ثلاث رسائل للعالم من اختيار السنوار لخلافة هنية
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
أثار اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران في الحادي والثلاثين من يوليو/ تموز الماضي عاصفة من التساؤلات حول تداعياته المُحتملة على مسارات الحرب في غزة والمواجهة الإقليمية المرتبطة بها، وملف المفاوضات، والوضع الداخلي للحركة وعلاقتها بالخارج. لكن اختيار حماس لرئيسها في غزة يحيى السنوار خلفًا لإسماعيل هنية يُعطي لمحة واضحة عن الكيفية التي ستُدير بها الحركة إستراتيجيتها في الحرب بعد الآن.
هذا الاختيار، وإن بدا مفاجئًا لكثيرين ممن كانوا يتوقّعون اختيار شخصية من الجناح السياسي للحركة لتولي هذا المنصب لاعتبارات مُتعددة، إلّآ أنه يظهر قبل كل شيء كنتيجة طبيعية لاغتيال هنية، والمنحى الجديد الذي سلكته الحرب بعد التصعيد الإسرائيلي الجديد لها، وتزايد مخاطرها الإقليمية.
تُظهر الاعتبارات الداخلية للحركة كعامل رئيسي في هذا الاختيار حقيقة أنّ السنوار، الذي يُنظر إليه على أنّه مُهندس هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لا يزال يقود بفاعلية كبيرة المقاومة على الأرض، رغم مُضي أشهر طويلة على الحرب، حيث تعجز إسرائيل بكل ما تمتلكه من إمكانات عسكرية واستخباراتية وتجسسيّة عالية عن الوصول إليه واغتياله، كما تُظهر الثقة التي توليها الحركة بجناحيها: السياسي والعسكري للسنوار كشخصية قوية قادرة على إدارة حماس في الداخل والخارج معًا في زمن الحرب.
كما أن اختياره لهذه المهمة كان حاجة للحركة لإظهار التماسك بين جناحيها: العسكري في الداخل، والسياسي في الخارج؛ لتبديد المزاعم، التي سعى الإسرائيليون لإثارتها، عن وجود انقسام بين جناحَيها: العسكري والسياسي، وعن انقطاع السنوار عن العالم الخارجي، وعن وجود صراعات داخل الحركة حول خلافة هنية. ويحمل اختيار السنوار في طياته ثلاث رسائل بارزة من حركة حماس.
رسالة تماسك وتحدٍ لإسرائيلعلاوة على إظهار التماسك الداخلي على مستوى العلاقة بين جناحيها في غزة والخارج، يُرسل اختيار السنوار رسالة تحدٍ للاحتلال مفادها أنّ الحركة لا تزال قوية وقادرة على إنتاج قيادة جديدة؛ لمواكبة التحديات التي تفرضها المرحلة الجديدة من الحرب بعد اغتيال هنية.
وإذا كانت إسرائيل قادرة على اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة في الخارج من أجل إحباط عزيمة المقاومة في غزة، واستعراض قدراتها العسكرية والاستخباراتية لإعادة ترميم مفهوم الردع الإسرائيلي، الذي تصدّع بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فإنه سيتعين عليها منذ الآن فصاعدًا مواجهة السنوار، ليس بصفته مُهندس طوفان الأقصى أو قائد المقاومة على الأرض فحسب، بل أيضًا كزعيم سياسي لحماس.
رسالة إذلال لنتنياهوسوّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اغتيال هنية – وإن لم يُقر بالمسؤولية عنه – في إطار استعراض قدرة إسرائيل على اغتيال قياديي الصف الأول في الجناح السياسي لحماس، مثل: هنية ونائبه صالح العاروري؛ لتحقيقه وعوده بالقضاء على قادة حماس الكبار السياسيين والعسكريين، والتعويض عن فشله في تحقيق انتصار في الحرب.
باختيار السنوار لخلافة هنية، أرادت الحركة إذلال نتنياهو ومفاقمة الحرج الداخلي الذي يواجهه؛ نتيجة العجز العسكري والاستخباراتي في الوصول إلى السنوار واغتياله، وهو الذي تُحمّله إسرائيل المسؤولية الأولى عن تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وسيواجه نتنياهو بعد هذا الاختيار حرجًا كبيرًا في مواصلة تسويق اغتيال هنية، وادعاء اغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف ونائبه مروان عيسى، على أنه نجاح له في تحقيق أهداف الحرب.
لقد فقد نتنياهو عمومًا الكثير من مكانته في الداخل في هذه الحرب، ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه المسؤول الأول عن المأزق الإستراتيجي الذي وصلته إسرائيل. ومن غير المتصوّر بأي حال أن تُساعده اغتيالات قادة حماس وحزب الله في إعادة ترميم زعامته، كما كانت قبل الحرب، وفي تجنب الثمن السياسي الباهظ الذي سيتعين عليه دفعه في نهاية المطاف.
الكلمة للقوة في المفاوضاتكان يُنظر إلى الراحل إسماعيل هنية على أنه قوة دافعة داخل الجناح السياسي لحركة حماس من أجل التوصل إلى صفقة لإنهاء الحرب. ومن البديهي الاستنتاج بأن اغتياله كان مُصممًا في أحد جوانبه لتقويض فرص التوصل إلى مثل هذه الصفقة. والنقطة التي تُجمع عليها حركة حماس وكثير من الإسرائيليين، الذين يُريدون عودة المحتجزين، والولايات المتحدة ضمنًا، أن نتنياهو وحده من يُعرقل اتفاقًا لإنهاء الحرب.
وفي الواقع، أظهر اغتيال هنية بوضوح الخداع الذي يُمارسه نتنياهو في المفاوضات من أجل التهرب من استحقاق الصفقة وإطالة أمد الحرب لأطول فترة مُمكنة. يُرسل اختيار السنوار خليفة لهنية ثلاث رسائل من حماس فيما يتعلق بملف المفاوضات. أوّلها أنها لم تعد مُستعدة للمُضي في هذه المفاوضات ما دام نتنياهو يواصل خداع العالم فيها. وثانيها أن الكلمة الأولى والأخيرة للحركة في المفاوضات تُحددها المقاومة على الأرض. وثالثها أنه سيتعين على الوسطاء التعامل منذ الآن فصاعدًا مع السنوار لتحديد أطر أي صفقة مُحتملة في المستقبل.
إنّ أولوية حماس الرئيسية المتمثلة بإنهاء المذبحة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة والتوصل إلى صفقة تُحافظ على المكاسب الإستراتيجية التي حققتها القضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ستبقى قائمة بمعزل عن الآثار المُحتملة المُترتبة على اختيار السنوار لزعامة مكتبها السياسي. واختيار السنوار لهذا المنصب مُصمم لتعظيم فرص الوصول إلى مثل هذه النتيجة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات السابع من أکتوبر تشرین الأول اختیار السنوار اغتیال هنیة على أن التی ت فی غزة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يتحدث عن بداية هجوم 7 أكتوبر - لن أقبل بوجود حماس على الحدود
تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، خلال مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن لحظات البداية في الحرب مع قطاع غزة وحركة حماس والحرب على الجبهة الشمالية وتنظيم "حزب الله" اللبناني وما يجري في سوريا.
وأكد نتنياهو خلال المقابلة، أن الحرب الدائرة حالياً أعادت تشكيل الشرق الأوسط.
إقرأ أيضاً: آخر ما وصلت إليه مفاوضات غــزة ومستجدات المرحلة الأولى - لا ضمانات
وعن لحظة انطلاق حرب غزة في 7 أكتوبر، أوضح نتنياهو أنه استيقظ على هجوم شامل من غزة، ما دفعه لإعلان "حرب طويلة الأمد"، مضيفاً أن حزب الله دخل المعركة في اليوم التالي، مما فتح جبهة ثانية محتملة.
وأشار نتنياهو إلى قرار رفض نقل المعركة إلى لبنان في تلك المرحلة، مفضلاً التركيز على جبهة واحدة، لكنه أكد أن معلومات خاطئة عن طائرات مسيرة لحزب الله دفعت إلى إصدار أوامر بشن هجوم واسع، قبل أن يتضح أنها مجرد أوهام.
إقرأ أيضاً: بالفيديو والصور: إصابة العشرات إثر سقوط صاروخ من اليمن على تل أبيب
كما أشاد بدعم الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي زار إسرائيل خلال الحرب وقدم مساعدات عسكرية حاسمة. لكنه كشف عن خلافات حول كيفية التعامل مع حماس، حيث نصحت الولايات المتحدة بتجنب غزو بري لغزة. ورفض نتنياهو النصيحة، مؤكداً أن الهدف هو تدمير حماس بالكامل.
وعلى الجبهة الشمالية، أشار نتنياهو إلى خطة إسرائيلية لتدمير قدرات حزب الله الصاروخية والبنية التحتية تحت الأرض، التي كانت تهدد شمال إسرائيل.
وأكد أن العملية حققت "صدمة تاريخية"، حيث دمرت معظم صواريخ حزب الله الباليستية خلال ساعات.
أما في سوريا، فقد استهدفت إسرائيل منشآت أسلحة كيميائية لمنع وقوعها في أيدي الجهاديين بعد سقوط نظام الأسد.
وأوضح نتنياهو أن إيران وحزب الله فقدا خطوط إمداد رئيسية، مما أضعف "محور الايراني" بأكمله.
وتحدث عن تأثير الحرب على إيران، قائلاً إن الهجمات الإسرائيلية أضعفت قدرتها على إنتاج الصواريخ الباليستية، وأجبرت طهران على إعادة حساباتها.
وشدد نتنياهو، على أن الحرب ستستمر حتى القضاء على حماس تماماً، مشيراً إلى أن إسرائيل لن تقبل بوجودها على حدودها.
وأعرب عن أمله في تعزيز اتفاقيات السلام الإقليمية، بما في ذلك إمكانية تطبيع العلاقات مع السعودية.
المصدر : وكالة سوا - هيئة البث الإسرائيلية "مكان"