نحن وهُم: أزمة الضمير في السودان (3)
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
• جبير بولاد
(حتي و أن كُنتم أقلّية تبقي الحقيقة حقيقة )
غاندي
.. إستكمالاً لما تحدثنا عنه حول فكرة و نشاة الشعب و التي ولدت بتقسيمتها الجاهزة في خانتي ال(نحن) و ال(هُم) ، و التي بدلا ان تتجاوزها نخبة أفندية ما بعد الإستعمار، بمشروع نهضوي يخاطب كل السودانيين كافة، بل ذهبت الي تعزيز هذه التقسيمة بتعظمة شأن إنتماءات ال(نحن) الصغيرة و الضيقة و ذلك للإستفادة منها فيما بعد كمخزون إستراتيجي في لعبة تقاسم الثروة و السلطة و ما يتبعهما من إمتيازات و كأنهم يستحضرون مقولة برتراند راسل ( الحياة ليست إلا منافسة يريد فيها كل منا أن يكون المُجرم لا الضحية ) و أنا اقول هذا القول و لا يغيب عن بالي المظلومية التاريخية التي طالت حتي هولاء الذين اصبحوا مخزون استراتيجي للعبة الافندية النخبوية من ذوي الامتدادات القبلية و العشائرية و من خُبث ضمير هذه الافندية النخبوية كانت تعلية شأن القبيلة و العِرق و الابقاء علي فكرة التميز عبر السرديات الكذوبة اللاحقة للنسب الكريم خارج الحدود تارة و أو احتكار التاريخ الحضاري للسودان تارة أخرى، يتماهى كل ذلك مع قاموس عريض من المُفردات التي تقلّل من شأن و قيمة الآخر من شُركاء الوطن ال(هُم) و لطالما حَفلت الصالونات الخاصة بالمُضحك/المبُكي من هذه القواميس و التي تأسست عليها علاقات النسب و المصاهرة و تسهيل الأمور النفعية المتعلقة بجهاز الدولة العام من إحتكار للوظائف و الفرص المنفعية و إبعاد الآخرين من ذوي الكفاءة و لأنهم كانوا تعيسي الحظ حيث أنهم وُلِدوا في خانة ال(هُم) المصنفة أقل شأنا و قيمة ، و المظلومية التي طالت امتدادات ال( نحن) العشائرية والمناطقية ليست غائبة عندما تنظر الي مناطقهم كمخزون إستراتيجي يستعمل وقت الحوبات و لكن لجهل هذا المخزون العشائري و المناطقي و وعيه بالتاريخ و المعادلات الوجودية كان رغم مظلوميته إلا انه يمثل الداعم و السند التاريخي في أبشع حالة تواطؤ إجتماعي يشهدها تاريخ المُجتمعات السودانية social complicity case .
.. و للعقل الذكي أن يتسائل لماذا حتي بعد أن تم إنفصال جنوب السودان لم ينعم السودانيين بالسلام، بل ظهر جنوب جديد أفقي و حتي بعد أن حدثت اتفاقيات سلام مجزأة لم يخفض صوت السلاح ! إذاً الإشكال بنيوي و مهما زاورت عنه ذات اليمين و ذات(اليسار) فهو لن ينفك يواجهك و يواجه ضميرك الذي لم يكن يمارس من السياسة الي عنوانها العريض و لوُك ألسنة النخبة بالمصطلحات و الأفكار التي تعاني غُربتها في أديم مشكلته التاريخية، هي فقط أزمة الضمير لمن تولوا أمره في كافة المحافل و المنابر و كراسي المسؤولية، لم يكن الشعب موجود في مخيلتهم عندما ينتُوُن علي أمر ما، بل كانت مصالحهم و التفكير فيها تشاركهم حتي عُش الزوجية دون بسملة و لا تذّكر للشعب لذلك خلّفُوا خلفاً كان الأسوأ كل مرة من سابقيه حتي أنتهينا الي تلك الاصطفافات العظيمة في حرب المركز ضد المركز و استتباع الأطراف و جرها كما جرت العادة و لكن كانت هذه المرة مختلفة تماما لأسباب سنذكرها فيما بعد و يتبادر هنا السؤال الكبير :هل ما ستنتهي عليه هذه الحرب سيغير المعادلات السابقة الي الأبد؟ ام سيفني السودان البلد الذي قال عنه الألمعي منصور خالد:( بلد لم يكتب إلا في المخيلة ) ؟!! بطبيعة الحال هذا السؤال الآن لا يدور في ذهنية( نحن) النخبوية طالما صراع المصالح الذاتية قد بلغ أوجّه و لم يعد للمستقبل من رهانات إلا علي بقية اصطفاف كبير لل(نحن) علي خلفية مشهد مأساوي و حتي المأساة فيه أصبحت طبقية في تقسيمات ال(نحن) و ال(هُم) القديمة، فنازحي دبي غير نازحي القاهرة و كلاهما غير نازحي اثيوبيا او حتي نازحي الداخل الذين اكتوُا مرتين، مرة عندما كانوا في خانة ال(هُم) وقت عمار الدولة التي كان يعتمل في باطنها الخراب و مرة بعد الخراب الشامل و ما يزال ال(نحن) في استعلائهم و جبروتهم الغشيم و الذي أسفر عن جهالة كانت تغطيها الحلاقيم العالية و بعضا من درجات علمية تغطي سوءات ضمائرهم في أزمتها الوجودية الكبيرة .
.. نواصل
jebeerb@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ال نحن
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم العالي يوجه بعدم فتح القبول للمؤسسات التي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان
أكد بروفيسور محمد حسن دهب وزير التعليم العالي والبحث العلمي حرص وزارته على مستقبل الطلاب وعدم ضياع مستقبلهم الأكاديمي، مشيداً بالجهود المبذولة من قِبَلْ إدارات الجامعات والكليات الحكومية والأهلية والخاصة في تهيئة البيئة الدراسية وتحقيق الاستقرار الأكاديمي، وتخريج أعداد مقدرة من الطلاب، واستخراج الشهادات الأكاديمية في ظل الوضع الراهن، مشدداً على عدم فتح باب القبول لأية مؤسسة تعليم عالي ليس لها إدارة ومركز لاستخراج الشهادات داخل السودان.جاء ذلك لدى اجتماعه بمديري ومنسقي الجامعات والكليات الحكومية والأهلية والخاصة المستضافة بجامعة كسلا، بحضور مديرة الجامعة بروفيسور أماني عبد المعروف وعدد من قيادات الجامعة.وتقدم الوزير بالشكر والتقدير لإدارة جامعة كسلا لاحتضانها عدداً مقدرا من مؤسسات التعليم العالي المتأثرة بالحرب، لمواصلة واستمرارية الدراسة وأداء الامتحانات لطلابهم ولتوفيق اوضاعهم الاكاديمية، معلناً عن مواصلة زياراته لمؤسسات التعليم العالي في الولايات الآمنة للوقوف على مشاكلها والعقبات التي تقف في طريقهامن جانبهم قدم مديرو ومنسقو الجامعات والكليات المستضافة تنويرا شاملاً عن أداء الامتحانات واستمرارية الدراسة حضورياً أو إسفيريا للمستويات والكليات المختلفة، وأيضاً التنوير بمنافذ استخراج الشهادات بجامعة كسلا وغيرها من المدن الآمنة لتلك المؤسسات. والتنوير ببعض المبادرات الخاصة بتدريب الأساتذة المتواجدين بولاية كسلا، والإسناد الأكاديمي للطلاب وخاصة الممتحنين للشهادة السودانية، إسناد الوافدين في مواقع الإيواء.إعلام وزارة التعليم العالي إنضم لقناة النيلين على واتساب