آخر تحديث: 7 غشت 2024 - 11:27 صبقلم: علي الكاش كشف القيادي في تحالف الفتح الولائي عدي عبد الهادي في 6/8/2024 عن ” أهمية المضي في تعديل قانون الأحوال الشخصية الحالي من أجل عدم زعل الإمام الغائب “.من مهازل شيعة العراق نوابا ومراجعا واتباع سيما العوام انهم يستشهدون بزواج ام المؤمنين عائشة من النبي صلى الله عليه وسلم وهي دون العاشرة من عمرها، ولا افهم كيف يأخذون بأحاديث أم المؤمنين وهم يمقتونها ويصفونها بأبشع الصفات، والتي تنعكس بشكل او بآخر على النبي صلى الله عليه وسلم، مع ان الله تعالى برأها في كتابه الكريم، ولم يبرأها مراجع الشيعة وخطباء المنبر الحسيني وعوامهم، وقد حذر الله تعالى ونبيه المصطفى من رمي المحصنات.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات. قال الإمام النووي: المحصنات: العفائف، الغافلات: عن الفواحش وما قذفن به، والقذف هو الرمي بالفاحشة لمن هو بريء منها، وقد بين الله تعالى عقوبة رمي النساء العفيفات البعيدات عن الفاحشة بقوله تعالى في سورة النور/ 4((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)). لكن هذا الأمر لا يعيروه مراجع الشيعة وعوامهم، اهتماما فرمي المحصنات والبراءة تعتبر من معتقداتهم الرئيسة. قاعدة القياس عاب إمام الشيعة جعفر الصادق على ابي حنيفة لأنه أخذ بقاعدة القياس، ومع هذا فهم اخذوا بالقاعدة في حكمهم على الزواج من القاصرات. تحدث المجلسي في كتابه عن لقاء خرافي لا يوجد عليه أي دليل بلقاء بين أبو حنيفة وجعفر الصادق عن مسألة القياس. قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت ” فصرت الى باب جعفر الصادق ” واستأذنت عليه فحجبني ، وجاء قومٌ من أهل الكوفة فاستأذنوا فأذن لهم ، فدخلت معهم ، فلمّا صرت عنده قلت له : يا بن رسول الله لو أرسلت إلى أهل الكوفة فنهيتهم أن يشتموا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ، فإنّي تركت بها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم . فقال عليه السلام : لا يقبلون منّي. فقلت : ومن لا يقبل منك وأنت ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال عليه السلام : أنت ممّن لم تقبل منّي ، دخلت داري بغير إذني ، وجلست بغير أمري ، وتكلمت بغير رأيي ، وقد بلغني أنّك تقول بالقياس. قلت : نعم به أقول . قال عليه السلام : ويحك يا نعمان أوّل من قاس الله تعالى إبليس حين أمره بالسجود لآدم عليه السلام وقال (( خَلقتَني من نار وخَلَقتهُ من طين)). ( بحار الانوار20/220). (احتجاج الطبرسي2/360). علما ان المجلسي توفي عام 1699 (1111 هـ)، وأبو حنيفة النعمان توفي سنة767 أي (150هـ). ويكفينا قول المرجع الشيعي الكبير الشيخ آصف محسني في تقييمه لكتاب بحار الانوار للمجلسي (120) مجلد ” المعتبر من بحار الانوار ثلاث مجلدات فقط”، وقد لخصها في كتاب يحمل عنوان (المعتبر من بحار الأنوار) أقول: هل سيكتفون شيعة العراق بهذا القانون؟ طالما انهم كما صرحوا حظوا بموافقة المرجع الأعلى (لم ينفِ المرجع الأعلى موافقته من زواج القاصرات)، بل صرح البعض بأنهم استمدوا الفكرة من الخميني والسيستاني، وهذا يعني في قوادم الأيام سيقترحون قانون (تفخيذ الرضيعة والاستمتاع بها) (وجواز نكاح المرأة من الدبر)، ويمرروه بالبرلمان بحكم الغالبية الشيعية في البرلمان، على اعتبار ان الفقه الإثنى عشري اجازها، مع ان الرجوع الى الفقه الشيعي يتضمن أصلا هذه المفاسد. قال الخميني: لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواما كان النكاح أو منقطعا، وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة، ولو وطأها قبل التسع ولم يفضها لم يترتب عليه شيء غير الإثم على الأقوى”. (تحرير الوسيلة2/241). وكرر علي السيستاني في المسألة/8 نفس كلام الخميني ويزعمون ان السيستاني لا يأخذ بولاية الفقيه، ورد في كتاله” لا يجوز وطئ الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواما كان النكاح أو منقطعا، وإما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والتقبيل والضم والتفخيذ فلا بأس بها، ولو وطئها قبل إكمال التسع ولم يفضها لم يترتب عليه شيء غير الإثم على الأقوى”. (منهاج الصالحين3/10). كما ذكر الخميني” المشهور الأقوى جواز وطء الزوجة دبراً على كراهية شديدة”!(تحرير الوسيلة ص241 مسألة رقم 11). المسألة المهمة ان المرجع الشيعي علي السيستاني اباح الزواج من الفتاة بعمر تسع سنوات، في حين آية الله كمال الحيدري عارض الزواج من القاصرات والاستمتاع بالرضيعة، فإيهما نتبع، وكلاهما بدرجة آية الله؟ مع ان الحيدري اعلم من السيستاني والدليل على ذلك كتبه ومحاضراته ودروسه وطلابه. وطالما ان مرجع المسلمين القرآن الكريم، فان القرآن لم يحدد سن البلوغ، وانما بلوغ الحلم، وسن الرشد، وبلغ أشده وغيرها من العبارات التي لا تتعلق بالسن، لذا خالف المراجع نصا قرآنيا واضحا بتحديدهم سن الزواج. والمراجع انفسهم اختلفوا ما بين 9 ـ13 سنة لزواج الفتيات. صحيح ان النواب الشيعة لم يأخذوا برأي المرجعية لأنهم على حق، فالمرجع الأعلى للشيعة سبق ان افتى في هذه المسائل، ولا حاجة للرجوع اليه. أمع هذا كد النائب عن ائتلاف المالكي المدعو عارف الحمامي في 4/8/2024 في حديث صحفي” هناك قبول واتفاق سياسي على المضي بالقانون خصوصا بعد اعلان الاطار التنسيقي تأييده الكامل على تمريره .وأن مرجعية السيستاني اكدت عبر رسائل كثيرة موافقتها على تمرير القانون”. أقول: هل درس النواب الأوغاد ما هي نسبة نجاح زواج القاصرات في العراق ليستنتجوا مدى نجاحه مثلا؟ وهل درسوا نسبة طلاق القاصرات من مجمل حالات الطلاق ليستأنسوا بالنتيجة، وتكون اكثر واقعية من اللغو الانشائي الذي اعتادوا عليه؟ هل سيكون سن المشاركة في الانتخابات (9) سنوات او (18) سنة للفتاة؟ وهل ستقبل المحاكم شهادة من تبلغ من العمر (9) سنوات؟ هناك الكثير من الأمور التي يجب مراعاتها، ناهيك ما يتعلق بالنفقة والميراث وغيرها. أولا. كارثة الطلاق ودور الزواج المبكر تؤكد عضو مفوضية حقوق الانسان (فاتن الحلفي) أن العام الماضي شهد تسجيل (10) حالات طلاق في الساعة الواحدة، بينما بلغت الأرقام الشهر الماضي (62) حالة طلاق في الساعة بواقع (375) حالة في اليوم. وفي احصائية قام بها فريق السومرية نيوز، تبين ان في الشهر الأول (كانون الثاني) من العام الماضي 2023، سجل العراق (6335) حالة طلاق، وفي شهر شباط 6147 حالة، وفي اذار (6491) حالة وفي نيسان (4643) حالة وفي ايار (6723) حالة وبشهر حزيران (5880) حالة، اما في شهر تموز (5808) حالة وفي أب (6973) حالة، بينما في أيلول (5462) حالة، بالإضافة الى ان شهر تشرين الأول تم تسجيل (6934) حالة، وفي تشرين الثاني (6620) حالة، كما ان شهر كانون الأول لم ترد إحصائية لغاية الان من مجلس القضاء الأعلى ووفقاً للأرقام المذكور والتي رصدتها السومرية نيوز، فإن العراق سجل خلال الـ (11) شهراً من العام الماضي، (68016) حالة طلاق، وهو ما يعني تسجيل أكثر من 200 حالة طلاق يومياً (206) وأكثر من 8 حالات (8.5) في الساعة الواحدة. سجّل العراق، خلال العام الماضي 2023، قرابة 70 ألف حالة طلاق، لأسباب متعددة بينها الزواج المبكر والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها الزوجان، وفق بيانات مجلس القضاء الأعلى رصدتها السومرية نيوز. وأشار الموقع إلى أنه خلال العقد الممتد بين 2004 و2014، انتهى زواج واحد من بين كل خمس زيجات بالطلاق، وسجل خلال الفترة نفسها (516784) حالات طلاق من بين (2.6) مليون زواج. لنقرأ نسبة طلاق الزواج المبكر ليعرف الشيعة حجم المأساة في زواج القاصرات. كشفت إحصائية رسمية حصلت عليها السومرية نيوز، تسجيل المحاكم العراقية (4092) حالة طلاق لنساء لم يبلغن الخامسة عشرة خلال عامي (2020-2021)، فيما ذكر قضاة متخصصون بقضايا الأحوال الشخصية أن الزواج المبكر أحد الأسباب الرئيسية التي تضاعف نسب الطلاق في العراق. ما رأي النواب الشيعة بهذه النتائج؟ ثانيا: الفقراء فقط سيدفعون ثمن دناءة النواب والنائبات أقول: من الذي سيتحمل مثل هذا الزواج الأغنياء، ام الفقراء الذين لا يجدون لقمة العيش الا بشق الأنفس، فنسبة الفقر في بعض المحافظات وصلت الى 50% حسب احصائيات وزارة التخطيط العراقية؟ ذكرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إن (9) ملايين مواطن أي نحو ربع عدد السكان البالغ عددهم 41 مليونا، تحت مستوى خط الفقر في العراق. ووردت هذه الأرقام الحديثة حول أعداد الفقراء بالعراق على لسان مديرة دائرة الرعاية الاجتماعية التابعة بالوزارة ذكرى عبد الرحيم، في تصريحات لقناة “العراقية” الرسمية. يرى مختصون وخبراء اجتماعيون أن هذه الأرقام الرسمية رغم ارتفاعها لا تعكس في الواقع العدد الحقيقي لفقراء العراق هو أعلى بحسب تقديراتهم، محذرين من التداعيات الخطيرة لتفاقم ظاهرة الفقر بالبلاد على شتى الصعد. كما ذكر عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية السابق، علي البياتي، لموقع سكاي نيوز عربية “لا توجد إحصائيات دقيقة وعلمية بالعراق حول نسب الفقر، لكن الأرقام الدولية تشير إلى أن ما يقارب 30 في المئة من سكان العراق هم بالفعل تحت مستوى خط الفقر، بمعنى أن دخلهم اليومي يقل عن 3.2 دولار أميركي أي ما يعادل نحو 4750 دينار عراقي، مؤكدا إن الأرقام الفعلية لنسبة الفقراء هي أكبر بكثير، إذ تصل لما فوق 30 بالمئة كحد أدنى”. أقول: صار العراق من ابرز دول العالم في التجارة بالبشر، علاوة على تجارة المخدرات، وغالبا ما تلقي وزارة الداخلية القبض على آباء وامهات يبعن ابنائهن بسبب الفاقة، وهؤلاء هم من سيستفيد من تزويج بناتهن القاصرات، حيث يتخلصن من تكاليف معيشتهم، ويتلقوا مبالغا عن بيع اطفالهم ثالثا: هل راجع مجلس النواب العراقي اتفاقية حقوق الطفل؟ على اعتبار ان هناك التزامات دولية على العراق ان ينفذها، او ينسحب من الاتفاقية، جاء في ديباجة الاتفاقية” وإذ تضع في اعتبارها “أن الطفل، بسبب عدم نضجه البدني والعقلي، يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية مناسبة، قبل الولادة وبعدها” وذلك آما جاء في إعلان حقوق الطفل. كما ورد في المواد: اين العراق من اتفاقية حقوق الطفل؟ المادة 1: لأغراض هذه الاتفاقية، يعنى الطفل الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه. المادة 12: تكفل الدول الأطراف في هذه الاتفاقية للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حق التعبير عن تلك الآراء بحرية في جميع المسائل التي تمس الطفل، وتولى آراء الطفل الاعتبار الواجب وفقا لسن الطفل ونضجه. المادة 14: لا يجوز أن يخضع الإجهار بالدين أو المعتقدات إلا للقيود التي ينص عليها القانون واللازمة لحماية السلامة العامة أو النظام أو الصحة أو الآداب العامة أو الحقوق والحريات الأساسية للآخرين. المادة 16: لا يجوز أن يجرى أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته. المادة 19: تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من آفة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد (الوالدين) أو الوصي القانوني (الأوصياء القانونيين) عليه، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته. اليس من الأجدر ان يخرج العراق من اتفاقية حقوق الطفل، في حال إقرار هذا القانون الظالم؟ وقد بينت المادة (52) من الاتفاقية آلية الخروج ” يجوز لأي دولة طرف أن تنسحب من هذه الاتفاقية بإشعار خطى ترسله إلى الأمين العام للأمم المتحدة. ويصبح الانسحاب نافذا بعد مرور سنة على تاريخ تسلم الأمين العام هذا الإشعار”. أقول: طالما جميع حقوق الطفل مصادرة في العراق، ما الفائدة من البقاء في الاتفاقية؟ فهل يتفق زواج القاصرات مع تلك البنود؟ الغريب في الأمر ان القضاء العراقي التزم الصمت اتجاه تلك التخرصات بحجة انه لا يفتِ الا عند الطلب منه، على الرغم من انه افتى في قضايا اقل أهمية دون ان يطلب منه ذلك، فحسب تقارير مجلس القضاء الأعلى فان الزواج المبكر يفتقر إلى اكتمال النضوج العقلي للزوج والزوجة فيما يتعلق بتحمل أعباء الزواج وتكوين أسرة، إضافة إلى البطالة وتفاوت المستوى الثقافي والعلمي بين الزوجين. اقتراح وجيه شاهدنا واستمعنا الى نائبات ومحاميات استمتن من اجل إقرار زواج القاصرات، لذا اقترح على النواب الولائيين ممن يرغب في إقرار زواج القاصرات ان يوزعوا ورقة استيضاح على زميلاتهم النائبات ممن يوافقن رأيهم السؤال التالي: في أي سن حضتن اول مرة قبل او بعد سن الثمان سنوات؟ ويمكن تعميم الاستيضاح على المحاميات المدافعات عن القانون الخائب، حتى يمكن ان نحصل على نتيجة مؤيدة او معارضة للقانون سيء الصيت. الخاتمة اليس من الاجدر بمجلس النواب بدلا من إقرار قوانين عبثية وذات صبغة طائفية، ان يقروا قوانين اكثر أهمية مثل قانون النفط والغاز، قانون المخابرات، قانون وضع حد لتهريب العملة عبر مزاد البنك المركزي، وقانون سلم المراتب، وقانون المحكمة الدستورية العليا وغيرها. الا لعنة الله على الطائفيين الذين دمروا العراق ونسيجه الاجتماعي.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: زواج القاصرات السومریة نیوز الزواج المبکر صلى الله علیه العام الماضی علیه السلام حقوق الطفل الله تعالى رسول الله فی العراق حالة طلاق لا یجوز

إقرأ أيضاً:

بين فوضى السلاح وتيه العقل السياسي

يعيش السودان مرحلة من أكثر مراحله تعقيدًا في تاريخه الحديث، حيث تتداخل خيبات الماضي مع انسداد الأفق الحاضر، وتتضاعف معاناة الناس اليومية أمام عجز النخب السياسية عن تقديم بديل واقعي. السؤال اليوم لم يعد "من يحكم السودان؟" بل "كيف نخرجه من هذه العتمة المتواصلة؟".
منذ انقلاب الفريق إبراهيم عبود في 1958، مرورًا بنميري والبشير، وحتى انقلاب البرهان في 2021، ظل الجيش يتدخل في السياسة تحت شعارات مختلفة، لكن النتيجة دائمًا واحدة: تعطيل المسار المدني، وتآكل مؤسسات الدولة. في كل مرة يُطرح الجيش كمنقذ، لكنه سرعان ما يصبح جزءًا من الأزمة، إن لم يكن جوهرها.
غير أن المشكلة لا تكمن في العسكر وحدهم؛ فالقوى المدنية بدورها أظهرت هشاشة واضحة، وانقسامات عميقة، وغياب مشروع وطني متماسك. بعد ثورة ديسمبر المجيدة، تضاءلت آمال الناس بسبب صراعات النخب، وتعطيل العدالة الانتقالية، والضعف التنفيذي الذي مهّد لانقلاب جديد.
وتزداد الصورة قتامة حين نضيف إلى المعادلة الدور الذي لعبه الإسلاميون منذ 1989، حيث بنوا نظامًا شموليًا قائمًا على التمكين وتفكيك مؤسسات الدولة. وحتى بعد سقوطهم، ظل تأثيرهم ممتدًا في شكل تحالفات خفية ومقاومة لأي تحوّل ديمقراطي، ما عمّق أزمة الانتقال
أما التفكير السائد داخل المؤسسة العسكرية، فقد تشكّل على مدار عقود في بيئة ترى نفسها وصية على الدولة، لا خادمة لها. العقل العسكري في السودان اعتاد النظر إلى المدنيين كمصدر للفوضى، وإلى نفسه كضامن وحيد للاستقرار، مما جعله يرفض التنازل عن السلطة الحقيقية حتى في ظل أنظمة انتقالية. هذا النمط من التفكير يعكس تراكماً تاريخيًا من التداخل بين النفوذ السياسي والمصالح الاقتصادية، وهو ما يفسّر إصرار الجيش على البقاء في المشهد وعدم قبوله الخضوع الكامل للسلطة المدنية.
ويبدو أن أحد أخطر مظاهر الأزمة هو تغلغل "الأنا السياسية" داخل العقل القيادي في السودان، حيث باتت المصالح الذاتية والأجندات الحزبية تتقدّم على المصلحة الوطنية. هذا النوع من التفكير تغذّيه ثقافة تقوم على الشخصنة والولاء الضيق، وتكريس الزعامة الفردية على حساب المؤسسات. كما أن ضعف التربية الديمقراطية، وانعدام آليات المحاسبة، وفشل النخب في بناء دولة قانون ومواطنة، كلها عوامل ساهمت في تعميق هذا النهج الأناني.
لكن، رغم هذا الواقع المعقد، فإن باب الأمل لم يُغلق. يمكن للعقلين العسكري والمدني أن يلتقيا في منتصف الطريق إذا توفرت الإرادة الحقيقية، وتقدم كل طرف بتنازلات شجاعة. المطلوب إعادة تعريف دور الجيش بوضوح، وجعل مهامه الأمنية تحت مظلة مدنية دستورية. كما أن القوى المدنية مطالبة ببناء كتلة سياسية موحدة ذات برامج واضحة وقيادات مؤهلة، قادرة على نيل ثقة الشارع أولًا ثم المؤسسة العسكرية ثانيًا. يجب تجاوز منطق المحاصصة، والانخراط في تسوية تضمن تفكيك النفوذ السياسي والاقتصادي للمؤسسة العسكرية تدريجيًا، ومن جهة أخرى، لا بد من إصلاح الحياة الحزبية، وتوسيع قاعدة المشاركة، وفتح حوار وطني واسع يشمل الجميع بلا إقصاء.
السودان لن يخرج من عتمته الحالية إلا إذا ارتفع الجميع فوق جراحهم وطموحاتهم الخاصة، وقدموا مصلحة الوطن على كل ما عداها. النور ممكن، لكنه لن يأتي إلا بالاعتراف، والتنازل، والتفكير خارج الصندوق.

بقلم: محمد الأمين حامد

rivernile20004@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر
  • تسجيل صوتي مسيء لمقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يُفجّر اشتباكات مسلحة بـ”جرمانا” السورية
  • هل تجب العدة على المرأة المختلعة بعد الخلوة الصحيحة وقبل الدخول؟ الإفتاء توضح
  • الطفل المعجزة يبهر العالم بتقليد كبار المقرئين ويقيم حوارا مع عمرو الليثي| شاهد
  • العراق بين عقلية الحكم وحكم العقل
  • بين فوضى السلاح وتيه العقل السياسي
  • مفوضية الانتخابات ترصد حالة عزوف في ثاني أكبر مدن العراق
  • استمرار عدم الاستقرار الجوي في العراق ودرجات الحرارة ضمن المعدلات
  • دعاء زوال الفقر وقلة الرزق.. احفظه وداوم عليه يوميا
  • لا تغضب!