بعثات أمنية أوروبية إلى لبنان واليونيفيل تجلي عائلات موظفيها
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
على هامش الاتصالات السياسية التي تجريها بعثات دول غربية وعربية في لبنان بشأن الوضع في الجنوب، باشرت دول أوروبية ومن القارة الأميركية تفعيل خطط عمليات إجلاء العاملين في بعثاتها لدى لبنان واسرائيل مع التركيز في هذه المرحلة على إجلاء عائلات الموظفين إلى بلدانهم الأصلية، وتقليص عدد الموظفين الأجانب في البعثات، خصوصاً من يمكن الاستغناء عن خدماتهم أو يمكنهم القيام بها عن بعد.
وذكرت «الأخبار» أن المنظمات التابعة للأمم المتحدة في لبنان، بما فيها قوات «اليونيفل»، باشرت عملية إجلاء عائلات موظفيها الأجانب إلى خارج لبنان. وطلبت إدارة المنظمات من أفرادها الموجودين في الخارج لقضاء إجازاتهم العودة وحدهم من دون أفراد عائلاتهم.
وبحسب المعلومات، فإن القرار اتُّخذ في نيويورك بناءً على تقديرات الجهات المعنية بأمن البعثات في المنظمة، وهو يقتصر على العائلات فقط، فيما فُرض على الموظفين البقاء في أماكن عملهم، والخضوع لإجراءات تنقّل وفق بروتوكول خاص، وهو ما انعكس أيضاً على بعض الموظفين اللبنانيين، خصوصاً في المناطق القريبة من الجنوب، بمن في ذلك العاملون مع «اليونيفل» والذين سُمح لبعضهم بالعمل من المنزل.
وبعد مراجعة موظفين قيادة «اليونيفل» حول التوقعات للمرحلة المقبلة، لم يحصلوا على جواب واضح، وأُبلغوا كما في السابق بأن «حالة اللايقين المصحوبة بدرجة توتر عالية» توجب العمل بإجراءات جديدة، وأن الأفضل عدم مواجهة حالة طوارئ في وجود العائلات لتسهيل مهمة إدارة المنظمات في حالة حصول تطورات كبيرة.
ورفعت قوات «اليونيفل» مستوى التحذير إلى الدرجة الرابعة. ويقول عاملون فيها إن هناك «قلقاً شديداً من احتمالات حصول حرب واسعة، واتُّخذت إجراءات لحماية الجنود مع تقييد واسع للحركة، من دون تعطيل الدوريات في منطقة العمل جنوب نهر الليطاني، بالتنسيق مع السلطات اللبنانية».
وفي بيروت، عمدت سفارات عدة إلى تقليص عدد العاملين فيها، وطلبت من بعضهم المغادرة مع عائلاتهم. لكن أي سفارة لم تقم حتى الآن بتنفيذ خطة إخلاء طارئة، فيما تبقى التبليغات التي تصدر عن بعض السفارات إلى رعاياها المقيمين في لبنان، في إطار التحذيرات التقليدية.
إلى ذلك، تلقّت السفارة السورية في بيروت اتصالات، واستقبلت موفدين من بعثات دولية مختلفة، ولا سيما من سفارات دول أميركا اللاتينية وبعض الدول الأوروبية في لبنان، للبحث في آلية للتنسيق مع السلطات السورية، في حال استدعت الحاجة عملية إجلاء عبر مطار دمشق أو باتجاه مطار عمان. وقالت مصادر السفارة السورية إنها أبلغت المتصلين بها استعدادها للتعاون، بعد تلقّيها تعليمات من وزارة الخارجية في دمشق في هذا الشأن.
وعلى جبهة الفرق الإعلامية، يتدفّق صحافيون في مؤسسات صحافية عالمية إلى لبنان، فيما زُوّدت مكاتب هذه المؤسسات في بيروت بتجهيزات تقنية، ولا سيما الخاصة بالاتصالات والإنترنت.
من جهة أخرى، تشهد جزيرة قبرص نشاطاً لافتاً للبعثات الدبلوماسية، خصوصاً الأوروبية، في ما يتعلق بحالات الطوارئ. اضافت «الأخبار» أن البريطانيين استقدموا فرقاً أمنية وعسكرية ولوجستية إلى قبرص، نُقل بعضها إلى بيروت. كما جهّزت ألمانيا طائرات نقل كبيرة لاستخدامها في حال أي قرار بإجلاء موظفين أو رعايا من لبنان أو كيان الاحتلال عبر قبرص.
واستقبلت الجزيرة، في الأسبوعين الماضيين، عدداً كبيراً من الوفود الدبلوماسية والأمنية، خصوصاً بعد اغتيال العدو الشهيدين إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتهديد إيران وحزب الله بالردّ.
وفيما زاد عدد الرحلات الجوية من لبنان إلى قبرص بنسبة محدودة، بعدما تحوّلت الأخيرة إلى محطة ترانزيت عقب تجميد شركات طيران عالمية رحلاتها إلى مطار بيروت، شهد عدد الرحلات من تل أبيب إلى مطار لارنكا ارتفاعاً كبيراً من 6 رحلات إلى 18 رحلة يومياً، ومن 3 رحلات إلى 10 رحلات يومياً إلى مطار بافوس.
وفعّلت الحكومة القبرصية خطة «إستيا» (estia) التي تُعنى بإجلاء رعايا قبارصة ودول أخرى من مناطق النزاعات والحروب وفي حالات الكوارث الطبيعية، وتشارك فيها فرق خاصة بإدارة الأزمة من وزارات الخارجية والداخلية والدفاع والعدل. وسبق أن فُعّلت الخطة في مرات سابقة، خصوصاً في الأسابيع الأولى التي تلت اندلاع معركة «طوفان الأقصى». وهي عبارة عن عملية معقّدة لإجلاء آمن للمواطنين القبارصة ومواطني الاتحاد الأوروبي من أي منطقة نزاع في الشرق الأوسط عبر الأراضي القبرصية. وبحسب طبيعة النزاع وخطورته، تتكوّن الخطة من 4 مراحل، وتشتمل على تنسيق فرق طبية وأمنية وعسكرية تستخدم المرافق الرئيسية من موانئ ومطارات وقدرات لتنفيذ عمليات الإجلاء لمهاجرين أو نازحين.
ونقل زوار العاصمة القبرصية أن الحكومة تدرس طلبات دول عدة بشأن عمليات الإجلاء في حال اندلاع حرب كبرى في المنطقة، وأن إدارة الأمن والخارجية في الجزيرة تدرس احتمال تدفّق لاجئين إليها من لبنان وإسرائيل، وقد طلبت من جهات مختصة إعداد مقترحات تشتمل على فكرة إقامة مخيمات كبيرة في حال وصلت الأمور إلى حد نزوح عشرات الآلاف من البلدين.
من جانبها، أقرّت الحكومة الألمانية وضعَ طائرات نقل وقطع بحرية وقوات، نُقل بعضها إلى قبرص من أجل المساعدة في إجلاء الرعايا الأوروبيين من لبنان ودولة الاحتلال إلى بلدانهم عبر الجزيرة، علماً أن قوات «اليونيفل» سبق أن أعدّت خطة طوارئ في حالة الحرب الشاملة ووجود خطر كبير على أفرادها، وتقضي باستخدام سفن حربية أو تجارية لنقل القوات إلى قبرص كمحطة أولى.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی لبنان إلى قبرص من لبنان فی حال التی ت
إقرأ أيضاً:
تحديات كبرى أمنية واقتصادية وخارجية تنتظر رئيس لبنان جوزيف عون
لبنان – يواجه الرئيس اللبناني المنتخب جوزاف عون، ملفات شائكة ومعقدة مع توليه سدة الرئاسة بعد أكثر من عامين من فراغ رئاسي أفضى إلى أزمات سياسية واقتصادية وأمنية غير مسبوقة في البلاد.
وعصر امس الخميس، انتخب البرلمان عون رئيسا في ظل ظروف استثنائية يمر بها لبنان.
فالخطوة تأتي بعد نحو شهر ونصف من بدء سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وضع حدا لحرب شرسة شنتها إسرائيل على لبنان، العام الماضي، ما أسفر عن مقتل وإصابة آلاف، إضافة إلى تدمير واسع للمباني في العديد من المدن والبلدات اللبنانية، بما في ذلك العاصمة بيروت.
** الحفاظ على وقف النار
ويُعد الحفاظ على وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، تحديا بالغ الصعوبة أمام الرئيس الجديد، حيث تتجه الأنظار مجددا إلى جنوب لبنان، مع اقتراب انتهاء الفترة المحددة بـ60 يوما في الاتفاق كمهلة لانسحاب إسرائيل من الأراضي التي توغلت بها هناك.
وبموجب الاتفاق، يُفترض أن يكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في الجنوب، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، تحت إشراف لجنة دولية.
لكن إسرائيل، وبدعوى التصدي لـ”تهديدات من الفصائل اللبنانية، تواصل انتهاك الاتفاق، حيث خرقته 441 مرة حتى مساء الخميس، ما خلّف 32 قتيلا و39 جريحا، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات رسمية لبنانية.
** انسحاب إسرائيل
كما تتجه أنظار اللبنانيين إلى البلدات الجنوبية القريبة من الخط الفاصل مع إسرائيل، حيث لا يزال الجيش الإسرائيلي متواجدا في بعضها، رغم انسحابه من عدد من المناطق وانتشار الجيش اللبناني فيها.
ويشكل الانسحاب الإسرائيلي الكامل هاجسا كبيرا للحكومة اللبنانية ولسكان المناطق الحدودية الذين يعانون من قيود الحركة بسبب التحذيرات اليومية التي يطلقها الجيش الإسرائيلي، وأعمال التفجير والاستهدافات المتكررة التي يرتكبها في تلك المناطق بشكل يومي.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن نحو 4 آلاف قتيل و16 ألفا و520 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتم تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد العدوان في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، وفق أرقام رسمية.
** إعادة الإعمار
ملف إعادة الإعمار يُعتبر كذلك من أبرز التحديات التي تنتظر عون، إذ يترقب آلاف اللبنانيين إعادة بناء بلداتهم ومدنهم التي دُمرت جراء العدوان الإسرائيلي، خصوصًا في ضاحية بيروت الجنوبية ومناطق الجنوب والشرق.
ويدرك عون ذلك جيدا، لذلك كان من ضمن تعهداته في الخطاب الذي ألقاه أمام البرلمان بعد انتخابه امس الخميس، “إعادة بناء ما دمره العدو الإسرائيلي في الجنوب والضاحية والبقاع وفي كل أنحاء لبنان”.
لكن، وفقا لمراقبين، يواجه مشروع إعادة الإعمار عقبات كبيرة بسبب غياب خطط جاهزة، وصعوبة تأمين التمويل اللازم، في ظل الأزمة المالية التي تعصف بخزينة الدولة.
وبحسب تقرير للبنك الدولي، بلغت الخسائر الاقتصادية التي تكبدها لبنان نتيجة العدوان الإسرائيلي الأخير حوالي 5.1 مليار دولار، مع أضرار جسيمة في قطاعات التجارة والسياحة والزراعة. كما تضررت نحو 100 ألف وحدة سكنية، دُمر 18 بالمئة منها بالكامل.
** تطبيق القرارات الدولية
ومن بين الملفات البارزة الأخرى التي تنتظر عهد الرئيس الجديد، تنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، لا سيما القرار 1701، الذي ينص على وقف الأعمال العدائية في جنوب لبنان، وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني وقوى الأمن التابعة للدولة.
وهو ما أشار إليه عون في خطابة أمام البرلمان الخميس كذلك، إذ قال: “عهدي أن أمارس دوري كقائد أعلى للقوات المسلحة وكرئيس للمجلس الأعلى للدفاع، بحيث أعمل من خلالهما على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح”.
وأضاف: “سنستثمر في الجيش لضبط الحدود وتثبيتها جنوبا وترسيمها شرقا وشمالا ومحاربة الإرهاب، بما يطبق القرارات الدولية، ويمنع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان”.
** الازمة الاقتصادية
أيضا، تُعد الأزمة الاقتصادية واحدة من أكبر التحديات التي تواجه عون، حيث دخل لبنان في دوامة الانهيار المالي منذ أواخر 2019، ما أدى إلى أزمة مصرفية غير مسبوقة، احتُجزت على إثرها أموال المودعين، بينما انهار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار.
ووصف البنك الدولي الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، في تقرير له مؤخرا، بأنها واحدة من أسوأ ثلاث أزمات اقتصادية عرفها العالم، بسبب انهيار المؤسسات المالية، تدهور الظروف المعيشية، وشحّ الطاقة.
وتفاقمت الأوضاع أكثر بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، ما زاد من الضغوط على الاقتصاد اللبناني.
** ضبط العلاقات الخارجية
ضبط العلاقات الخارجية للبلاد وعدم رهن القرارات بأي تدخلات خارجية يعد من التحديات الهامة التي تشغل عون كذلك.
حيث شدد في خطابه على أنه “آن الأوان لنراهن على استثمار لبنان في علاقاتنا الخارجية، لا أن نراهن على الخارج للاستقواء على بعضنا”.
وتعهد في هذا الصدد بإقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، وبناء شراكات استراتيجية مع دول المشرق والخليج العربي.
ويشمل ذلك سوريا بعد سقوط نظام الأسد، حيث اعتبر أن لبنان لديه “فرصة تاريخية لبدء حوار جدي وندّي مع الدولة السورية، لمعالجة كافة المسائل العالقة بيننا”.
وأوضح أن ذلك يشمل “مسألة احترام سيادة واستقلال كل من البلدين، وضبط الحدود بالاتجاهين، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي منهما، وملف المفقودين”.
وكذلك “حل مسألة النازحين السوريين لما لها من تداعيات وجودية على الكيان اللبناني، والتعاون مع الإخوة السوريين والمجتمع الدولي لمعالجة هذه الأزمة”، وفق عون.
وفي وقت سابق الخميس، انتخب البرلمان عون بأغلبية 99 نائبا من أصل 128، قبل أن يحلف القسم، ليصبح الرئيس الـ14 للبنان.
وجاء انتخاب عون ليضع حدا لفترة فراغ رئاسي تجاوزت عامين، وخلفت أزمة سياسية أثرت سلبا على كافة مناحي الحياة في البلاد.
فجراء خلافات بين القوى السياسية، عاش لبنان فراغا رئاسيا منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وفشلت 12 جلسة سابقة للبرلمان في انتخاب رئيس للبلاد.
وقبل انتخابه رئيسا، كان عون قائدا الجيش منذ 2017، وأصبح خامس قائد جيش في تاريخ لبنان يصل إلى رئاسة الجمهورية والرابع تواليا، والرئيس الـ14 للبلاد على العموم.
وتستمر ولاية رئيس الجمهورية 6 أعوام، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور 6 سنوات على انتهاء ولايته.
ويُعتبر رئيس الجمهورية في لبنان رمز وحدة الوطن وحامي الدستور، وله دور في توقيع القوانين وتعيين رئيس الوزراء بالتشاور مع مجلس النواب.
وحسب العرف السياسي السائد في البلاد، يجب أن يكون رئيس الجمهورية مسيحيا من الطائفة المارونية، بينما يعود منصب رئيس الحكومة للطائفة السنية، ومنصب رئيس مجلس النواب للطائفة الشيعية.
الأناضول