مصر لا تنوي طرح حزم حماية اجتماعية.. هل أخرج السيسي الفقراء من أجندته؟
تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT
تتواصل الصدمات التي توجهها حكومة رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، لأكثر من 106 ملايين مصري جلهم فقراء، وذلك بين رفع أسعار المحروقات ووسائل المواصلات تنفيذا لاشتراطات صندوق النقد الدولي، حتى إعلان نيتها عدم رفع الرواتب أو المعاشات أو تقديم حزم اجتماعية لمواجهة بعض الآثار السلبية للقرارات السابقة.
وزير المالية أحمد كجوك، ورغم اعترافه خلال مؤتمر صحفي، الثلاثاء، بأنه بعد قرارات رفع الأسعار الأخيرة، بأن "التحديات صعبة، على الناس، والاقتصاد، والحكومة"، وأن "الدولة تحاول أن تتحمل العبء الأكبر"، إلا أنه صدم المصريين بباقي حديثه.
كوجك، الذي حلف اليمين الدستورية كوزير جديد للمالية في مصر، في 3 تموز/ يوليو الماضي، جزم بأنه "لا يجرى حاليا دراسة طرح حزم اجتماعية جديدة، بسبب ارتفاع الأسعار والضغوط التضخمية التي يواجهها المواطنون".
ومن قلب العاصمة الصيفية للحكومة المصرية مدينة العلمين الجديدة بالساحل الشمالي الغربي، أكد أن "المجموعة الاقتصادية تقوم بدراسة وتقييم الأمور"، زاعما بأن "هناك حزمة من البرامج بالموازنة العامة للدولة ستنعكس إيجابا على المواطنين".
وبرغم ضآلة قيمة ما يحصل عليه المستفيدون من مبادرة "حياة كريمة"، التي أطلقها السيسي في كانون الثاني/ يناير 2019، وتصرف مبلغ مالي شهري يبلغ 500 جنيه مصري فقط (نحو 10 دولارات)، إلا أن الوزير أشار إلى "إنفاق 500 مليار جنيه بإجمالي أعمال "حياة كريمة" لتحسين حياة 50 بالمئة من المصريين، وفق قوله.
"فتش عن الصندوق"
وتعهدت مصر بخفض دعم الوقود في إطار اتفاقها مع صندوق النقد الدولي في آذار/ مارس الماضي للحصول على قرض بقيمة 8 مليارات دولار، كما من المتوقع أن تواصل رفع أسعار المنتجات البترولية تدريجيا حتى كانون الأول/ ديسمبر 2025، حسب تصريح لرئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأسبوع قبل الماضي.
ولهذا فإن تصريح كوجك، وفق مراقبين، يأتي متوافقا مع سياسة حكومته بتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، لتمرير 5 مراجعات قادمة بداية من أيلول/ سبتمبر المقبل، وتتكرر في ربيعي وخريفي 2025 و2026، للحصول على 1.2 مليار دولار في كل مراجعة، من القيمة الإجمالية لقرض المليارات الثمانية.
وهو الرأي الذي يؤيده السياسي المصري، سمير عليش، بقوله لـ"عربي21"، إن "الحكومة المصرية مقيدة بالاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي وقرض المليارات الثمانية منذ آذار/ مارس الماضي، هذا من ناحية".
"نهج تصريحات مخالف"
المثير في تصريحات وزير المالية الجديد، أنها تخالف نهج التصريحات السابقة للحكومة المصرية، والتي دأبت على تخفيف وطأة أي قرارات رفع أسعار السلع والخدمات بوعود بتخفيف آثارها على المواطنين، عبر حزم اجتماعية، كرفع الرواتب والمعاشات وزيادة الحد الأدنى للأجور في القطاعين الحكومي والخاص.
وعلى سبيل المثال طالما أكد وزير المالية السابق محمد معيط، أن الحكومة تحرص على إطلاق حزم اجتماعية أكثر شمولا واستهدافا للفئات المستحقة للدعم، مع زيادة الإنفاق الاجتماعي بالموازنة العامة للدولة على قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية لتعزيز التنمية البشرية، وفق قوله في شباط/ فبراير الماضي.
وهو التصريح الذي لم يخرج مثيله عن كوجك، الذي بدا حاسما في عدم وجود حزم اجتماعية جديدة، رغم اعترافه بتأثير زيادات الوقود والمواصلات السابقة على ملايين المصريين، ما يثير المخاوف من أن تكون الحكومة قد أخرجت فقراء المصريين من أجندتها تماما.
الأمر الذي فسره، عليش، بقوله إن "الحكومة مطمئنة من جانب تحديات ارتفاع الصوت الاحتجاجي للشارع المصري إزاء رفع الأسعار، عبر ازدياد القبضة الأمنية، والرسمية، والنخنوخية"، في إشارة لزعيم العالم السفلي للبلطجية في مصر صبري نخنوخ، واحتمالات إطلاق النظام يده لمواجهة المصريين، الغاضبين.
"ثمن يتعين دفعه دون شكوى"
وفي قراءته لحديث وزير المالية وما يمثله من صدمة للمصريين، قال الخبير الاقتصادي والمستشار الأممي الدكتور إبراهيم نوار، إن "الحكومة تراهن على أن الفقراء والفئات الأقل دخلا لديهم قدرة عجيبة على التكيف والتلاؤم مع الظروف الصعبة عبر التاريخ".
وفي حديثه لـ"عربي21"، لفت إلى أن "الصعوبات الحالية هي من وجهة نظر حكومية ثمن يتعين دفعه من دون شكوى".
وأشار إلى أنه "ومع ذلك، فإن توصيات صندوق النقد الدولي واضحة في شأن توفير حزم للرعاية الاجتماعية، تساعد الفقراء وغير القادرين على تحمل الصعوبات الراهنة".
وفي إجابته على السؤال: "كيف يكشف حديث الوزير عن غياب المصريين من أجندة الحكومة، وعن وضع اقتصادي واجتماعي كارثي في انتظار ملايين المصريين؟، يرى الخبير المصري أن "أجندة الحكومة هي بناء ما يسمى بـ(الجمهورية الجديدة)".
وأضاف أن ذلك البناء "داخل نطاق جغرافي جديد، ومواطنين مصريين وأجانب، تجمعهم مستويات بشرية جديدة، ذات تكوين إداري واجتماعي مختلف جذريا عن النسيج الاجتماعي المصري التقليدي تاريخيا".
ومع ذلك يظن نوار، أن "هناك حزم اجتماعية تلتقي مع توصيات صندوق النقد الدولي، على الأقل من أجل استيفاء شروط المراجعة الدورية القادمة (الرابعة) للقرض الحالي".
"قرارات قاسية"
وخلال الأيام الماضية، وفي نهاية شهرها الأول، اتخذت الحكومة الجديدة التي أقرها السيسي في 3 آب/ أغسطس الماضي، برئاسة مصطفى مدبولي، وشهدت تغييرا في وزارات بينها المالية، قرارات قاسية برفع أسعار الوقود والغاز بأنواعهما، بجانب أسعار تذاكر المترو والقطارات، وسط حديث عن رفع شرائح استهلاك الكهرباء.
ومطلع آب/ أغسطس الجاري، رفعت وزارة النقل أسعار تذاكر مترو الأنفاق، وأسعار تذاكر قطارات السكك الحديدية بشكل متزامن، فيما وصلت زيادات قطارات الضواحي التي يرتادها الفقراء إلى 25 بالمئة.
وفي 25 تموز/ يوليو الماضي، رفعت الحكومة أسعار الوقود المحلية بما يصل إلى 15 بالمئة للمرة الثانية خلال العام الجاري، بعد رفع كبير في آذار/ مارس الماضي. ليصبح سعر لتر "بنزين 80"، (بنزين الفقراء) وفقا للزيادة الجديدة 12.25 جنيها، وسعر "بنزين 92" 13.75 جنيها، فيما وصل بنزين "95" إلى 15 جنيها، بجانب رفع سعر السولار الأكثر استخداما، إلى 11.50 جنيها من 10 جنيهات.
وهي القرارات التي تبعها إعلان صندوق النقد الدولي، اقرار مراجعة تسمح لمصر بسحب 820 مليون دولار، بموجب قرض المليارات دولار الثمانية.
"أي حياة كريمة؟"
ومن أمام صيدلية صغيرة في أحد أحياء حي شبرا الخيمة الشعبي، تقف "أم سمر"، (65 عاما)، تفتش في حافظة نقودها، لتجمع بعض أوراق النقد لشراء علاجها الشهري لمرض السكر والضغط، بينما تحمل في يديها كيس نايلون به كيس فول وقرطاس طعمية.
وتقول لـ"عربي21": "تتغير أسعار الدواء من شهر إلى شهر، ولا أستطيع مواكبتها، وبدلا من شراء علاج الشهر كاملا بعد صرف معاش زوجي المتوفي نحو (5 آلاف جنيه)، أقوم الآن بشراء بعضه لأنني لا يمكن أن أدفع 2000 جنيه مرة واحدة في العلاج".
وتضيف: "أدفع إيجار شهري 1700 جنيه، حيث أقيم في شقة فقيرة في حي فقير مع ابنتي التي تحتاج إلى تجهيزها كعروسة، بجانب ابنة ثانية في المرحلة الثانوية لا أتمكن من توفير الكتب لها فأشتريها قديمة، ولا أملك المال الذي أدفعه ثمنا للدروس الخصوصية".
وتؤكد أنها كأسرة "لا يمكننا العيش في حياة كريمة، بسبب الأسعار والغلاء، ولولا مساعدة ابنتي التي تعمل مقابل 3 آلاف جنيه ما تمكنا من جلب حتى الطعام"، متسائلة: "لماذا يفعلون بها هذا؟ وإلى متى؟".
حكومات السيسي، التي تعيش منذ العام 2013، على الدعم والإعانات الخارجية، وتبنت سياسة الاقتراض الخارجي من صندوق النقد الدولي منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، حتى آذار/ مارس الماضي، وأصبحت ثاني أكبر مقترض من الصندوق، بعد الأرجنتين، اعتمدت في المقابل، سياسات أضرت بالفقراء.
ومنذ تولي السيسي، حكم البلاد رسميا عام 2014، تواصل حكوماته تقليص الدعم في الموازنة العامة للدولة، ثم رفع أسعار الوقود بأنواعه، وزيادة أسعار شرائح الكهرباء، ورفع أسعار جميع الخدمات الحكومية بلا توقف، ما فاقم نسب التضخم، وضاعف عدد الفقراء، وأدى لتآكل الطبقة الوسطى، وعجز الملايين عن توفير المتطلبات الأساسية.
رسميا، ارتفعت معدلات الفقر من 26.3 بالمئة عام 2013 إلى 27.8 بالمئة في 2015، ثم إلى 29.7 بالمئة عام 2020 وحتى 32.5 بالمئة عام 2022، وهي الأرقام التي يعتبرها اقتصاديون أقل بكثير من الحقيقة، فيما كان البنك الدولي قد أكد في أيار/ مايو 2019، أن 60 بالمئة من المصريين إما فقراء أو أكثر احتياجا.
"ذريعتها التضخم"
وفي قراءته الاقتصادية لتصريح وزير المالية، قال الباحث المصري في الملف الاقتصادي والعمالي حسن بربري: "حقيقة الأمر أن الأزمة التي وقعت بها الحكومة الآن، أنها لابد أن تقوم وبخطوات سريعة بتنفيذ بنود شروط صندوق النقد الدولي، لأنها تحتاج إلى تخليص نفسها من دائرة لا تنكسر من القروض".
القيادي في حزب "التحالف الشعبي"، أوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "حجة الحكومة في قرارها بعدم رفع الأجور والرواتب أن مثل هذا القرار الآن يرفع معدلات التضخم، بينما هي تحاول الحفاظ على تراجع نسبه، لأن رقم التضخم هو ما يقاس عليه، وتدلل به الحكومة أمام الصندوق أنها تسير بخطوات صحيحة وحققت نجاحا".
النقابي المصري والناشط العمالي، أكد أن "المصريين بالفعل الآن أمام مشكلة كبيرة جدا، بسبب مواجهتهم أمرين، أولهما: ارتفاع الأسعار بالنسبة للأجور"، مبينا أن "هذا الوضع قائم على مستويات كثيرة، بينها الصحة والتعليم والطعام والشراب والملبس، وكل أنواع الخدمات والرعاية".
ولفت ثانيا، إلى أن "سياسات الخصخصة ستسير بشكل كبير جدا تنفيذا لتعليمات الصندوق، وهذا يعني أن هناك شركات ومصانع سوف يتم بيعها أو تصفيتها، وهو ما ينتج عنه تسريح للعمالة بشكل كبير جدا، وما يقود بالتالي إلى أزمة فقدان جزء كبير جدا من موارد دخلهم الشهري والسنوي".
بربري، أقر ما أكده الكثير من المراقبين، قائلا: "داخلين على أيام صعبة، إن لم يكن هناك صفقة مثل (رأس الحكمة) مع الإمارات في آذار/ مارس الماضي، تقدم دخل دولاري بشكل كبير"، مبينا أنه وبدون ذلك "سنكون أمام أزمة كبيرة وستعود مسألة الشح الدولاري".
وأكد أنه "برغم أن هناك قرض آخر يجري الاتفاق عليه من صندوق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي، بمقدار 1.2 مليار دولار، إلا أن هذا المبلغ لن يدخل سوى في إطار سداد خدمة جدول ديون مزدحم جدا حتى نهاية العام".
وخلص للقول، إن "حجة الحكومة المصرية الرئيسية أنه لو رفعت الأجور والرواتب سيرتفع التضخم في مصر، رغم أنه في العادة يرفع الأجور والرواتب في الحدود الدنيا، كما أن المطالب ليست كبيرة بل هي رفع الحد الأدني للأجور، ليكون بأساس تحاول به الناس أن تكتفي من بعض طعامها وشرابها وأدوية الأمراض الشائعة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية المصري السيسي صندوق النقد التضخمية الفقر مصر السيسي فقر صندوق النقد تضخم المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صندوق النقد الدولی حزم اجتماعیة وزیر المالیة مارس الماضی حیاة کریمة رفع أسعار
إقرأ أيضاً:
محمد يوسف: العلاقات التجارية المصرية التونسية لم تبلغ المستوى المطلوب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال سفير تونس بالقاهرة ومندوبها الدائم بالجامعة العربية محمد بن يوسف، إن العلاقات التجارية المصرية التونسية مازالت لم تصل إلى المستوى المطلوب فكان التبادل التجاري قد وصل في ذروته إلى ٦٠٠ مليون دولار سنويا، واليوم فهو لا يتجاوز ٣٥٠ مليون دولار، وخلال التسعة اشهر الأخيرة بلغ حجم التبادل التجاري ٣٠٠ مليون دولار.
وعزا السفير ذلك إلى أن البلدين صناعيين ومنتجان لكل شيء، وإلى وجود بعض العراقيل والإجراءات الجمركية وايضاً تشابه المنتجات.
ونوه بن يوسف خلال استضافته في حوار مفتوح للجنة العلاقات الخارجية برئاسة حسين الزناتي بعنوان "مصر وتونس.. تحديات وطموحات مشتركة" بالاستثمارات المصرية في تونس؛ ومنها مشروع شركة أوراسكوم لتحلية المياه في ولاية الجم جنوب تونس باستثمارات من 300 لـ 350 مليون دولار، داعيا لزيادة هذه الاستثمارات.
وأشار إلى أن الاقتصاد التونسي متوقع ان يحقق نموا بنسبة تتخطى ١،٦٪ في العام المالي الجاري، وأن الدولة تتطلع إلى أن يصل إلى ٢،٥٪ في العام المقبل.
وعن العلاقة مع صندوق النقد الدولي؛ قال "نتمنى أن يكون هناك اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على ١،٩ مليار دولار، لكننا نرفض الشروط التي تؤدي لتخريب الأوضاع في ظل وضع اقتصادي صعب جدا وتضخم تعيشه البلاد."
وتابع "رفضنا الامتثال لجميع شروط صندوق النقد الدولي، بعد أن طلب التخلي عن تقديم الدعم للمواطنين، وتم رفض ذلك وتجميد المفاوضات، لكننا نسير في إصلاح المؤسسات لتعديل القوانين وتعزيز الحوكمة، ونرفض أن تفرض علينا أشياء ليست في صالح الدولة.
وأوضح أن الدولة التونسية لديها قناعة حاليا أن حسن الادارة والاستمرار في محاربة الفساد يمكن أن تجلب أضعاف ما يقدمه صندوق النقد، ولذا بدأت تونس في استعادة المستويات السابقة لإنتاج الفوسفات، متابعا "نعول على الاعتماد على ذاتنا وتعزيز علاقاتنا مع الدول والمؤسسات الدولية ونرفض بشكل قطعي الشروط المجحفة اجتماعيا التي يريد ان يفرضها صندوق النقد على تونس."
وعن علاقات تونس مع الدول الكبرى؛ قال لدينا علاقات متميزة مع الجميع باستثناء الكيان الاسرائيلي، فعلاقتنا تاريخية مع الصين ونفس الشيء مع روسيا.
وبالنسبة للاتحاد الاوروبي؛ ذكر ان تونس بصدد إطلاق شراكة حيث اكثر من 75% من الاقتصاد التونسي قائم على التعاون الاقتصادي والسياحي مع الاتحاد الأوروبي.
وعن وضع المرأة في تونس؛ قال السفير إنه عند استقلال البلاد في ١٩٥٦ لم يطمح الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة إلى السلطة التي كانت متاحة له وقت أن كان النظام ملكيا، وببدء النظام الجمهوري في عام ١٩٥٧ كان من أول ما تمت مناقشته مسودة قانون الأحوال الشخصية، لإيمان الطبقة السياسية والرئيس الحبيب بورقيبة الذي كان سابقا لعصره بأن المرأة التي هي نصف المجتمع تربي النصف الاخر، والمجتمع التونسي منذ الأزل ليس مجتمعا يميل إلى تعدد الزوجات.
وأوضح السفير أنه كانت هناك إرادة سياسية مفادها أن خروج المرأة للتعليم وسوق العمل ستكون له مساهمة كبرى لتحرير المجتمع وزيادة وعيه؛ فتم منع تعدد الزوجات وهذا كله من اجل الاسرة وحقوق المرأة وتمكينها في إطار الأصالة العربية الإسلامية.
وشدد على أن المرأة التونسية كانت اول من عارضت توغل الإسلام السياسي؛ لأنهن كن حريصات على الحفاظ على مكتسباتهن وكرامتهن بل وزيادتها، حيث عاشت البلاد فترة بينت القصور وانعدام الكفاءة لدى تيار الإسلام السياسي واستحالة أن يحكم تونس فكر إسلامي رجعي وأنه من المرحب فقط بمن يأتي لتكريس الموروث التونسي المتطور الحداثي.