ماذا لو قصف محور المقاومة “حيـفا” الاستراتيجية؟
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
يمانيون – متابعات
حيفا التي كانت توصف بـ “عروس البحر” ما قبل قدوم قطعان الاستيطان إلى فلسطين، أصبحت اليوم مدينة الرعب والخوف، فهي اليوم في واجهة الاستهداف المقاوم بما تمثل من قيمة عالية لدى محور المقاومة.
من أهم المناطق الحيوية للكيان، ومن أهم المدن التي يمكن أن يستهدفها محور المقاومة، فإلى جانب أن فيها أكبر ميناء بحري، تضم هذه المدينة مرافق نفطية وعسكرية اقتصادية، “فحيفا” منطقة استراتيجية تضمّ منشآت عسكرية، ومرافق صناعية، وتجارية ضخمة، أهمها قاعدة “حيفا” العسكرية، المسؤولة عن الساحة البحرية الشمالية، وهي القاعدة البحرية الأساسية في جيش العدو الإسرائيلي، وميناء حيفا المدني هو الأكبر في إسرائيل.
هناجر صيانة السفن، رصيف ومرسى الغواصات، سفن ساعر 4.5، ومبنى وحدة مهمات الأعماق، وتتبع الغواصات، وغيرها من النقاط، والتي تجعل من استهدافها كارثة خطيرة على الأمن القومي الإسرائيلي، إضافة إلى الخسائر البشرية الهائلة.
فماذا لو استُهدفت حيفا بنيران محور المقاومة، حيث بات الثأر متعدد الجبهات، حيث مساعي النتن ياهو، لجر المنطقة إلى حرب شاملة، منيته للنجاة من الغرق السياسي والملاحقات الجنائية الدولية؟
بعد نشر فيديو هدهد حزب الله، طالب رئيس البلدية يونا ياهف حكومة الكيان المحتل، بوضع خطة للدفاع الشامل عن “حيفا” وإيجاد حل عسكري من أجل إزالة التهديد من الشمال”، متسائلاً : “لماذا منذ بداية الحرب لم يكلف رئيس الأركان والقيادة العليا لجيش الدفاع الإسرائيلي عناء زيارة “حيفا” والاستماع من إدارة البلدية حول احتياجاتنا، ونشاط جيش الدفاع الإسرائيلي لحماية مئات الآلاف من سكان حيفا إلى أقصى حد”، مضيفاً: “يثير الفيديو تهديدات إضافية ضد حيفا، والتي يجب معالجتها بأسرع وقت”.
صور الطائرة المسيّرة لحيفا، قدم تفاصيل كثيرة عن حظائر السفن، ومبنى في قاعدة بحرية، ومباني تابعة لوحدات النخبة، وأرصفة، وصواريخ هجومية، وسفينة مساعدات، إضافة الى منشآت رافائيل، بما في ذلك القبة الحديدية، ومستودعات محركات الصواريخ، ومقلاع الغلايات والرادار، والمواقع المدنية مثل الأحياء السكنية والمراكز التجارية.
وتظهر بلدية “حيفا” خشيتها المتزايدة حول استهداف خليج حيفا أكثر من أي شيء آخر، بحسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرنوت فإن منطقة خليج حيفا والمصافي تسبب قدراً كبيراً من القلق، حيث تكافح البلدية ومسؤولو الجبهة الداخلية لكيان العدو لإيجاد حلول لهذه المسألة الحساسة، والتي تمثل أحد نقاط الضعف الكثيرة في الداخل الإسرائيلي المهترئ.
لقد أظهرت رئيسة جمعية المدن لحماية البيئة في خليج حيفا، ساريت جولان شتاينبرغ، حالة الخوف كوضع يعم مدن الكيان بما فيها الخوف الذي يسيطر على سكان وبلدية الاحتلال الإسرائيلي في حيفا، حيث الخشية من توسع الحرب.
قالت بأنها “تقلق من أن قيادة الجبهة الداخلية ليست مستعدة حقاً للتعامل مع إطلاق الصواريخ، والأضرار التي قد تلحق بمصانع البتروكيماويات”، مضيفة :”أذكركم أنه حتى الآن، على الرغم من المطالب المتكررة، لم تجر الدولة مسح المخاطر لخليج حيفا لحالات الطوارئ، وبالتالي فإن أي تقييم للوضع يتم إجراؤه لسيناريوهات المواد الخطرة لا يسمح حقاً بالاستنتاجات المثلى فيما يتعلق بالمراكز السكانية القريبة من المصانع”.
مخاطر كبيرة على المدينة
وتصور صحيفة يديعوت احرنوت العبرية، حال حيفا والخليج فيما لو نشبت حرباً مع حزب الله ومحور المقاومة من اليمن الى العراق وانضمام إيران بتوجيهها ضربة غير مسبوقة، حيث ترى الصحيفة الإسرائيلية، أن تلك المواجهة بادئ الأمر ستخلف مئات القتلى وآلاف الجرحى، وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة.
ومن المتوقع أن تكون هناك مشاكل في الاتصالات ونقص في الوقود، الى جانب أن 60-70٪ من العمال لن يحضروا إلى العمل، بما في ذلك سائقي الشاحنات للإمدادات الأساسية والمواد الغذائية، وعمال البناء لترميم المباني، وأعضاء هيئة التدريس والموظفين الطبيين”.
متوقعة أضرارا لمخزونات المواد الخطرة، وحرائق في مرافق البتروكيماويات، مثل خزانات الغاز، فيما ستركز أنظمة الدفاع على حماية المنشآت العسكرية، ولن تنجح في منع الأضرار التي لحقت بجميع الصواريخ.
وتشير العديد من التقارير إلى أنه إذا أصاب صاروخ، أو طائرة بدون طيار برميلًا وأطلق المواد الموجودة فيه، فإن الخطر سيصل إلى ربع مليون شخص على الأقل في المنطقة المجاورة، والمعروفة باسم حيفا والكريوت.
وفي هذا الإطار، حثت رئيسة بلدية حيفا، يونا ياهاف، جميع السلطات على اتخاذ خطوات عاجلة لحماية حيفا، معتبرة أن المصانع في حيفا، يمكن أن تسبب أضرارًا جسيمة في حالة نشوب حرب، وفقًا لما ذكرته إندبندنت أرابيا.
في اجتماع عقد بين رؤساء بلديات مدينة حيفا، ورؤساء بلديات المقاطعات، نوقشت الاستعدادات للأخطار التي تواجه المدينة ومحيطها والمنطقة، وكان الشاغل الرئيسي الذي نوقش في الاجتماع هو المواد الخطرة الموجودة في المصانع الضخمة في خليج حيفا، وكان المطلب الأبرز في الاجتماع، الذي دعا إلى إخلاء جميع المواد الخطرة، هو إخلاء مصافي النفط.
تقدم العديد من المسؤولين إلى الوزارات المعنية، وطلبوا نقل المصافي، ولكن لم يتم الحصول على نتائج. ويقول الخبراء والمسؤولون إن إسرائيل لن تتمكن من إخلاء المصانع الخطرة وأنه حتى لو بدأت في نقلها اليوم، فإن الإخلاء سيستغرق أشهرًا.
براميل بارود
ويعتبر ميناء حيفا موقعًا استراتيجيًا خطيرًا بسبب الحاويات التي تنتظر الشحن والصهاريج التي تحتوي على كميات كبيرة من المواد الخطرة.. هناك أيضاً العديد من القواعد العسكرية، ومستودعات الأسلحة في المنطقة الواقعة بين خليج حيفا ومينائها، وكلها براميل بارود. لذلك، فإن أدنى شرارة يمكن أن تسبب كارثة.
أما أهم المنشآت التي يخشى العدو الإسرائيلي استهدافها من محور المقاومة، فيمكن ذكر جزءاً مهماً منها وهي:
موانئ حيفا في وجه العاصف:
تسود كيان الاحتلال مخاوف كبيرة من تبعات خروج مينائي حيفا عن العمل في حال شن هجوم كبير عبر محور المقاومة، وتتخوف دوائر صنع القرار في “تل أبيب” من أخطار مواجهة نقص حاد في إمدادات المواد الغذائية في حال استهداف ميناء حيفا وميناء سفن إسرائيل المتاخم له، وهما أكبر موانئها.
ذكرت صحيفة ذي ماركر الاقتصادية أن الاحتلال يعتمد بشكل مطلق في استيراد المواد الخام التي تستخدم في صناعة المواد الغذائية على ثلاثة موانئ، وهي حيفا وسفن إسرائيل وأسدود. والمرجح أن يقع الميناءان في حيفا ضمن دائرة الأهداف التي سيضربها محور المقاومة، مما سيجعل دولة الاحتلال تعتمد بشكل مطلق على ميناء أسدود المملوك للدولة في استيراد المواد الغذائية والمواد الأساسية التي تستخدم في صناعة هذه المواد.
وقد أصدرت وزارة المواصلات الإسرائيلية مطلع الأسبوع الجاري بياناً أكدت فيه أن ميناء أسدود وميناء الجنوب، المقام بالقرب منه والمملوك لشركة “TIL” السويسرية قد أجريا استعدادات ليكونا بديلاً عن ميناءي حيفا وسفن إسرائيل، ومما يفاقم الأمور تعقيداً، كما ترى الصحيفة، أن كفاءة ميناء أسدود قد تراجعت إلى حد كبير، إلى درجة أن مستوردي المواد الغذائية، ووكلاء السفن التجارية التي تنقل المواد الخام التي تستخدم في الصناعات الغذائية يحرصون على عدم التوجه إلى هذا الميناء، والتوجه بدلاً من ذلك إلى ميناءي حيفا وسفن إسرائيل، نظراً إلى تدهور مستوى الخدمات التي يقدمها للسفن.
والمشكلة الرئيسة التي تواجهها السفن التي تتوجه إلى ميناء أسدود في حال تم استهدافه، تتمثل في أن الآليات والإمكانات المستخدمة في تفريغ حمولة السفن المتجهة إليه غير متطورة بشكل يقلص من إمكانية الاعتماد عليه في استيراد المواد الأساسية التي تستخدم في الصناعات الغذائية، مثل القمح الذي يستخدم في صناعة الخبز، والأعلاف التي تستخدم في تغذية الأبقار والدجاج التي تعد مصدر اللحوم الرئيس الغذائية، فضلاً عن الصويا التي تستخدم في كثير من الصناعات الغذائية.
بحسب المعطيات التي ذكرتها الصحيفة، فإن 75% من المواد الغذائية تم استيرادها العام الماضي عبر ميناءي حيفا وسفن إسرائيل، في حين أن 25% فقط تم استيراده عبر ميناء أسدود. مما يعني أن إسرائيل يمكن أن تواجه نقصاً في تأمين استيراد المواد الغذائية بنسبة 75%.
مجمع حيفا البتروكيميائي
ويعتبر واحداً من أهم المراكز الاقتصادية في إسرائيل، وأكثرها حساسية؛ لكونه يضم العديد من المنشآت التي تعالج وتخزن المواد البتروكيميائية، بالإضافة إلى الميناء التجاري على ساحل المتوسط.
ويتألف المجمع من عدة منشآت حيوية وهي:
– الخط الشمالي: ويقع إلى الشمال من منطقة كيشون على أرض أعدت خصيصاً لهذا الغرض، بسبب بعدها عن المناطق المأهولة بالسكان، وقربها من مراكز الصناعات البتروكيميائية.
ويضم هذا الجزء من المجمع نظاماً من الأنابيب تحت الأرض لنقل الميثانول ومواد بتروكيميائية أخرى، ومستودعات لتخزين الأمونيا والإيثيلين، بالإضافة إلى العديد من منشآت الخدمة المساندة لتوفير النتروجين (الأزوت) ومياه الشرب، والهواء المضغوط، وأنظمة مكافحة الحرائق وجسر الوزن.
– الخط الجنوبي: يقع في نهاية رصيف الشحن العام في منطقة كيشون، ويضم سبعين خزاناً موصولاً بأنابيب إلى منصة لتخديم سفينة واحدة.
الميناء
الجزء الشرقي مخصص للتعامل مع المواد المشتقة من البترول، يتوزع على مساحة تكفي لرسو سفينتين في وقت واحد بقدرة تفريغ تصل إلى ألف طن في الساعة الواحدة.
أما المرساة الخارجية فهي عبارة عن منشأة طافية في خليج حيفا شمال الميناء بطاقة تفريغ ألفين وخمسمائة طن في الساعة، ويتم فيها تفريغ شحنات النفط الخام الواردة على متن الناقلات الضخمة قبل نقله عبر أنابيب تحت الماء إلى مستودعات التخزين، ومن هناك ينقل إلى مصفاة حيفا.
– الخزانات
تقع في منطقة كيريات حاييم بواقع 41 خزاناً، تبلغ سعتها الإجمالية 937 ألف متر مكعب من النفط الخام، بالإضافة إلى 17 خزاناً بسعة 157 ألف متر مكعب موجودة في الميناء الرئيسي، مخصصة لتخزين النفط الخام الثقيل والخفيف والديزل والكيروسين والغازولين.
-المصافي:
تؤمن كافة احتياجات الكيان المؤقت من المواد البترولية ومنها الغاز الصناعي والمنزلي، والبارافين، والكيروسين، ووقود الديزل البحري، والنفط الخام بنوعيه الثقيل والخفيف، وتتمتع بطاقة تكرير تصل إلى 13 مليون طن من النفط الخام سنوياً، وتتصل مصفاة حيفا بواسطة الأنابيب بمصفاة أشدود، التي تعتبر من أكبر مصافي النفط في العالم، وتقع جنوباً على ساحل المتوسط.
مجمع المصافي في حيفا
يعتبر واحداً من أهم المراكز الاقتصادية في الكيان، وأكثرها حساسية لكونه يضم العديد من المنشآت التي تعالج وتخزن المواد البتروكيميائية، بالإضافة إلى الميناء التجاري على ساحل المتوسط، وتبلغ الطاقة التكريرية للمجمع حوالي 25 ألف طن من النفط يومياً.
مجمع الصناعات العسكرية – رفائيل
“مجمّع الصناعات العسكرية – شركة رفائيل، منطقة صناعية عسكرية تتبع لشركة رفائيل، تضم عدداً كبيراً من المصانع والمخازن وحقول التجارب، ويجري فيها تصنيع وتجميع مكونات أنظمة الدفاع الجوي الفعّال، خصوصاً القبة الحديدية ومقلاع داوود”.
وهي المنطقة التي أكد حزب الله أنها منطقة بالغة الحساسية والسرية، وتبلغ مساحتها الاجمالية 6.5 كلم مربع وتبعد عن الحدود اللبنانية 24 كلم”.
وأظهرت اللقطات منصّات القبة الحديدية، ونفق اختبار محركات صاروخية، ومخازن محركات صاروخية. كذلك، أظهرت المشاهد منصة مقلاع داوود، مصانع أنظمة التحكم والتوجيه، راداراً للتجارب الصاروخية، المباني الإدارية الخاصة بالشركة، وغير ذلك من النقاط الاستراتيجية المفصَّلة.
الكريوت
والتقط الاستطلاع الجوي كذلك ما يُسمّى “الكريوت”، وهو بحسب حزب الله تكتلاً عمرانياً عالي الكثافة، يحاذي ساحل خليج حيفا، ويقع شمالي المدينة المحتلة، يبلغ عدد سكانه نحو 260 ألف مستوطن، ويضم 6 مدن وأحياءً كبرى، هي كريات يام، كريات موتسكين، كريات أتا، كريات بياليك، كريات حاييم، كريات شموئيل، وتبلغ مساحته نحو 20 كلم مربعاً، ويبعد عن الحدود اللبنانية 28 كلم”.
محطة حيفا (32.81175°, 35.021778°)
وهي المحطة البخارية الأولى لتوليد الكهرباء في فلسطين المحتلة، بحيث تم بناؤها في العام م1925، وتنتج الكهرباء لما يصل الى 828 ميغاوات.
– المسيرة – إبراهيم العنسي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المواد الغذائیة استیراد المواد التی تستخدم فی المواد الخطرة محور المقاومة بالإضافة إلى میناء أسدود النفط الخام خلیج حیفا العدید من حزب الله یمکن أن فی حیفا من أهم فی حال
إقرأ أيضاً:
الصناعة العُمانية في مهب تحديات المنافسة ونقص المواد الخام
◄ صناعيون لـ"الرؤية": نواجه تحديات كثيرة.. وتكامل الحكومة والقطاع الخاص ينهض بالصناعة
◄ الهنائي: منافسة المُنتجات المستوردة من أكبر التحديات
◄ البرواني: العديد من الصناعات تعاني من نقص المواد الخام
◄ المطالبة بتطوير برامج التدريب التقني والمهني لتتناسب مع احتياجات سوق العمل
◄ الأوضاع الإقليمية والعالمية تؤثر بشكل مباشر على عمليات التصنيع
الرؤية- فيصل السعدي
يُؤكد عدد من الصناعيين أن قطاع الصناعة المحلية في عُمان يُواجه الكثير من التحديات التي تتطلب تعاوناً من قبل القطاع الحكومي والخاص للنهوض به، حتى يكون قادرا على منافسة المنتجات المستوردة التي غالبا ما تكون ضعيفة الجودة ورخيصة الثمن، لافتين إلى ضرورة مواكبة التطورات التكنولوجية لتطوير الصناعة المحلية.
ويقول الشيخ الدكتورهلال بن عبدالله الهنائي رئيس مجلس إدارة جمعية الصناعيين العمانية، إن الصناعة المحلية في سلطنة تُواجه العديد من التحديات مثل المنافسة الخارجية ونقص العمالة الماهرة وضعف البنية الأساسية وصعوبة الوصول إلى التمويل والتغيرات البيئية، مضيفاً أنَّ المنافسة الخارجية تمثل أحد أكبر تحديات الصناعة المحلية، حيث تتعرض المنتجات المحلية لمنافسة قوية من السلع المستوردة، مما يُؤثر على قدرتها على المنافسة من حيث الأسعار والجودة، مشددا على ضرورة تعزيز التعاون بين القاع العام والخاص لتحسين جودة المنتجات المحلية وتقديم حوافز للمستهلكين لشراء المنتجات العُمانية.
ويُوضح الهنائي أنَّ نقص العمالة الماهرة يُعد تحديًا آخر، باعتبار أنَّ الصناعات في حاجة إلى عمالة مدربة ومؤهلة؛ لافتاً إلى أنَّه يمكن التغلب على هذا التحدي من خلال تعزيز برامج التدريب والتأهيل المهني بالتعاون مع المؤسسات التعليمية، وذلك بالتزامن مع الاستثمار في تحسين الطرق والمواصلات والمرافق اللازمة لدعم الأنشطة الصناعية، وتوفير الحوافز والتمويلات للشركات الصغيرة والمتوسطة لتشجيعهم.
ويؤكد رئيس مجلس إدارة جمعية الصناعيين العمانية أن الصناعات المحلية في سلطنة عمان تتأثر بشكل كبير بالتغيرات الاقتصادية العالمية، حيث تعتمد السلطنة بشكل كبير على عائدات النفط، ولذلك فإنَّ أي تقلبات في أسعار النفط تؤثر على الاقتصاد بشكل عام، مما ينعكس على الاستثمارات في القطاع الصناعي، وذلك إلى جانب التغيرات في السياسات التجارية العالمية، مثل الحواجز الجمركية أو الاتفاقيات التجارية، فإنها يمكن أن تؤثر على قدرة المنتجات العمانية على الوصول إلى الأسواق العالمية، بالإضافة إلى التغيرات التكنولوجية العالمية التي تفرض على الصناعات المحلية التكيف مع الابتكارات الجديدة لتحسين الكفاءة والجودة.
ويبين الهنائي أن التكنولوجيا الحديثة أداة قوية لتحسين أداء القطاع الصناعي في سلطنة عمان، إذ إنه من خلال الأتمتة يمكن تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف مما يجعل الصناعات المحلية أكثر تنافسية، كما أنه من تحليل البيانات يمكن أن يساعد الشركات في فهم أدائها وتحسين العمليات الإنتاجية، إلى جانب أن التكنولوجيا النظيفة تعزز الاستدامة من خلال تقليل الأثر البيئي للصناعات، والتجارة الإلكترونية تفتح أسواقًا جديدة وتزيد من الوصول إلى العملاء، مما يعزز من قدرة الشركات المحلية على المنافسة.
ويلفت إلى أن القوانين والتشريعات الحكومية تلعب دورًا حيويًا في نمو القطاع الصناعي، لأن القوانين تسهل إجراءات التسجيل والترخيص وتشجع على إنشاء المزيد من الشركات، كما أن التشريعات التي تحمي المستهلكين تعزز الثقة في المنتجات المحلية، وتعتبر السياسات الضريبية والحوافز المالية عوامل مهمة في جذب الاستثمارات، مطالبًا بأن تكون القوانين مرنة وقابلة للتكيف مع التغيرات في السوق واحتياجات القطاع الصناعي لضمان نمو مستدام داخل القطاعي الصناعي العُماني.
ويتابع قائلاً: "القطاع الصناعي في سلطنة عمان في حاجة إلى جهود مشتركة من الحكومة والقطاع الخاص، لمعالجة التحديات الحالية والاستفادة من الفرص المتاحة، بما في ذلك التكنولوجيا الحديثة والتشريعات المناسبة".
من جانبه، يرى أحمد بن خالد البرواني الرئيس التنفيذي لشركة منى نور للصناعة والتجارة وعضو مجلس إدارة جمعية الصناعيين العمانية، أن العديد من الصناعات والقطاعات التحويلية تعاني من نقص المواد الخام، مما يحد من قدرتها على الإنتاج والتوسع، كما أن المنتجات المستوردة ذات الجودة المتدنية والأسعار المنخفضة تمثل تحديًا كبيرًا، خاصةً مع وجود تشريعات ومواصفات فنية قائمة لكنها غير مفعّلة بشكل كافٍ لضمان الجودة وحماية السوق.
ويضيف: "نحن في حاجة ملحة لتطوير برامج التدريب التقني والمهني لتأهيل الكوادر الوطنية بما يتناسب مع احتياجات القطاع الصناعي، كما أن الأوضاع الجيوسياسية العالمية تؤثر بشكل مباشر على استقرار تكاليف الشحن، مما يزيد من الضغوط على الصناعات المحلية، بالإضافة إلى أن تكاليف الكهرباء تشكل عبئًا كبيرًا على الصناعات التحويلية مما يُقلل من تنافسيتها".
ويشير البرواني إلى القصور في فهم مصطلح القيمة المضافة الحقيقية للمنتج الوطني، بالإضافة إلى عدم استغلال الفرص المتاحة للتعاقد المباشر مع المصانع المحلية، حيث يتم الاعتماد بشكل أكبر على الموردين المحليين أو العالميين في العديد من المشاريع، مبيناً أنَّ الصناعات التحويلية التي تعتمد بشكل كبير على الغاز تواجه تحديًا كبيرًا في تأمين الإمدادات الكافية، حيث يُؤثر ذلك على تكاليف الإنتاج والقدرة على التوسع في المشاريع كثيفة رأس المال، وعلى الرغم من التحسن الملحوظ في خدمات الموانئ العمانية، إلا أن هناك حاجة لتسريع وتيرة تطوير خطوط التصدير لتقليل الوقت والتكلفة مقارنة بموانئ دول الجوار؛ باعتبارها الخطوة مهمة ستساعد على تعزيز القدرة التنافسية وزيادة حجم التصدير إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.
ويؤكد البرواني أن سلطنة عُمان تعمل على مُعالجة تحديات القطاع الصناعي من خلال تعزيز التعاون بين الجهات المعنية، وتسريع وتيرة التطوير في الخدمات اللوجستية، وتشجيع الاستثمار في البنية التحتية الصناعية واللوجستية لتحقيق تطور مستدام وزيادة الصادرات، مبينا: "التغيرات الاقتصادية العالمية تؤثر على القطاع الصناعي في السلطنة بشكل مباشر وغير مباشر، نظراً للارتباط الوثيق بين الاقتصاديات العالمية، حيث أثرت جائحة كوفيد-19 بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي، مما تسببت في اضطرابات كبيرة في سلاسل الإمداد، وارتفاع تكاليف الشحن، مما زاد من التحديات اللوجستية، كما أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت على أسعار النفط والمواد الغذائية مثل الحبوب، وكذلك على قطاع التكنولوجيا مما انعكس على تكاليف الإنتاج والتصدير".
ويذكر الرئيس التنفيذي لشركة منى نور للصناعة والتجارة أن: "تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أثرت بشكل كبير على خطوط الشحن مما أدى إلى ارتفاع تكاليف التأمين على النقل البحري وزيادة تكاليف الشحن بشكل عام، بالإضافة إلى السياسات النقدية العالمية ورفع أسعار الفائدة في الأسواق الأمريكية والأوروبية للسيطرة على التضخم، الأمر الذي انعكس سلبا على ارتفاع تكلفة التمويل للمشاريع الصناعية القائمة والجديدة".
ومن وجهة نظر البرواني، فإنَّ التحديات دائماً ما تحمل في طياتها فرصاً جديدة، حيث أصبح من الضروري تعزيز الاعتماد على التقنيات الحديثة في عمليات الإنتاج، مع التركيز على تقليل تكاليف التشغيل وزيادة الكفاءة التشغيلية، موضحا: "شهدنا تطورا واضحا في الجهود الحكومية لإصدار قرارات وتشريعات تهدف إلى تحقيق التوازن في السوق، وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، كما أن قانون العمل والتعليم المهني لعب دورا مهما في دعم القطاع الصناعي، إلى جانب تشجيع استخدام المنتج الوطني بما يتماشى مع التزامات السلطنة الدولية والمصلحة العامة، أضف إلى ذلك أن الاتفاقيات الدولية تفتح آفاقاً جديدة للصناعات العمانية، مثلما رأينا في الزيارة السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى تركيا وبلجيكا، والتي ركزت على تعزيز التعاون الاقتصادي وفتح أسواق جديدة للصادرات العمانية".
ويؤكد: "هناك فرص كبيرة لتحسين القطاع ورفع مستوى الصادرات إلى العالمية، ومن وجهة نظري فالسلطنة تسير في الاتجاه الصحيح، ولكننا بحاجة إلى تسريع هذا الحراك، وأدعو جميع المصانع إلى استغلال الفرص المتاحة من البرامج الحكومية الحالية، خاصة تلك التي تهدف إلى رفع مستوى التكنولوجيا والأتمتة، والاستفادة من الزخم المتزايد في تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية والابتكار".