جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-17@00:31:09 GMT

لم أتوقع ذلك

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

لم أتوقع ذلك

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

لم أتوقع يومًا أني سألتقي بجمع من شبابنا الأكارم وهم يستجدون لقمة العيش من هنا وهناك، وذلك بسبب تسريحهم من أعمالهم القائمين عليها وتخفيض رواتبهم الشهرية، ووضعهم في مأزق أسري.

ألا ينبغي أن يكون المُواطن عزيزًا مُكرمًا في وطنه بين أهله وذويه؟ لماذا وصل به الحال إلى ما نراه اليوم من تقصير واضح وصريح في توفير حقوقه الأسرية والاجتماعية؟ لماذا يتم تسريحه من عمله وحرمانه من وظيفته؟ لماذا أصبح الأمان الوظيفي الذي ينبغي أن يكون معه فانقلب ضده.

بالأمس التقيت أحد أبناء عمان المخلصين، والذي عرفه الجميع بإخلاصه ووفائه لعمله، كان يشتكي من تسريحه من جهة عمله، شاكيًا ظروفه الصعبة والمرة التي يمُر بها مع عائلته بعد هذا التسريح، وتخفيض راتبه الذي يستلمه من الأمان الوظيفي، وهذا حال الكثيرين ممن يمرون بنفس المشكلة.

اليوم نحن أمام مسؤولية مجتمعية عظيمة يجب مُراعاتها والوقوف عندها بحزم وجد واجتهاد بلا كلل أو ملل، وهو خلق الكثير من الوظائف التي تتناسب مع الكفاءات الشبابية التي تحفظ كرامة المواطن في وطنه، وتجعله مواطناً صالحاً بعيداً عن استجداء الآخرين، أو الوقوع في فخ البطالة التي مع كل الأسف باتت في ازدياد ملحوظ في بلداننا العربية والإسلامية.

يجب على حكوماتنا العربية والإسلامية مضاعفة العمل للوصول إلى الحلول المطلوبة التي ترفع من كرامة أبنائها وذلك من خلال تنظيم الموارد المالية والتجارية والحقوقية والإنسانية بين أبناء الوطن الواحد، وهو ما طبقه خليفة المسلمين العادل علي بن أبي طالب أثناء خلافته وحكمه الذي استمر إلى أربع سنوات وتسعة أشهر وثلاثة أيام، كما ورد في جملة من المصادر، لذا علينا أن نستلهم من فكره الناضج، وهو القائل: (اِعْدِلْ تَحْكُمْ)، وقال: (اَلعَدْلُ أفْضَلُ السِّياسَتَيْنِ)، وله أقوال أخرى تبين أنَّ العدل بين الناس هو المحور الأساسي الذي تدور حوله السياسات الحكيمة والتي التزم بها الإمام علي بن أبي طالب، والتي كانت هي من أهم حركاته الإصلاحية والاجتماعية العامة التي طبقها في خلافته الراشدة والتي ذكرتها الكثير من الدراسات العلمية ومنها كتاب "الإمام علي.. صوت العدالة الإنسانية" للكاتب الشهير جورج جرداق والذي تناول فيه العدالة الإنسانية من فكر خليفة المسلمين العادل الإمام علي بن أبي طالب.

واليوم إذا أرادت الحكومات وشعوبها نقل الأوطان إلى نحو حياة أفضل وأجمل وأكمل عليها (أولا) التوكل على الله تعالى، ثم الاعتماد على طاقات الشباب واستغلالها الاستغلال الأفضل والأكمل والأمثل، فهم أساس حماية الوطن وازدهاره وتقدمه، ومن أجل أن يسير الوطن بشبابه نحو حياة ناجحة كريمة مزدهرة لا بُد من تطبيق ما قام به الخلفاء الراشدين الصالحين أثناء خلافتهم وهو كالآتي:

أولًا: عزل من ثبتت خيانته لعمله ووطنه؛ وذلك لتطهير الدولة من العناصر الفاسدة التي تعبث في شؤون الرعية، وقد قال تعالى: "قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ". ثانيًا: مراقبة ومحاسبة المسؤول المقصر، وهي مسؤولية عظيمة ملقاة على عاتق الزعماء من الحكام ومن ينوب عنهم من أصحاب المناصب العالية فما دونهم، فلابد أن يكون الجميع صارمين، دقيقين، واضحين في محاسبة المسؤولين المقصرين، ومحاسبتهم حتى ولو كانوا من الأقارب والأصدقاء، والسؤال الدائم: من أين لك هذا؟ قال تعالى: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ". ثالثًا: المحافظة على مقدرات الوطن وممتلكاته العامة، وهذا لا يكون إلا بالتوكل على الله تعالى أولا ثم التركيز على استغلال الشباب وتوظيفهم، والاعتماد على طاقاتهم الجسدية والفكرية، وفتح المجال أمامهم لتقديم كل ما يسهم في نجاح وازدهار الوطن، وعدم تهميشهم أو الاستخفاف بطاقاتهم، أو التقليل من شأنهم، أو حتى جعلهم يشعرون بالنقص في ذلك، كما في قوله تعالى عن طالوت الذي كان شابا فمكنه في أرضه ودولته قائلا للمعترضين على تمكينه: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ". رابعًا: نشر العلم والوعي الاجتماعي بين أفراد المجتمع؛ وذلك من خلال التعريف بأهمية الوطن والمواطنة، والمحافظة على الأخلاق والقيم والمبادئ الاجتماعية، ولا يتحقق ذلك في المجتمع إن لم نهتم بتعليم الأجيال العلم النافع ليكونوا شبابا عاملين مخلصين أوفياء لأوطانهم مساهمين في رقي وازدهار مجتمعاتهم، وإخراجها من ظلمات الجهل إلى نور العلم والفهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سلُوا اللهَ علمًا نافعًا، وتَعَوَّذُوا باللهِ منْ علمٍ لا ينفعُ". خامسًا: التعاون بين الحاكم ورجال الأعمال فكما أن المسؤولية ملقاة على عاتق الحاكم في ذلك، فهي أيضا ملقاة على رجال الأعمال ومن يملكون رؤوس أموال، وفرص لتوظيف الشباب أن يتعاونوا مع الحاكم في تحقيق الأمن الوظيفي والمعيشي، فقد قال الله تعالى: "وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي"، وقال جل وعلا: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى".

وأخيرًا.. إنَّ الاهتمام بسواعد أبناء الوطن، واحترامهم، والوقوف معهم، أمر لا بُد منه، لذا ينبغي على الحكومات عدم تهميش الطاقات الشبابية، أو التفريط بحقوقهم وطاقاتهم الفكرية والجسدية، والعمل الجاد على توفير حقوقهم الوطنية في أوطانهم، وإشعارهم بالعزة والكرامة حتى لا يجبر المواطن عن التخلي أو العزوف عن وطنه وأرضه.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مفتي عام المملكة في جلسة هيئة كبار العلماء: رؤية المملكة 2030 توالت نجاحاتها ومنجزاتها بما ينفع الجميع

المناطق_واس

عقدت هيئة كبار العلماء برئاسة سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ دورتها السادسة والتسعين في مقر الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمدينة الرياض بحضور أعضاء الهيئة وأمينها العام.

ونوه سماحته في كلمته التي ألقيت في افتتاح هذه الدورة بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظهما الله – ، لهيئة كبار العلماء الذي أدى إلى أن تقوم الهيئة بدراسة كل الموضوعات المحالة إليها وإصدار القرارات الشرعية المناسبة لها.
كما هنأ بهذه المناسبة أعضاء هيئة كبار العلماء بالثقة الملكية الكريمة حيث تأتي هذه الدورة بعد التشكيل الجديد للهيئة.

أخبار قد تهمك المملكة تعرب عن دعمها الكامل للإجراءات التي اتخذتها الجمهورية اللبنانية لمواجهة محاولات العبث بأمن مواطنيها 16 فبراير 2025 - 12:11 مساءً سمو وزير الدفاع يجري اتصالًا هاتفيًا بوزير الدفاع الأمريكي 16 فبراير 2025 - 2:24 صباحًا

وقال سماحته في كلمته الضافية هذا اليوم: “نحمد الله عز وجل على ما أولانا وتفضل علينا في هذه البلاد الطيبة من نعم كثيرة، فقد أقام الله تعالى هذه البلاد على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على يدي الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، فاجتمعت الكلمة، وتوحد الصف، وَنِعمَ الجميع في أنحاء المملكة بالأمن والاستقرار والازدهار ، وترسَّخ ذلك ـ ولله الحمد والمنة ـ على يدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ” حفظهما الله”.

وأضاف:”ونشير ونشيد في هذا الخصوص بما ينعم به المواطن السعودي وكل مقيم على أرض المملكة من نعم كثيرة؛ من الأمن والاستقرار والتقدم والرقي ـ وهو بعد فضل الله تعالى ـ ثمرة مباركة من ثمار القيادة الرشيدة القائمة على دستور المملكة الثابت والراسخ، الذي يُمثِّل مصدر اعتزازها وقوتها وريادتها: ” كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ” فكان عدلُ الشريعة على الجميع، وخدمة الإسلام والمسلمين، ولا سيما شرف خدمة الحرمين الشريفين ورعاية قاصديهما، وعلى هذا الهدي الكريم ترسخت المواقف العادلة للمملكة العربية السعودية، ولا سيما موقفها الثابت والمشرف ـ الذي نعتزُّ به جميعاً ـ من القضية الفلسطينية، المؤكد على حق الشعب الفلسطيني في العيش داخل دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.

وأردف سماحته يقول :”كما نشيد بما حققته رؤية المملكة العربية السعودية 2030 من توالي النجاحات والمنجزات بما يعود بالنفع والخير ـ بإذن الله ـ على الجميع، مع ما تمتد إليه يد الفضل والإحسان للمستحقين حول العالم، منوهين في هذا الصدد بما يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية من الجهود الدولية الحثيثة التي يشاهدها ويشهد بها كل متابع ومنصف ، ونشيد كذلك بالمستوى العالي الذي تبوأته المملكة في معايير النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، الذي حذَّرت الشريعة من شره، ونبهت على خطره في الحال والمآل”.

من جهته قال معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد:” إن جدول أعمال هذه الدورة السادسة والتسعين احتوى على عدد من الموضوعات المحالة من المقام الكريم، ومن جهات حكومية، ومن القطاع الخاص، حيث دُرست هذه الموضوعات من لجان وخبراء ذوي اختصاص في الموضوعات المدرجة في جدول الأعمال”.
كما أعدت بحوثًا علمية محكمة، ووزعت تقارير الأعمال والبحوث والدراسات العلمية على الأعضاء قبل موعد الدورة بوقت كاف.
وسأل الله تعالى أن يكلل الجهود بالنجاح التام، وأن يجزي ولاة أمرنا خير الجزاء وأن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين.

مقالات مشابهة

  • 3 آيات لمن غلبته الديون الكثيرة.. اقرأها بيقين يأتيك الفرج عاجلا
  • أمريكا وَديمقراطيتُها الزائفة
  • نعيم قاسم: يجب أن تنسحب إسرائيل في 18 شباط بالكامل وعلى الدولة مسؤولية إعادة الإعمار
  • مفتي عام المملكة في جلسة هيئة كبار العلماء: رؤية المملكة 2030 توالت نجاحاتها ومنجزاتها بما ينفع الجميع
  • علي جمعة: إذا فاتتك ليلة النصف من شعبان فعليك بهذ الوقت كل يوم
  • أمطار غزيرة على منطقة الباحة
  • حكم الإكثار من الحلف دون داعٍ وهل له كفارة ؟ الإفتاء توضح
  • مفتي الجمهورية: الشائعات سلاحٌ لتزييف الحقائق وإفساد المجتمعات
  • المفتي قبلان: ما يجري في المطار خطير ولن نقبل بلعبة إعدام تطال وجودنا
  • وزير الأوقاف يشهد احتفال الوزارة بليلة النصف من شعبان