ماذا يعني أن يلفظ المعتقل أنفاسه الأخيرة بالسجون الإسرائيلية؟ مصطفى أبو عرة أخيرا وليس آخرا!
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
الشيخ مصطفى أبو عرة الشاهد والشهيد على سياسة القتل المبيّتة لأسرانا الذين هم رمز كرامتنا وعزّتنا.. لا بد من فضح أيديولوجيا وسياسة هذا الكيان والمتمثّلة اليوم ببن غفير وهو المسئول المباشر عن السجون.. لقد أحدث انقلابا كبيرا في معاملة الأسرى زمن هذه الحرب وما يتعرضون له من امتهان وتجويع وكسر لروحهم وكرامتهم.
يجب أن ندرك تماما ماذا يعني لأهل الأسير أن يقتل أسيرهم وأن يخرج لهم محمولا على الاكتاف؟ هذا ضرب مباشر لروح أهالي الأسرى وكسر معنويّاتهم، ثم ضرب الحاضنة الاجتماعية التي ما فتئت تعتزّ بأسراها، لذلك هو إعلان حرب على الكلّ الفلسطيني لأن الأسرى يمثّلون الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وفصائله ومناطقه، فهو استهداف للكلّ الفلسطيني بكل المكوّن الفلسطيني، وعلى رأس ذلك الهوية الثقافية الفلسطينية بكل محتوياتها الراسخة والأصيلة.
يجب أن ندرك تماما ماذا يعني لأهل الأسير أن يقتل أسيرهم وأن يخرج لهم محمولا على الاكتاف؟ هذا ضرب مباشر لروح أهالي الأسرى وكسر معنويّاتهم، ثم ضرب الحاضنة الاجتماعية التي ما فتئت تعتزّ بأسراها
الشيخ الشهيد في الوعي الجمعي الفلسطيني هو ذاك الإنسان الذي قدّم حياته كلّها لله وجعل من روحه وقودا خالصا لقضيّته، عاش بكل أوقاته وأقواله ومواقفه وأفعاله مشتبكا مع المحتلّ، نقيضا تامّا له لا يغادر الثغر الذي يتمترس فيه ولا يحيد قيد أنملة عن تصدير الموقف المطلوب مهما كان الثمن، سُجن مرات عديدة بما يزيد عن اثنتي عشرة سنة، وأُبعد إلى مرج الزهور مع الذين صنّفهم المحتل خطرا على كيانه، وكان من أوائل الذين اعتُقلوا بعد العبور العظيم يوم السابع من أكتوبر.
تعرض في هذا الاعتقال الأخير الى كل صنوف القمع والإيذاء دون أن ينحني ولو للحظة واحدة جبينه لغير الله، وحيث كانت قلوب أهله معلّقة بفك قيده كما هو الحال عند كلّ مرّة اعتُقل فيها، لكن الأمر اليوم مختلف، سيخرج إليهم محمولا على الأكتاف.. ما أفظع وأصعب تلك اللحظة لولا أنّهم يدركون أنّه آثر الموت والالتحاق بالرفيق الأعلى على حياة القهر والذلّ، أو الاستكانة والخضوع لسياسة الاحتلال.
ويأتي السؤال الذي لا بدّ منه حتى يكون لكلامنا مردود عملي: ما هو المطلوب لإنقاذ أسرانا من براثن الموت حيث نجح بن غفير في تحويل السجون إلى جحيم بكل ما تعنيه الكلمة؟ المطلوب أوّلا الحركة القوية للشارع الفلسطيني مع أسراه، فلا يمكن أن نتصوّر دورا باهتا للمساجد وجمهور المساجد وأئمة المساجد أمام آلة القتل هذه، الكلّ عرضة للاعتقال، وإذا اعتقل عرضة للتنكيل المريع والضرب والتجويع إلى أن يصل إل حافة الموت، لذلك فإنّ حركة المساجد بالدرجة الأولى هي التي تحرك الشارع وهذه مطلوبة من الأئمة، تغيير حقيقي في وعي الناس بأن المسيرة والخروج للشارع من أجل أسرانا ليست مهمة أهالي الأسرى وحدهم، وإنما كما ورد في الحديث الشريف: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، وأن لهذا الخروج درجة الواجب في دينيا.
لا بد من تحريك الشارع هذا أوّلا، أسرانا في خطر حقيقي وشهادة الشيخ مصطفى الأخيرة هي قرع لجدران قلوبنا. يجب أن تتحرّك قبل أن تُخرج لنا السجون من الشهداء بالعشرات إن بقي الوضع على حاله
هذا مفهوم يجب نقشه في رؤوس الناس وأن يكون الإمام قدوة لهم، وإلا لا خير في كلامنا. هل يعقل أنه في وقفة المنارة يوم الجمعة وبعد الصلاة لا يأتي من المساجد المحيطة سوى نفر قليل؟ لِم في اليمن يقف الحوثي خطيبا الخميس فيخرج في صنعاء وحدها مليونا شخص من بداية الحرب لليوم دون كلل او ملل. نحن اصحاب القضية وضعنا مؤلم جدا، لا بد من تحريك الشارع هذا أوّلا، أسرانا في خطر حقيقي وشهادة الشيخ مصطفى الأخيرة هي قرع لجدران قلوبنا. يجب أن تتحرّك قبل أن تُخرج لنا السجون من الشهداء بالعشرات إن بقي الوضع على حاله، أين ترجمة الحديث الشريف إن اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد؟ اليوم يقتل عضو شرّ قتلة بعد أشهر من التعذيب المرير، أين حركة بقيّة الجسد؟
ثم أين دور الفصائل الكبرى والصغرى في تحريك الشارع، خاصة أن المستهدف في السجون ليس فصيلا واحدا وإنما الكل في ماكينة الموت والعذاب متساوون، وإن لم يوحدنا نهر الدماء المسفوحة على أيدي هذه العصابة المجرمة فلتوحدنا عذابات أسرانا وأرواحهم الصاعدة إلى المساء. وأين دور السفراء في تدويل قضية الأسرى إعلاميا وقانونيا؟ هل ننتظر دولة مثل جنوب أفريقيا لتتبنّى الملف ثم ننضم إليها؟ لِمَ لا يبادر المستوى الرسمي عندنا لإنجاز هذه المهمة؟
أدرك تماما أن عاجلا أم آجلا أنه لن تذهب هذه الدماء في غزة أو الأرواح الصاعدة من السجون أو في الضفة أو اليمن ولبنان، والانتقام ليس قادما وإنما هو قائم بما يقوم به محور المقاومة، ولا داعي لتعداد آثاره على وضع الكيان إن حاضرا أو مستقبلا، لذلك فإن إشراقة شمس الحريّة قادمة لا محالة، هذه سنة التاريخ مع كلّ الذين توحّشوا وبالغوا في سفك الدماء.. "سنة الله ولن تجد لسنّة الله تبديلا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السجون الفلسطيني الاحتلال التعذيب اسرى فلسطين الاحتلال تعذيب معاناة مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یجب أن
إقرأ أيضاً:
بعد تهجيرهم لسنوات بسبب بطش النظام البائد.. أهالي قرية آبل بحمص يؤكدون أن الفرح عاد أخيراً للعيد
حمص-سانا
مظاهر الحياة تعود بشكلٍ تدريجي إلى قرية آبل ومعظم قرى وبلدات ريف حمص مع عودة الآلاف من المهجرين قسراً إلى أرضهم التي أجبرهم بطش النظام البائد على مغادرتها لسنوات، ورغم الدمار الكبير في كل موطئ قدم يؤكدون أن عيد الفطر هذا العام مختلف حيث عاد له أخيراً طعم الفرح.. طعم الحرية.
سانا استطلعت آراء بعض العائدين إلى قرية آبل ومنهم أبو عبدو الذي قال: أشكر كل بطل من الأبطال الذين حرروا سوريا وكان لهم الفضل بعودة آلاف العائلات المهجرة في كل أنحاء العالم موضحاً أن فرحته بقضاء العيد في القرية بعد غياب قسريّ عنها لمدة عشرة أعوام أمضاها في لبنان أنسته كل عذابات القهر والحرمان التي عاشها.
أبو ماهر الذي شارف على الثمانين من عمره وهجره إجرام النظام إلى مخيمات اللجوء في لبنان أكد أنه كان يظن أن عودته إلى القرية مستحيلة، لكن الثورة انتصرت وها هو اليوم مع أولاده يقضي أول عيد في منزله بعد غياب دام 13 عاماً قاسى فيها الكثير.
فيما شدّد أبو محمد على أنه لم يشعر بمعنى العيد طيلة الأعوام السابقة رغم نجاته وأولاده بأعجوبة من قصف الطائرات للقرية بالبراميل المتفجرة، فالحنين إلى المنزل لم يفارقه يوماًن مبيناً أن حاله لا يختلف عن حال آلاف المهجرين من أبناء قريته الذين تشردوا في بقاع الأرض وبدؤوا بالعودة تباعاً، فمنهم من وجد منزلاً مهدماً، وبعضهم نصب خيمةً على أنقاض منزل فهي تساوي قصوراً في بلاد الغربة.
للعيد مع الحرية قيمة ومعنى آخر كما أكد أبو عبد الله فالفرحة بقضاء رمضان هذا العام في القرية وتذوق فرحة العيد وبهجته بصبحة أولاده السبعة لا توصف، لافتاً إلى أنه منذ اليوم الأول لسقوط النظام البائد وتحرير سوريا قرر العودة إلى قريته وبدأ بترميم جدران منزله المهدمة ليقضي هذا العيد بين أهله وجيرانه.