لايقتصر الأمر في الإسلام على أداء العبادات والطقوس، بل يتعداه إلى عدّ القراءة وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وأن يكون ذلك من المهد إلى اللحد. وهنا سر أول آية أنزلت حول القراءة قبل عدة سنوات من آيات الأحكام الشرعية:اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(سورة العلق).
كما تتناول بعض الأحاديث هذا الموضوع باهتمام بالغ، حين تضعه في منزلة أعلى من بعض العبادات المستحبة، بل تعدُّه عبادةً ذات فضل كبير.
ورغم الحالة الصعبة التي مرّ بها الإسلام في سنواته، وعقوده الأولى؛ لكونه في وضع تأسيسي، ومن جراء الحروب التي خاضها المسلمون الأوائل، فإن القادة الأوائل، وعلى رأسهم رسول الله- كانوا يتحينون الفرص التي كانت تمرّ عليهم من هدوء وسلم، من أجل ترسيخ أسس وسياقات تدفع للقراءة والكتابة، تعلمًا وسلوكًا. وممّا يذكر هنا العرض الذي قدمه الرسول الأعظم لتحرير أسرى المشركين والكفار حينها؛ وذلك بتحرير الأسير الذي يعلّم عددًا من المسلمين القراءة والكتابة، وهو العرض الفريد الذي لا إخال له مثيلًا في التاريخ البشري بما يعطيه من دلالات على الأهمية التي يوليها الدين الإسلامي للقراءة والكتابة.
يعلمنا الإسلام دائمًا، أن القراءة تنقلك من موقع الجهل وظلماته، إلى العلم وأنواره، وما يعنيه من انكشاف على جميع المعطيات الحياتية الإيجابية، وما يستتبعه أيضًا من تحصين ذاتي يضمنه القارئ ضد أي تشكيك، أو محاولة للنيل من ثوابته. فالإسلام ليس من الأديان التي يطلب من أتباعه الالتزام بمفرداته، دون وعي عميق وقناعة تامة، بل يطالب آحادهم بالبحث والتقصي، وعدم اتباع مناهج الآباء دون تمحيص لها وغربلة، مؤكدًا أن كل إنسان محاسب على أعماله، وحسب قناعاته، لا على ما تعلمه من الآباء والأجداد، وهل هناك ما هو أفضل من القراءة للوصول إلى ذلك؟ وهنا سر الأحاديث التي تحضنا على طلب العلم (عبر القراءة أو غيرها) دون توقف أو كلال أو ملل. فهو مسيرة دائبة ومتواصلة تبدأ من الوقت الذي نستطيع فيه ذلك في بواكير حياتنا، ولا تنتهي إلا بإغماض أعيننا حين الوفاة، في حركة دؤوبة ومستمرة هي الحياة نفسها. فالقراءة هي ما يجعل للحياة طعمًا وللعبادة معنًى.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم يعلن تحقيق 90% من أهداف البرنامج الحكومي
الاقتصاد نيوز - بغداد
أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، نعيم العبودي، الاثنين، تحقيق 90 بالمئة من أهداف البرنامج الحكومي.
وقال العبودي في كلمة له خلال الاحتفال بمناسبة يوم العلم العراقي، لتكريم الباحثين والتدريسيين في الجامعات الحكومية والأهلية ومؤسسات التعليم العالي بجوائز عامي 2022 و2023، وتابعتها "الاقتصاد نيوز"، إنه "مع انطلاق عام 2025، الذي يتسم بآمال وطموحات كبيرة لاستكمال الإنجازات العلمية والنوعية، نتطلع إلى مضاعفة التميز والإبداع من خلال الجهود المخلصة التي تُسهم في رفد بلدنا بالخدمات العلمية والتعليمية، وترك بصمة مؤثرة في جميع قطاعات الدولة".
وأكد، أن "يوم العلم العراقي، يمثل فرصة لتحفيز الخبرات وتعزيز الابتكار العلمي المستدام"، مشيداً "بجهود دائرة البحث والتطوير في تنظيم هذا الحدث المهم".
وأشار، إلى "ضرورة وضع معايير حديثة لجوائز يوم العلم تتماشى مع التحديات العلمية والمعرفية الحالية، وتقييم مدى إسهام الأبحاث العلمية في حل المشكلات التنموية وتقديم حلول فعالة عبر المؤسسات الأكاديمية"، لافتا الى أن "ملف البحث العلمي يُعد مرتكزاً أساسياً لعمل وزارة التعليم العالي، حيث تسعى الوزارة لتوفير أقصى الإمكانات لتحقيق أفضل النتائج والمخرجات العلمية والأكاديمية، فقد حققت الوزارة أكثر من 90 بالمئة من الأهداف المرسومة في البرنامج الحكومي خلال 26 شهراً، وهو ما يعكس تجربة غنية بالإنجازات الواقعية".
ولفت، إلى "استحداث هيئة البحث العلمي بموجب التعديل التاسع لقانون الوزارة، التي تُعد إضافة نوعية لتعزيز البحث العلمي في المؤسسات الأكاديمية العراقية"، مؤكداً أن "هذه الخطوة ستُسهم في توسيع آفاق البحث العلمي وتطويره بما يخدم المجتمع ويدعم تطلعات العراق المستقبلية".