شهادات مروعة للأسرى الفلسطينيين فى سجون الإحتلال
كشف أمس مركز المعلومات الإسرائيلى لحقوق الإنسان فى الأراضى المحتلة «بتسيلم» عن معاناة الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، فى تقرير يحمل عنوان «أهلًا بكم فى جهنم: تحول السجون الإسرائيلية إلى شبكة من معسكرات التعذيب».
واستند التقرير إلى شهادات 55 أسيرًا تم الإفراج عنهم مؤخرًا، ويعرض تفاصيل مروعة عن التعذيب، الاعتداء الجنسي، والإهانات التى تعرض لها الأسرى.
وتناول التقرير، الذى يمتد على 90 صفحة وتم ترجمته إلى اللغات العبرية والإنجليزية والعربية، الأوضاع المأساوية التى يعيشها الأسرى منذ 7 أكتوبر الماضى.
ووثق تفاصيل قاسية حول ظروف الاحتجاز التى تتسم باللاإنسانية، والتى تتجاوز الخطوط الحمراء فى التعامل مع الأسرى وتسرد إحدى الشهادات، التى أدلى بها «فؤاد حسن،» كيف استُقبل الأسرى فى سجن مجدو بعبارة «أهلًا بكم فى جهنم»، وهى شهادة تعكس عمق المعاناة التى يعيشها الأسرى.
وأشار التقرير إلى أن 60 أسيرًا استشهدوا منذ بداية الحرب، حيث تثير بعض الحالات الشكوك حول احتمالية ارتقاء هؤلاء الأسرى بسبب التعذيب والحرمان من العلاج.
وتناول التقرير دور وحدات خاصة مثل «كتار» التى تفرض سيطرتها فى السجون من خلال أساليب تعذيب وحشية، حيث يرتدى أفرادها زيًّا أسودًا دون أسماء ويخفون وجوههم، وهو ما يتعارض مع القوانين الدولية.
ويصف أحد الأسرى، الذى عانى من التعذيب، وضعًا مروعًا فى زنزانة ضيقة لا تتسع إلا لأربعة أشخاص، حيث حُشر فيها 11 أسيرًا، ولم تحتوى الزنزانة على أى تجهيزات، سوى فرشات وبطانية واحدة لكل أسير
وكان أربعة أسرى ينامون على أسرة ضيقة بينما السبعة الآخرون ينامون على الأرض، وتم حرمانهم من جميع المرافق الأساسية مثل بلاطة التسخين، السكر، القهوة، السجائر، المواد التنظيفية، الشامبو، المحارم الورقية، ومعجون الأسنان. وأوضح الأسير أن كل هذه الأشياء لم تكن متوفرة.
وأضاف: «كما أغلقوا الكانتين، مما منعنا من شراء أى احتياجات، وأيضًا أُغلقت غرفة الغسيل وغرفة الطعام، فتعرّضنا لحرمان كامل، وبعد أسبوع، جلبوا لنا شامبو، ولكن نصف كأس صغيرة لكل زنزانة، مما اضطرنا لاستخدام نقطة واحدة من الشامبو لكل أسير»
وأضاف الأسير موضحًا: «كانت النوافذ بلا زجاج، مما جعل البرد قارسًا لدرجة أننى لم أشعر به من قبل، أصابعى تجمدت وشُقّت وتحولت إلى اللون الأزرق، لكن حالتها تحسنت بعد إطلاق سراحي».
وفى شهادة أخرى، يروى أسير آخر تغييرًا فى طريقة العد: «أجبرونا على الركوع مع انحناء الرأس، وأى شخص يرفع رأسه يتعرض للضرب، وكانوا يجبروننا على الوقوف وجوهنا نحو الحائط أثناء العد، وعند المغرب، كنا نقف وجوهنا نحو السجانين».
ويُتابع، «يقتحم الزنازين حوالى 30 من عناصر وحدة 'كتار' فى كل مرة وكنا فى حالة نفسية سيئة، كل ما شغلنا هو البقاء بأمان، والانتظار لسماع أخبار عن انتهاء الحرب، كنا بدون أى مصدر معلومات، وعندما كنا نسأل السجانين، كان الرد هو المزيد من الضرب والإهانة، وتم الإفراج عني، بينما بقى آلاف الأسرى فى جحيم السجون الإسرائيلية».
تشير «بتسيلم» إلى أن معاناة الأسرى الفلسطينيين ليست جديدة، بل تعود جذورها إلى ما هو أبعد من 7 أكتوبر 2023 أو تعيين بن غفير كوزير للأمن القومى.
وتوضح المنظمة أن نظام السجون الإسرائيلى يشكل جزءًا من سياسة حكومة الاحتلال التى تسعى للحفاظ على التفوق اليهودى من النهر إلى البحر، وهو من أكثر الآليات عنفًا وقمعًا.
وتضيف المنظمة: «على مدى عقود، استخدمت إسرائيل السجون كوسيلة لقمع الفلسطينيين، مما أدى إلى تفتيت النسيج الاجتماعى والسياسى الفلسطينى».
ومنذ عام 1967، سُجن نحو 800 ألف فلسطينى من الضفة الغربية وغزة، ما يعادل حوالى 20% من إجمالى السكان و40% من الرجال الفلسطينيين، هذه الأرقام تعكس حجم القمع والتعذيب الذى يتعرض له الشعب الفلسطينى على مر السنين، وفق المنظمة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأراضي المحتلة معاناة الأسرى الفلسطينيين سجون الاحتلال
إقرأ أيضاً:
عثمان بلال أسير فلسطيني محكوم بـ27 مؤبدا
عثمان بلال أسير ومناضل فلسطيني من مدينة نابلس، أحد العناصر الفاعلة في كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، كان الساعد الأيمن للأسير عبد الناصر عيسى، خطط عثمان وخلية نابلس لعمليتين استشهاديتين بالتنسيق مع الشهيد محيي الدين الشريف وبتوجيهات من المهندس الشهيد يحيى عياش، الأولى نُفذت يوم 24 يوليو/تموز 1995، لكن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت عثمان قبل تنفيذ الثانية وحكمت عليه بـ27 مؤبدا.
المولد والنشأةوُلد عثمان سعيد بلال عام 1969في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، ونشأ في عائلة لها تاريخ طويل بالعمل الإسلامي.
والده سعيد بلال أحد أبرز مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في شمال فلسطين، وعانى من الاعتقال المتكرر منذ أوائل ثمانينيات القرن الـ20 بسبب نشاطه الجهادي.
أما والدته فهي إحدى الرائدات في تأسيس التنظيم النسوي للحركة الإسلامية شمال الضفة.
نشأ عثمان في بيئة دينية، وتأثر بأجواء المساجد منذ صغره، وانضم لاحقا إلى كتائب الشهيد عبد الله عزام، قبل اندماجها مع كتائب الشهيد عز الدين القسام.
وهو من عائلة مكونة من 8 أفراد، من بينهم شقيقه الأسير معاذ بلال المعتقل منذ عام 1997 والمحكوم بالسجن المؤبد 26 مرة مع 25 سنة إضافية، كما أن شقيقه عبادة أبعده الاحتلال الإسرائيلي إلى تركيا عقب الإفراج عنه في صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011.
الدراسة والتكوين العلميفي البداية، بدأ عثمان دراسته في مجال الصحافة والإعلام بالجامعة العبرية، لكن سلطات الاحتلال منعته من متابعة هذا التخصص، مما أجبره على تغيير مساره الأكاديمي فدرس العلوم السياسية، ومع ذلك حالت التحديات التي فرضتها إدارة السجون دون إكماله هذا التخصص.
ومع إصراره وإرادته القوية نجح في الحصول على شهادة البكالوريوس بالتاريخ من جامعة الأقصى في قطاع غزة أثناء وجوده بالسجن.
إعلان التجربة النضاليةبدأ عثمان مسيرته النضالية بانضمامه إلى كتائب الشهيد عبد الله عزام التي اندمجت لاحقا مع كتائب الشهيد عز الدين القسام.
كان عثمان أحد العناصر الفاعلة في الكتائب، فقد شغل دور الساعد الأيمن للأسير عبد الناصر عيسى الذي قاد إحدى الخلايا العسكرية بإشراف مباشر من المهندس يحيى عياش.
وبالتنسيق مع الشهيد محيي الدين الشريف -الذي كان يقود خلية أخرى في القدس- وبتوجيهات من عياش خطط عثمان وخلية نابلس لعمليتين استشهاديتين، الأولى نُفذت يوم 24 يوليو/تموز 1995 في منطقة "رمات غان" قرب تل أبيب، وأسفرت عن مقتل 7 مستوطنين وإصابة 35 آخرين بجروح مختلفة، ونفذها الاستشهادي لبيب عازم تحت إشراف مباشر من عثمان.
وقبل يومين فقط من تنفيذ العملية الثانية تمكنت قوات الاحتلال من اعتقال عثمان بعد القبض على عبد الناصر عيسى.
وجاء الاعتقال بناء على معلومات دقيقة تشير إلى وجود خطة لعملية استشهادية جديدة، دون أن تتمكن قوات الاحتلال من معرفة تفاصيل العملية أو هوية منفذها.
الأسير عثمان بلال مع والدته أثناء زيارتها له في السجن عام 2008 (الجزيرة) الاعتقالكانت أولى تجارب عثمان مع الاعتقال عام 1993 بعد اتهامه بقتل جنديين إسرائيليين في الثكنة العسكرية على سطح عمارة العنبتاوي وسط نابلس، وخضع لتحقيق قاسٍ استمر أكثر من 90 يوما، لكن المحققين فشلوا في إثبات التهم ضده، وحكم عليه بالسجن مدة عام.
في عام 1994 بعد الإفراج عنه تعرّض عثمان لمحاولة اغتيال من وحدة مستعربين وسط نابلس، فأصيب كتفه بطلق ناري، ونُقل على إثر ذلك إلى المستشفى وكانت حالته غير مستقرة، لكن الأطباء نجحوا في إنقاذ حياته.
في 19 أغسطس/آب 1995 اعتُقل عثمان وحُكم عليه 27 مؤبدا بتهمة التخطيط والإشراف على سلسلة عمليات استشهادية قتل فيها وأصيب عشرات الإسرائيليين.
لم يكن عثمان وحده من دفع ثمن نضاله، فقد طالت الاعتقالات أشقاءه الأربعة: بكر وعمر ومعاذ وعبادة، وحتى والدته تعرضت للاعتقال مرتين، الأولى في ثمانينيات القرن الـ20 للضغط على زوجها أثناء فترة اعتقاله، والثانية عام 2009 رغم تقدمها في السن للضغط على أبنائها الأسرى.
إعلانخضع عثمان لتحقيق عنيف على يد محققي جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) الذين استخدموا أساليب تعذيب قاسية في محاولة لانتزاع معلومات عن العملية الاستشهادية المرتقبة.
ورغم ذلك ظل صامدا حتى تنفيذ العملية التي استهدفت "رمات أشكول" في القدس، وأسفرت عن مقتل 5 مستوطنين وإصابة 100 آخرين، ونفذها الاستشهادي سفيان جبارين.
اعتقل عثمان في سجن جلبوع، فيما أودع شقيقه معاذ المحكوم كذلك بالسجن المؤبد 27 مرة في سجن "نفحة".
مُنعت زيارة عثمان إلا من شقيقته الوحيدة، في حين يحتاج شقيقه عمر إلى تصريح استثنائي لزيارته.
أما والدته فلم تتمكن من زيارته منذ انتقالها إلى غزة للعيش مع ابنها عبادة الذي أُفرج عنه ضمن صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011.
وأثناء سنوات اعتقاله فقد عثمان والده عام 2006 وأحد أشقائه عام 2017، كما تعرّض للعزل الانفرادي والحرمان من الزيارة لفترات طويلة.