من يكون القائد يحيى السنوار الذي اختارته حماس بالإجماع خليفة للراحل اسماعيل هنية؟
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
خرج يحيى السنوار الذي عين الثلاثاء رئيسا للمكتب السياسي لحماس خلفا لاسماعيل هنية، من ظل المعتقلات الإسرائيلية الى المراكز القيادية في حماس، حتى أصبح « الرجل الحي الميت »، والمطلوب رقم واحد بالنسبة لإسرائيل التي تتهمه بأنه مهندس هجوم السابع من أكتوبر.
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس، عن اختياره بالإجماع، لرئاسة المكتب السياسي خلفا للشهيد إسماعيل هنية، بعدما كان رئيسا لها في قطاع غزة فقط، فمن يكون يحيى السنوار؟
ولد القائد الجديد لحركة حماس، سنة 1962 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، وتخرج من الجامعة الإسلامية بغزة، وذكرت تقارير أنه نشأ في ظروف صعبة وتأثر بالاعتداءات والمضايقات المتكررة للاحتلال الإسرائيلي لسكان المخيمات.
وبدأ النشاط السياسي للسنوار مبكرا، حيث كان عضوا فاعلا في الكتلة الإسلامية، مما أهله لمهمة الأمين العام للجنة الفنية ثم اللجنة الرياضية في مجلس الطلاب بالجامعة الإسلامية بغزة، ثم نائبا لرئيس المجلس ثم رئيسا للمجلس.
وانضم إلى حركة حماس في بداية تأسيسها، وكان مقربا من الشيخ أحمد ياسين الذي كلفه بتأسيس جهاز أمني يُعرف باسم « مجد »، وكان مكلفا بكشف وتصفية الجواسيس والعملاء الذين يتعاونون مع الاحتلال الإسرائيلي.
وكما بدأ النشاط السياسي للسنوار مبكرا، فإن متاعبه أيضا بدأت مبكرا، حيث تم اعتقاله أول مرة وهو في أول ربيعه الثاني، قبل أن تتوالى عمليات توقيفه بين الوقت والآخر، إلا أنه في سنة 1988 اعتقل لاختطاف وقتل جنديين إسرائيليين وفلسطينيين متعاونين مع إسرائيل.
وحكم القضاء الإسرائيلي آنذاك على السنوار بـ4 مؤبدات تجاوزت مدتها 400 سنة، إلا أنه تم الإفراج عنه في صفقة « وفاء الأحرار » التي كانت حماس تحتجز فيها الجندي شاليط، وقضى بذلك 23 عاما متواصلة داخل سجون الاحتلال التي تولى فيها قيادة الهيئة العليا لأسرى حماس.
ومباشرة بعد الإفراج عنه، ولكونه الرجل النافذ داخل الحركة سياسيا وعسكريا، انتخب عضوا في المكتب السياسي لحماس، وثم رئيسا لها في قطاع غزة، قبل أن يغتال الاحتلال في غارة غادرة الشهيد إسماعيل هنية، ويتم اختيار السنوار رئيسا لكل الحركة بدل رئاستها في قطاع غزة وحسب.
كلمات دلالية السنوار حماسالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: السنوار حماس قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
كيف نجح الطالب (حماس) وأخفق الأستاذ (الحركات الإسلامية)؟
في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها المنطقة العربية خلال العقود الأخيرة، برزت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كنموذج فريد من نوعه لحركة مقاومة ضد الاحتلال تجمع بين الجوانب العسكرية والسياسية والاجتماعية، بينما فشلت فروع الحركة الإسلامية في دول الربيع العربي، مثل مصر واليمن والمغرب وتونس، في الحفاظ على مكتسباتها السياسية بعد وصولها إلى الحكم، استطاعت حماس أن تحقق إنجازات عسكرية واستخباراتية كبيرة، أبرزها عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي أذهلت العالم وأظهرت قدرة الحركة على تنظيم وإدارة عمليات معقدة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا نجحت حماس في تحقيق هذا التفوق، بينما فشلت الحركة الإسلامية في دول مختلفة؟ وهل يمكننا النظر إلى حماس كنموذج مختلف يستحق الدراسة؟
الجزء الأول: البيئة السياسية والظروف التاريخية
1- الفرق بين حماس والحركات الإسلامية الأخرى
منذ تأسيس حماس عام 1987، كانت حماس جزءا من صراع وجودي مع الاحتلال الإسرائيلي. لم يكن هدفها مجرد الوصول إلى السلطة السياسية، بل كان هدفها الأساسي تحرير الأرض الفلسطينية واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني. هذه الرؤية الواضحة جعلت الحركة أكثر تركيزا على بناء قواعدها الشعبية والعسكرية.
في المقابل، الحركات الإسلامية في دول الربيع العربي، مثل الإخوان المسلمين في مصر، واجهت تحديات مختلفة. كانت هذه الحركات تسعى للوصول إلى السلطة عبر الانتخابات، لكنها وجدت نفسها غير مستعدة لإدارة دولة بأكملها، خاصة في ظل ضغوط داخلية وخارجية هائلة. كما أن هذه الحركات كانت تفتقر إلى رؤية واضحة حول كيفية التعامل مع المؤسسات التقليدية، مثل الجيش والقضاء.
2- الاعتماد على الذات:
اعتمدت حماس، منذ بدايتها بشكل كبير على نفسها وعلى دعم الشعب الفلسطيني، لم تعتمد بشكل كامل على الدعم الخارجي، مما سمح لها بالحفاظ على استقلاليتها. أما الحركات الإسلامية الأخرى، فنعم اعتمدت بشكل كبير على الدعم الداخلي، ولكن سيطرة رأس المال في يد أفراد وليس مؤسسات خلق لديها دولة عميقة في داخلها، وسوء إدارة الموارد أدى إلى إفشال المشاريع الداخلية لها، وبالتالي تم إهدار الموارد وإهدار المال العام للفروع مع غياب المحاسبة وفشل في استمرار المشاريع التي تخدم الأهداف.
الجزء الثاني: التفوق العسكري
1- بناء جناح عسكري قوي:
أحد أهم الأسباب التي ساهمت في نجاح حماس هو وجود جناح عسكري قوي ومتطور، وهو كتائب القسام. فمنذ تأسيسه في التسعينيات، عملت كتائب القسام على تطوير قدراتها العسكرية بشكل مستمر، من تصنيع الصواريخ البسيطة إلى تطوير صواريخ متقدمة قادرة على الوصول إلى أبعد نقطة في الكيان الصهيوني.
عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر كانت خير دليل على هذا التطور. فالعملية بدأت بتجهيز مخابراتي يدل على خبرة عالية الطراز وتخطيط عسكري متقدم، أظهرت مدى التنظيم والتخطيط الذي تتمتع به كتائب القسام. هذه العملية لم تكن نتيجة صدفة، بل كانت نتيجة سنوات طويلة من التدريب والاستعداد.
2- الاستخبارات والتكنولوجيا:
استثمرت حماس بشكل كبير في تطوير قدراتها الاستخباراتية، من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة، تمكنت الحركة من جمع المعلومات عن العدو الإسرائيلي وتحديد نقاط الضعف لديه. كما استخدمت الحركة الأنفاق كوسيلة استراتيجية لنقل الأسلحة والمقاتلين، مما جعل من الصعب على الاحتلال السيطرة عليها.
الجزء الثالث: التفوق الاجتماعي
1- بناء قاعدة شعبية قوية:
نجحت حماس في بناء قاعدة شعبية قوية في قطاع غزة من خلال تقديم الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية للمواطنين. وفي الوقت الذي كانت فيه السلطة الفلسطينية تواجه اتهامات بالفساد والإهمال، كانت حماس تحاول أن تحسن حياة المواطنين وتوفير الأمن والاستقرار رغم الحصار المفروض عليها داخليا وخارجيا لمدة تزيد عن 20 عاما.
2- التركيز على الشباب:
وضعت حماس الشباب في قلب استراتيجيتها، من خلال تقديم برامج تعليمية وتدريبية، تمكنت الحركة من جذب آلاف الشباب إلى صفوفها. هذا التركيز على الشباب ساعد الحركة في الحفاظ على ديناميكيتها وتحديثها المستمر.
أما فروع الحركات الإسلامية في دول الربيع العربي وعلى رأسها مصر فقد أهملت الشباب بعد الانقلاب عليها وعلى مشروعها وبالأخص في الخارج، وهشمت التنازعات الداخلية العلاقة مع الشباب فأصبح من ينتقد القيادة المتربعة منذ عقود في مكان القيادة يصبح خارج الصف، وتفلت الكثير من الشباب إلى خارج صفوف الحركة بسبب جمود القيادات وعدم التطور الملح حسب الزمان والعقول.
الجزء الرابع: الفرق بين حماس والحركات الإسلامية الأخرى
1- الرؤية الاستراتيجية:
كانت حماس دائما لديها رؤية استراتيجية واضحة، وهي مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض، هذه الرؤية جعلت الحركة أكثر تركيزا وتنظيما. في المقابل، الحركات الإسلامية الأخرى كانت تفتقر إلى رؤية واضحة، مما أدى إلى فقدانها للمصداقية لدى الشعوب في العقد الاخير.
2- القدرة على التكيف:
أثبتت حماس مرارا وتكرارا قدرتها على التكيف مع التحديات الجديدة، سواء كان ذلك من خلال تطوير أسلحتها أو إعادة بناء قطاع غزة بعد كل حرب، كانت الحركة قادرة على الوقوف مرة أخرى. في المقابل، الحركات الإسلامية الأخرى فشلت في التكيف مع التغيرات السريعة التي شهدتها المنطقة، ولم تحمل رؤى مختلفة للمستقبل أو بمعنى أدق وأوضح عدم استشراف المستقبل بأي حال من الأحوال.
3- العلاقة مع المجتمع الدولي:
بنت حماس رغم عزلتها الدولية على بناء علاقات مع بعض الدول، مثل تركيا وقطر وإيران. هذه العلاقات ساعدتها في الحصول على الدعم المالي والسياسي اللازم لاستمرار مقاومتها. في المقابل، الحركات الإسلامية الأخرى واجهت عزلة دولية بسبب عدم الوضوح في السياسات الداخلية والخارجية والتعامل مع المشكلات حتى استقرار الأمور لها والأخص أن يكون لها أفرادها النافذون داخل المؤسسات العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى بناء علاقات مع دول لها طابع قريب منك ألا وهي دول أمريكا اللاتينية وغيرها من الدول.
الجزء الخامس: دروس يمكن تعلمها من حماس.
1- أهمية الرؤية الواضحة:
من أهم الدروس التي يمكن تعلمها من حماس هي أهمية وجود رؤية واضحة ومستدامة، فأي حركة سياسية أو مجتمعية يجب أن تكون واضحة بشأن أهدافها وأولوياتها.
2- الاستثمار في الشباب:
الشباب هم المستقبل، وحماس أثبتت ذلك من خلال استثمارها في الشباب. يجب على أي حركة أو نظام سياسي أن يجعل الشباب في قلب استراتيجياته.
3- الاعتماد على الذات:
الاعتماد على الذات هو مفتاح النجاح. حماس أثبتت أن الاعتماد على النفس يمكن أن يؤدي إلى تحقيق إنجازات كبيرة، حتى في ظل ظروف صعبة، فأنشأت الاكاديميات العسكرية التي تحتاج لها، دعمت المحاضن التربوية لها، انتشرت مجتمعيا عبر معسكرات طلائع التحرير فتقربت إلى كافة الشرائح العمرية فلا يخلو بيت من وجود مقاوم داخل صفوف المقاومة.
إن نجاح حماس في التفوق العسكري والاجتماعي والاستخباراتي على الاحتلال الإسرائيلي يعود إلى مجموعة من العوامل، منها الرؤية الواضحة، والاعتماد على الذات، والاستثمار في الشباب. فبينما فشلت الحركات الإسلامية الأخرى في الحفاظ على مكتسباتها السياسية، استطاعت حماس أن تصبح نموذجا يُحتذى به في مجال المقاومة والتنظيم.
في النهاية، يمكننا القول إن حماس ليست مجرد حركة مقاومة، بل هي مشروع شامل يهدف إلى تحرير الأرض وإعادة الكرامة للشعب الفلسطيني.