لجريدة عمان:
2024-09-09@20:50:15 GMT

تحويل الرعاية الصحية في جنوب شرق آسيا

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

في حين يتصارع العالم مع العواقب التي خلفتها جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19)، وتغير المناخ المتسارع، والحروب، والإبادة الجماعية، تجد اقتصادات ناشئة عديدة نفسها متخلفة عن الركب في سعيها إلى الوصول العادل إلى الرعاية الصحية الميسرة العالية الجودة.

في الواقع، يفتقر ما يقرب من نصف سكان العالم إلى الوصول في الوقت المناسب إلى التشخيص الطبي الدقيق بتكلفة معقولة.

في مسقط رأسي في جنوب شرق آسيا، التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 700 مليون نسمة، تُـعَـد نفقات الرعاية الصحية المدفوعة من جيب الفرد من بين الأعلى على مستوى العالم. في ثماني من دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان) العشر ــ كمبوديا، وإندونيسيا، ولاوس، وماليزيا، وميانمار، والفلبين، وسنغافورة، وفيتنام ــ شكلت هذه النفقات أكثر من 30% من إجمالي الإنفاق على الرعاية الصحية في عام 2022، مقارنة بمتوسط المعدل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الذي يبلغ 20%.

أبرزت جائحة كوفيد-19 الحاجة الملحة لتحسين جهود الاستعداد والتأهب للجوائح الـمَـرَضية والاستثمار في الإنتاج المحلي لأدوات التشخيص والعلاجات واللقاحات في مختلف أنحاء جنوب شرق آسيا. عندما اندلعت الجائحة في عام 2020، واجهت ماليزيا وبقية دول آسيان نقصا حادا في الكاشفات التشخيصية، ومعظمها مستورد. وهذا بدوره أعاق التطوير المحلي لمجموعات الاختبار التشخيصي السريع.

على نحو مماثل، كانت أغلب لقاحات كوفيد-19 التي نشرتها دول آسيان مستوردة بالضرورة. ولكن أقل من 10% من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل حصلت على هذه اللقاحات المنقذة للحياة حتى بعد أن أصبحت متاحة على نطاق واسع في البلدان المرتفعة الدخل. وهذه فضيحة عالمية بكل المقاييس.

حتى قبل اندلاع الجائحة، كانت دول آسيان تكافح انتشار الأمراض المعدية وغير المنقولة بالعدوى، وخاصة السرطان. وفي حين أن التشخيص الدقيق للأمراض المعدية يكون غالبا مكلفا ويعتمد بشدة على مدخلات ومعدات مستوردة، فإن العلاجات المتقدمة للسرطان ــ مثل الأجسام المضادة وحيدة النسيلة وغيرها من العلاجات المناعية ــ تظل بعيدة عن منال معظم مرضى السرطان في المنطقة.

بعد عامين من انتهاء الجائحة فعليا، لا تزال معظم اقتصادات دول آسيان الناشئة تناضل لتوسيع نطاق القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية العالية الجودة. بوسعنا أن نعزو هذا جزئيا إلى الاحتكارات العالمية واستراتيجيات التسعير الـنَـهّـابة التي تدفع تكلفة التشخيصات والعلاجات الحيوية إلى الارتفاع.

للتصدي لهذه الاستراتيجيات وضمان حصول المجتمعات في مختلف أنحاء جنوب شرق آسيا والجنوب العالمي بالكامل على التشخيصات والعلاجات المنقذة للحياة، يتعين على دول آسيان أن تعمل على تسخير قوتها الجماعية. ويتطلب هذا بذل جهود متضافرة من جانب الحكومات، والمؤسسات الأكاديمية، والأطباء، والشركات، ومنظمات المجتمع المدني، فضلا عن رسم خريطة طريق واضحة للتنفيذ.

يتمثل أحد الحلول الواعدة، التي اقترحها الخبير الاقتصادي الكوري الجنوبي كيون لي، في تجاوز بعض مراحل التكنولوجيا قفزا. فمن خلال تطوير وتنفيذ سياسات الإبداع الاستراتيجي، يصبح بوسع اقتصادات دول آسيان تجاوز التكنولوجيات الأقدم عهدا وتبني أحدث التطورات، وخاصة في مجال الأدوية والأجهزة الطبية، وبالتالي تحسين القدرة على الوصول إلى العلاجات الـحَـرِجة.

من المؤكد أن هذا يتطلب نقل التكنولوجيا. لكن هذه الجهود يجب أن تمتد إلى ما هو أبعد من مرافق "الملء والتشطيب" والتجميع في المرحلة النهائية. يجب أن تساهم المشاريع الجديدة في رأس المال الفِكري للعلماء والمهندسين والأطباء والباحثين المحليين، وتحفيز التصميم التعاوني، وتعزيز الشراكات العادلة.

تقدم ماليزيا نموذجا واعدا لغيرها من دول آسيان التي تسعى إلى ابتكار إبداعات تشخيصية وعلاجية لمكافحة أمراض مثل سرطان عنق الرحم والتهاب الكبد الوبائي سي. منذ عام 2018، قطعت ماليزيا خطوات كبيرة في مكافحة فيروس الورم الحليمي البشري من خلال تزويد النساء بمجموعات اختبار بسيطة يمكنهن تجميعها بأنفسهن. وقد أدى هذا البرنامج المبدع، الذي تقوده وزارات الصحة والمرأة، والأسرة، وتنمية المجتمع في ماليزيا، إلى جانب مؤسسات محلية مثل ROSE، إلى زيادة معدلات فحص عنق الرحم، وخاصة بين النساء غير الخاضعات للاختبار بالقدر الوافي في المناطق الريفية.

في عام 2021، طورت وزارتا الصحة في ماليزيا وتايلاند، بالتعاون مع مبادرة الأدوية للأمراض الـمُهمَلة وشركاء الصناعة من ماليزيا ومِـصر، عقار رافيداسفير، وهو عقار رائد لعلاج التهاب الكبد الوبائي سي، والذي خفض تكلفة دورة علاج مدتها 12 أسبوعا من 80 ألف دولار إلى أقل من 500 دولار.

تقود ماليزيا أيضا الجهود الرامية إلى تطوير التشخيصات والعلاجات عند نقطة الرعاية لمكافحة حمى الضنك الشديدة، ويعكس هذا قوة النظام البيئي القوي للابتكار والإبداع هناك. كما أنشأت منظمات عديدة، بقيادة مركز البحوث السريرية الماليزي، ومعهد البحوث الطبية، ومعهد البحوث السريرية، منصة لإجراء التجارب السريرية والبحوث التطبيقية.

كجزء من الخطة الرئيسية الصناعية الجديدة لعام 2030 في ماليزيا، والتي تحدد الأدوية والأجهزة الطبية باعتبارهما اثنتين من "الركائز الصناعية" الخمس للاقتصاد، أقامت وزارة العلوم والتكنولوجيا والإبداع شراكة مع حاضنات التكنولوجيا مثل مسرع البحوث الماليزي للتكنولوجيا والإبداع بهدف تعزيز البحوث التطبيقية.

في الوقت ذاته، يسعى التحالف الدولي للتشخيص والعلاج الـمُـيَـسّـر (IA-DATA) الذي تَشَـكَّل حديثا في ماليزيا إلى جمع أصحاب المصلحة في مختلف دول آسيان لمعالجة احتياجات الرعاية الصحية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ومن خلال التركيز على التشخيص عند نقطة الرعاية، وإعادة استخدام الأدوية، وتكنولوجيات المنصات الإبداعية، مثل الزراعة الجزيئية النباتية، فإن هذه المبادرة قادرة على تقليل تكاليف الأجسام المضادة وحيدة النسيلة وعلاجات السرطان المناعية.

تقدم رئاسة ماليزيا لرابطة أمم جنوب شرق آسيا في عام 2025 فرصة فريدة لتشييد بنية أساسية قوية للتشخيص والعلاج بتكلفة ميسورة. ومن خلال تعزيز التعاون المفتوح، والبحث والتطوير المنسق، والتنظيم الفعال، والدعم الحكومي الثابت للتصنيع المحلي المستدام، يصبح بوسعنا تحقيق هذا الهدف الطموح وضمان قدر أعظم من العدالة في الوصول إلى الرعاية الصحية العالية الجودة في مختلف أنحاء جنوب شرق آسيا.

نور العزة أنور عضو سابق في البرلمان الماليزي، وناشط سياسي ورئيس مبادرة البحوث الاجتماعية والاقتصادية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرعایة الصحیة جنوب شرق آسیا فی مالیزیا دول آسیان فی مختلف من خلال فی عام

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء: نستهدف تحويل مصر إلى مركز تعليمي إقليمي

قال مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء إنَّ  عدد الجامعات في عام 2014 كان حوالي 52 جامعة، واليوم وصل عدد الجامعات إلى 100 جامعة، مبينًا أنَّه خلال 10 سنوات تمت مضاعفة العدد، وهو دليل على حرص الدولة المصرية على رفع كفاءة منظومة التعليم العالي، وكانت رؤية الدولة إنشاء عدد من الجامعات الأهلية، إذ تمّ بالفعل إنشاء عدد كبير منها والجامعات التكنولوجيا أيضًا بالشراكة مع القطاع الخاص.

وأضاف رئيس مجلس الوزراء، خلال كلمته في حفل افتتاح جامعة باديا، أنَّ الدولة تشجع القطاع الخاص على إنشاء الجامعات الخاصة وأنها تتولى الشراكة مع مؤسسات عالمية مرموقة مثل جامعة باديا والتي تشارك جامعة تكساس الطبية، وهو الأمر الذي تستهدفه الدولة المصرية وهو أن تتحول مصر لمركز تعليمي إقليمي لكل مستوياته واستعادة مقولة أنَّ مصر سابقًا كانت مقصد كل طلاب المنطقة المحيطة من أجل التعلم في مصر. 

مقالات مشابهة

  • مصر.. تحويل 21 من كبار التجار إلى النيابة بسبب رفع الأسعار
  • بريسايت تفوز بعقد لدعم التحول الرقمي في الرعاية الصحية بالأردن
  • رئيس الوزراء: نستهدف تحويل مصر إلى مركز تعليمي إقليمي
  • «الرعاية الصحية»: إنشاء 6 ملايين ملف إلكتروني لمنتفعي التأمين الصحي الشامل
  • "هواوي" تشيد بالتوجه الاستراتيجي لـ "الرعاية الصحية" نحو الرقمنة وتطوير البنية التحتية الرقمية
  • “بريسايت” تفوز بعقد لدعم التحول الرقمي في الرعاية الصحية بالأردن
  • ريلاينس هيلث تقدم قيمة استثنائية فى برامج الرعاية الصحية للشركات
  • Pharmaciaty.com: ثورة في التسوق في مجال الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية
  • تفعيل المرحلة الثانية من بروتوكول التعاون بين «الرعاية الصحية» ونوفو نورديسك العالمية
  • النعيمات: سنعود من ماليزيا بنقاط المباراة كاملة