حميد دلهام
لا شك أن مصابَ الأُمَّــة جللٌ في فقد قادة عظماء، وَرؤوس كبيرة وَوازنة في ميدان المعركة المشتعلة مع العدوّ الصهيوني المتغطرس ومن يقف في خندقه.. قادة عظماء إجلاء أفذاذ بحجم الشهيد القائد إسماعيل هنية، والشهيد القائد الميداني الشجاع الحاج فؤاد شكر.. هذا بلا شك ولا ريب أمر محزن وحدث مؤلم جِـدًّا.
فهذا رسول الله -صلى عليه وآله وسلم- والمسلمون معه، أصابهم ما أصابهم في معركة أحد، حَيثُ استشهد الكثير من خيار الصحابة -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ-، في مقدمتهم عم النبي الكريم حمزة بن عبدالمطلب، أسد الله وَأسد رسوله، وغيره من خيار الصحابة بلغوا حدود السبعين، كما جرح رسول الله وشج وجهه الكريم، وَبلغت المصيبة والكرب بالمسلمين حداً لا يطاق، وأُصيبوا بغم عظيم.
ومع ذلك لم يهزم الإسلام، ولم تركع الأُمَّــة أَو تستكين.. فقد كانت الإجَابَة حاضرة وبقوة وحزم على قائد الشر وناطقه الرسمي وممثله الأول في تلك المعركة، عندما اعتلى إحدى الصخرات المرتفعة، ونادى بأعلى الصوت.. (اُعْـلُ هبل) فقد أجابه صوت الإسلام وبأمر رسول الله (بل الله أعلى وأجل).. ثم تمادى وحدّد موعدًا للقاء على أرض بدر من العام القادم، فأجابه ناطق رسول الله.. أن نعم فليكن موعدنا.
وفي اليوم التالي رغم القرح والألم والتعب، حدثت غزوة حمراء الأسد، ونهضت الأُمَّــة من جديد لتعلن البقاء، بل والنصر والظفر على أعدائها بما حقّقه المسلمون من نصر مؤزر ضد اليهود بعد غزوة أحد.. وكذلك وفاء نبينا الكريم بوعده وحضر أرض بدر لملاقاة أعداء الدين والملة حينها، ولكنهم جبنوا وتخلفوا عن موعدهم..
هذا يؤكّـد وغيره من شواهد التاريخ أننا أُمَّـة لا نستكين ولا ننهزم، وإن أصابنا قرح، أَو حقّق العدوّ بعض أهدافه، وقتل بعض قادتنا، فالشهادة في سبيل الله أسمى الأمنيات وَأعلى الغايات، ولا فرق في ذلك بين قائد وَفرد عادي، كما أن سقوط مثل هؤلاء الرموز في أرض المعركة، سيزيدها وقوداً واشتعالاً، وسيرفع السقف لدى محور المقاومة، وهو ما سمعناه ولمسناه من كُـلّ تصريحات وخطابات وتأكيدات قادة المحور بأن الحرب قد دخلت مرحلة جديدة، وأن العدوّ الغاشم فتح على نفسه من أبواب الشر والانتقام ورد الفعل الغاضب، ما لا يتوقعه أَو يدور بخلده.
أمر آخر.. لم ولن يستطيع العدوّ إخفاءه مهما حاول التجلد، وهو أن ذلك العدوّ الأرعن المتغطرس بات مديناً لكل عواصم اتِّخاذ القرار في محور المقاومة، وأن رد الصاع صاعين هو الخيار القائم والمطروح، بل وَالمعلن وبنبرة قوية في كُـلّ ما صدر من قادة المحور وكلّ من عاصمته الجريحة..
بالتأكيد الرد قادم.. وقادم لا محالة.. فماذا لو تم الردُّ بشكل منسق وموحَّد في آن واحد.. ألا تكون الضربة قاضية ساحقة ماحقة، وماذا لو تم رفع السقف إلى أقصى حَــدٍّ ممكن.. وتم تجاوز أية خطوط حمر تمنع استهداف أي مكان في كيان العدوّ الغاصب الظالم، واستهداف أي رأس ولو كان رأس نتنياهو وكلّ قادته ووزرائه.. فقد يحقّق الله المراد.. ولنتذكر قول ربنا العزير العظيم: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) صدق الله العظيم.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: رسول الله
إقرأ أيضاً:
نزع سلاح المقاومة الفلسطينية: المعركة الأخيرة للمحتل
يمانيون../
لم يكن ليجرؤ المحتل الصهيوني وداعمه الامريكي أن يشترط نزع سلاح المقاومة لإيقاف الحرب على غزة إلا وقد وجد أن هذا السلاح هو العقبة الكأداء أمام المضي بمشروعه، والذي عجز أن يتمه لسبعة عقود؛ بما يمتلكه من أعتى الأسلحة وأكثرها تطورًا وفتكا. ها هو اليوم يرى مشكلته الحقيقية فيما تمتلكه المقاومة من سلاح بسيط؛ لكن هذا السلاح البسيط يتكئ على قوة اليقين بانتصار صاحب الحق وحتمية زوال المحتل.
تلك القوة هي التي أعجزت المحتل في غزة لنحو 18 شهرا عن تحقيق أي نصر ابتداء من تحرير أسراه.
انطلاقا من كل ذلك؛ وأمام إصرار العدو الصهيوني على موقفه القائم على ربط وقف الحرب بالقضاء التامّ على المقاومة الفلسطينية ونزع سلاحها، كان موقف المقاومة حتى الآن حاسمًا: أنّ ما فشل الاحتلال في تحقيقه من تهجير وتركيع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحت آلاف الأطنان من الصواريخ والقذائف، سيفشل أيضًا أمام تشبث المقاومة بسلاحها وحقها في مقاومة المحتل.
ففي خضمّ تصاعد الضغوط الرامية إلى نزع سلاح المقاومة الفلسطينية كشرط لإنهاء الحرب المستمرة على غزة نقلت المقاومة بشتى فصائلها رسائل تحد كبيرة للكيان الصهيوني وداعمه الأمريكي؛ مفادها أنه لا مفاوضات تُفضي إلى التخلي عن سلاحها .
و أعلنت في بيانات رسمية وتصريحات صحفية خلال الساعات الأخيرة موقفها الرافض لأي نقاش من قبل الاحتلال أو الوسطاء بشأن سلاح المقاومة ومحاولات نزعه.
وفي هذا السياق، قالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”: إن اشتراط العدوّ الصهيوني انسحاب المقاومة من غزة، إلى جانب نزع سلاحها، هو مخطّط أمريكي يهدف إلى سحب ورقة المحتجزين من يد المقاومة، تمهيدًا لتنفيذ مخطّط الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتفريغ غزة وتهجير سكانها بالكامل.
وشدّد عضو المكتب السياسي للحركة، سهيل الهندي، في تصريح صحافي على “أن محددات المقاومة ثابتة، وتتمثل بالوقف التام لحرب الإبادة، والانسحاب الشامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وأي أفكار ومقترحات جديدة لا تتضمن هذه المحددات مصيرها الفشل”.
وأكدَّ أن “سلاح المقاومة غير قابل للنقاش، متمسكون بحق شعبنا المشروع في مقاومة الاحتلال بالأشكال كافة حتى التحرير والعودة”.
بدوره قال، رئيس الدائرة السياسية لـ “حماس” في الخارج سامي أبو زهري، إن “نزع سلاح المقاومة غير مطروح للنقاش، ولن يتحقق، وسلاح المقاومة سيبقى ما بقي الاحتلال، لأنه وُجد لحماية شعبنا وحقوقنا الوطنية”.
كذلك، أكدَّ عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد أبو السعود؛ “إن سلاح المقاومة حق خالص لشعبنا وهو خارج أي تفاوض أو تباحث”.
وقال أبو السعود في تصريحات صحفية، “لا أحد عاقل خارج المقاومة أو داخلها؛ يقبل بتسليم السلاح؛ وترك شعبنا مكشوف الظهر؛ ولهذا فمن البديهي أن يكون السلاح خارج أي نقاش أو حديث أو تفاوض”.
وأوضح “أن وجود شعبنا الفلسطيني؛ يرتكز بتمسكه بسلاحه، وحقه في مقاومته؛ وتقرير مصيره أسوة بشعوب الأرض”.
أيضًا، أكدّت لجان المقاومة في فلسطين، أنّ المقاومة منفتحة على أي مقترح ينهي الحرب بشرط انسحاب القوات الصهيونية وإعادة الإعمار دون قيود، لكنها رفضت بشكل قاطع أي نقاش حول تسليم سلاح المقاومة، معتبرة ذلك “حقاً أساسياً لشعبنا غير قابل للمساومة”.
وأكدَّت اللجان في بيان أن طرح العدو الصهيوني بند نزع سلاح المقاومة ضمن مقترحات الهدنة “يهدف إلى تعطيل المفاوضات وإفشالها”، مشيرة إلى أن ذلك “يثبت عدم رغبة العدو في التوصل إلى اتفاق يضمن وقف الحرب واستعادة أسرى الاحتلال”.
وشددت لجان المقاومة على أن “سلاح المقاومة خط أحمر”، قائلةً: “هو حق أساسي لشعبنا مرتبط بإنهاء الاحتلال وتحرير الأرض والمقدسات، ولن نتنازل عنه”. وأضافت: “سنفشل أوهام العدو الصهيوني وحليفه الأمريكي، ولن نسمح بفرض شروط بالإكراه والدمار”.
أما الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين؛ فشددت عبر عضو المكتب السياسي، سمير أبو مدللة على حق الشعب الفلسطيني في حمل السلاح والدفاع عن أرضه وكرامته هو حق مكفول وفق القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير المصير.
وأضاف في تصريحات صحفية : “نحن لا نتحدث عن جيوش نظامية، بل عن مقاومة شعبية موحدة، وسلاحها هو سلاح مشروع في يد أبناء شعبنا للدفاع عن أنفسهم في وجه الاحتلال، وليس أداة عدوان”.
وأوضح أبو مدللة أن أي دعوة لتسليم السلاح في هذه المرحلة تُعد دعوة للاستسلام ولإطالة أمد الحرب والدمار ومزيد من استهداف المدنيين، مضيفًا أن المقاومة موحدة، والشعب الفلسطيني يرفض التهجير.
وفي المسار عينه؛ رفضت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية المقترح الذي نُقل عبر الوسيط المصري ويشمل نزع سلاح المقاومة في غزة، مؤكدة أن السلاح مخصص للدفاع عن النفس، وأن أي تهدئة لا تتضمن ضمانات حقيقية ستكون بمثابة فخ سياسي يكرّس الاحتلال بدلًا من مقاومته.
وفي بيان أصدرته اللجنة، التي تضم عدة فصائل من بينها حماس والجهاد الإسلامي، أكدت اللجنة أن سلاح المقاومة خط أحمر، وليس مطروحًا للتفاوض، وأن الحديث عنه في هذه المرحلة ما هو إلا محاولة للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني وتضليل للرأي العام الدولي.
وفي قلب هذه الضغوط، رأى محللون سياسيون أن إعادة طرح فكرة نزع سلاح المقاومة في غزة، وجعلها شرطاً لوقف الحرب تعد ضرباً من ضروب الخيال، فوقائع الميدان والتاريخ الطويل للمقاومة الفلسطينية يكشفان استحالة فرض هذا الطرح على شعب يقاتل من أجل حريته.
حيث أكد المحلل السياسي حازم عيّاد، في حديث لـ”قدس برس” على أن “التنازل عن السلاح ليس مطروحًا في قاموس المقاومة، لأنه لا يعني فقط هزيمتها، بل هزيمة الشعب الفلسطيني بأكمله”. وبالتالي، فإن دعوات نزع سلاح غزة ليست سوى محاولة لإضعاف آخر ما تبقى من أوراق القوة بيد الشعب الفلسطيني.
وهو ما أكدته أستاذة العلوم السياسية المختصة بالشأن الفلسطيني، الدكتورة أريج جبر، في حديث للمصدر عينه بقولها إن “فكرة تحرير الأراضي الفلسطينية لا يمكن أن تتحقق إلا عبر المقاومة المسلحة، وليس عبر التنازلات والمفاوضات التي لم تسفر سوى عن اتساع المشروع الصهيوني”، مشددةً على أن “المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن تقبل أي تخفيف عن المدنيين إلا بما يخدم المشروع الوطني الفلسطيني أولًا، إذ إن أي تنازل في هذه المرحلة يمثل ضربة قاصمة للقضية الفلسطينية”.