نقلت وكالة رويترز أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب من المرشد الإيراني علي خامنئي أن يكون رد بلاده على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في طهران، ردا محدودا.

وقالت الوكالة نقلا عن مصدرين إيرانيين رفيعين أن بوتين حث خامنئي على تجنب استهداف المدنيين الإسرائيليين خلال الهجوم المرتقب.

وأضاف المصدران أن الأمين العام لمجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو نقل هذه الرسالة أمس الاثنين خلال اجتماعاته مع كبار المسؤولين في طهران.

وذكر المصدران أيضا أن إيران تضغط على روسيا لإقناعها بتزويدها بطائرات مقاتلة من طراز سوخوي سو-35.

ولم يقدم المصدران مزيدا من التفاصيل بشأن المحادثات التي أجراها شويغو، لكنهما أوضحا أن زيارة المسؤول الأمني الروسي كانت إحدى السبل العديدة التي لجأت إليها موسكو لإبلاغ إيران بضرورة ضبط النفس لتجنب اندلاع حرب إقليمية، مع إدانتها في الوقت نفسه لاغتيال هنية، الذي وصفته بأنه "اغتيال خطير للغاية".

وأضاف المصدران الإيرانيان أن الشرق الأوسط على شفا حرب كبرى، ومن الواضح أن من يقفون وراء الاغتيال يحاولون إشعال فتيل هذا الصراع، حسب قولهما.

وفي موسكو، لم يرد الكرملين على طلب من رويترز للتعقيب على هذه الأنباء، فيما قالت وكالة الإعلام الروسية الرسمية أن شويغو ناقش خلال زيارته لطهران اغتيال هنية.

تقييم أميركي

وفي واشنطن، حذر مسؤول في إدارة الرئيس جو بايدن من مخاطر اندلاع حرب إقليمية شاملة.

وأكد المسؤول لرويترز -طالبا عدم نشر اسمه- أن حجم رد إيران وحزب الله اللبناني سيكون عاملا رئيسيا في تحديد نطاق الصراع المحتمل.

وفي لبنان، قال مصدر لبناني بارز مقرب من حزب الله للوكالة إن الضربة الانتقامية أمر لا مفر منه، وإن الدبلوماسية لم تعد خيارا قابلا للتطبيق.

وأضاف أن إيران تريد أن تكون الضربة "قاسية"، من دون أن تؤدي إلى حرب إقليمية، لكنه أوضح أن ذلك لا يستبعد احتمال اندلاع حرب بين حزب الله وإسرائيل.

وقال مسؤول أميركي كبير معني بالشرق الأوسط إن واشنطن تبذل كل ما في وسعها "لمنع جميع الأطراف من الوصول إلى نقطة لا يمكنها الرجوع عنها"، مؤكدا أن الدول الأخرى في المنطقة وأوروبا يجب أن تفعل المزيد.

وعززت إسرائيل حالة التأهب منذ أيام، تحسبا لردود فعل عسكرية من إيران وحزب الله وحركة حماس، إثر اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في طهران فجر الأربعاء الماضي، والقيادي العسكري البارز في حزب الله فؤاد شكر في بيروت مساء الثلاثاء.

وأكد الحرس الثوري الإيراني أن رد طهران على اغتيال هنية سيكون "قاصما"، وفي "المكان والزمان المناسبين".

مناقشات غربية إسرائيلية

ونقلت رويترز عن مصدرين مطلعين على تقييمات إسرائيلية أن رد إسرائيل على أي هجوم من جانب إيران أو حزب الله سيكون مرهونا بالأضرار الناجمة وليس على نطاق الهجوم.

من ناحية أخرى، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن مسؤولين في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن نقلوا "رسالة واضحة" إلى المسؤولين الإسرائيليين بشأن التعامل مع الهجوم الإيراني المتوقع.

وأضافت أن مسؤولي التحالف قالوا للإسرائيليين "لا تبالغوا بالرد أكثر من اللازم، وفكروا مليا قبل أن تردوا… والهدف في النهاية ألا يؤدي الأمر إلى حرب شاملة".

ويضم ذلك التحالف دولا عدة أبرزها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، التي شاركت في اعتراض الهجوم الإيراني السابق الذي شنته طهران في أبريل/نيسان الماضي ردا على الاستهداف الإسرائيلي لقنصليتها في العاصمة السورية دمشق.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية "في ليلة الهجوم الإيراني في أبريل، خططت إسرائيل لرد عسكري واسع النطاق، لكن الضغط الأميركي المكثف أدى في النهاية إلى هجوم محدد استهدف موقعا قرب أصفهان".

وأضافت "يسود هذه المرة القلق في أوساط التحالف الإقليمي أكثر بكثير، ولذلك فهم يناقشون الرد الإسرائيلي الذي من المحتمل أن يأتي في نهاية المطاف".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب الله

إقرأ أيضاً:

“العقيدة النووية” و”الرد”.. وأوراق إيران التفاوضية المقبلة!

8 سبتمبر، 2024

بغداد/المسلة:محمد صالح صدقيان

لا مفاوضات الدوحة والقاهرة ولا المحاولة الأمريكية الحالية يُمكن أن تفضي إلى وقف نار في قطاع غزة، وفي الوقت نفسه، فإن فرص نشوب حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط تراجعت أكثر من أي وقت مضى، برغم انتقام حزب الله من الإستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية ولأحد قيادييه (السيد فؤاد شكر)، واستمرار تلويح إيران بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران.

لا أحد في طهران يتحدث عن تاريخ معين للرد الإيراني على استهداف هنية، لكن المعنيين بالملف يكتفون بالحديث عما يُسمونه “الرد الحاسم” و”الرادع”، وبأنه سيكون “مزدوجاً” و”تركيبياً” و”في الوقت المناسب”. ماذا تعني هذه المصطلحات؟ لا أحد يُجيب؛ لكنهم يقولون “انتظروا”!. وعندما نسأل إلی متی سننتظر؟ يُجيبون “انتظروا”! نسألهم: هل هو تكتيك جديد؟ يقولون “ربما”!

فعلياً؛ كُنا ننتظر “الأربعين” (الأربعينية الحسينية) من طهران لكن الرد أتى من جنوب لبنان. هل هذا يعني أن الرد الإيراني سيكون من خارج الحدود الإيرانية؟ يقولون “لا تستعجلوا.. هو آت”! نسألهم: هل هو الصبر الاستراتيجي؟ يقولون “مثل هكذا مرحلة قد انتهت”! نستدرك بالاستنتاج: اذن نحن في مرحلة جديدة؟ يقولون “ربما.. ربما”!

في غضون ذلك؛ تصدّر ملف إيراني آخر صدارة الأحداث الإيرانية، بعدما نبّهت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخراً من أن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم إلى مستوى يقترب من الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة في الوقت الذي تتعثر فيه المناقشات الرامية إلى تحسين تعاونها مع هذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة.

وأشار تقرير الوكالة إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب تجاوز 30 مرة الحد المسموح به، وأن طهران تمتلك الآن 142.1 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 بالمئة.

وإذا ما أضفنا لهذه المعلومات التي اوردها تقرير سري صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما تحدث به رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الدولية في إيران الدكتور كمال خرازي عن احتمال لجوء إيران إلى تغيير “عقيدتها النووية”، فهذا يعني أننا أمام متغير جديد ربما يدخل القاموس السياسي والعسكري الإيراني.

خرازي كرّر هذا المفهوم أكثر من مرة، وهو ما يعني أن ما يُردّده لم يكن عبارة عن “زلة لسان”، وإنما تعبير عن مفهوم مطروح علی الطاولة خصوصاً أن خرازي من المقربين من المرشد الإيراني الأعلی السيد علي الخامنئي، كما أن المجلس المذكور يُصنف في خانة المؤسسات التابعة للمرشد الإيراني.

واستناداً إلی ما تقدم، نحن أمام معادلة ذات بعدين استراتيجيين يهمان الأمن في المنطقة والعالم؛ الأول، يتعلق بالكيان الاسرائيلي. الثاني، يتعلق بالعقيدة النووية الإيرانية.

لم أعثر في إيران علی من يتبنى نظرية مفادها أن طهران تناور بين هذين البعدين. الإيرانيون علّمونا بأنهم لا يخلطون الملفات بل يعملون علی تفريقها، لكن هذا لا يعني أن الرد علی إسرائيل لا يُؤثر علی المباحثات النووية التي تسعی الحكومة الإيرانية الجديدة إليها، لكن من المستبعد أن يتم خلط المباحثات بالرد وبالتالي تبقی استقلالية هذه الملفات قائمة حتی تتم معالجة الواحد منها تلو الآخر.

السؤال المطروح هل تريد إيران إعادة النظر في “العقيدة النووية” وبالتالي الذهاب لصناعة السلاح النووي؟ هذا سؤال إستراتيجي كبير ولا أعتقد أنه بمقدرو أحد أن يُجيب عليه بهذه السهولة لكنّه ربما يندرج في خانة سياسة “الغموض الإستراتيجي” التي تتبناها طهران بعد 31 تموز/يوليو 2024، إثر إقدام إسرائيل على اغتيال إسماعيل هنية في طهران.

في هذا السياق، أنا أميل إلی توصيف مقال صادر عن “معهد الشرق الأوسط” الأمريكي بعنوان “السياسة النووية الإيرانية الجديدة.. بين الردع والبراغماتية”، الذي يقول إن فشل خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) والأنشطة السرية لإسرائيل في السنوات الأخيرة دفع طهران إلى التخلي عن سياسة “الصبر الاستراتيجي” لمصلحة سياسة “الغموض الاستراتيجي”. ويزعم المقال أنه من الممكن في الوضع الحالي أن يكون هدف طهران الاستراتيجي هو البقاء في هذا الموقع كدولة على وشك أن تصبح قوة تمتلك أسلحة نووية.

وتتماشى هذه السياسة مع الاستراتيجية الوقائية الكبرى التي تنتهجها إيران، في حين كان نهج طهران السابق هو “الصبر الاستراتيجي”. ووفقاً لهذا التحليل، فإنّ إيران تعلم أن كونها على وشك التسلح النووي يمنحها المزيد من القوة في مفاوضاتها مع خصومها ولا سيما الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، فإن مثل هذا الموقف من الممكن أن يُعزّز احتمالات وقف التصعيد الإقليمي وتحسين العلاقات الثنائية مع جيران إيران الرئيسيين.

وفي نهاية المطاف، تتحرك إيران في سياق حماية مصالحها وأمنها القومي؛ بهذا المعنى تُصبح الوسائل والآليات ثانوية طالما أن الأهم هو الأهداف المتحققة؛ فإذا ما تحققت هذه الأهداف عبر وسيلة التفاوض تكون إيران قد حقّقت المنشود.

نحن نتحدث عن حكومة إيرانية جديدة برئاسة مسعود بزشكيان.. وعن مسار تحاول انتهاجه هذه الحكومة سواء علی صعيد المنطقة أو علی صعيد العلاقات مع الغرب. وما تملكه إيران من أوراق ليس قليلاً، والولايات المتحدة تعلم ذلك جيداً، وإيران تريد ازالة العقوبات الاقتصادية من خلال تعزيز قدراتها التفاوضية المحتملة مع الجانب الأمريكي.. لننتظر ونرَ. (U2saleh@gmail.com)

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • إيران تتوعد بانتقام "مرير ومختلف هذه المرة" ضد إسرائيل بعد مرور 40 يوما على اغتيال إسماعيل هنية
  • قائد الحرس الثوري الإيراني: إسرائيل ستتلقى ردًا حاسمًا على اغتيال إسماعيل هنية
  • سفير طهران لدى العراق: الرد الإيراني على مقتل إسماعيل هنية قادم
  • "أربعون هنية".. ووقت إيران "المناسب وغير المناسب"
  • “العقيدة النووية” و”الرد”.. وأوراق إيران التفاوضية المقبلة!
  • ‏نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني: رد ⁧إيران⁩ على اغتيال هنية سيكون في التوقيت المناسب
  • رئيس المخابرات البريطانية عن الرد الإيراني ضد الاحتلال: علينا توخي الحذر
  • بريطانيا تتوقع انتقاماً إيرانياً لاغتيال هنية
  • رئيس المخابرات البريطانية: إيران لا تزال تعتزم الثأر لمقتل هنية
  • رئيس المخابرات البريطانية: إيران تعتزم الثأر لمقتل إسماعيل هنية