عثمان جلال: مكر التاريخ في نهايات تجربة الاسلاميين في الحكم
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
(١) أسوأ الخلاصات في تجربة التيار الاسلامي الوطني في الحكم والممتدة لثلاثين عاما ان حركة الإسلام استلمت السلطة عبر الانقلاب في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ على حكومة الإمام والزعيم الوطني الصادق المهدي ولخصت دواعي الانقلاب في ثلاثة اسباب اولها ان مذكرة هيئة قيادة الجيش السوداني التي رفعت إلى السيد رئيس الوزراء في فبراير ١٩٨٩ وضعت السودان في دائرة الانقلاب المفتوح.
(٢)
بعد ثلاثين عاما من الحكم نفذت اللجنة الأمنية لنظام الرئيس البشير انقلابا عسكريا في يوم ١١ ابريل ٢٠١٩ . ثم توارت قيادات اللجنة الأمنية عن المشهد السياسي وتسنمت السلطة الانتقالية مجموعة من العملاء وشذاذ الآفاق الذين اعادوا عجلة التاريخ السياسي إلى ذات اللحظة التي سبقت انقلاب ٣٠ يونيو ٨٩ فالسودان بعد توقيع الوثيقة الدستورية في أغسطس ٢٠١٩ اصبح يدار كليا من السفارات الأجنبية لدرجة ان السفير البريطاني صاغ مذكرة طلب البعثة الأممية يونتاميس دون علم مجلسي السيادة والوزراء . وتم وضع فيتو احمر يقضي باقصاء الاسلاميين من الحياة السياسية بل وكاد ان يتم تصنيفهم كجماعة إرهابية كما صرح صديقنا اللدود محمد الفكي سليمان. ثم تضخمت مليشيا ال دقلو سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتم توظيفها من الحلف الخارجي لتصفية الاسلاميين من جذورهم مقابل ايلولة حكم السودان وراثيا لأسرة آل دقلو واثنية العطاوة.وتمكن هذا المشروع يعني تفتت وانهيار الدولة السودانية.
(٣)
حقا فان التاريخ ماكر ويضمر الشر لمن لا يتعظ منه كما ذكر هيغل فمنذ صعود الاسلاميين للحكم في يونيو ١٩٨٩ لم يتغير الهدف الاستراتيجي للحلف الإقليمي والدولي والرامي إلى إسقاط تجربة الاسلاميين في الحكم بل تغيرت التكتيكات حتى اسقطها من داخل بنيتها الصلبة وفق نظرية الاقتراب الاستراتيجي .
بينما تحولت استراتيجية الحركة الاسلامية في التغيير الحضاري الشامل عبر السلطة ومؤسسات الدولة وشعارها ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع يالقران إلى محض تكتيك.ثم وظف الحلف الخارجي الخبيث تناقضات الاسلاميين لاسقاط تجربتهم في الحكم وهكذا كان الاسلاميون بارعون في تكتيكات إسقاط تجربة الحكم ، وفاشلون في استراتيجيات العض عليها بالنواجذ وتعهدها بالاصلاح الصبور والمستمر حتى انضاج المثال الديمقراطي.
(٤)
لكن لا زالت أمام الاسلاميين الفرصة لاستعادة الثقة في ذاتهم بالوحدة الشاملة في كيان طليعي جديد وقيادة جديدة. واستعادة ثقة المجتمع بالذوبان فيه لصناعة مشروع النهضة الوطنية الشاملة المؤسسة على هوادي الحرية والديمقراطية المستدامة. وقبل هذا وذاك القتال مع الجيش السوداني كتفا بكتفا في معركة الكرامة والشرف الوطني لهزيمة مشروع تفكيك السودان على اسس هوياتية.
عثمان جلال
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی الحکم
إقرأ أيضاً:
11 عاماً مأساوية على اليمن بسبب الانقلاب «الحوثي»
عبد الله أبوضيف (القاهرة)
أخبار ذات صلة الإمارات.. مواقف صلبة تعزز استقرار المنطقة انتهاكات «الحوثي» محاولة خبيثة لنشر الفوضىارتكبت جماعة الحوثي جرائم مروعة، هددت الأمن والسلم الإقليميين، من أبرزها محاولة استهداف منشآت مدنية في دولة الإمارات، وتهديدات للمملكة العربية السعودية والممر الملاحي في البحر الأحمر.
وأشعلت الجماعة الحرب في اليمن منذ العام 2014، وأدخلت البلاد في أزمات معقدة ألحقت بها أضراراً جسيمة، وأثرت بشكل واسع وكبير على استقرارها، بل وأثرت تداعيات الأزمة على استقرار وأمن المنطقة، وبدأت الأزمة بانقلاب جماعة الحوثي على الحكومة الشرعية.
وسرعان ما تطور الأمر إلى عمليات عسكرية لوقف أعمال «الجماعة»، شملت أطرافاً محلية وإقليمية ودولية، وخلقت حالة من عدم الاستقرار.
ويعكس الصراع في اليمن الكثير من التعقيدات، وتسبب في إحدى أكثر الأزمات الإنسانية إيلاماً في القرن الحادي والعشرين.
توترات جيوسياسية
وترى الباحثة السياسية، نورهان شرارة، لـ «الاتحاد» أن هجمات «الحوثي» على منشآت مدنية في دولة الإمارات في عام 2022 كانت عاملاً أساسياً في زيادة حالة عدم الاستقرار بالمنطقة، وتسببت في حالة من التوترات الجيوسياسية بالإقليم.
وازدادت تأثيرات الأزمة اليمنية إقليمياً بسبب هجمات الحوثي على الممر الملاحي بالبحر الأحمر، كما تقول الباحثة السياسية إن «تحركات الحوثيين وتوسع استهدافاتهم لتتخطى حدود اليمن دفع دولاً غربية للتدخل، مثلما فعلت الولايات المتحدة بالدفع العسكري من خلال عملياتها ضد الجماعة في البحر الأحمر، أو سياسياً من خلال دعم جهود مواجهة جرائمها».
وأوضحت شرارة أن استمرار الأزمة اليمنية يمثل عائقاً كبيراً أمام الاستقرار في المنطقة، وعدم وجود حل سياسي للصراع الذي تشعله جماعة الحوثي، وتصر عليه يقضي على جهود السلام، كما يمكن معه أن يتسبب في مزيد من المواجهات العسكرية المباشرة.
خسائر اقتصادية
وتسببت الأحداث الإجرامية لجماعة الحوثي في تأثيرات اقتصادية إقليمية، خاصة بعد الهجمات على منشآت النفط في السعودية ومنشآت حيوية أخرى، والذي أثر بشكل مباشر على أسواق النفط العالمية، وأدى لاضطرابات في الإمدادات.
كما أجل الانقلاب الحوثي خطط التنمية الاقتصادية في اليمن، حيث إن العمليات العسكرية للحوثيين تستهلك الموارد وتعرقل نشاط الاستثمار والتجارة.
واصطنعت هجمات جماعة الحوثي على الممر الملاحي بالبحر الأحمر أزمة اقتصادية، وأضرت بمصالح عشرات الدول، وحسب بحث نشرته مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية»، فإن حوالي 12% من التجارة السنوية عالمياً، وهو ما يقدر بنحو تريليون دولار تمر عبر السفن بالبحر الأحمر.
وأشار التقرير إلى انخفاض بنسبة 90% في شحن الحاويات عبر البحر الأحمر نتيجة هجمات الحوثي الإرهابية.
وتأثرت أكثر من 50 دولة اقتصادياً بتلك الهجمات نتيجة عرقلة التجارة، وتعرضت مئات شركات الشحن لخسائر فادحة بسبب تحويل مسار السفن لتدور حول أفريقيا عن طريق رأس الرجاء الصالح بدلاً من قناة السويس، خوفاً من التعرض للهجمات الحوثية في البحر الأحمر.
تأثيرات إنسانية
وألحقت الأزمة اليمنية أضراراً بالغة بالمجتمع اليمني على المستويات الإنسانية والاجتماعية، فقد شرعت جماعة الحوثي في تدمير البنية التحتية للبلاد، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وشبكات الكهرباء والمياه، مما جعل ملايين اليمنيين في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية. ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة فإن حوالي 80% من السكان في اليمن يحتاجون إلى مساعدات إنسانية.
ويقدر عدد القتلى بشكل مباشر أو تأثراً بالجوع والمرض بأكثر من 377 ألف شخص (في آخر إحصائية عام 2021)، بالإضافة إلى ملايين المصابين والمشردين والنازحين داخلياً. وأدت جرائم الحوثي إلى تفشي الأوبئة مثل الكوليرا، إضافة إلى المجاعات التي أودت بحياة العديد من الأطفال والنساء، وتصعّب تلك الأزمات الإنسانية المتفاقمة من إعادة بناء الدولة اليمنية، وتزيد من تعقيدات الأوضاع. وشددت نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية «أوتشا» في اليمن، إيمان الشنقيطي، على أن تأثيرات الأزمة اليمنية واسعة النطاق على المستوى الإنساني، وأثرت بشكل عميق على ملايين السكان، حيث تجاوز عدد النازحين داخلياً 4.5 مليون شخص يعيشون في ظروف صعبة وأحوال غير آمنة وغير مستقرة، في مخيمات مكتظة أو في الملاجئ المؤقتة. وقالت الشنقيطي لـ «الاتحاد» إن استمرار الأزمة يعني استمرار تلك الأوضاع في التدهور، خاصة بسبب غياب المأوى الملائم للسكان، وانعدام المياه النظيفة وانهيار منظومة الصرف الصحي، والافتقار إلى الخدمات الصحية والتعليمية، مما يعرض الفئات الأكثر ضعفاً، مثل النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة، لمخاطر الحماية والاستغلال.