في خطوةٍ كانت متوقّعة، بل مُنتظَرة منذ فترة طويلة، لكن بتوقيت بدا مفاجئًا ومُستغرَبًا، في غمرة الانشغال بتطورات الحرب الإسرائيلية، خلال الفترة الفاصلة ما بين ضربتي الضاحية وطهران المباغتتين، والردّ المُنتظر من "حزب الله" وإيران، اختار رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل أن يوقّع رسميًا على قرار "طرد" النائب آلان عون من صفوف التيار، بناء على توصيتين سابقتين لمجلس الحكماء في "الوطني الحر".


وبخلاف قرارات فصل سابقة، أرفِق قرار طرد النائب آلان عون ببيان مفصّل صدر عن اللجنة المركزية للإعلام والتواصل في "التيار" شرحت فيه ما يمكن وصفها بـ"الأسباب الموجبة" للفصل، ومنها تخلّف عون عن المثول أمام مجلس الحكماء مرّات عدّة، فضلاً عن مخالفته النظام الداخليّ للتيار، وقرارات التيار وتوجيهاته على المستويات السياسية والتنظيمية والإعلامية، ومن ذلك عدم قبوله الإعلان عن التزامه قرار التيار في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
وحرص البيان على الإشارة إلى الوساطات التي بُذِلت في محاولة لتفادي صدور هذا القرار، حيث لفت إلى أنّ رئيس "التيار" انتظر "فترة طويلة جدًا" قبل اتخاذ أي قرار، "على أمل أن يتراجع النائب عون عن ارتكاب المخالفات"، ولا سيما أنّ خسارة أي ناشط من التيار "أليمة"، ما يطرح السؤال، ماذا بعد فصل عون، وأيّ انعكاسات على الكتلة النيابية لـ"التيار"؟!
المفاجأة الجديدة تمثلت أيضاً بإعلان النائب سيمون أبي رميا اليوم استقالته من "التيار"، مؤكداً أنه "النائب المواطن" وهو ضدّ كل من يتآمر على الوطن، وقال: "الانتماء الحقيقي والاخلاص للتيار الوطني الحر هو ليس بالعاطفة أو الشعارات، بل بممارسة القناعات الصحيحة وبتقديم نموذج من الإداء والسلوك السياسي والنيابي الفاعل والبنّاء".   "ديكتاتورية التيار"؟
الخطوةُ التي اتخذها أبي رميا تعتبرُ كبيرة أيضاً وليست عادية على صعيد "التيار"، في حين أن استقالته من الحزب تعني أن الأخير خسرَ أحد البرلمانيين الناشطين، كما أنه افتقدَ أبرز الذين ارتبط اسمهم بمسيرة رئيس الجمهورية السّابق ميشال عون السياسيّة.
أبي رميا الذي ارتأى المضي بعيداً عن "التيار" كـ"تنظيم سياسي"، جاء قرارهُ ليكشف عن صراعٍ حقيقي داخل "الوطني الحر"، وليُظهر أن هناك تذبذباً كبيراً داخل صفوفه لاسيما على صعيد النواب ضمنه.
وبالعودة إلى مسألة آلان عون، وبعيداً عن الأسباب الموجبة لفصله من "التيار"، من وجهة نظر القيادة المحسوبة على باسيل تحديدًا، فقد قوبل القرار بانتقادات شديدة في أوساط بعضها قريب من "الوطني الحر"، باعتبار أنّ القرار يؤكد مرّة على ما يسمّيها هؤلاء "ديكتاتورية باسيل" بصورة أو بأخرى، بدليل العدد الضخم لقرارات الفصل من "التيار" منذ تاريخ تسلمه رئاسة الحزب، خلافًا لما كان عليه الحال قبل ذلك، حين كان العماد ميشال عون قادرًا على ضبط الأمور بشكل كامل.
يقول هؤلاء إنّ القرار بحق عون كان متوقَّعًا منذ فترة طويلة، وحتى قبل أن يبدأ التمهيد له في الأسابيع الأخيرة، وحتى قبل فصل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الذي وُضِع أيضًا في خانة "تحضير الأرضية" لطرد غيره من النواب، بل تعود جذوره إلى انتخابات "التيار" السابقة، يوم تراجع عون عن خوض المعركة في وجه باسيل بتمنٍ من خاله العماد عون، ليبدو واضحًا حينها أنّه "أرجأ" الفكرة، ولم يُلغِ "الطموح"، بشكل أو بآخر.
ولأنّ النائب آلان عون بدا "المنافس الحقيقي الوحيد" لباسيل على زعامة "التيار"، فإنّ قرار إقصائه كان متوقَّعًا، ولو أنّ التريّث به كان في محاولة لتجنّب المفاعيل المحتملة له، خصوصًا في ضوء الحديث المتكرّر عن نواب يستعدّون للخروج طوعًا، من باب التضامن معه، كما فعل ابي رميا اليوم، علمًا أنّ الحيثية التي يتمتّع بها النائب عون، سواء على مستوى "التيار" ككلّ، أو على مستوى العلاقات مع سائر الأحزاب، أو على مستوى قضاء بعبدا تحديدًا، لعب دورًا جوهريًا في كلّ ذلك.   القرار "الطبيعي"
لكنّ ما يقوله هؤلاء عن "ديكتاتورية باسيل" يبدو هو المُستهجَن بالنسبة للمقرّبين من باسيل، أو المؤيدين لوجهة نظره، حيث يلفتون إلى أنّ مثل هذا الكلام مفهوم في السياسة من جانب خصوم الرجل، الذين يرغبون بالتنقير عليه، لكن لا يمكن أن يكون مفهومًا لمن يفقه في العمل الحزبي، ولا سيما التنظيمي منه، فحرية الرأي يجب أن تكون مكفولة، لكن شرط ألا تتحوّل إلى تحدّ أو تمرّد، أو حتى ألا تظهر بهذا الشكل أمام الرأي العام بأيّ صورة من الصور.
بيد أنّ أكثر ما يثير استغراب هؤلاء يكمن في كون بعض الانتقادات لقرار فصل النائب عون يأتي من أحزاب أخرى لم تُعرَف يومًا بتقديسها لحرية الرأي في داخلها، علمًا أنّ هذه الأحزاب نفسها تشهد الكثير من "السوابق" على طرد قياديّين فيها لأسباب أقلّ بكثير من المخالفات التنظيمية، حيث تسأل هذه الأوساط: هل يقبل أيّ حزب لبناني آخر بأن يبقى نائب في صفوفه، وهو يخالف قرارات قيادته، أو يشرّع لنفسه انتخاب "من يشاء" رئيسًا خلافًا للقرارات؟
استنادًا إلى ما تقدّم، يرى أصحاب هذا الرأي أنّ قرار فصل النائب عون هو "الطبيعي"، علمًا أنّ تأخّر صدوره هو "غير الطبيعي"، ولكنّه يعبّر عن رغبة ظلّت موجودة حتى اللحظة الأخيرة في تجنّبه، خصوصًا أنّ للقرار تأثيراته وانعكاساته على بنية "التيار" بصورة عامة، خصوصًا إذا ما صحّ الحديث عن أنّ نائبين آخرين أصبحا بحكم الخارجين من كتلة "التيار" بعد عون، ما يعني أنّ تكتل "لبنان القوي" خسر أربعة نواب دفعة واحدة، وفي فترة وجيزة.
ثمّة من يقول إنّ النتيجة المباشرة لإخراج النائب آلان عون من "التيار"، معطوفًا على قرار أبي رميا الأخير بالاستقالة وما قد يحصل لاحقاً عبر نواب آخرين قد يتخذون الخطوة ذاتها، لا تكمن فقط في تراجع تكتّل باسيل، عددًا وربما نوعًا، ولكن أيضًا في خسارة باسيل "معركة" التكتّل المسيحي الأقوى، إذ بات عليه الاعتراف بأنّ كتلة "القوات" هي الأولى مسيحيًا، بعدما تقلّص حجم كتلته، مع ما لذلك من دلالات "معنوية"، ولو لم يكن له انعكاسات مباشرة في السياسة! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: النائب آلان عون الوطنی الحر النائب عون أبی رمیا

إقرأ أيضاً:

رئيس وزراء فرنسا الجديد في ورطة وتهديدات برلمانية بسحب الثقة.. ماذا يحدث بباريس؟

يُواجه ميشيل بارنييه، رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، تحديات وأزمات عدة في الأسبوع الأول من توليه منصبه رسميا، إذ يجد نفسه مُحاصراً بين تدهور الأوضاع المالية لفرنسا وتصاعد الاحتجاجات الرافضة له، وذلك في ظل تهديد محتمل بتصويت البرلمان على حجب الثقة عنه، وفقًا لوكالة «رويترز».

بارنييه في موقف صعب

طلبت فرنسا من المفوضية الأوروبية تمديد الموعد النهائي المحدد لتقديم خطة للحد من عجزها العام إلى بعد 20 سبتمبر، لضمان توافقها مع مشروع ميزانية باريس لعام 2025، وجاء هذا الطلب في ظل الوضع المالي المتدهور الذي يواجه ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، ولذلك من المتوقع أن يواجه بارنييه تحديات كبيرة في ظل ضغوط تشكيل حكومة جديدة وإعداد الميزانية بحلول 1 أكتوبر القادم.

وتشير وزارة المالية الفرنسية إلى احتمال ارتفاع مفاجئ في عجز الميزانية إذا لم يتم العثور على مدخرات إضافية، مما يضع بارنييه في موقف صعب بين خفض الإنفاق، وزيادة الضرائب، أو فُقدان المصداقية مع شركاء فرنسا في الاتحاد الأوروبي، وتبقى مُدة التمديد غير مُحددة، لكن من الممكن تمديدها حتى 15 أكتوبر بالاتفاق.  

احتجاجات ضد بارنييه

وشهدت باريس، أمس السبت، احتجاجات واسعة مع ارتفاع لافتات «ماكرون إلى الخارج» و«استقال ماكرون»، تعبيرًا عن الغضب من قرار الرئيس إيمانويل ماكرون، بتعيين بارنييه، بدلاً من مرشحة الجبهة الشعبية اليسارية التي فازت بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات، حيث انتقدوا ماكرون بشدة لعدم احترام نتائج الانتخابات، وأعربوا عن استيائهم من تعيين رئيس وزراء؛ لأنهم يعتبرونه غير مناسب في هذا الأزمات الحرجة التي تواجه فرنسا، وفقًا لقناة «فرانس 24».

ومع وجود تهديد محتمل بتصويت البرلمان بسحب الثقة من بارنييه، يمتلك تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية وهو الكتلة الأكبر في البرلمان، والتجمع الوطني اليميني المتطرف أغلبية برلمانية تمكنهم الإطاحة برئيس الوزراء من خلال تصويت بحجب الثقة، إذا ما قرروا التعاون فيما بينهم.

مقالات مشابهة

  • رئيس قضايا الدولة يستقبل النائب العام ورئيس محكمة النقض
  • النائب العام يزور رئيس هيئة قضايا الدولة لتهنئة بتوليه المنصب الجديد
  • النائب العام يزور رئيس هيئة قضايا الدولة لتهنئته بتولي منصبه
  • النائب العام يزور رئيس هيئة قضايا الدولة لتهنئته بمنصبه الجديد (صور)
  • رئيس بلدية طرابلس: حل مشكلة عمال الاطفائية يتطلب حلا لمشكلة إتحاد بلديات الفيحاء
  • رئيس وزراء فرنسا الجديد في ورطة وتهديدات برلمانية بسحب الثقة.. ماذا يحدث بباريس؟
  • بالصور... جبران باسيل يُشارك في نهائيات بطولة الـMini Football
  • مقتل مدني رميا بالرصاص ومصرع امرأة دهساً بحادثين في بغداد
  • رئيس عربية النواب يشيد الإفراج عن 151 متهماً محبوسين احتياطياً
  • التيار: البديلان في المتن متوافران