حذر مسؤولان أمميان من أن الوضع الإنساني في السودان "مازال يمثل كارثة مطلقة" وأن الظروف في مختلف أنحاء البلاد "مروعة وتزداد سوءا يوما بعد يوم"، جاء هذا في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي الثلاثاء لمناقشة الوضع في السودان، حيث استمع إلى إحاطتين من كل من مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إيديم وسورنو، والمدير التنفيذي المساعد لبرنامج الأغذية العالمي ستيفن أومولو.



وقالت وسورنو إن 26 مليون شخص في السودان يعانون من الجوع الحاد، "وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف مدينة نيويورك، (ولكن) مليئة بالأسر الجائعة والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية".

وأشارت إلى استمرار فرار الناس حيث أُجبِر 10 ملايين شخص على الفرار من منازلهم بسبب العنف والجوع والحرمان، مضيفة أن ذلك يشمل 726,000 شخص نزحوا داخل ولاية سنار وخارجها، جنوب شرق البلاد، منذ 25 حزيران/يونيو بعد تقدم قوات الدعم السريع إلى الولاية، "وهذا يعني نزوح ثلاثة أرباع مليون شخص في غضون ستة أسابيع فقط".

وقالت المسؤولة الأممية: "إن الخرطوم، عاصمة السودان، التي كانت ذات يوم القلب النابض للبلاد، أصبحت الآن في حالة خراب".

المجاعة في مخيم زمزم
وتطرقت وسورنو إلى إعلان لجنة مراجعة المجاعة عن تفشي المجاعة في أجزاء من ولاية شمال دارفور السودانية، قائلة: "يجب أن يجمدنا جميعا هذا الإعلان. لأنه عندما تحدث المجاعة، فهذا يعني أننا تأخرنا كثيرا. وهذا يعني أننا لم نفعل ما يكفي. وهذا يعني أننا، المجتمع الدولي، فشلنا". وأضافت: "هذه أزمة من صنع الإنسان بالكامل، ووصمة عار على ضميرنا الجماعي".

وأشارت المسؤولة الأممية كذلك إلى أن 480 يوما من الصراع دفعت ملايين المدنيين إلى "مستنقع من العنف، ومعه الموت والإصابة والمعاملة اللاإنسانية". وقالت إن هناك مخاوف جدية بشأن ارتكاب جرائم حرب طوال هذا الصراع، مضيفة أن النساء والفتيات في السودان ما زلن يتعرضن لأسوأ سلوكيات أطراف الصراع.

وأكدت وسورنو أن المجتمع الإنساني في السودان يواصل العمل برغم كل الصعاب لتقديم المساعدة المنقذة للحياة للمدنيين المحتاجين، مشيرة إلى أن الشركاء الإنسانيين وصلوا إلى 2.5 مليون شخص في المناطق التي تقع ضمن المرحلتين الرابعة والخامسة على التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، بما في ذلك 1.8 مليون شخص بمساعدات الأمن الغذائي وسبل العيش، و800,000 شخص بدعم المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، و237,000 شخص بالرعاية الصحية.

ولفتت الانتباه إلى أن الأمم المتحدة وشركاءها لا يستطيعون قطع شوط طويل في تقديم المساعدات دون الوصول الكافي والموارد التي يحتاجونها.

أطفال في أحد معسكرات النازحين في الفاشر، شمال دارفور-السودان في أيار/مايو 2024.© UNICEF/Mohamed Zakaria أطفال في أحد معسكرات النازحين في الفاشر، شمال دارفور-السودان في أيار/مايو 2024.

أربعة مطالب رئيسية
وأكدت مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن الإمدادات المنقذة للحياة في بورتسودان جاهزة للتحميل وإرسالها إلى مخيم زمزم، بما فيها الأدوية الأساسية، والإمدادات الغذائية، وأقراص تنقية المياه والصابون.

وأضافت أن إمدادات الإغاثة لسكان زمزم تتوفر بسهولة في شرق تشاد، ولكن الأمطار الغزيرة غمرت معبر الطينة، وهو المعبر الحدودي الوحيد الذي يُسمح للوكالات الإنسانية باستخدامه حاليا بين شرق تشاد ودارفور بعد أن ألغت السلطات السودانية الإذن باستخدام معبر أدري في شباط/فبراير.

وأضافت: "نتيجة لهذا، فإننا ببساطة لا نستطيع نقل كمية كبيرة من الإمدادات المطلوبة لإنقاذ الأرواح ومكافحة المجاعة". وكررت وسورنو التأكيد على أربعة مطالب رئيسية وهي:

أولا، وقف الصراع،
ثانيا، ضرورة وفاء الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي،
ثالثا، الحاجة إلى وصول إنساني سريع وآمن ودون عوائق عبر السودان، من خلال جميع الطرق الممكنة،
وأخيرا، توفير المزيد من الموارد.
ونبهت إلى أنه "إذا لم نتلق التمويل الكافي لعملية المساعدة، بما في ذلك التمويل المرن الذي بمقدوره أن يمكن عمل الشركاء المحليين بشكل أفضل، فإن الاستجابة ستتوقف".

وقالت وسورنو في ختام إحاطتها: "شعب السودان يحتاج بشدة ويستحق أكثر من كلماتنا. إنهم بحاجة إلى هذا المجلس، وهم بحاجة إلى جميع الدول الأعضاء، وهم بحاجة إلى المجتمع الدولي الأوسع نطاقا، للتحرك، وانتشال السودان من هذه الهاوية".

حيز إنساني يتقلص
المدير التنفيذي المساعد لبرنامج الأغذية العالمي ستيفن أومولو نبه في إحاطته أمام المجلس إلى أن "هذه الأزمة الإنسانية لم تحظ بالاهتمام السياسي والدبلوماسي الذي تحتاج إليه بشدة. ومع ذلك، فإن لها آثارا أوسع نطاقا وتهدد بزعزعة استقرار المنطقة الأوسع".

وشدد على أن التأكيد على وجود المجاعة لابد أن يكون بمثابة جرس إنذار للمجتمع الدولي، ولأعضاء مجلس الأمن. وأشار إلى أن جميع أطراف الصراع تفشل في الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها بموجب القانون الإنساني الدولي، مضيفا أن "الحيز الإنساني يتقلص طوال الوقت".

وقال إن كلا الطرفين في الصراع يعرقلان، بشكل روتيني، طلبات الحصول على موافقات التنقل عبر خطوط النزاع، وهذا يحد بشدة من كمية المساعدات التي تمر، "ويمنعنا من العمل على نطاق واسع".

وجدد الدعوة إلى إتاحة معبر أدري رسميا لوكالات الإغاثة دون مزيد من التأخير، مؤكدا أن "التدفقات المستدامة والمتوقعة للإمدادات الإنسانية أمر بالغ الأهمية لوقف ارتفاع عدد الوفيات".

"إرادة سياسية وقيادة"
وشدد المدير التنفيذي المساعد لبرنامج الأغذية العالمي على أنه رغم التحديات الهائلة التي تواجه فرق البرنامج على الأرض، فإنه يعمل ليلا ونهارا لإيصال الغذاء المنقذ للحياة حيث تشتد الحاجة إليه.

وقال أومولو: "سوف يعطي برنامج الأغذية العالمي الأولوية للوصول إلى الأشخاص الذين يواجهون مستويات طارئة وكارثية من الجوع - المرحلتين الرابعة والخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي - إلى جانب النازحين داخليا".

وأكد الحاجة، بشكل عاجل، إلى مساعدة مجلس الأمن "لضمان قدرتنا على القيام بعملنا بشكل فعال، ومن دون تدخل"، مشيرا إلى نقص التمويل للاستجابة الإنسانية في السودان والذي "لابد أن يتغير إذا كنا نريد إنقاذ الأرواح".

ودعا كذلك إلى دبلوماسية فعالة لتأمين طرق الإمداد عبر الحدود - عبر معبر أدري ونقاط الدخول الحدودية الأخرى من تشاد وجنوب السودان وليبيا ومصر - ومساعدة المجلس لوقف التدخل الروتيني في عمليات إيصال المساعدات والحركة الإنسانية، ووفاء أطراف الصراع بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، وبموجب قرار مجلس الأمن 2417.

وأنهى المسؤول الأممي إحاطته بالقول: "إن وقف المجاعة الجارية الآن يتطلب إرادة سياسية وقيادة. ويدعو برنامج الأغذية العالمي مجلس الأمن إلى توفيرها. إن شعب السودان، الذي أنهكته الحرب وكسره الجوع، لا يستحق أقل من ذلك. ويجب ألا نخذله".

الأمم المتحدة:  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأغذیة العالمی الأمم المتحدة فی السودان مجلس الأمن ملیون شخص إلى أن

إقرأ أيضاً:

منظمات دولية تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان

الأمم المتحدة تشتبه في وقوع جرائم حرب في السودان وتدعو إلى نشر قوة “محايدة”

 

الثورة / وكالات

أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أمس، أن استمرار حرب السودان لأكثر من 500 يوم يعرض نصف السكان للجوع الشديد، في أول مجاعة بالعالم معلن عنها منذ 2017م.
وكتب البرنامج في منشور على منصة (إكس).. قائلاً: إنه “ليس هناك وقت لنضيعه، ولا يزال الوصول الإنساني والتمويل أمرين بالغي الأهمية”.
وأعلن البرنامج يوم الجمعة الماضي عن إدخال مساعدات غذائية لغرب دارفور، وذلك بهدف مكافحة خطر المجاعة في السودان.. لافتا إلى أنه تمكن من إدخال شاحنات تحمل مائة طن عبر المعبر الحدودي “أدري” مع تشاد.
من جهة أخرى تعهد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبرييسوس يوم أمس، خلال زيارته للسودان بحشد الجهود الدولية لدعم النظام الصحي في السودان، وفقا لبيان صادر عن وزارة الصحة السودانية.
وقال مدير منظمة الصحة العالمية في أعقاب محادثات مع وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم في مدينة بورتسودان شرق السودان: إن السودان يحتاج إلى الكثير من الدعم من الشركاء في المجال الصحي.
وأضاف إبراهيم: إن زيارة تيدروس سوف تعزز العلاقات بين السودان ومنظمة الصحة العالمية، والتي قامت “بجهود كبيرة في توفير الدعم الفني والمادي”، وفقا للبيان.
من جانب آخر، قالت وزارة الصحة السودانية أمس: إن الأمطار الغزيرة التي ضربت أجزاء من السودان مؤخرا أسفرت عن مقتل 205 أشخاص، بينما سجل السودان 5081 حالة كوليرا، بما في ذلك 176 وفاة.
ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023م، صراعا داميا بين الأطراف المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، مما أسفر عن سقوط ما لا يقل عن 16 ألفا و650 قتيلا.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 10.7 مليون شخص نزحوا داخليا في السودان، بينما يسعى نحو 2.2 مليون آخرين للجوء إلى البلدان المجاورة.
إلى ذلك دعا خبراء من الأمم المتحدة أمس الجمعة إلى نشر قوة “مستقلة ومحايدة دون تأخير” في السودان، بهدف حماية المدنيين من الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان اللذان “ارتكبا سلسلة مرعبة من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم دولية، حيث يمكن اعتبار الكثير منها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، على حد تعبيرهم.
وأكد محمد شاندي عثمان، رئيس بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن السودان، على خطورة هذه النتائج، مشيرا إلى “الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين أصبحت أكثر وضوحا من أي وقت مضى.”
وفيما يتعلق بحماية المدنيين، قالت البعثة الأممية “نظرا لعدم تجنب الطرفين المتحاربين إيذاء المدنيين، فإن نشر قوة مستقلة ومحايدة بتفويض لحماية المدنيين هو أمر لا بد منه وبأسرع وقت ممكن.”
وأضاف رئيس البعثة الأممية أن “حماية السكان المدنيين تعد مسألة حيوية، ويجب على جميع الأطراف الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ووقف جميع الهجمات ضد المدنيين بشكل فوري وغير مشروط.”
وفيما يتعلق بالانتهاكات، أشار التقرير إلى أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إلى جانب حلفائهم، مسؤولون عن انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك هجمات مباشرة وعشوائية استهدفت المدنيين والمدارس والمستشفيات وشبكات الاتصالات والإمدادات الحيوية من المياه والكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، ارتكب الطرفان المتحاربان “أعمال اغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي، واعتقالات تعسفية، وتعذيب وسوء معاملة، مما يشكل جرائم حرب”.
وسلط الخبراء الضوء على “الهجمات المروعة التي نفذتها قوات الدعم السريع وحلفاؤها ضد المجتمعات غير العربية، خاصة المساليت في الجنينة والمناطق المحيطة بها في غرب دارفور.”
كما أشاروا إلى ارتكاب جرائم قتل وتعذيب واغتصاب وتدمير للممتلكات ونهبها، معتبرين أن هذه الأفعال قد تصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
ويجدر بالذكر أن مجلس حقوق الإنسان قد أنشأ هذه البعثة الأممية في أواخر العام الماضي لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في السودان منذ اندلاع الحرب.
وقد أسفر الاقتتال في السودان عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، بينما تشير التقديرات إلى أن العدد الفعلي للقتلى قد يصل إلى 150 ألف شخص.
كما أدت الحرب إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو إلى البلدان المجاورة، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، وألحقت دمارًا هائلًا بالبنية التحتية، حيث تعطلت أكثر من ثلاثة أرباع المرافق الصحية.

مقالات مشابهة

  • مفوض أممي يدعو لمواجهة إسرائيل.. يجب وقف انتهاكاتها للقانون الدولي
  • منظمات دولية تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان
  • الأمم المتحدة: السودان يواجه أزمة الجوع الأكثر مأساوية في تاريخه
  • تحذير أممي من أزمة جوع هي الأكثر مأساوية بتاريخ السودان.. وصلت إلى دارفور
  • نزوح من الخرطوم على وقع اشتباكات ودعوة أممية لنشر قوات محايدة
  • ذريعة التدخل الدولي الإنساني والهيمنة على الدول: انتقاص سيادة السودان
  • مجاعة غزة “الأشد في التاريخ”.. تقرير أممي يرصد أزمة جوع عالمية تهدد الملايين
  • الأمم المتحدة تواصل جهودها لإيصال الغذاء إلى المجتمعات المعرضة لخطر المجاعة في السودان
  • تحذير أميركي من خطورة إرسال صواريخ باليستية إيرانية لروسيا
  • مجاعة غزة الأشد في التاريخ.. تقرير أممي يرصد أزمة جوع عالمية تهدد الملايين