ماذا يضيف والز لحملة هاريس الانتخابية؟
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
واشنطن- في قلب حملة يخوضها الجمهوريون ضدّ كامالا هاريس بسبب مواقفها التي يصفونها بـ"الضعيفة" تجاه السياسة الخارجية والقضايا الداخلية لأميركا، اختارت أخيرا حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز لينضم إلى بطاقة ترشحها رسميا لمنصب الرئاسة عن الحزب الديمقراطي.
واضطرت هاريس لاتخاذ قرار اختيار النائب في وقت قياسي، بسبب تراجع الرئيس جو بايدن عن الترشح لانتخابات الرئاسة قبل أسبوعين، مما حوّل الرجل من حاكم مغمور لولاية من ولايات الغرب الأوسط، إلى مرشح لثاني أهم منصب في البلاد يحمل مسؤولية تقديم نفسه للأميركيين والدفاع عن أجندته قبل أقل من 3 أشهر فقط من موعد الانتخابات.
ورغم أن فئة عريضة من الأميركيين لم يسمعوا من قبل عن والز، فإنه لفت الانتباه مؤخرا بوصفه المرشح الجمهوري دونالد ترامب والجمهوريين بأنهم "غريبون"، لتتحوّل الكلمة بسرعة إلى موضوع تراشق بين المنافسين، وربما تصبح شعارا لهذا السباق الانتخابي "الغريب" في تطوراته.
إرضاء للطرفين
تدرك المرشحة الديمقراطية جيدا أن قطار البيت الأبيض يمرّ عبر محطة التوازن في الموقف من إسرائيل والحرب على غزة، وهذا ما جعلها -حسب محللين- تبتعد عن تسمية مرشح آخر قوي هو حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو، السياسي اليهودي الذي أثار حفيظة دعاة السلام الأميركيين عندما شبّه الطلبة المتظاهرين في الجامعات بجماعة "كو كلوكس كلان" "كي كي كي" المتطرفة.
وتعالت بشأن ترشيحه للمنصب أصوات جناح التقدميين في الحزب الديمقراطي الرافضة له، وأطلقوا حملة "ضد شابيرو" للتحذير من العواقب التي يمكن أن تنتج عن تسميته، وأهمها تبخّر الأمل الذي انبعث من جديد في نفوس هؤلاء الديمقراطيين بعدما قاطعوا بايدن بسبب دعمه لإسرائيل.
وقد حظي والز بترحيب عامّ من مختلف أطياف الحزب، وأشادوا بتسميته مذكّرين بصراحة مواقفه الداعمة لإسرائيل. ومنهم هالي سويفر، رئيسة المجلس الديمقراطي اليهودي في أميركا، التي عقّبت -في تدوينة لها على منصة إكس- على فكرة عدم اختيار هاريس لشابيرو بسبب مواقفه من إسرائيل ووصفتها بـ"السخيفة"، وأكّدت أن "كامالا هاريس والحاكم والز يشتركان مع الحاكم شابيرو في دعم إسرائيل القوي".
ورغم أن والز كان ولا يزال -شأنه شأن معظم الديمقراطيين- مؤيّدا لإسرائيل، وصوّت خلال خدمته في مجلس النواب لإدانة قرار الأمم المتحدة حول عدم قانونية المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، فإنه نهج أسلوبا أكثر مرونة تجاه الحركات المؤيدة للفلسطينيين بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويتجلّى هذا عندما عبّر عن تفهّمه لموقف الآلاف من الديمقراطيين الذين صوّتوا بـ"غير ملتزم" في الانتخابات التمهيدية الرئاسية بمينيسوتا، وقال "إن هذه القضية تمثّل أزمة إنسانية، ولهم الحقّ في أن يسمع صوتهم.. إن هؤلاء الناس يطالبون بتغيير المسار وبممارسة المزيد من الضغوط".
محبوب العمّال
من مفاتيح الفوز بالرئاسة الأميركية التي يتنافس عليها الحزبان هي الحصول على دعم الطبقة العاملة في البلاد، وهو ما حصل عليه والز بالفعل، حيث عبّرت أبرز الاتحادات العمالية عن ترحيبها باختيار والز مرشحا لمنصب نائب الرئيس.
ووقّع حاكم مينيسوتا العام الماضي على مجموعة من التشريعات الأكثر تأييدا لحقوق العمّال في أميركا منذ عقود، مثل إجازة الأمومة والأبوّة المدفوعة الأجر، والإجازات المرضية، ورعاية الأطفال، ويرجع إليه سكان مينيسوتا الفضل في حصولهم على مدة إجازة عائلية تمتد 20 أسبوعا خلال السنة الواحدة، وهو ما يعتبر رقما مرتفعا جدا بالنسبة لولايات أخرى.
ولا ينحدر والز من ولايات "الجدار الأزرق" (الولايات التي تصوت تاريخيا وتقليديا للمرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية) التي تشكّل فيها قضايا العمّال النواة الأساسية وتعتبر جسر العبور الحاسم للوصول إلى المكتب البيضاوي، لكنه يقع بجوارها مباشرة في ولاية مينيسوتا، ويضمن بقاءها في صفّ الديمقراطيين.
إذ لم تنتخب هذه الولاية أي جمهوري لأي منصب منذ عام 2006، كما لم يفز أي مرشّح جمهوري للرئاسة فيها منذ عام 1972، وهذا ما يفسّر خوض دونالد ترامب لحملة انتخابية هناك وصوّرها على أنها معنية بالتنافس بين الحزبين.
ومن بطاقات فوزه أيضا تركيزه على دعم الطبقة المتوسطة، حيث ركّز في أول فيديو ترويجي له بعد انضمامه لترشيح هاريس على تنشئته الاجتماعية وجذوره الريفية من قرية صغيرة بولاية نبراسكا، حيث "تعلّم أن يكون كريما مع جيرانه وأن يتنازل دون التخلي عن قيمه".
رهان المحافظين
ترى حملة ترامب حاكم ولاية مينيسوتا والز بالعين نفسها التي ترى بها هاريس، فهو بالنسبة لها "يساري متطرّف". فالرجل معروف بدفاعه المستميت عن القضايا التقدمية مثل المساواة بين المثليين، إذ سنّ تشريعات في الولاية تحمي حق الوصول للرعاية الصحية المؤكّدة للجنس وحظر علاجات تغيير التوجّه الجنسي، كما منع المكتبات من حظر الكتب بسبب احتوائها على مواضيع أو شخصيات مثلية.
لكن والز سبق أن أثبت قدرته على جذب الناخبين المحافظين في أول ترشح له للكونغرس، حيث فاز في منطقة ريفية جنوب مينيسوتا 6 فترات متتالية مستغلا غضب الناخبين آنذاك من الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش بسبب حرب العراق.
ودافع خلال الفترة التي خدم فيها بمجلس النواب بين عامي 2007 و2019 عن قضايا المحاربين القدامى، وصوّت لصالح تشريعات تسهّل امتلاك الأسلحة وتقيّد إجراءات السيطرة عليها، وهو ما أكسبه تصنيف "أ" من الرابطة الوطنية للبنادق.
لكن العلاقة بينه وبين هذه الرابطة سرعان ما تحوّلت إلى العداء بعد حادث إطلاق النار في فبراير/شباط عام 2018 بفلوريدا، عندما تبنّى والز موقف اليسار واتخذ إجراءات أكثر صرامة بشأن الأسلحة، ثمّ وقّع بصفته حاكما مجموعة إصلاحات للسيطرة عليها بما فيها فحوصات الخلفية الشاملة وقواعد "ريد فلاغ" التي تسمح بمصادرة الأسلحة من الأشخاص الذين يعتبرون خطرين.
ويضاف موقفه من الأسلحة إلى مجموعة المواقف التي يراها منافسوه "ليبيرالية أكثر من اللازم"، مثل تقنين الماريجوانا الترفيهية للبالغين، وتعزيز حقوق الإجهاض وحرية الإنجاب وحماية المثليين، وهو ما يزيد من صعوبة العقبات التي تواجهها هاريس في رحلتها القصيرة لاستمالة أصوات الناخبين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات وهو ما
إقرأ أيضاً:
تقرير لـForeign Affairs: كيف يمكن لحملة ضد حزب الله أن تخفف من القيود المفروضة على إيران؟
ذكرت مجلة "Foreign Affairs" الأميركية أنه "في نيسان الماضي، بدا الأمر وكأن التصعيد بين إسرائيل وإيران قد يدفع الشرق الأوسط بأكمله إلى الصراع، ولكن بعد أن ردت إسرائيل بطريقة صامتة نسبيا، تجاوزت الدولتان المواجهة. كما وضع المراقبون مخاوفهم الأكثر حدة جانبا، مطمئنين إلى حقيقة مفادها أن كلا البلدين أظهرا عدم اهتمامهما بحرب أوسع نطاقا. ولكن هذا الاستنتاج كان سابقاً لأوانه. ففي أيلول كثفت إسرائيل حملتها ضد حزب الله. وكان هذا بمثابة تحول مهم: فهو يشير إلى أن زعماء إسرائيل قرروا أنهم يريدون إعادة تشكيل توازن القوى في الشرق الأوسط بنشاط. والواقع أن حرب إسرائيل ضد حزب الله تهدد قدرة إيران على فرض قوتها، فضلاً عن أفعالها في غزة، وتقلل إلى حد كبير من قدرتها على ردع التدخلات الإسرائيلية في سياساتها الداخلية وبرنامجها النووي. وفي الواقع، سوف يفيد إضعاف موقف إيران الإسرائيليين في الأمد القريب، ولكن في الأمد البعيد، سوف يزيد هذا من خطر اندلاع حرب إقليمية بشكل كبير، بل وربما يزيد من احتمالات حصول إيران على الأسلحة النووية. ولتجنب الانجرار إلى المزيد من الصراعات في الشرق الأوسط، يتعين على الولايات المتحدة أن تعمل على كبح جماح المزيد من التحركات الإسرائيلية وتثبيت توازن القوى".
وبحسب المجلة، "إن الردع، في جوهره، هو قدرة أحد الأطراف على تغيير حسابات التكلفة والفائدة لدى طرف آخر من أجل منع الإجراءات غير المرغوب فيها، عادة في محاولة للحفاظ على الوضع الراهن. ومع ذلك، نادرا ما يكون الردع مرادفا للسلام المطلق، بل يتعلق الأمر بمنع الخصم من تجاوز خطوط حمراء محددة. ولا يقتصر الردع على تشكيل القرارات بشأن ما إذا كان ينبغي اتخاذ إجراء أم لا، بل إنه يلعب أيضا دورا مهما في تشكيل الاستراتيجية العسكرية بمجرد بدء الأعمال العدائية. وقد يكون الردع الناجح ببساطة يتعلق بإدارة التصعيد ومنع أنواع معينة من الضربات التي من شأنها أن تلحق الضرر بالقدرة الأساسية لأي من البلدين على الحفاظ على أمنه. والواقع أن الاستراتيجية العسكرية التي تختارها أي دولة تكون دائما مستنيرة بردود الفعل المتوقعة من جانب خصمها. على سبيل المثال، كانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حريصة للغاية على تحديد الكيفية التي يمكن بها للقوات الأوكرانية استخدام الأسلحة الأميركية في حربها ضد روسيا، لأن تهديد روسيا بالتصعيد النووي يتمتع بصدقية، جزئيا على الأقل".
وتابعت المجلة، "قبل أيلول الماضي، بدا الأمر وكأن الحرب في الشرق الأوسط كانت محصورة إلى حد كبير. وكانت تبادلات إسرائيل مع إيران وحزب الله متوافقة في الأغلب مع نمط الردع المتبادل الذي حدد علاقاتها مع جيرانها لما يقرب من عقدين من الزمان. ولكن التصعيد الأخير للأعمال العدائية من جانب إسرائيل في لبنان رداً على التوغلات العدوانية المتزايدة من جانب حزب الله أعاد تعريف ديناميكية الردع التي كانت تمنع في السابق الصراع في الشرق الأوسط من التصعيد. ومع تحول الحملة العسكرية في غزة لصالح إسرائيل، أصبحت العودة إلى الوضع الراهن قبل السابع من تشرين الأول أقل قبولاً لدى القادة الإسرائيليين".
رهان سيء
وبحسب المجلة، "لقد دفعت هذه العوامل إسرائيل إلى رفض الوضع الراهن. فاعتباراً من شهر أيلول، يبدو أن إسرائيل تعمل على القضاء على حزب الله بالكامل وكذلك حماس، وبالتالي تغيير ميزان القوى مع إيران بشكل دائم. إن إزالة حماس وحزب الله من التوازن العسكري في الشرق الأوسط من شأنه أن يزيل جزءاً أساسياً من نفوذ طهران، مما يترك لإيران طرقاً أقل لتعريض الإسرائيليين للخطر وردعهم عن القيام بعمل هجومي. وفي الأمد القريب، ونظراً لأن إيران سوف يكون لديها عدد أقل من الوكلاء الذين يمكنها من خلالهم مضايقة إسرائيل بشكل غير مباشر والرد على الإجراءات الإسرائيلية، فإن قدرة إيران على تهديد المنطقة والرد على تصرفات إسرائيل وغيرها من اللاعبين الإقليميين سوف تكون أقل".
وتابعت المجلة، "لكن تعطيل حزب الله وحماس، ولو مؤقتاً، من المرجح أن يخلف آثاراً سلبية كبيرة طويلة الأمد على كل من إسرائيل والشرق الأوسط، وسوف تضطر إيران إلى البحث عن مصادر أخرى للضغط لردع تدخل إسرائيل في برامجها النووية وأنشطتها الأخرى، الأمر الذي يزيد من احتمالات الانخراط في تصعيد أفقي. وفي الأسابيع التي سبقت الضربات الإسرائيلية في الخامس والعشرين من تشرين الأول داخل إيران، ورد أن المسؤولين الإيرانيين هددوا بالرد على الولايات المتحدة وأي دولة عربية تسمح لإسرائيل باستخدام أراضيها أو مجالها الجوي لشن هجوم".
وأضافت المجلة، "لكن التصعيد العمودي يشكل الخطر الأعظم على أمن الشرق الأوسط. ويخوض زعماء إسرائيل مقامرة كبيرة بزيادة تسامحهم مع هذا الخطر، ذلك أن تدمير وكلائهم يرفع من عتبة العمل العسكري الإيراني، ولكنه يحد أيضاً من قدرة إيران على الرد على الإجراءات الإسرائيلية بشكل غير متكافئ. وإذا ثبتت عدم فعالية جهود الزعماء الإيرانيين في التصعيد الأفقي، فسوف يدركون أنهم لا يملكون خياراً سوى التهديد بعمل عسكري جاد ضد إسرائيل باستخدام أسلحة أكبر حجماً وأكثر تدميراً. وإذا قررت إيران التحرك عسكرياً، فإن أفعالها سوف تكون بالتالي أكثر مباشرة وتصعيداً".
العواقب غير المقصودة
بحسب المجلة، "إن ميزان القوى المتغير في الشرق الأوسط ينقل قدراً كبيراً من المخاطر إلى الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين. فإذا سارعت إيران إلى امتلاك سلاح نووي، فسوف تضطر الولايات المتحدة إلى الانخراط بشكل أكبر في حروب إسرائيل حتى مع تضاؤل نفوذها في المنطقة. وعلاوة على ذلك، فإن احتمال وقوع هجمات إيرانية ضد القوات الأميركية والدول الشريكة سوف يتطلب من الولايات المتحدة توجيه المزيد من الموارد نحو الشرق الأوسط تماماً كما ينبغي لها أن تحول تركيزها إلى ردع العدوان الصيني في شرق آسيا البحرية. إن استراتيجية إسرائيل مألوفة، فالشركاء الأضعف في التحالف سوف يسعون دائما إلى نقل خطر التصعيد إلى الشريك الأقوى، وهي الظاهرة التي يطلق عليها علماء السياسة "الخطر الأخلاقي". وبالتالي فإن الأمر متروك لقادة الولايات المتحدة لتحديد حدود استعداد بلادهم لدعم استراتيجية إسرائيل والتواصل بشكل خاص مع نظرائهم الإسرائيليين بأنهم لن يدعموا المزيد من التصعيد".
وختمت المجلة، "يتعين على إدارة الرئيس الأميركي القادم دونالد ترامب أن تعيد النظر في دعمها غير النقدي لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتوضيح وتقييد كيفية ومتى يمكن لهذه الحكومة استخدام الأسلحة والذخائر الأميركية. ويتعين عليها أن تطمئن دبلوماسيا الجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة بأن الولايات المتحدة سوف تكون ذات تأثير معتدل وليس مفاقم. وبدون هذه التغييرات، فإن احتمالات التصعيد في الشرق الأوسط سوف تنمو فقط". المصدر: خاص "لبنان 24"