خبير عسكري إمريكي: فرصة أخيرة لإمريكا لتجنب اندلاع حرب في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
واشنطن "د ب أ": فرضت التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط نفسها على عواصم العالم بعد اغتيال إسرائيل لكل من إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية أثناء حضوره احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد في طهران، وفؤاد شكر، القيادي الكبير في حزب الله اللبناني في بيروت، مؤخرًا. تأتي هذه الأحداث وسط مخاوف من نشوب حرب إقليمية شاملة بين إيران وحلفائها في الدول العربية من جهة وإسرائيل وحلفائها الغربيين من جهة أخرى.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، قال دانيال ديفيز، الليفتينانت كولونيل المتقاعد في الجيش الأمريكي، والذي شارك في أربع معارك قبل تقاعده، إن الولايات المتحدة لن تكسب شيئًا وقد تخسر كل شيء إذا دخلت في حرب ضد إيران. وأضاف أن على الرئيس الأمريكي ألا يعرض أرواح أفراد الجيش من الرجال والنساء للخطر إلا إذا كان للدفاع عن الأمن الأمريكي، وليس لأن حكومة أجنبية، بغض النظر عن مدى صداقتها لواشنطن، قررت القيام بعمل يستدعي ردا عسكريا من دولة معادية لها.
وأشار ديفيز إلى أنه نشر قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة عام 2020 كتابا بعنوان "الساعة الحادية عشرة في أمريكا 2020" رصد فيه تدهور السياسة الخارجية الأمريكية والمطلوب من الحكومة القادمة لإصلاح هذا التدهور. وقال إن الولايات المتحدة تواجه خطر التورط في عدة حروب يمكن تجنبها، والآن وبعد أربع سنوات من صدور الكتاب، تبدو الولايات المتحدة على بعد ساعات وربما دقائق من التورط في واحدة من تلك الحروب.
فالولايات المتحدة ترسل الآن قوات مقاتلة كبيرة إلى الشرق الأوسط تحسبًا للرد الإيراني الانتقامي على الأعمال الإسرائيلية. والحكومة الإسرائيلية تدعو مواطنيها لتجهيز الملاجئ والاستعداد لمواجهة انقطاعات كبيرة في الكهرباء ونقص مياه الشرب لفترة طويلة. والتقارير تقول إن إيران وصلت إلى المراحل النهائية من الاستعداد لشن الهجوم الانتقامي على إسرائيل.
والمفارقة الغريبة في هذا الصدام المحتمل بين العمالقة في الشرق الأوسط هي أنه كان من الممكن منع الموقف من الوصول إلى حافة الهاوية باستخدام الدبلوماسية البارعة والتفكير الرصين منذ فترة طويلة، لكن يبدو أن واشنطن وتل أبيب تكرران أسوأ الاتجاهات التي حددها ديفيز في كتابه عام 2020 عندما كتب "استطيع القول بكل يقين أنه إذا تمسكت أمريكا بموقفها الراهن في السياسة الخارجية ورفضت إنهاء الحروب الأبدية وفشلت في تبني طرق جديدة للتفكير في كيفية الانخراط مع العالم فسوف نفشل".
وقد بدأ الانفجار الحالي بما يعتقد الكثيرون في الغرب أنه هجوم حركة حماس الفلسطينية على غلاف غزة مما أسفر عن مقتل أكثر من 1200 مدني وعسكري إسرائيلي. وفي حين أنه من حق إسرائيل الرد على هذا الهجوم، فإنه ليس من حقها انتهاك قوانين الحرب. وإذا كان من حق الولايات المتحدة دعم إسرائيل، فعليها أن تعطي الأولوية لأمن أمريكا وتجنب أي حرب في هذا السياق. لكن يبدو أن واشنطن مندفعة بصورة آلية نحو حرب أخرى في الشرق الأوسط على حد وصف ديفيز، الزميل الباحث في معهد "أولويات الدفاع" الأمريكي.
فوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أبلغ نظرائه في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى بأن الهجوم الإيراني قادم خلال يوم أو يومين، ووزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، قال بلا تردد: "إذا تعرضت إسرائيل للهجوم فسوف نساعد في الدفاع عنها... لقد فعلنا ذلك في أبريل، ويمكن أن تتوقعوا منا ذلك مرة أخرى"، في إشارة إلى اشتراك الولايات المتحدة في التصدي للهجوم الجوي الذي شنته إيران على إسرائيل ردا على قصف قنصليتها في دمشق.
يقول ديفيز إنه من المعروف أن إيران تمتلك قوة صاروخية كبيرة، لكنها بخلاف ذلك تعتبر قوة عسكرية إقليمية متوسطة، ولا تقارن على الإطلاق بالجيش الإسرائيلي. ولكن إسرائيل هي التي خلقت المشكلة في أبريل عندما انتهكت القانون الدولي وهاجمت هدفا داخل مجمع السفارة الإيرانية في سوريا مما دفع إيران إلى الرد عليها بقصف أهداف داخل إسرائيل. وفي الأسبوع الماضي اغتالت إسرائيل قائدين كبيرين في حزب الله وحماس في بيروت وطهران. ونظرا لأهمية الهدفين وحساسية موقعي الهجوم الإسرائيلي إن كان في طهران أو في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية فمن المرجح أن يكون هناك رد عسكري من جانب إيران.
ويرى ديفيز أن في الوقت نفسه تعتبر إسرائيل ملزمة بالقيام بكل ما يلزم لضمان أمنها. لكن عندما يقوم قادتها بمغامرات تسفر عن مزيد من الهجمات ضدها فعليها أن تكون مستعدة للتعامل بنفسها مع الموقف. لكن هذا لن يحدث. فتل أبيب تنتظر من الجيش الأمريكي أن يحارب جنبًا إلى جنب مع الجيش الإسرائيلي للتصدي لنتائج مغامرات قادة إسرائيل. في المقابل على واشنطن ألا تنخرط في عمليات عسكرية تتناقض مع أهداف أمنها القومي ويمكن أن تجرها إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط.
ويختتم المحلل والعسكري السابق الأمريكي دانيال ديفيز تقريره بالقول إنه على الولايات المتحدة منع الحرب الاختيارية التي تندفع إليها، وإلا فستدفع في يوم ما ثمنا لا يمكن للأمريكيين تخيله.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: صواريخ أتاكمز الأميركية ستنفجر بوجه واشنطن
دخلت الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة بالغة الخطورة من التصعيد بعد استخدام أوكرانيا للصواريخ بعيدة المدى التي حصلت عليها من الولايات المتحدة وبريطانيا لضرب أهداف في العمق الروسي، في وقت عدّلت فيه موسكو عقيدتها النووية بما يسمح لها باستخدام ترسانتها النووية ردا على أي هجوم كبير بأسلحة تقليدية.
واضطرت الولايات المتحدة أمس إلى إغلاق سفارتها في العاصمة الأوكرانية كييف وطالبت كل العاملين فيها بالدخول إلى الملاجئ عند سماع صافرات الإنذار، في ظل المخاوف من هجوم روسي ضخم على كييف، واستهداف مبان أميركية ردا على سماح واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى أتاكمز.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأميركية، قال دانيال إل. ديفيز، الخبير العسكري في مؤسسة أولويات الدفاع والضابط السابق في الجيش الأميركي إنه من غير الواضح السبب الذي دفع الرئيس جو بايدن، في هذه المرحلة المتأخرة من الحرب وفي اللحظة الأخيرة من رئاسته، للقيام بإجراء يحمل في طياته مخاطر تصعيد الحرب بشكل كبير.
خطر كبيرومن الواضح جدا -وفق ديفيز- أن هذا القرار يمثل خطرا كبيرا وغير ضروري على الولايات المتحدة، في حين يزيد احتمالات هزيمة أوكرانيا، وليس العكس.
في المقابل، هناك شخصيات معروفة في واشنطن أشادت بقرار بايدن، فقد خرج الجنرالات السابقون جاك كين وباري ماكافري وويسلي كلارك لدعم قرار الرئيس، في حين انتقد كين وجود قيود كثيرة جدا على استخدام الصواريخ الأميركية في أوكرانيا.
ويرى ديفيز أن هؤلاء الجنرالات قدّموا نصائح كارثية على شاشات التلفزيون طيلة هذا الصراع، مشيرا إلى أنه في سبتمبر/أيلول العام الماضي، عندما تم الكشف عن فشل هجوم الصيف الأوكراني، أعلن الجنرال ديفيد بتريوس أن أوكرانيا لا تزال قادرة على التسبب في "انهيار" الدفاعات الروسية.
أما ديفيز فكتب قبل أشهر من بدء هجوم الصيف أن أساسيات الحرب أظهرت أن أوكرانيا ليس لديها أي فرصة تقريبا للنجاح.
ويقول ديفيز إنه في يوليو/تموز 2023 وبعد شهر واحد من بدء هجوم الصيف الأوكراني وشهرين من ادعاء بتريوس بأن قوات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مازالت قادرة على تحطيم الدفاعات الروسية، كتب مقالا قال فيه إنه من الواضح أن الهجوم قد فشل.
وأضاف حينها أن المسار الأكثر حكمة وعقلانية وأخلاقية لكييف والغرب هو "السعي إلى تسوية تفاوضية تحافظ على أكبر قدر ممكن من الحرية والأراضي لكييف، وأن إنهاء الحرب من شأنه أن يوقف مسلسل القتل والإصابة لعشرات الآلاف من المقاتلين الشجعان والأبطال في أوكرانيا الذين ستحتاجهم كييف لإعادة بناء بلادهم بمجرد انتهاء الحرب".
ويقول ديفيز إن هذا يكشف حقيقة الموقف الصعب للقوات الأوكرانية سواء قبل الهجوم أو أثناءه أو بعده.
ومع ذلك، تجاهل كبار الجنرالات في الولايات المتحدة هذه الحقيقة، ونصحوا الحكومات الغربية بمواصلة الحرب، وهو ما أدى إلى مقتل آلاف الأوكرانيين الذين كان يمكن أن يظلوا على قيد الحياة لو اعترف بايدن بالحقائق العسكرية الأساسية في صيف عام 2023 وسعى إلى تسوية تفاوضية للحرب.
ويضيف ديفيز أن الحقيقة اليوم أشد وضوحا، فعدد الصواريخ بعيدة المدى التي تمنحها واشنطن لأوكرانيا لن يغير في الأمر شيئا، فهذه الصواريخ لا تستطيع وحدها تغيير ديناميكية ساحة المعركة، تماما مثل الدخول السابق للدبابات الغربية وناقلات الجنود المدرعة وقطع المدفعية وأسلحة الدفاع الجوي وأنظمة هيمارس، أو حتى طائرات إف16المقاتلة إلى المعركة.
الحقيقة الوحيدةويضيف "لقد خسرت كييف الحرب، وهذه هي الحقيقة الوحيدة والاستمرار في تجاهل الواقع -والاستماع إلى الجنرالات- سيزيد التكلفة النهائية لخسارة الحرب بالنسبة لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن ما يفعله بايدن الآن أسوأ لأنه يخاطر بتوسيع الحرب، مما قد يجر الولايات المتحدة إلى صراع مباشر مع روسيا".
وتؤكد المجلة أن روسيا كانت واضحة في تصريحاتها بأن إدخال صواريخ بعيدة المدى أميركية أو غربية في الحرب ضد روسيا يمثل انخراطا مباشرا للغرب ضد روسيا ويفرض عليها "ردا".
ووفقا لتقارير إخبارية، فقد وقعت مثل هذه الهجمات الآن، وربما كان هذا هو السبب وراء إخلاء الولايات المتحدة لسفارتها أمس، خوفا من أن تنفّذ روسيا تهديدها، فتنفجر صواريخ أتاكمز الأميركية التي أطلقتها أوكرانيا على روسيا في وجه الولايات المتحدة.
ويقول ديفيز إن المخاطرة بتوسيع الحرب من خلال السماح باستخدام الأسلحة الأميركية بعيدة المدى ضد روسيا تمثل مجازفة متهورة إلى أقصى حد، خاصة وأن هذا لا يحقق أي فائدة عسكرية لأوكرانيا، بل يمثل خطرا إستراتيجيا كبيرا يتمثل في احتمال تورط واشنطن في الحرب.