أثير – ريما الشيخ

في ظل التطور الكبير الذي يشهده القطاع المصرفي الرقمي على جميع المستويات، أصبح أغلب العملاء يتجهون لتخليص معاملاتهم المالية رقميًا دون الحاجة إلى زيارة الفروع التقليدية للمصارف، فالتوجه نحو التحول الرقمي بات واقعًا حتميًا ومطلبًا أساسيًا من قبل عملاء المصارف لتقديم الخدمات المصرفية رقميًا.

واستجابةً لطلب العملاء وفي ضوء توسع الخدمات المالية المبنية على التقنيات المالية ظهرت بما يعرف بالبنوك أو المصارف الرقمية، فالبنوك الرقمية في الواقع بنوك تعتمد على النظام الرقمي من خلال أتمتة وتوظيف التقنيات الحديثة في عملها حيث يمكن للعملاء إجراء معاملاتهم المالية وإدارة حساباتهم والحصول على كافة الخدمات من قروض واستثمارات وغيرها من خلال تطبيقات هواتفهم الذكية أو المواقع الإلكترونية مباشرة.

 ولكن، ما هو الإطار المقترح من البنك المركزي العُماني للبنوك الرقمية؟

قال الدكتور يوسف بن خميس المبسلي، مساعد العميد للشؤون الأكاديمية في كلية الدراسات المصرفية والمالية، بأن البنك المركز العُماني أطلق مؤخرًا استشارة عامة حول مسودة وثيقة الإطار التنظيمي للبنوك الرقمية، يسعى من خلالها إلى وضع إطار عمل مطور للبنوك الرقمية لتقديم المنتجات المصرفية والخدمات المالية باستخدام الوسائل الرقمية أو الإلكترونية الحديثة. حيث يهدف البنك المركزي العُماني من هذه الخطوة إلى تطوير سياسة فعالة من خلال أخذ مرئيات ومقترحات الجهات المعنية، حول مسودة الوثيقة قبل اعتمادها تماشيا مع مبدأ تعزيز الشفافية، وتتضمن المسودة عدد من البنود منها اشتراطات الترخيص للبنوك الرقمية والمتطلبات التنظيمية والقانونية لها، ومتطلبات رأس المال، وقيود ملكية الأسهم للبنوك الرقمية المؤسسة محليًا.

 أما عن التجارب الناجحة في إطلاق البنوك الرقمية، فأوضح بقوله: هناك نماذج وتجارب ناحجة على مستوى العالم بشكل عام وعلى مستوى دول الخليج بشكل خاص لمنح تراخيص لإطلاق بنوك رقمية. فلو سلطنا الضوء على دول الخليج فقد أنشأت البحرين أول بنك رقمي عام 2019  التابع لبنك أي بي سي (ABC) والذي يعد من أفضل البنوك الرقمية في الشرق الأوسط حسب مجلة جلوبال فاينانس خلال عام 2021، حيث تمكن من الحصول على جائزتين الأولى أفضل بنك رقمي للأفراد والثانية أفضل تطبيق للخدمات المصرفية عبر الهواتف الذكية، وفي دولة قطر حاز بنك دخان خلال عام 2021 على جائزتين أفضل بنك رقمي وأيضاً البنك الأكثر ابتكاراً حسب المجلة ذاتها.

وأضاف: يوجد 4 بنوك رقمية في الإمارات العربية المتحدة غيرت مشهد التكنولوجيا المالية بشكل جذري فيها حيث تقوم تلك البنوك بتقديم عدد من الخدمات مدفوعة بالتقدّم التكنولوجي. واستجابت البنوك الكويتية لتلبية تطلعات العملاء بتوفير خدمات وحلول مصرفية مبتكرة، وذات قدرات تكنولوجية عالية، فأطلق بيت التمويل الكويتي، بنك “تــم” الرقمي، في أكتوبر 2023 وهو أول بنك رقمي متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ويعد ثالث بنك رقمي يتم تأسيسيه في دولة الكويت. أما في المملكة العربية السعودية فقد رخّص البنك المركزي السعودي في شهر مايو 2024 ثلاثة بنوك رقمية.

وأكد المبسلي بأن سلطنة عُمان حالها كحال الدول الأخرى تواكب التحولات والتطورات التقنية من خلال وضع الأطر والقوانين المنظمة لاطلاق بنوك رقمية تساهم في تطوير القطاعات الاقتصادية المختلفة وتعزز من مستوى الشمولية في الخدمات المالية. وإنّ مسودة الوثيقة التي صدرت عن البنك المركزي العُماني ما هي إلا دليل على دور البنك المركزي العُماني في تعزيز الشمول المالي، وخطوة نحو التوجة بإصدار اللوائح والنظم ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ البنوك الرقمية في سلطنة عُمان. حيث يسعى البنك المركزي العُماني لتأسيس قاعدة متينة تمكنها من خلق بيئة تنافسية في القطاع المصرفي في السلطنة لتبني الابتكار وتواكب أحدث التقنيات مما يؤدي إلى تحفيز النمو للاقتصاد العُماني واستدامته. وهذا في حقيقة الأمر ينسجم مع التوجة الإستراتيجي لوثيقة رؤية عُمان 2040 التي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على التقنية والمعرفة والابتكار، وكذلك أيجاد أطر متكاملة وتنافسيته، مستوعبة للثورات الصناعية، ويحقق الاستدامة المالية.

 وفي ختام حديثه مع ”أثير“، قال الدكتور يوسف المبسلي بأن البنوك الرقمية بطبيعة الحال تختلف عن البنوك التقليدية، حيث تواجة عدد من التحديات نظراً لاعتمادها على التكنولوجيا الرقمية، وسنتطرق لاثنين من هذه التحديات:

– الأول متعلق بمخاطر الأمان السيبراني فمع تطور أنظمة الاختراق والقرصنة فإن هذا النوع من البنوك قد تتعرض بشكل أكبر لخطر الاختراقات والهجمات السيبرانية لاستهداف بيانات العملاء ويمكن مواجهة هذا التحدي من خلال الاستثمار المستمر في البنية الأساسية وأنظمة الحماية وكذلك تبني حلول وتقنيات جديدة تحسن أمان النظم والبيانات المالية. 

– التحدي الثاني مرتبط بالتنظيمات المالية والمتمثلة بالقوانين واللوائح المحلية والدولية المتعلقة بالأنشطة المالية، وحماية البيانات الشخصية. ولمواجهة هذا التحدي فإنه يتطلب من الجهات الرقابية والمنظمة بوضع تشريعات ولوائح مالية تنظيمية منسجمة مع القوانيين والأعراف الدولية.

ويرى الدكتور بأنه من الضروري على الجهات الرقابية في استكمال البنية القانونية والتنظيمية ووضع جميع الأطر والضوابط التي من شأنها أن تضمن نجاح شبكات الأمان المالي للبنوك الرقمية.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: البنک المرکزی الع مانی للبنوک الرقمیة البنوک الرقمیة بنک رقمی رقمیة فی من خلال

إقرأ أيضاً:

نهاية الأمل للسودانيين في سلطنة عمان

في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها السودان بسبب الحرب والتهجير القسري، وجد العديد من السودانيين في سلطنة عمان ملاذًا لهم، حيث كانوا يأملون في بناء حياة جديدة بعيدًا عن المعاناة. ولكن مع مرور الوقت، أصبحت هذه الآمال تتلاشى تدريجيًا، خاصة بعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها السلطات العمانية، والتي كانت بمثابة ضربة قوية لجميع الذين كانوا يطمحون إلى استقرار حياتهم هناك.

لقد شهدت الفترة الأخيرة توقف جميع انواع التأشيرات للسودانيين، وهو ما أثر بشكل كبير على كل من كان يسعى لتحقيق أحلامه في عمان. لا سيما أن القرارات شملت أيضًا توقف الالحاق العائلي، وهو ما فاقم معاناة العديد من الأسر السودانية التي كانت قد بدأت في رحلة لم شمل أفرادها بعد تهجيرهم قسرًا بسبب الحرب. هذه الإجراءات كانت بمثابة خيبة أمل جديدة لكل من كان يتطلع إلى لم شمل أسرته وإعادة الحياة إلى طبيعتها في أرض جديدة.

تعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها عمان بمثابة ضربة قوية لمجتمع السودانيين المقيمين في السلطنة، حيث شملت المقيمين لعدة سنوات قبل الحرب، وهو ما يزيد من عمق توهان السودانيين الذين كانوا قد استقروا هناك لفترات طويلة. العديد منهم دفعوا ثمن الاستقرار في بلد آخر، لكنهم تفاجؤوا بأن حياتهم العملية والشخصية أصبحت في مهب الريح بعد هذه القرارات المفاجئة.

أحد القرارات الأكثر تأثيرًا كان توقف اجراءات السجلات التجارية حتى للذين سددوا الرسوم واستلموا شهادة السجل التجاري، مما عطل العديد من المشروعات التي كانت تعتمد على استمرار هذه الإجراءات. هذه الإجراءات كانت قد بدأت وفقًا للنظام، ولكن تم ايقاف اجراءاتهم عند هذا الحد، ما تسبب في حالة من تضرر كبير لأصحاب المشاريع الذين كانوا يراهنون على هذه الفرص لتحسين أوضاعهم الاقتصادية بعد ما عانوا من ويلات الحرب في وطنهم.

بالإضافة إلى ذلك، تم توقف اجراءات استقدام الزوجة والابناء، وهو ما جعل العديد من الأسر السودانية التي كانت قد بدأت الاستثمار في عمان غير قادرة على لم شمل أفرادها. هؤلاء كانوا قد بدأوا إجراءات الاستقدام بتفاؤل، على أمل أن تبدأ حياتهم في عمان بشكل جديد ومثمر، لكنهم وجدوا أنفسهم اليوم عالقين في حلقة مفرغة من الإجراءات المتوقفة التي وضعتهم أمام واقع مرير.

ومنذ بدء الحرب، اتجه السودانيون للاستقرار بالعديد من الدول، حيث سعوا إلى إنشاء مشاريعهم واستثماراتهم في محاولات لتأمين حياة أفضل بعيدًا عن النزاع. الجدير بالذكر أن للسودانيين إسهامات واضحة في بناء العديد من دول الخليج، إذ استعانت بهم هذه الدول في الماضي لدورهم البارز في التأسيس والبناء في قطاعات متعددة.

وفي ظل هذه القرارات، لم تقم السفارة السودانية بأي خطوات ملموسة للتوضيح أو معالجة الموقف، مما زاد من حالة الغموض التي تحيط بالموضوع. حتى الآن، لم تصدر السفارة أي بيانات رسمية تشرح تفاصيل الأسباب الكامنة وراء هذه الإجراءات أو تقدم حلولًا للمتضررين. هذا الصمت دفع العديد من السودانيين إلى الشعور بأنهم تُركوا يواجهون مصيرهم المجهول وحدهم، مما زاد من معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية.

وفي النهاية، لم يتوقف الأمر عند هذه القرارات وحدها. لم يتم استرداد المبالغ للذين بدؤا اجراءاتهم وتوقفت بسبب القرارات، مما زاد من الضغط المالي على العديد من الأسر التي كانت قد بدأت بالفعل في دفع رسوم لهذه الإجراءات. هذا الموقف أضاف معاناة جديدة للمقيمين الذين كانوا يعولون على تلك المبالغ لإكمال مشروعاتهم وتطوير حياتهم.

كل هذه القرارات، التي جاءت في وقت كان يعاني فيه السودانيون من آثار الحرب والنزوح، ساهمت في تضرر كبير للعديد منهم، وأدت إلى زيادة معاناتهم النفسية والاجتماعية. ومع ذلك، تبقى الأسئلة دون إجابة: هل ستستمر هذه القيود على السودانيين في عمان؟ وهل ستتغير هذه القرارات في المستقبل؟ ما يزال الكثيرون يترقبون في أمل أن يعيد الأفق المستقبلي فرصًا جديدة للعديد من الأسر التي كانت قد تعلق آمالها على هذه الدولة كمصدر للأمان والاستقرار.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نمو القطاع العقاري في سلطنة عمان .. استثمارات جديدة ومبادرات استراتيجية تدعم النمو المستدام
  • " إمداد" الإماراتية تتوسع في سلطنة عمان بالشراكة مع "أوريس"
  • نهاية الأمل للسودانيين في سلطنة عمان
  • ” إمداد” تعزز توسعها في سلطنة عمان بالشراكة مع “أوريس”
  • بشكل لحظي.. البنك المركزي: التحويلات المالية للعاملين بالخارج ستصبح أكثر سهولة وسرعة
  • البنك المركزي: إنستاباي يحقق طفرة في التحويلات الرقمية
  • السيسي يهنئ سلطنة عمان بالعيد الوطني الـ54
  • ننشر بالصور احتفالية سفارة سلطنة عمان بالقاهرة بمناسبة العيد الوطني 54
  • مجموعة النشامى .. العراق تنتصر على سلطنة عمان
  • إي فاينانس: شراكة eNovate وماستركارد تعزز حجم ومستوى الخدمات المالية الرقمية