حتى لا يُختطف أبناؤنا!
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
د. صالح الفهدي
أعلن رجلُ الأعْمال والملياردير الأمريكي إيلون ماسك، أنّهُ قد خُدع بعد مُوافقته بضرورة أن يأْخُذ ابنهُ "مثبطات البلوغ" حتى لا ينتحر!! مُعبِّرًا: "عن حزنه العميق لتغيير جنس ابنه "زافيير" (Xavier)، ومُتهمًا ناشري الأفكار اليسارية بأنَّهم قتلوا ابنه بعدما خدعوه بتغيير جنسه وثم تغيير اسمه إلى "فيفيان " (Vivian)، مُعتبرًا هذا التحوّل "فقداناً له للأبد"، وقد تبرّأ من ابنه الذي احتسبه في عدادِ الموتى رغم أنَّه قد تحوّل إلى أُنثى! ونذر نفسهُ لمُحاربة أصحاب الأفكار اليسارية المُنحطة التي اختطفت ابنهُ منه.
لقد بدا العنوانُ مفزعًا، إنّما علينا أن نواجه هذه الحقيقة فالمؤامرات التي تُحاقُ بالأبناءِ لا تُحصى، والمصائد التي تتقصّد اصطيادهم لا تُعد، وهي جميعها تتلوّن وتتشكّل بصورٍ شتّى؛ ابتداءً من الألعاب الإلكترونية إلى الأفكار الضالة المنحرفة، ومن الغريب أن البعض يسلِّم أبناؤه المصائد باستهتارٍ وتساهُل حتى لا يشغلوه، وهو لا يدري أنَّه يرمي أبناءه في أفواه الوحوش المفترسة الفاغرة في كلِّ اتجاه.
الاختطاف أنواعٌ بحسبِ المصائدِ والمكائد، فمنها تغيير الهويات، والولاءات، والانتماءات، ومنها تغيير الفطرة الإنسانية السوية، ومنها تضليل العقول بأفكار مُنحرفة، ومنها تغيير التوجه الديني، أو النزوع إلى الإلحاد.
على سبيل المثال فإنّ ما حدث من واقعةِ الوادي الكبير لم يكن إلّا اختطافًا للعقول، وإعادة حشوها بالبارودِ، والأفكار العفنةِ المنحرفة، والمسامير الحادّة الصدئة. أمّا المصائد لذلك فهي كُتب مُضلِّلة الأفكار، مبتذلة، بعيدة عن جوهر الدين، ومُحاضرات تحرِّضُ على العنف والكراهية والقتل، والتشويق بالجنةِ والحورِ العين الحِسان!! والشِّراك المنصوبة في هذا المنحى لا تتوقف حتى في الأماكن المُقدسة حيث يذهبُ الناس لأداء شعائرهم توزّع عليهم الكُتب الضالة الفكر، كأنما لا يعتبرُ أهلها بما أنتجته هذه الأفكار الهدامة من هدمٍ للأوطان، وإبادةٍ للأبرياء!.
واقعةُ انتحار فتاةٍ في مجتمعنا أضلّتها أفكار النسوية الهابطة ما هي الأُخرى إلّا اختطاف عقلٍ ووجدان فتاةٍ صغيرةٍ تربّت في بيتٍ عفيفٍ طاهرٍ، فتم اختطافها وهي بين أُسرتها جسدًا. هكذا يكون الابن والابنة في بيتٍ واحدٍ وهما مختطفان يسيِّر أمرهما جماعات إرهابية أو حركاتٌ منحرفة. وقد ذكّرني ذلك بقصص السِّحر التي كانت كثيرًا ما تتداول في المجتمع منذ أن كنّا صغارًا بإصابة أشخاصٍ بالسِّحر، يتم اختطافهم واستبدالهم بآخرين ليسوا هم في الأصل، والحالُ اليوم مقاربٌ لتلك المزاعم بيد أنَّه حقيقة؛ فقد يخالط الابن أُسرتهُ جسدًا، لكنه مختطفٌ عقليًا، ومرتبِط بأفكارٍ دخيلةٍ تبنّاها أو تبنّته بالأحرى، أو أصبح مجرّد دميةٍ في يدٍ آخرين يوجهونها كيفما شاؤوا.
تقليعات "الإيمو" وضلالات"عبادة الشيطان" ليست هي الأُخرى سوى أشكال من اختطاف الأبناء بالتضليل، والتحايل، وبث السموم في عقولهم، وخداعهم ببعض الشعارات الزائفة الحمقاء، يُصدِّقها الأبناء فيتّبعونها لأنهم ساروا في طريقٍ قادهم إلى تلك المخلّفات المنحدرة.
المصائدُ منصوبةٌ في كلِّ مكان لاختطاف الأبناء عقليًا وعاطفيًا وفكريًا وجسديًا من أجلِ توظيف المآرب الكُبرى للممختطفين المتآمرين الذين لديهم مخططات شخصية للكسب المادي، وعامة من أجل خلخلة المجتمعات العربية الاسلامية، وإعادة تشكيل هوياتها من خلال اختطاف أبنائها، وتغريب عقولهم.
إنَّ تفضيل بعض الأبناء التحدث باللغة الأجنبية بدلًا من اللغة العربية، نوعٌ من أنواع الاختطاف من الهوية، لأن اللغة هي مفتاح الهوية، وهذا ما يتنامى بصورة شائعة دون أن يُرصد بالاهتمام، واتخاذ الخطوات المصحِّحة للمسار، وتعديل الفكرة السائدة.
أمّا في الجانب التربوي فانّ بعض الأُسر تُشبِكُ صنارات الاختطاف بأبنائها وذلك بتركهم مع الأجهزة الذكية يبحرون بها في عوالم خفيّة، ومليئة بالأفكار الجاذبة دون رقابة، أو معرفة بماهيتها، وأثرها عليهم أو عدم الاكتراث بمن هم أصدقاؤهم، أو الأوقات التي يعودون فيها إلى البيت.
في المقابل فقد دفع الفراغ العاطفي الأبناء بسبب عدم قرب والديهم منهم نفسيًا وفكريًا إلى محاضن خادعة، مضلِّلة، تحاول اختطافهم وتزويق الأحلام والأُمنيات وما تلك إلا أحابيل الشيطانِ عبر الموالين له من البشر، يقول الحق سبحانه وتعالى: "ومن يتّخِذِ الشّيْطان ولِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فقدْ خسِر خُسْرانًا مُّبِينًا * يعِدُهُمْ ويُمنِّيهِمْ ۖ وما يعِدُهُمُ الشّيْطانُ الّا غُرُورًا" (النساء: 120).
في أحد المراكز التجارية جلس أبٌ تبدو فيه ملامح الصلاح الظاهري- والله أعلمُ بالسرائر- على طاولةٍ مع ثلاثةٍ من أبنائه، ما يقارب الأربعين دقيقة، وأنا أنظرُ إليه مستغربًا بين الفينة والأُخرى فلم يكد يرفع رأسه عن هاتفه إلا آمرًا أو زاجرًا لأحد أبنائه، وهم يأكلون الطعام بصمت، فتصوّرتُ أن ذلك هو مشهدهم في البيت أو في أي مكانٍ آخر.
لقد توقّعت من هذا الأب أن يستثمر الجلوس مع أبنائه على طاولة واحدة ليتحدث إليهم، ويقترب منهم، ويداعبهم، ويتجانس مع أفكارهم، فيأنسوا له، ويسعدوا بجلستهم إليه، لكنّه للأسف لم يفعل ذلك، وحينما غادر رأيته وقد انطلق كالسهمِ بعيدًا عنهم وهم يتبعونه بمسافةٍ بعيدة!!
أعتقدُ أن المجتمع بحاجة إلى مراجعة في التربية حتى لا تكون الأُسر أسبابًا دافعة لاختطاف الأبناء من قِبل المتصيدِّين الذين لا يعرفون من الإنسانية شيئًا. المجتمع بحاجة لإعادة التفكير في ما يخص تربية الأبناء، والإقلاع عن بعض العادات التي تبعدهم عنهم، والتخلٍّي عن بعض طرق التربية القديمة التي لم تعد صالحة في زمنٍ تحيق فيه المصائد والشِّراك بالأبناء من كل اتجاه.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القبض على عامل اعتدى على ابنه بالضرب
ألقى رجال المباحث بمديرية أمن الجيزة، القبض على عامل، لاتهامه بالاعتداء على ابنه بالضرب، مما أسفر عن إصابته بعدة جروح، بحجة تأديبه، وتم إحالته إلى النيابة للتحقيق.
ورد بلاغ لمديرية أمن الجيزة، يفيد نقل طفل إلى المستشفى في بولاق الدكرور، مصابا بعدة جروح، نتيجة الاعتداء عليه.
بإجراء التحريات تبين لرجال المباحث، بإشراف العميد عمرو حجازي رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، أن والد المجني عليه وراء الاعتداء عليه بالضرب، بحجة تأديبه، لسوء سلوكه.
ألقى رجال المباحث القبض على المتهم، وتم إحالته إلى النيابة المختصة للتحقيق.
على صعيد متصل، وجهت سيدة اتهاما لزوجها بالاعتداء عليها، وحررت محضرا بقسم شرطة الهرم، اتهمته بضربها، وأخطرت النيابة للتحقيق.
تلقى المقدم مصطفى الدكر رئيس مباحث قسم شرطة الهرم، بلاغا من سيدة، أفادت فيه بتعرضها لاعتداء على يد زوجها، وطالبت باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاهه، وتولت النيابة التحقيق.
وفي إطار الاحتفالات بعيد الشرطة، تبرز مبادرة "كلنا واحد" كأحد أبرز المبادرات التي تعكس الوحدة والتعاون بين الحكومة والمواطنين، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، تواصل وزارة الداخلية جهودها لتقديم الدعم المجتمعي للطبقات الأكثر احتياجًا، عبر تخفيضات كبيرة على مجموعة من السلع والخدمات، مما يساعد في تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين.
تتزامن هذه المبادرة هذا العام مع فصل الشتاء، مما يزيد من أهمية توفير الملابس الشتوية والمستلزمات الأساسية للمواطنين، وبالتنسيق مع أكبر المصانع والشركات التجارية، تم توفير ملابس شتوية بأسعار مخفضة لتلبية احتياجات الفئات الاجتماعية كافة.
وتشمل التخفيضات التي تصل إلى 50% العديد من السلع الأساسية مثل اللحوم والخضراوات والفواكه، إضافة إلى السلع غير الغذائية التي تغطي احتياجات الأسر في مختلف أنحاء الجمهورية. علاوة على ذلك، ستستمر العروض الخاصة في المطاعم والسلاسل التجارية يوم السبت 25 يناير، مع خصومات تصل إلى 50%.
كما شهدت المبادرة توسعًا كبيرًا في عدد الشركات المشاركة، حيث تم إضافة أسواق تجارية كبرى وموردين جدد للسلع الأساسية. تم نشر 2451 منفذًا في جميع أنحاء الجمهورية، بالإضافة إلى 4 معارض رئيسية، بالتعاون مع الإدارة العامة لشرطة التموين.
تستمر الوزارة في نشر 1050 منفذًا ثابتًا ومتحركًا في الشوارع الرئيسية والميادين، بالإضافة إلى السرادقات في المناطق الشعبية والمراكز الحيوية، لتسهيل وصول المواطنين إلى السلع المخفضة. كما تدير الوزارة قوافل سيارات تابعة لمنظومة "أمان" لتوفير المواد الأساسية في المناطق النائية.
تعد هذه المبادرة خطوة مهمة نحو تعزيز المسؤولية المجتمعية، حيث تسعى وزارة الداخلية من خلالها إلى تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين، وتؤكد التزامها بتطبيق مفهوم "كلنا واحد".