تحذير أممي من كارثة مطلقة في السودان، ودعوة إلى التحلي بالإرادة السياسية لوقف المجاعة
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
حذر مسؤولان أمميان من أن الوضع الإنساني في السودان "مازال يمثل كارثة مطلقة" وأن الظروف في مختلف أنحاء البلاد "مروعة وتزداد سوءا يوما بعد يوم"، جاء هذا في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي الثلاثاء لمناقشة الوضع في السودان، حيث استمع إلى إحاطتين من كل من مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إيديم وسورنو، والمدير التنفيذي المساعد لبرنامج الأغذية العالمي ستيفن أومولو.
وقالت وسورنو إن 26 مليون شخص في السودان يعانون من الجوع الحاد، "وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف مدينة نيويورك، (ولكن) مليئة بالأسر الجائعة والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية".
وأشارت إلى استمرار فرار الناس حيث أُجبِر 10 ملايين شخص على الفرار من منازلهم بسبب العنف والجوع والحرمان، مضيفة أن ذلك يشمل 726,000 شخص نزحوا داخل ولاية سنار وخارجها، جنوب شرق البلاد، منذ 25 حزيران/يونيو بعد تقدم قوات الدعم السريع إلى الولاية، "وهذا يعني نزوح ثلاثة أرباع مليون شخص في غضون ستة أسابيع فقط".
وقالت المسؤولة الأممية: "إن الخرطوم، عاصمة السودان، التي كانت ذات يوم القلب النابض للبلاد، أصبحت الآن في حالة خراب".
المجاعة في مخيم زمزم
وتطرقت وسورنو إلى إعلان لجنة مراجعة المجاعة عن تفشي المجاعة في أجزاء من ولاية شمال دارفور السودانية، قائلة: "يجب أن يجمدنا جميعا هذا الإعلان. لأنه عندما تحدث المجاعة، فهذا يعني أننا تأخرنا كثيرا. وهذا يعني أننا لم نفعل ما يكفي. وهذا يعني أننا، المجتمع الدولي، فشلنا". وأضافت: "هذه أزمة من صنع الإنسان بالكامل، ووصمة عار على ضميرنا الجماعي".
وأشارت المسؤولة الأممية كذلك إلى أن 480 يوما من الصراع دفعت ملايين المدنيين إلى "مستنقع من العنف، ومعه الموت والإصابة والمعاملة اللاإنسانية". وقالت إن هناك مخاوف جدية بشأن ارتكاب جرائم حرب طوال هذا الصراع، مضيفة أن النساء والفتيات في السودان ما زلن يتعرضن لأسوأ سلوكيات أطراف الصراع.
وأكدت وسورنو أن المجتمع الإنساني في السودان يواصل العمل برغم كل الصعاب لتقديم المساعدة المنقذة للحياة للمدنيين المحتاجين، مشيرة إلى أن الشركاء الإنسانيين وصلوا إلى 2.5 مليون شخص في المناطق التي تقع ضمن المرحلتين الرابعة والخامسة على التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، بما في ذلك 1.8 مليون شخص بمساعدات الأمن الغذائي وسبل العيش، و800,000 شخص بدعم المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، و237,000 شخص بالرعاية الصحية.
ولفتت الانتباه إلى أن الأمم المتحدة وشركاءها لا يستطيعون قطع شوط طويل في تقديم المساعدات دون الوصول الكافي والموارد التي يحتاجونها.
أطفال في أحد معسكرات النازحين في الفاشر، شمال دارفور-السودان في أيار/مايو 2024.© UNICEF/Mohamed Zakaria أطفال في أحد معسكرات النازحين في الفاشر، شمال دارفور-السودان في أيار/مايو 2024.
أربعة مطالب رئيسية
وأكدت مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن الإمدادات المنقذة للحياة في بورتسودان جاهزة للتحميل وإرسالها إلى مخيم زمزم، بما فيها الأدوية الأساسية، والإمدادات الغذائية، وأقراص تنقية المياه والصابون.
وأضافت أن إمدادات الإغاثة لسكان زمزم تتوفر بسهولة في شرق تشاد، ولكن الأمطار الغزيرة غمرت معبر الطينة، وهو المعبر الحدودي الوحيد الذي يُسمح للوكالات الإنسانية باستخدامه حاليا بين شرق تشاد ودارفور بعد أن ألغت السلطات السودانية الإذن باستخدام معبر أدري في شباط/فبراير.
وأضافت: "نتيجة لهذا، فإننا ببساطة لا نستطيع نقل كمية كبيرة من الإمدادات المطلوبة لإنقاذ الأرواح ومكافحة المجاعة". وكررت وسورنو التأكيد على أربعة مطالب رئيسية وهي:
أولا، وقف الصراع،
ثانيا، ضرورة وفاء الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي،
ثالثا، الحاجة إلى وصول إنساني سريع وآمن ودون عوائق عبر السودان، من خلال جميع الطرق الممكنة،
وأخيرا، توفير المزيد من الموارد.
ونبهت إلى أنه "إذا لم نتلق التمويل الكافي لعملية المساعدة، بما في ذلك التمويل المرن الذي بمقدوره أن يمكن عمل الشركاء المحليين بشكل أفضل، فإن الاستجابة ستتوقف".
وقالت وسورنو في ختام إحاطتها: "شعب السودان يحتاج بشدة ويستحق أكثر من كلماتنا. إنهم بحاجة إلى هذا المجلس، وهم بحاجة إلى جميع الدول الأعضاء، وهم بحاجة إلى المجتمع الدولي الأوسع نطاقا، للتحرك، وانتشال السودان من هذه الهاوية".
حيز إنساني يتقلص
المدير التنفيذي المساعد لبرنامج الأغذية العالمي ستيفن أومولو نبه في إحاطته أمام المجلس إلى أن "هذه الأزمة الإنسانية لم تحظ بالاهتمام السياسي والدبلوماسي الذي تحتاج إليه بشدة. ومع ذلك، فإن لها آثارا أوسع نطاقا وتهدد بزعزعة استقرار المنطقة الأوسع".
وشدد على أن التأكيد على وجود المجاعة لابد أن يكون بمثابة جرس إنذار للمجتمع الدولي، ولأعضاء مجلس الأمن. وأشار إلى أن جميع أطراف الصراع تفشل في الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها بموجب القانون الإنساني الدولي، مضيفا أن "الحيز الإنساني يتقلص طوال الوقت".
وقال إن كلا الطرفين في الصراع يعرقلان، بشكل روتيني، طلبات الحصول على موافقات التنقل عبر خطوط النزاع، وهذا يحد بشدة من كمية المساعدات التي تمر، "ويمنعنا من العمل على نطاق واسع".
وجدد الدعوة إلى إتاحة معبر أدري رسميا لوكالات الإغاثة دون مزيد من التأخير، مؤكدا أن "التدفقات المستدامة والمتوقعة للإمدادات الإنسانية أمر بالغ الأهمية لوقف ارتفاع عدد الوفيات".
"إرادة سياسية وقيادة"
وشدد المدير التنفيذي المساعد لبرنامج الأغذية العالمي على أنه رغم التحديات الهائلة التي تواجه فرق البرنامج على الأرض، فإنه يعمل ليلا ونهارا لإيصال الغذاء المنقذ للحياة حيث تشتد الحاجة إليه.
وقال أومولو: "سوف يعطي برنامج الأغذية العالمي الأولوية للوصول إلى الأشخاص الذين يواجهون مستويات طارئة وكارثية من الجوع - المرحلتين الرابعة والخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي - إلى جانب النازحين داخليا".
وأكد الحاجة، بشكل عاجل، إلى مساعدة مجلس الأمن "لضمان قدرتنا على القيام بعملنا بشكل فعال، ومن دون تدخل"، مشيرا إلى نقص التمويل للاستجابة الإنسانية في السودان والذي "لابد أن يتغير إذا كنا نريد إنقاذ الأرواح".
ودعا كذلك إلى دبلوماسية فعالة لتأمين طرق الإمداد عبر الحدود - عبر معبر أدري ونقاط الدخول الحدودية الأخرى من تشاد وجنوب السودان وليبيا ومصر - ومساعدة المجلس لوقف التدخل الروتيني في عمليات إيصال المساعدات والحركة الإنسانية، ووفاء أطراف الصراع بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، وبموجب قرار مجلس الأمن 2417.
وأنهى المسؤول الأممي إحاطته بالقول: "إن وقف المجاعة الجارية الآن يتطلب إرادة سياسية وقيادة. ويدعو برنامج الأغذية العالمي مجلس الأمن إلى توفيرها. إن شعب السودان، الذي أنهكته الحرب وكسره الجوع، لا يستحق أقل من ذلك. ويجب ألا نخذله".
الأمم المتحدة:
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الأغذیة العالمی الأمم المتحدة فی السودان مجلس الأمن ملیون شخص إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: «انعدام كارثي» للأمن الغذائي في شمال غزة
غزة (الاتحاد)
أخبار ذات صلة الإمارات: الالتزام بتعزيز «الدبلوماسية الرياضية» في بناء السلام «اليونيسف»: أطفال لبنان يعيشون المرحلة الأكثر دمويةأعلنت الأمم المتحدة مواجهة نحو 133 ألف شخص «انعداماً كارثياً» للأمن الغذائي شمال غزة، لافتةً إلى انهيار الأنظمة الغذائية الزراعية في القطاع وتدمير الإنتاج المحلي للغذاء.
جاء ذلك في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي حول حماية المدنيين أثناء الصراعات المسلحة بحث خلالها مخاطر المجاعة شمال قطاع غزة. واستمع المجلس إلى إحاطة من كل من مدير مكتب الطوارئ والصمود بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» راين بولسون ومساعدة الأمين العام لحقوق الإنسان إلزي كيريس.
وقال بولسون، إن «رجالاً ونساء وفتياناً وفتيات يتضورون جوعاً بشكل فعلي فيما يستعر الصراع وتمنع المنظمات الإنسانية من توصيل المساعدات إلى المحتاجين».
واستشهد بولسون بتحذير لجنة مراجعة المجاعة بشأن وجود احتمال كبير بأن المجاعة «تحدث الآن أو أنها وشيكة الحدوث» في مناطق بشمال قطاع غزة.
وأفاد بأن التحليلات الجغرافية المكانية تشير إلى أن ما يقرب من 70 في المئة من أراضي المحاصيل - التي أسهمت في ثلث الاستهلاك المحلي - دمرت أو لحقت بها أضرار منذ بدء تصاعد الأعمال القتالية في الحرب على غزة.
وأوضح مدير مكتب الطوارئ لـ«الفاو» أن غزة - قبل اندلاع الحرب العام الماضي - كانت مكتفية ذاتياً إلى حد كبير بالإنتاج الحيواني والمحاصيل الزراعية.
وحذر من أن الدمار الواسع لأنظمة الأغذية الزراعية بالقطاع فاقم الأزمة الإنسانية والجوع وزاد مخاطر المجاعة، مؤكداً أن «الوقت ما يزال متاحاً لإنقاذ الأرواح وذلك حتمية إنسانية ومسؤولية أخلاقية».
وقال المسؤول الأممي، إنه «بحلول وقت إعلان المجاعة سيكون الناس لقوا حتفهم بالفعل من الجوع مع حدوث عواقب لا يمكن تغييرها تستمر لأجيال»، منبهاً بأن فرصة تقديم هذه المساعدة متاحة الآن وليس غداً.
وجدد بولسون الدعوة لبذل جهود دبلوماسية عاجلة لمعالجة انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراع بما في ذلك المجاعة في قطاع غزة، مناشداً أطراف الصراع تحمل مسؤولياتها التي تحتم حماية البنية المدنية الضرورية لتوصيل المساعدات الإنسانية وضمان عمل أنظمة الأغذية أثناء الصراع المسلح.
من جهتها، تحدثت مساعدة الأمين العام لحقوق الإنسان حول التقرير الأخير للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي حذر من الاحتمال القوي لحدوث مجاعة وشيكة بالقطاع، واصفة الأوضاع الإنسانية والحقوقية للفلسطينيين في أنحاء غزة بأنها «كارثية».
وأضافت كيريس في إحاطتها أن القيود المشددة المفروضة من إسرائيل على دخول وتوزيع السلع والخدمات الضرورية لحياة المدنيين - في أبريل الماضي - أوجدت مخاطر المجاعة والتجويع في غزة.
وشددت على «أن استخدام تجويع السكان المدنيين كوسيلة للحرب محظور تماماً بموجب القانون الدولي».
ونبهت كيريس بأن «أعمال الاحتلال لا تهدف فقط إلى إخلاء شمال غزة من الفلسطينيين بتشريد المتبقين على قيد الحياة إلى الجنوب ولكنها تشير أيضاً إلى مخاطر جسيمة لارتكاب فظائع من أشد الأشكال ضراوة».
وأشارت مساعدة الأمين العام مرة أخرى لدعوة لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي للعمل لمنع الوضع الكارثي في شمال غزة أو تخفيفه.