ إلى سوريا التي يعتبرونها نجمة "محور الممانعة"، على الرغم من أنها نجمة لا وميض لها، فحتى سوريا ليس لديها ضرورات أمن قومي دفعتها للدخول في الحرب كتلك التي أوجدها البعض عندنا في لبنان لزج البلاد بأكملها في حرب، حتى هذه اللحظة لا أعرف تماماً ما هي مبرراتها".
وشدد جعجع على "أن المعاناة كلها التي يعيشها أهل الجنوب اليوم مرتبطة بالأمن القومي الإيراني"، مشيرًا إلى "أن الحرب الحالية ستنتهي بنتائج كارثية على لبنان، فإن توقفت اليوم وهو أمر مستبعد بما أن التصعيد سيّد الموقف، فقد حصدت هذه الحرب حتى اللحظة أكثر من 500 شهيد وما بين مليارين وثلاثة مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية في الجنوب، بالإضافة إلى ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار من الخسائر على الاقتصاد اللبناني". وأكد "أن المسؤولين عن بدء العمليات العسكرية في جنوب لبنان يتحملون مسؤولية هذه الخسائر كلها".
اضاف: "أما بالنسبة للحل، فانه واضح وسهل ويتمثل في انتشار الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية وتولي مهمة الدفاع عنها"، رافضا "النظريات التي تُروّج لعجز الجيش اللبناني"، ومؤكدًا أن "دول العالم تدعو إلى تطبيق القرار 1701 لإنهاء المشكلة في الجنوب، بينما يراوغ المسؤولون اللبنانيون ولا يقدمون أي أجوبة واضحة على المقترحات".
وفي ما يتعلق بجريمة انفجار مرفأ بيروت، أشار جعجع إلى أنها "وعلى الرغم من أنها أوقعت قرابة 230 شهيدًا وآلاف الجرحى وعشرات الآلاف من المتضررين ومليارات الدولارات من الخسائر، إلا أن ضررها الأكبر هو على النفسية المجتمعية اللبنانية التي تأثرت بشكل عميق". وعبّر عن استيائه من تعطيل "محور الممانعة" التحقيقات في هذه الجريمة، مؤكدًا أن حزب "القوّات اللبنانيّة" "لن ينسى هذه الجريمة وسيستمر في السعي لتحقيق العدالة مهما طال الزمن". وقال: "مهما طال الزمن، ونحن في الذكرى الرابعة، ومن الممكن أن تمر سنة إضافية أو سنتان أو ثلاث أو عشر سنوات أو خمسون سنة، لن ننسى جريمة انفجار مرفأ بيروت ولن نترك هذه القضية، وسنستمر في مسعانا بالوسائل القانونية المتاحة كلها لنا إلى حين إنزال العقاب بجميع المسؤولين عن هذه الجريمة".
وأوضح جعجع أن حزب "القوّات" "عمل منذ اربع سنوات في المحافل الدولية سعياً لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في انفجار المرفأ"، مؤكدًا أن "العمل صعب ولكن الحزب مستمر في المطالبة بتشكيل هذه اللجنة". وأشار إلى أن "بعض الدول لا ترغب في مواجهة إيران ولهذا السبب لم توافق على تشكيل اللجنة، لكن "القوّات" شعرت ببعض التغيرات الإيجابية في هذا الإطار أخيراً".
ودعا جعجع وزير العدل والحكومة إلى "تحمل مسؤولياتهما لضمان حسن سير العدالة ودفع التحقيقات في انفجار المرفأ قدما". واقترح "ان يدعو وزير العدل مجلس القضاء الأعلى لإجتماع يتم فيه وضع التحقيق في انفجار مرفأ بيروت في مقدمة جدول الأعمال، حيث يبادر الوزير الى مطالبة المجلس بإزالة مختلف العقبات أمام التحقيقات خلال مهلة قصيرة يحددها لهم تحت طائلة تحميلهم مسؤوليّة تعطيل التحقيقات"، مشيرًا إلى أن "السلطة السياسية مسؤولة عن حسن سير العدالة على الرغم من تطبيق مبدأ فصل السلطات في لبنان".
وقال: "للأسف، وبعد مقدار الكذب والنصب الذي ارتكبه الفريق الآخر، لم يعد باستطاعة أحد أن يعرف مكمن الحقيقة، وفي بعض الأوقات يعتبر الناس أن بعض الأمور من المستحيل أن تحصل باعتبار أن ليس هناك من سبيل لإنجازها، في حين أن الحلول سهلة جداً. السلطة السياسية في نهاية المطاف مسؤولة عن كل شيء، صحيح أنها ليست مسؤولة عن إصدار الأحكام إلا أنها مسؤولة عن حسن سير العدالة، وبالتالي يمكنها التدخل الآن من أجل أن توقف التعطيل وتزيل العقبات من أمام المحقق العدلي، الذي تولّت بذاتها تعيينه، لكي يمضي في تحقيقاته التي وصلت إلى خواتيمها بحسب ما يتم تداوله، كي يصدر القرار الظني، الذي يُرسل إلى المجلس العدلي لتبدأ المحاكمات".
وأوضح جعجع أنه قال كل ما قاله لأنه يجب أن "نبدأ بالإشارة الى المشكلة بالإصبع، فأكبر جريمة ترتكب بحق لبنان واللبنانيين هي "التعميم القاتل"، وقال: "يستعمل بعض من في الصحافة كما بعض الناشطين عندما يريدون اتهام جهة معينة بمسألة ما تعابير كـ"السياسيين" و"الطبقة السياسية"، في حين أنه يجب أن يقولوا مَن وبالإسم، مَن عطّل هذه المسألة ومَن ارتكب تلك، لأنه بالتعميم ليس هناك من مذنب فعلي حقيقي يمكن ملاحقته، ومن يستفيد من هذه المسألة فحسب هو المرتكب الحقيقي الذي تم التعمية على ارتكابه بـ"التعميم القاتل" ويستمر بفعلته من دون لا حسيب ولا رقيب".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بالأمن القومی على الرغم من مسؤولة عن
إقرأ أيضاً:
واحد يُقتل كل يوم.. معاناة وندوب نفسية يعيشها الأطفال بسبب حرب لبنان
في تقرير صادم، كشف مكتب اليونيسف تداعيات الحرب على الأطفال في لبنان منذ الرابع من أكتوبر، مسجلا مقتل طفل على الأقل يوميًا، إلى جانب إصابة عشرة آخرين في المواجهات العسكرية.
وتُعد هذه الأرقام، الصادرة الخميس، مؤشرًا على المعاناة التي يعيشها الأطفال، في ظل تساؤلات حول دور السلطات المحلية والمسؤولية الدولية في حماية هؤلاء من دوامة العنف.
ندوب وصدماتأحمد، طفل من بعلبك يبلغ عشر سنوات، مثال على المعاناة التي يعيشها الأطفال يوميًا. يحكي كيف فقد شقيقته في قصف منزلهما، لموقع "الحرة"، ويقول بصوت متحسر: "كنا نلعب معًا كل مساء، والآن ألعب وحدي".
قصة أحمد ليست سوى واحدة من قصص كثيرة لأطفال يعانون من تداعيات الوضع في لبنان. وينقل تقرير اليونيسف عن وزارة الصحة اللبنانية أنّ عدد الأطفال الذين قُتلوا منذ أكتوبر 2023 بلغ 16، بينما أُصيب ما لا يقلّ عن 1168طفلًا آخرين.
وتشير تقارير اليونيسف إلى أن آلاف الأطفال الناجين من القصف يعانون من ضغوط نفسيّة شديدة جراء تصاعد العنف والفوضى.
وفي تقريرها الأخيرة، شدّدت اليونيسف على أنّ "التعافي الحقيقي" للأطفال في لبنان مرهون بوقف العنف، مؤكّدة على أهمية "تحقيق هدنة فورية تتيح لهم الوصول الآمن إلى الخدمات الأساسية والبدء في التئام جراحهم النفسية والجسدية".
ويؤكد خبراء في علم النفس أنّ هذه الصدمات يمكن أن تترك آثارًا نفسية دائمة على الأطفال، مثل اضطرابات ما بعد الصدمة والقلق المزمن.
وفي حديث لموقع "الحرة"، تشرح اختصاصية الطب النفسي، ريما بجاني، أنّ الأطفال الذين يتعرضون للعنف قد يواجهون مشاكل في العلاقات الاجتماعية مستقبلًا، ويعانون من فقدان الإحساس بالأمان، مما قد يؤدّي إلى تعطل نموّهم العاطفي والاجتماعي.
تسعى منظمات لتنظيم برامج تخفف عن الأطفال في لبنان وطأة الحربوتضيف بجاني أن ما يضاعف من حدة الأزمة هو أن الأطفال "فقدوا الثقة في الأمان من حولهم"، إذ لا يقتصر العنف على مناطق النزاع، بل يمتدّ إلى المنازل والأحياء السكنيّة، مما يجعل الأطفال يشعرون أنهم ليسوا آمنين في أي مكان. ومع تكرار حالات استهداف المنازل، تصبح حياة الأطفال معرضة للخطر بشكل مباشر، وهو ما يتطلب من المجتمع اتخاذ إجراءات فورية لحمايتهم، وفق المختصة في الطب النفسي.
من المسؤول؟مع تفاقم الوضع، تبرز مساع لتتبع الأطفال المتضررين من الحرب. وفي هذا السياق، تسعى وزارة الشؤون الاجتماعية إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتضرّرين عبر برامج متخصّصة، إذ صرّحت منسّقة قطاع الحماية في خليّة الأزمة المركزيّة بالوزارة، سناء عواضة، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ الوزارة تقدّم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والنساء من خلال فرق متنقّلة ومراكز الخدمات الإنمائيّة، خصوصًا في مناطق الجنوب مثل قضاء جزين وصيدا.
وتعمل الفرق التي تتألف من عاملات اجتماعيات واختصاصيّين نفسيّين على تنظيم أنشطة وألعاب تتيح للأطفال التعبير عن مشاعرهم والتنفيس عن صدماتهم. كما تتعاون الوزارة مع منظمات دوليّة، مثل اليونيسف و"Save the Children" لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، وتحرص على متابعة حالات الأطفال الذين يعانون من ظروف اجتماعية صعبة، سواء ضمن أسرهم أو عبر إحالتهم إلى مؤسسات رعاية خاصة إذا دعت الحاجة.
بينما يشدّد المحامي رالف أبي عساف، في حديث لموقع "الحرة"، على ضرورة أن "تتحمّل الحكومة اللبنانيّة، وخصوصًا وزارة الشؤون الاجتماعيّة، مسؤوليّاتها تجاه الأطفال المتضرّرين من النزاعات".
لبنان.. أمومة غير مكتملة وأطفال يولدون "نازحين" رضيع قضى في غارة إسرائيلية على بلدة أيطو في زغرتا شمال لبنان ليل الاثنين الماضي وآخر انتشل حيا من بين الركام في البقاع الثلاثاء، حادثان يعيدان إلى الواجهة معاناة الأمومة والطفولة في زمن الحرب.ويضيف المتحدث "قانونيًا، يمكن تحميل الجهات المسؤولة المسؤوليّة في حال تخلّفها عن تقديم الدعم اللازم للأطفال المعرّضين للعنف أو تقصيرها في حماية حقوقهم، ويؤكّد أبي عساف أن على الدولة اتخاذ خطوات جدية لإنشاء مراكز إيواء وحماية للأطفال، خاصة في ظل الظروف الراهنة.
وإلى جانب الدولة، وفي هذا الصدد، تلعب المنظّمات الدولية والمنظمات غير الحكومية "دورا هاما" في ما يعتبره المحامي أبي عساف "توثيق الانتهاكات وتقديم الدعم للأطفال المتضررين من النزاعات"، داعيا هذه المنظمات إلى "الضغط على الحكومات لضمان حيادية الأطفال عن مناطق النزاع وتوفير بيئة آمنة لهم".
من جهتها، تؤكد سناء عواضة أن وزارة الشؤون الاجتماعية "تتعاون مع هذه المنظمات لتقديم الدعم المناسب، وتتابع الحالات وتنسق الجهود لتقديم الخدمات النفسية والاجتماعية للأطفال المتضررين".
وتشير إلى أن "التعاون مع المنظمات الدولية يهدف إلى تحسين مستوى الخدمات المقدمة وتوسيع نطاقها لتشمل جميع المناطق المتضرّرة"، مؤكدة أن الوزارة "ملتزمة بتوفير كل ما يلزم لحماية الأطفال وضمان سلامتهم."