خواطر لا تسر الخاطر

- تأثر وخجل هَالتْنِي حركاته الغريبة مع وقار منظره فقد كان يتمايل يمنة ويسرة فاتحًا ذراعيه، متلاعبًا بملامح وجه، يسير ببطء ثانيًا فخذيه وركبتيه مقلّدًا سير البطة، حدثتني نفسي: لا شك أنه مجنون، خشيتُ أن أقف لمراقبته، بعد عدة خطوات، أخذني الفضول، التفت ورائي، رأيته هناك، ثابتًا في وضعه الغريب فاتحًا ذراعيه على اتساعهما، ليضمّ بهما فتاه صغيرة تسير بصعوبة وبطء في اتجاهه، لا شك أنها حفيدته، استدرتُ وأكملتُ سيري يتملكني شعور بالتأثر والخجل.

- أمرك بيدك! أخبره الطبيب أنه عقيم ولا أمل، لم يتحدث معها حتى وصل إلى البيت، وبمجرد إغلاق الباب قال لها: أمرك بيدك! قالت له: لقد كان بيدك عشرين عاما ولم تضيعه، وأنا أرده إليك لتحفظه ما بقي لنا من العمر.
- يتلبسك جان أو شيطان دائمًا ما تستخف به، ولطالما حاول أن يقنعها بمكانته الأدبية المهمة، ولكنها لم تستجب، وليثبت لها هذه المكانة دعاها لحضور إحدى ندواته الأدبية، لعلها تعرف مكانه ومكانته في وسط الأدباء، حجز لها مقعد في الصف الأول من مقاعد الجمهور، وقبل أن تبدأ وقائع الندوة أخذها من يدها وأجلسها قبالة المنصة التي تعلو منتصفها لوحة تتزين باسمه، ثم أخذ مكانه بالمنصة وبعد أن قدمه أحد النقاد، بدأ في إلقاء قصائده التي أظهر فيها كل مواهبه البلاغية، لدرجة أن الحضور من شدة الانبهار جلسوا كأن على رؤوسهم الطير، في البيت سألها عن رأيها بعد أن سمعت بأذنيها ورأيت بعينها، وكله ثقة من انه ملأ عينها، فقالت: كل الحضور كانوا مؤدبين صامتين إلا أنت، كنت تثرثر وتلوح بيدك وتهتز بجسدك كأنك يتلبسك جان أو شيطان. - قدوة صعقتها كلماته التي خرجت لحظه انفعال غاضب، فقد كان قدوتها الحسنة بأخلاقه الدمثة، وتمثلت بالقول المأثور: لا تزال أمواج التربية تتكسر على أحجار القدوة السيئة. - أسئلة اجتمعت الأسئلة في حلقه، ولكنه لم يشأ لها أن تصعد إلى طرف لسانه، وأدرك أن أيّ سؤال في مثل حالته تلك يعني الأمل، أمل كاذب إلا أنه أحسن من لا شيء على أيّة حال. - ضحكات مكتومة ما عادت الصدور تتحمل ما فيها من ضحكات مكتومة، ما عادت الضحكات قهقه إنما كثيرًا ما تخرج كالسعال، والفرح أصبح يأتي على مهل ومضض. صلاح عبدالستار محمد الشهاوي دمشيت - طنطا - مصر

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية