سودانايل:
2025-01-23@17:31:31 GMT

نحن وهُم: أزمة الضمير في السودان (3)

تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT

• جبير بولاد

(حتي و أن كُنتم أقلّية تبقي الحقيقة حقيقة )
غاندي

.. إستكمالاً لما تحدثنا عنه حول فكرة و نشاة الشعب و التي ولدت بتقسيمتها الجاهزة في خانتي ال(نحن) و ال(هُم) ، و التي بدلا ان تتجاوزها نخبة أفندية ما بعد الإستعمار، بمشروع نهضوي يخاطب كل السودانيين كافة، بل ذهبت الي تعزيز هذه التقسيمة بتعظمة شأن إنتماءات ال(نحن) الصغيرة و الضيقة و ذلك للإستفادة منها فيما بعد كمخزون إستراتيجي في لعبة تقاسم الثروة و السلطة و ما يتبعهما من إمتيازات و كأنهم يستحضرون مقولة برتراند راسل ( الحياة ليست إلا منافسة يريد فيها كل منا أن يكون المُجرم لا الضحية ) و أنا اقول هذا القول و لا يغيب عن بالي المظلومية التاريخية التي طالت حتي هولاء الذين اصبحوا مخزون استراتيجي للعبة الافندية النخبوية من ذوي الامتدادات القبلية و العشائرية و من خُبث ضمير هذه الافندية النخبوية كانت تعلية شأن القبيلة و العِرق و الابقاء علي فكرة التميز عبر السرديات الكذوبة اللاحقة للنسب الكريم خارج الحدود تارة و أو احتكار التاريخ الحضاري للسودان تارة أخرى، يتماهى كل ذلك مع قاموس عريض من المُفردات التي تقلّل من شأن و قيمة الآخر من شُركاء الوطن ال(هُم) و لطالما حَفلت الصالونات الخاصة بالمُضحك/المبُكي من هذه القواميس و التي تأسست عليها علاقات النسب و المصاهرة و تسهيل الأمور النفعية المتعلقة بجهاز الدولة العام من إحتكار للوظائف و الفرص المنفعية و إبعاد الآخرين من ذوي الكفاءة و لأنهم كانوا تعيسي الحظ حيث أنهم وُلِدوا في خانة ال(هُم) المصنفة أقل شأنا و قيمة ، و المظلومية التي طالت امتدادات ال( نحن) العشائرية والمناطقية ليست غائبة عندما تنظر الي مناطقهم كمخزون إستراتيجي يستعمل وقت الحوبات و لكن لجهل هذا المخزون العشائري و المناطقي و وعيه بالتاريخ و المعادلات الوجودية كان رغم مظلوميته إلا انه يمثل الداعم و السند التاريخي في أبشع حالة تواطؤ إجتماعي يشهدها تاريخ المُجتمعات السودانية social complicity case .


.. و للعقل الذكي أن يتسائل لماذا حتي بعد أن تم إنفصال جنوب السودان لم ينعم السودانيين بالسلام، بل ظهر جنوب جديد أفقي و حتي بعد أن حدثت اتفاقيات سلام مجزأة لم يخفض صوت السلاح ! إذاً الإشكال بنيوي و مهما زاورت عنه ذات اليمين و ذات(اليسار) فهو لن ينفك يواجهك و يواجه ضميرك الذي لم يكن يمارس من السياسة الي عنوانها العريض و لوُك ألسنة النخبة بالمصطلحات و الأفكار التي تعاني غُربتها في أديم مشكلته التاريخية، هي فقط أزمة الضمير لمن تولوا أمره في كافة المحافل و المنابر و كراسي المسؤولية، لم يكن الشعب موجود في مخيلتهم عندما ينتُوُن علي أمر ما، بل كانت مصالحهم و التفكير فيها تشاركهم حتي عُش الزوجية دون بسملة و لا تذّكر للشعب لذلك خلّفُوا خلفاً كان الأسوأ كل مرة من سابقيه حتي أنتهينا الي تلك الاصطفافات العظيمة في حرب المركز ضد المركز و استتباع الأطراف و جرها كما جرت العادة و لكن كانت هذه المرة مختلفة تماما لأسباب سنذكرها فيما بعد و يتبادر هنا السؤال الكبير :هل ما ستنتهي عليه هذه الحرب سيغير المعادلات السابقة الي الأبد؟ ام سيفني السودان البلد الذي قال عنه الألمعي منصور خالد:( بلد لم يكتب إلا في المخيلة ) ؟!! بطبيعة الحال هذا السؤال الآن لا يدور في ذهنية( نحن) النخبوية طالما صراع المصالح الذاتية قد بلغ أوجّه و لم يعد للمستقبل من رهانات إلا علي بقية اصطفاف كبير لل(نحن) علي خلفية مشهد مأساوي و حتي المأساة فيه أصبحت طبقية في تقسيمات ال(نحن) و ال(هُم) القديمة، فنازحي دبي غير نازحي القاهرة و كلاهما غير نازحي اثيوبيا او حتي نازحي الداخل الذين اكتوُا مرتين، مرة عندما كانوا في خانة ال(هُم) وقت عمار الدولة التي كان يعتمل في باطنها الخراب و مرة بعد الخراب الشامل و ما يزال ال(نحن) في استعلائهم و جبروتهم الغشيم و الذي أسفر عن جهالة كانت تغطيها الحلاقيم العالية و بعضا من درجات علمية تغطي سوءات ضمائرهم في أزمتها الوجودية الكبيرة .
.. نواصل

jebeerb@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ال نحن

إقرأ أيضاً:

أي منطقة كانت فيها الميليشيا فالوضع كالآتي

أي منطقة كانت فيها الميليشيا
فالوضع كالآتي
١/ تشريد للأهالي ولا تبقى إلا فئة مغلوب على أمرها تتوقع أن يفعل بها أي شيء كإعتقالهم تارة في الحمامات وتارة في المنهولات وتارة يتم التعرض لهم قتلا واغتصابا لأعراضهم ووو وكل شيء سيء

٢/ نهب العربات و الأشياء الثمينة الذهب و المجوهرات و القروش و ما خف ثمنه وزاد سعره
٣/ بجي دور الشفشافه وديل أحسن منهم يأجوج ومأجوج فعليا ديل بقضوا على الأخضر و اليابس
معظم أميات الكهرباء الفي أحياء الخرطوم تم تشليعها و أخذ النحاس الفيها

أي أثاث بيت بعجبهم بشيلو و الما بعجبهم يا حرقوا يا دمروا يا شالوا جدعو ف الشارع
الكيبولات بتاعت الكهرباء معظمها نهبوها وقلعوها من تحت الواطه وشلعوها عشان النحاس
العربات الما بتدور بتم حرقها في مكانها

يعني ان شاءالله الخرطوم لمن تتحرر المناطق التي تدمرت بفعل الشفشافة أكتر بكتير من التي تدمرت بفعل الأسلحة

فمن الآن أبدأ فكر في انك محتاج عفش من أول وجديد وبل قد يكون شغل تشطيب عديل
ده الحال في معظم مناطق الخرطوم اللهم إلا النذر اليسير
وأكاد أجزم انو ماف بيت أو بقالة أو أي شيء في مناطق الميليشيا سلم من الشفشفة

مصطفى ميرغني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تفاقم أزمة شح النقد في السودان بعد تغيير العملة: الأسباب والتداعيات
  • أيمن الرقب: تصريحات ترامب حول غزة كانت مفاجأة للجميع
  • 471 يوما من العدوان.. تامر أمين: الحرب على غزة كانت جحيما لا يطاق
  • أي منطقة كانت فيها الميليشيا فالوضع كالآتي
  • أسامة قابيل عن أزمة المذيعة آلاء عبد العزيز: تحتاج إلى الدعم النفسي لو كانت صادقة
  • ترامب: انتخابات 2020 كانت مزورة
  • لوموند: لهذا كانت عملية ترامب الغريبة لإنقاذ تيك توك
  • ترامب: انتخابات 2020 كانت مزورة.. وتظهر مدى سوء الديمقراطيين
  • ترامب: انتخابات 2020 كانت مزورة وتظهر مدى سوء الديمقراطيين
  • ترامب: انتخابات 2024 كانت الأهم في التاريخ الأمريكي