غازي القصيبي .. في ذكراه 2/1
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
أن تكونَ كاتبًا حاضراً رغم مرورِ الزمنِ والسنين، وأن تظلَ مستمرًا مع القارئِ، رغم ظهورِ كُتَّابٍ ومبدعين على مرِّ الأجيالِ، فتلكَ هي أعلى درجاتِ الجودةِ فى الكتابةِ، وذلكَ أجملُ حلمٍ ينشدُه كاتبٌ. وغازي القصيبي -رحمه الله رحمة واسعة-، كان كاتبا يملك الكثير من مقوماتِ الكتابةِ الحقيقية، والباقية، عبر لغةُ دافئة قريبة من قلبِ وعقلِ قارئه معًا، فالقاريء هو المقياسٌ القويٌّ، وشديدُ المهارةِ لقياسِ صدقِ وأصالةِ الكاتبِ وابداعه.
نحو عقد ونصف من الزمان مضت منذ رحيل الدكتور غازي القصيبي، الوزير والسفير والأديب الذي
توفي -رحمه الله- في 15 أغسطس من عام 2010م، عن عمر ناهز السبعين عاماً، بعد حياة حافلة بالعطاء في شتّى المجالات العملية والعلمية والاجتماعيةء،والأدبية.
ولد الدكتور القصيبي عام 1940م في الإحساء، لعائلة ذات مكانة اجتماعية وثقافية، كانت تنشط في تجارة اللؤلؤ، وكان والده يلقب بشيخ اللؤلؤ. توفيت والدته بعد شهور من ولادته، فكفلته جدته لأمه التي عوضته عن جزء كبير من حنان أمه.
عن تلك المرحلة، يقول : “ترعرعت متأرجحاً بين قطبين أولهما أبي، وكان يتسم بالشدّة والصرامة، وثانيهما جدتي لأمي، وكانت تتصف بالحنان المفرط والشفقة المتناهية”. بعد حصوله على الثانوية العامة، اتجه إلى القاهرة، حيث حصل على درجة البكالوريوس من كلية الحقوق في جامعة القاهرة، ثم حصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا . ثم نال شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة لندن، كما أوضح ذلك في كتابه: [حياة في الإدارة].
ورغم تنوع مهامه العملية وتعددها، كان للأدب المكانة الأهم لديه، حيث تجاوزت مؤلفاته الستين مؤلفاً من الدواوين الشعرية والروايات، إضافه إلى سيرته الذاتية التي قدمها، لتعبر عن مواقفه
وآرائه على كافة الأصعدة : فهو شاعر كبير، وروائي بارع، وكاتب مبدع، روح الكاتب فيه صافية تتطلع من موقع إنساني ممتاز إلى الحياة والكون، تراقب الزمان وتستخرج الكلمات من المكان، وتستوقفك في كل كتاباته، نضوج الفكر، وجمال الموقف الإنساني، وعذوبته، والقدرة المكتملة على التعبير الدقيق الخالي من الحشو، والجمل كأنها أغصان أحسن تهذيبها تتكون في بطء وأستاذية دون أن تفقد صلتها بتيار الحياة والناس.
وفي مقدمته لكتابه [سيرة شعرية] ، الذي صدرت طبعته الأولى في عام 1400 هجرية، يقول الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- : يمثل هذا الكتاب سيرتي الشعرية، ويقف عند هذا الحدّ، ولايكاد يتجاوزه ، بمعنى أن أن الكتاب يتحدث عني كشاعر فحسب ، ثم يضيف : على أن فصل السيرة الشعرية عن السيرة الذاتية، أمر بالغ الصعوبة، ذلك أن الشعر لايمثل وجه واحد من شخصية الإنسان الشاعر. ولقد حاولت أن اتغلب على هذه الصعوبة، بأن أورد في أماكن متفرقه من الكتاب، أجزاء من السيرة الذاتية لم يكن هناك بدّ من ايرادها.
وعن بدايته الشعرية يقول : يصعب عليّ الآن، وأنا أقفز قفزاً إلى بوابة الأربعين، أن أعود بذاكرتي إلى اليوم الذي بدأت فيه علاقتي بالشعر ، إنني واثق أو أكاد أكون واثقاً، إن هذه العلاقة لم تولد مع اليوم الذي كتبت فيه شيئا كنت أتصوره وقتها قصيدة، بل ولدت قبل ذلك بفترة طويلة، ذلك أنني كتبت أول قصيدة في سن الثانية عشرة، ولكنني كنت قبل هذه السن، مولعاً بالشعر، وكنت بالتأكيد مولعاً بالأدب، ولكنني أذكر تماما أنني قبل أن أبلغ العاشرة، قرات كافة كتب كامل كيلاني وتجاوزتها إلى مجموعة طيبه من روايات يوسف السباعي، وبالنسبة للشعر، فقد بدأت قراءته في حوالي الثانية عشرة من عمري، بشاعرين مفضّلين هما: شوقي وحافظ، وحفظت جملة لابأس بها من شعرهما، وفي سن الرابعة عشرة، اكتشفت شاعرًا ثالثًا مفضّلاً، هو محمد مهدي الجواهري، ثم التقيت بشعر عمر أبو ريشة الذي دلني عليه الأستاذ علي سيار صاحب جريدة صدى الأسبوع في البحرين، والتي بدأت أنشر بها قصائدي إلى جانب جريدة القافلة، وكان لقائي بالشاعر عمر أبوريشة نقطة تحول في مساري الشعري، وبعدها انتقلت لقراءة شعر نزار قباني الذي اكتشفت تحرره من شعر التفعيلة، ثم التقيت خلال مسيرتي الشعرية، بشاعرين كبيرين كان شقيقي{ نبيل} -رحمه الله- يعتبرهما من أعظم شعراء العرب في القرن العشرين، وهما أبو القاسم الشابي والأخطل الصغير، ثم اكتشفت إبراهيم ناجي والسياب وإيليا أبو ماضي وابراهيم العريض غيرهم، وأضاف أنه قرأ للعديد من الشعراء القدامى، لشعراء المعلقات، وأُعجب بشعر جرير وعمر ابن أبي ربيعه والعباس بن الأحنف والشريف الرضي والشعراء العذريين وغيرهم، إلا أن أحداً منهم لم ينل في قلبه المكانة التي نالهاالشعراء المعاصرون ..( يتبع )
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: عبدالعزيز التميمي رحمه الله
إقرأ أيضاً:
تفاصيل الأمسية الشعرية «فن الواو» بالمجلس الأعلى للثقافة
أقيمت أمسية شعرية بعنوان «فن الواو.. تاريخ التراث الشعبي»، وذلك داخل قاعة المجلس الأعلى للثقافة.
وكانت الأمسية من تنظيم لجنة الشعر برئاسة الدكتور يوسف نوفل، وبريادة الشاعر عبد الستار سليم، وشارك في الندوة كلا من الشعراء: «خالد الطاهر، عادل بهنسي، عبده الشنهوري، فضل محمد إبراهيم، وداد الهوارى، الدكتورة مرڤت شوقي».
ندوة شعر الواووافتتح الشاعر عبد الستار سليم، الندوة الشعرية ببعض من مربعات فن شعر الواو، وقدم الشكر لوزارة الثقافة وللجنة الشعر بالوزارة لحرصهم على تنفيذ هذه الندوة.
وتحدث الشاعر عبد الستار عن تاريخ فن شعر الواو وبدايته، مشيرا إلى انه بدأ في عصر المماليك والأتراك.
ندوة شعر الواووبدأت الندوة بمشاركة الضيف الأول الشاعر خالد الطاهر، الذي ألقى بعض من شعر الواو، وكان الضيف الثاني الشاعر عبده الشهنوري وتحدث عن تطوير فن الواو، ويمكن ذلك من خلال استخدمه في وسائل أخرى مثل الأوبريت أو مسرحية تكون بشعر الواو.
ندوة شعر الواووشارك في الأمسية الشعرية الشاعر عادل بهنسي، الذي أعاد أذهان الحاضرين إلى قصائد الزتاني، وألقى الشاعر فضل محمد إبراهيم قصيدة مدح في شعر الواو، والقي أيضًا بقصيدة تسمي «أكتب واميلك» وكانت عبارة عن حوار بين القائل وبين الزمن.
وفن الواو لم يكن متقصرًا عن الشعراء الرجال فقط، بل كان للنساء جزء منه، لتشارك في الأمسية الشعرية الشاعرة الدكتورة مرڤت شوقي والشاعرة وداد الهوارى.
ندوة شعر الواووتحدث أحد الحاضرين عن اقتصار وجود فن شعر الواو في صعيد مصر فقط، ليجيب عليه الشاعر عبد الستار سليم بأن شعر الواو متواجد بدول عدة في العالم منها العراق ولبنان والأردن ولكن بمسميات مختلفة.
ودعا الشاعر عبد الستار خلال الأمسية الشعرية، النقاد والمثقفين للبحث وراء فن الواو وتسجيل تاريخه واخذه كمادة عملية ودراسية، وأكدت الشاعرة مرڤت شوقي، على حديث الشاعر عبد الستار قائلة: « بالفعل بدأ بعض الطلاب العمل على ذلك، وكان هناك احد الطلاب مقدمين رسالة ماجستير أشرفت عليها، كانت عن فن الواو ».
ندوة شعر الواوويعد «شعر الواو»، أحد أنواع التراث الشعبي، المنتشرة في صعيد مصر، ويتميز بنظم يسمي المربعات، ويستخدم اللغة الشعبية وعادة ما يصاحبه عزف موسيقي على الربابة.
ويستمد «فن الواو» أهميته من كونه فنا شفاهيا ويقسم فن شعر الواو إلى نوعين: مربعات مفتوحة، ويسهل فهمه وتحليله، وعن النوع الثاني مربع مغلق، وذلك صعب فهمه إلا لمن كان يفهم لهجة قائله.
اقرأ أيضاًبحضور نخبة من الشخصيات العامة.. وزارة الثقافة تكرم الدكتور مصطفى الفقي
هيئة قصور الثقافة تصدر رواية «هامش الوقت» للكاتبة دينا محسن
وزير الثقافة الفلسطيني: البشر والممتلكات الثقافية أهداف للإبادة الصهيونية