على هامش الاتصالات السياسية التي تجريها بعثات دول غربية وعربية في لبنان بشأن الوضع في الجنوب، باشرت دول أوروبية ومن القارة الأميركية تفعيل خطط عمليات إجلاء العاملين في بعثاتها لدى لبنان واسرائيل مع التركيز في هذه المرحلة على إجلاء عائلات الموظفين إلى بلدانهم الأصلية، وتقليص عدد الموظفين الأجانب في البعثات، خصوصاً من يمكن الاستغناء عن خدماتهم أو يمكنهم القيام بها عن بعد.



وذكرت «الأخبار» أن المنظمات التابعة للأمم المتحدة في لبنان، بما فيها قوات «اليونيفل»، باشرت عملية إجلاء عائلات موظفيها الأجانب إلى خارج لبنان. وطلبت إدارة المنظمات من أفرادها الموجودين في الخارج لقضاء إجازاتهم العودة وحدهم من دون أفراد عائلاتهم.
وبحسب المعلومات، فإن القرار اتُّخذ في نيويورك بناءً على تقديرات الجهات المعنية بأمن البعثات في المنظمة، وهو يقتصر على العائلات فقط، فيما فُرض على الموظفين البقاء في أماكن عملهم، والخضوع لإجراءات تنقّل وفق بروتوكول خاص، وهو ما انعكس أيضاً على بعض الموظفين اللبنانيين، خصوصاً في المناطق القريبة من الجنوب، بمن في ذلك العاملون مع «اليونيفل» والذين سُمح لبعضهم بالعمل من المنزل.
وبعد مراجعة موظفين قيادة «اليونيفل» حول التوقعات للمرحلة المقبلة، لم يحصلوا على جواب واضح، وأُبلغوا كما في السابق بأن «حالة اللايقين المصحوبة بدرجة توتر عالية» توجب العمل بإجراءات جديدة، وأن الأفضل عدم مواجهة حالة طوارئ في وجود العائلات لتسهيل مهمة إدارة المنظمات في حالة حصول تطورات كبيرة.
ورفعت قوات «اليونيفل» مستوى التحذير إلى الدرجة الرابعة. ويقول عاملون فيها إن هناك «قلقاً شديداً من احتمالات حصول حرب واسعة، واتُّخذت إجراءات لحماية الجنود مع تقييد واسع للحركة، من دون تعطيل الدوريات في منطقة العمل جنوب نهر الليطاني، بالتنسيق مع السلطات اللبنانية».
وفي بيروت، عمدت سفارات عدة إلى تقليص عدد العاملين فيها، وطلبت من بعضهم المغادرة مع عائلاتهم. لكن أي سفارة لم تقم حتى الآن بتنفيذ خطة إخلاء طارئة، فيما تبقى التبليغات التي تصدر عن بعض السفارات إلى رعاياها المقيمين في لبنان، في إطار التحذيرات التقليدية.
إلى ذلك، تلقّت السفارة السورية في بيروت اتصالات، واستقبلت موفدين من بعثات دولية مختلفة، ولا سيما من سفارات دول أميركا اللاتينية وبعض الدول الأوروبية في لبنان، للبحث في آلية للتنسيق مع السلطات السورية، في حال استدعت الحاجة عملية إجلاء عبر مطار دمشق أو باتجاه مطار عمان. وقالت مصادر السفارة السورية إنها أبلغت المتصلين بها استعدادها للتعاون، بعد تلقّيها تعليمات من وزارة الخارجية في دمشق في هذا الشأن.
وعلى جبهة الفرق الإعلامية، يتدفّق صحافيون في مؤسسات صحافية عالمية إلى لبنان، فيما زُوّدت مكاتب هذه المؤسسات في بيروت بتجهيزات تقنية، ولا سيما الخاصة بالاتصالات والإنترنت.

من جهة أخرى، تشهد جزيرة قبرص نشاطاً لافتاً للبعثات الدبلوماسية، خصوصاً الأوروبية، في ما يتعلق بحالات الطوارئ. اضافت «الأخبار» أن البريطانيين استقدموا فرقاً أمنية وعسكرية ولوجستية إلى قبرص، نُقل بعضها إلى بيروت. كما جهّزت ألمانيا طائرات نقل كبيرة لاستخدامها في حال أي قرار بإجلاء موظفين أو رعايا من لبنان أو كيان الاحتلال عبر قبرص.
واستقبلت الجزيرة، في الأسبوعين الماضيين، عدداً كبيراً من الوفود الدبلوماسية والأمنية، خصوصاً بعد اغتيال العدو الشهيدين إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتهديد إيران وحزب الله بالردّ.
وفيما زاد عدد الرحلات الجوية من لبنان إلى قبرص بنسبة محدودة، بعدما تحوّلت الأخيرة إلى محطة ترانزيت عقب تجميد شركات طيران عالمية رحلاتها إلى مطار بيروت، شهد عدد الرحلات من تل أبيب إلى مطار لارنكا ارتفاعاً كبيراً من 6 رحلات إلى 18 رحلة يومياً، ومن 3 رحلات إلى 10 رحلات يومياً إلى مطار بافوس.
وفعّلت الحكومة القبرصية خطة «إستيا» (estia) التي تُعنى بإجلاء رعايا قبارصة ودول أخرى من مناطق النزاعات والحروب وفي حالات الكوارث الطبيعية، وتشارك فيها فرق خاصة بإدارة الأزمة من وزارات الخارجية والداخلية والدفاع والعدل. وسبق أن فُعّلت الخطة في مرات سابقة، خصوصاً في الأسابيع الأولى التي تلت اندلاع معركة «طوفان الأقصى». وهي عبارة عن عملية معقّدة لإجلاء آمن للمواطنين القبارصة ومواطني الاتحاد الأوروبي من أي منطقة نزاع في الشرق الأوسط عبر الأراضي القبرصية. وبحسب طبيعة النزاع وخطورته، تتكوّن الخطة من 4 مراحل، وتشتمل على تنسيق فرق طبية وأمنية وعسكرية تستخدم المرافق الرئيسية من موانئ ومطارات وقدرات لتنفيذ عمليات الإجلاء لمهاجرين أو نازحين.
ونقل زوار العاصمة القبرصية أن الحكومة تدرس طلبات دول عدة بشأن عمليات الإجلاء في حال اندلاع حرب كبرى في المنطقة، وأن إدارة الأمن والخارجية في الجزيرة تدرس احتمال تدفّق لاجئين إليها من لبنان وإسرائيل، وقد طلبت من جهات مختصة إعداد مقترحات تشتمل على فكرة إقامة مخيمات كبيرة في حال وصلت الأمور إلى حد نزوح عشرات الآلاف من البلدين.
من جانبها، أقرّت الحكومة الألمانية وضعَ طائرات نقل وقطع بحرية وقوات، نُقل بعضها إلى قبرص من أجل المساعدة في إجلاء الرعايا الأوروبيين من لبنان ودولة الاحتلال إلى بلدانهم عبر الجزيرة، علماً أن قوات «اليونيفل» سبق أن أعدّت خطة طوارئ في حالة الحرب الشاملة ووجود خطر كبير على أفرادها، وتقضي باستخدام سفن حربية أو تجارية لنقل القوات إلى قبرص كمحطة أولى.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی لبنان إلى قبرص من لبنان فی حال التی ت

إقرأ أيضاً:

البيان الحكومي المرتقب: الدولة والجيش جنوباً

كتب ابراهيم حيدر في" النهار": فور إعلان تشكيل الحكومة قال الرئيس نواف سلام إنها حكومة إصلاحية لإعادة الثقة بين المواطنين واستكمال اتفاق الطائف. عبر سلام عن تفاؤله بأن الحكومة وإن كان وقتها قصيراً حتى الانتخابات النيابية المقبلة ستتمكن من السير في الاصلاحات وتطبيق القرار 1701 والعمل على إعادة الإعمار، وهو ما يعبر بوضوح عن دخول لبنان مرحلة جديدة تتولى الحكومة معها مهمات أساسية ترتبط بالوضع في الجنوب والسير في إصلاحات ستسحب الهيمنة السياسية من قوى كثيرة في السلطة.
في المبدأ بدت الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، في ظل ضغوط دولية شكلت رافعة لانتاج العهد وتشكيل الحكومة، ورقابة لمنع أي خلل في المسار الجديد، إذ أن لبنان مر بثلاث مراحل مفصلية في سياق التغيير توازياً مع ما تشهده المنطقة، أولاً بانتخاب الرئيس عون ثم تكليف سلام للتشكيل، فالتأليف الذي جاءت منسجماً ويجمع كفاءات واختصاصيين تكنوقراط بصرف النظر عن توجهاتهم السياسية، فيما يبقى استحقاق البيان الوزاري الذي يشكل العنوان السياسي للمرحلة المقبلة وسط استمرار الضغوط الدولية لتطبيق القرار الدولي 1701 وأميركية لسحب سلاح "حزب الله" عبرت عنه الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، ثم انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، وهذه النقطة الأخيرة مهمة أساسية للعبور إلى تحقيق نتائج لعمل الحكومة.
يسجل لنواف سلام إصراره بدعم من رئيس الجمهورية على التشكيل واختيار الوزراء وفق معايير مختلفة عن السابق كرّستها التغييرات الجديدة ومناخاتها في المنطقة في ظل رافعة دولية لا تزال تضغط في غير اتجاه، وهو ما استفاد منه سلام من دون أن يقدم نفسه رئيساً يريد أن يقصي أطرافاً من المعادلة. الأهم أن التشكيل حصل من خارج المحاصصة، فهو قطع مع طريقة تشكيل الحكومات التي كرسها اتفاق الدوحة 2008، وكسر الهيمنة السياسية في عملية التشكيل وأنهى الثلث المعطل لقوى كانت تستخدمه لإسقاط الحكومات، خصوصاً الثنائي الشيعي.
جرى تذليل العقبات أمام الولادة بعد تصريح أورتاغوس من قصر بعبدا، وهو تشكيل لم يلبِ شروط الموفدة الأميركية، من دون أن يعني ذلك أن سلام لا يكترث لضغوطها خصوصاً أمام اقتراب استحقاق 18 شباط في الجنوب. ويعني ذلك أن رئيس الحكومة يعتبر أن تطبيق القرار 1701 من الأولويات وتسلم الشرعية اللبنانية مهمات الحدود هي مسالة اساسية، لكن معركته ليست مع "حزب الله" ولا يريد مواجهة معه، إنما يسعى إلى ترسيخ مسار سياسي مختلف يقوم على استعادة دور الدولة في الجنوب، ومن هنا يعمل على سحب الذرائع التي تحاول إسرائيل استدراج لبنان اليها، ودفع "حزب الله" للانسجام مع الرؤية السياسية للحكومة حول الجنوب، وذلك منعاً لأن تتحول استعصاءات الحزب الى واقع جديد يدفع البلاد الى الفوضى.
سيشكل البيان الوزاري عنواناً لسياسة الحكومة وأولوياتها، وتقول مصادر سياسية متابعة أنه سيضع معادلة "الدولة والجيش والشعب" وليس المقاومة خصوصاً في ظل الأخطار التي يواجههالبنان وتتصدرها الضغوط الأميركية التي تدعم إسرائيل، وهذا الأمر عبرت عنه أورتاغوس بوضوح عندما تحدثت عن هزيمة حزب الله، وضرورة ترجمة ذلك في الحياة السياسية اللبنانية. ولا شك في أن الحكومة بعد البيان الوزاري الذي سيأخذ بالاعتبار التغييرات والضغوط ستكون أمام اتخاذ قرارات سياسية أهمها ملف السلاح. وبما أنه في المبدأ لا قدرة لأحد على تفجير الحكومة من الداخل لا بالثلث المعطل ولا بذريعة الميثاقية بعد تسمية الشيعي الخامس، فإنها ستكون أمام اختبار جدي لا يخلو من ضغوط خارجية وداخلية سيتصدره "حزب الله" باسم الثنائي الشيعي لمنع اتخاذ قرارات تتعارض مع توجهاته في ملف السلاح والجنوب خصوصاً.
خلال سنة ستواجه الحكومة تحديات كبرى أولاً في مشروع الاصلاحات ثم في تطبيق القرار 1701 وإعادة الإعمار الذي لن يكتمل إلا بدعم دولي وعربي، وهو ما يستدعي اتخاذ قرارات استراتيجية على مختلف المستويات وبينها ما يتعلق بسلاح "حزب الله" من دون أن تكون المعركة معه، علماً أن الثنائي الشيعي سيعتبر أي قرارات في هذا الشأن موجهة ضده، لكنه لن يكون قادراً على منع السير في المرحلة الجديدة.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل زيارة الأنبا أنطونيوس إلى قبرص
  • إسرائيل تنشئ منطقة أمنية داخل الأراضي السورية وتخطط للبقاء
  • إجراءات تفتيش مشددة للطائرات القادمة من العراق إلى بيروت
  • الحريري في بيروت
  • آخر تقرير.. سلاح قصف لبنان يُباع لدولة أوروبية!
  • بيروت ترفض تصريحات نتنياهو بشأن إقامة دولة فلسطينية بالسعودية  
  • إتفاقات مرتقبة مع السعودية ومشاريع مُنتظرة.. بيروت –الخليج: نحو صفحة اقتصادية جديدة؟
  • لبنان تفتش الطائرات العراقية على غرار الايرانية
  • البيان الحكومي المرتقب: الدولة والجيش جنوباً
  • أحرجتهم يا هادي