طهران– بعد مرور شهرين على إقالة حكومة طالبان القنصل العام الأفغاني بمدينة مشهد جابر أنصار، أُعلن في إيران خلال اليوم الأخير من عمر الحكومة السابقة عن حل الخلاف مع كابل بشأن إدارة قنصليتها، مما أثار انتقادات واسعة في الأوساط الإيرانية بسبب الاستعجال لحسم ملف الخلاف.

وتعود جذور هذا الخلاف إلى ترشيح كابل، مطلع يونيو/حزيران الماضي، ممثلا لها للقيام بمهام القنصل العام المعين من قبل الحكومة الأفغانية السابقة، لكن طهران اعتبرته انتهاكا لاتفاقية فيينا لعام 1961 بشأن ترشيح الدبلوماسيين، وأنه جاء بدون التنسيق معها.

وقبيل ساعات من تنصيب مسعود بزشكيان رئيسا للجمهورية الإسلامية، أفادت وكالة أنباء "إسنا" بحل الخلاف بين طهران وكابل بشأن عملية ترشيح واستقدام الدبلوماسيين بناء على الآلية التي تنص عليها اتفاقية فيينا، وبالتالي قبول إيران القنصل الذي قدمته طالبان لإدارة القنصلية الأفغانية بمدينة مشهد.

جانب من الحدود الإيرانية الأفغانية (رويترز) انتقادات وردود

وعلى غرار الضجة التي أعقبت قرار طهران في فبراير/شباط 2022 القاضي بتسليم السفارة الأفغانية إلى حكومة طالبان رغم عدم اعتراف الجمهورية الإسلامية بنظام "الإمارة الإسلامية" في جارتها الشرقية، أثار القرار الجديد ردود فعل متباينة لدى الأوساط الإيرانية بشأن تسليم القنصلية إلى سلطة طالبان.

وانتقدت صحيفة "جمهوري إسلامي" قرار تسليم القنصلية الأفغانية إلى طالبان في اللحظات الأخيرة من عمر الحكومة الإيرانية الـ13، مؤكدة أنه لا يمكن لطالبان إنهاء مهمة القنصل العام المعين من قبل النظام السابق، لأنها غير معترف بها حتى الآن.

وتحت عنوان "آخر ضربة يسددها حماة طالبان إلى الرئيس بزشكيان"، اعتبرت الصحيفة في تقرير لها أن تداعيات القرار الصادر في الوقت بدل الضائع من قبل أنصار طالبان سوف يتسبب بمشاكل لحكومة بزشكيان ووزارة الخارجية من خلال وضعهما أمام الأمر الواقع، مؤكدة أن إلغاء هذا القرار خلال المرحلة المقبلة وارد نظرا لتغيير الحكومة.

في المقابل، أوضح رئيس ممثلية وزارة الخارجية شمال شرقي إيران أحمد معصومي فر أنه لا يمكن اعتبار القرار الأخير بمنزلة تسليم القنصلية الأفغانية إلى سلطة طالبان، بسبب عدم اكتمال المسار القانوني، مؤكدا أن الشخص الجديد الذي تولى شؤون القنصلية هو مشرف مؤقت.

من جانبه، علق سيد رسول موسوي مساعد وزير الخارجية الإيراني على بعض العناوين الصحفية، معتبرا إدارة العلاقات مع الحكومة الأفغانية المؤقتة في كابل "أحد أصعب أنواع الإدارة السياسية في العلاقات الدبلوماسية وأكثرها تعقيدا".

ولدى إشارته إلى التحديات العديدة والمؤثرة على مسار علاقات البلدين، كتب على منصة إكس أن "المهم في ذلك أن يولي قادة البلدين على أعلى المستويات أهمية كبيرة لإدارة العلاقات بينهما".

وفي منشور آخر، انتقد الدبلوماسي الإيراني وسائل الإعلام الفارسية، وكتب أن "القنصلية الأفغانية كانت نشطة طوال السنوات الثلاث الماضية في مهامها عبر التواصل المباشر مع كابل، فإذا لم تكن قنصلية طالبان، إلى أي جهة تنتمي هذه القنصلية يا ترى؟".

 تقديرات أشارت إلى زيادة عدد المهاجرين الأفغان في إيران إلى 4 ملايين نسمة (الفرنسية) سبب التعقيد

ويرجع الدبلوماسي الإيراني السابق والباحث المختص بالشأن الأفغاني، محسن روحي صفت، سبب التعقيد في إدارة العلاقات مع كابل إلى كثرة الأطراف الفاعلة على الساحة الأفغانية داخليا، وكذلك تأثير الجهات الإقليمية والدولية الأخرى على مسار العلاقات مع السلطات الحاكمة في أفغانستان وسياستها الخارجية.

وفي حديثه للجزيرة نت، رأى أنه لا بد من تعامل طهران مع سلطة طالبان نظرا إلى الجوار الجغرافي وتداخل الملفات وكذلك الكم الهائل من المهاجرين الأفغان في الجمهورية الإسلامية، مستدركا أن الانتقادات حول القبول بمرشح طالبان قبيل تنصيب بزشكيان واردة، وكان التريث حتى استقرار الحكومة الجديدة أمرا مستحسنا.

واعتبر أن زيادة عدد المهاجرين الأفغان غير الشرعيين في إيران إلى 4 ملايين نسمة جاء نتيجة لسوء إدارة العلاقات مع الجارة الشرقية طوال السنوات القليلة الماضية، موضحا أن الجالية الأفغانية في إيران تضاعفت -على أقل تقدير- خلال السنوات الثلاث الماضية، مما يثقل كاهل الاقتصاد الوطني ومعيشة المواطن الإيراني.

من ناحيته، يستغرب مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري "تراجع بلاده أمام إرادة طالبان الرامية إلى فرض عناصرها في ممثلياتها بالخارج"، مؤكدا أن الجمهورية الإسلامية لا تعترف بالإمارة الإسلامية في أفغانستان، ولا يوجد مبرر لقبول دبلوماسيي سلطة غير معترف بها.

ورأى -خلال حديثه للجزيرة نت- في تجربة الدول الأخرى والمنظمات الدولية -بما فيها الأمم المتحدة- نموذجا قابلا للتطبيق من أجل التعامل مع السلطة الحاكمة في أفغانستان، وذلك عبر الإصرار على عدم قبول دبلوماسي جديد سوى الدبلوماسيين المعتمدين منذ النظام الجمهوري السابق.

وختم بالقول إنه نظرا إلى تغيير الحكومة في إيران وإمكانية تبني الحكومة الجديدة سياسة خارجية مغايرة، كان ينبغي على الحكومة السابقة التريث لأيام فقط حتى تقرر حكومة بزشكيان بخصوص تسليم القنصلية إلى ممثلي طالبان من عدمها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات إدارة العلاقات العلاقات مع فی إیران

إقرأ أيضاً:

واشنطن: على إيران إثبات تخليها عن برنامجها النووي

نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن برايان هيوز المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أن على النظام الإيراني إثبات تخليه عن برنامج للتخصيب النووي والأسلحة الذرية.

وذكر الناطق أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يرى الحل في التعامل مع إيران عسكريا أو إبرام صفقة معها.

ونسبت يومية واشنطن بوست إلى الخارجية الألمانية القول إن الأوروبيين سيواصلون الانخراط مع إيران للتوصل إلى حل دبلوماسي للبرنامج النووي الإيراني.

وقبل أيام، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مغلقة حول البرنامج النووي الإيراني، اتهمت الولايات المتحدة بعدها إيران بانتهاك التزاماتها ودعت المجلس لإدانة هذا السلوك.

وقالت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة في بيان إن ترامب كان واضحا في أن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين.

وعبرت طهران عن استيائها من اجتماع مجلس الأمن الدولي، واصفة الاجتماع بأنه "سوء استخدام" لصلاحيات المجلس.

تحذيرات

وتؤكد طهران على الدوام أن برنامجها النووي سلمي وأنها لا تسعى لتطوير سلاح ذري.

لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية حذرت من أن إيران تسرّع احتياطاتها من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%، وهي عتبة قريبة من نسبة الـ90% اللازمة لإنتاج سلاح نووي.

إعلان

وتقول دول غربية إنه لا حاجة لمثل هذا المستوى المرتفع من تخصيب اليورانيوم في أي برنامج مدني، وإنه لم يسبق لأي دولة أخرى فعل ذلك دون الرغبة في إنتاج قنابل نووية. وتؤكد إيران أن برنامجها النووي سلمي.

ووقعت إيران اتفاقا مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وافقت بموجبه على الحد من برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية، لكن ترامب انسحب من الاتفاق عام 2018.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، أعاد ترامب العمل بسياسة "الضغوط القصوى" التي اعتمدها حيال طهران خلال ولايته الأولى، لكنّه تحدث في الوقت ذاته عن السعي لاتفاق جديد بشأن برنامجها النووي، بدلا من اتفاق 2015 الذي سحب بلاده منه بشكل أحادي في 2018.

مقالات مشابهة

  • 14 مليار لـ”تسقيف” موقع سجلماسة الأثري..كلفة باهظة تجلب انتقادات واسعة
  • ضمن تعديلات قانون الحجاب.. إيران تلغي «شرطة الآداب» بالكامل
  • FA: كيف تستعد إيران للمواجهة مع ترامب.. وهل ستنقذ نفسها؟
  • تسلم البراءة القنصلية من قنصل عام المملكة المتحدة
  • «الخارجية» تتسلم البراءة القنصلية من قنصل عام المملكة المتحدة
  • احتفالات نوروز واسعة النطاق للكورد في إيران تتحدى القيود الرسمية
  • طهران: ردنا على رسالة ترامب سيتم بالشكل المناسب.. رفضت نشر نصها
  • قنصل عام مصر بهونج كونج يشيد بتطور العلاقات التجارية والاقتصادية بين الجانبين
  • إيران: سنرد على رسالة ترامب بعد "التدقيق الكامل"
  • واشنطن: على إيران إثبات تخليها عن برنامجها النووي